(التونسية) ما يزال رئيس الحكومة المرتقب والمرشح مهدي جمعة القيام بمشاوراته مع الأحزاب وخاصة تلك التي لم ترشحه قصد إقناعها والدخول معها في مفاوضات بشان التزامه بتطبيق بنود خارطة الطريق بحذافيرها من دون ان يحيد عن التوافقات والتعهدات، كما يعمل في الآن نفسه على بداية رسم فريقه الحكومي الجديد وتشكيله من خلال تواصل مباحثاته مع الشخصيات التي يرى فيها الكفاءة والحياد والاستقلالية للعمل معه من اجل ربح الوقت. وللتذكير فإن خارطة الطريق التي وقعت عليها الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني بإشراف الرباعي الراعي للحوار تنصَ على أن تكون الحكومة الجديدة محايدة وغير متحزبة وهو ما قد يدفع بجمعة إلى "انتداب" كفاءات تونسية متواجدة بالخارج وإبعادها عن كل تجاذبات أو تشكيك في استقلاليتها. ومن هذا المنطلق فإن الأخبار والتسريبات التي يتم تداولها من أن حكومة مهدي جمعة قد تضم بعض وزراء الذين اشتغلوا مع علي العريض عارية من الصحة إذ تمسكت الأحزاب وخاصة منها أحزاب المعارضة بتطبيق خارطة الطريق في مسارها الحكومي بما يعني أن الحكومة المؤقتة الجديدة ستكون عناصرها جديدة باستثناء مهدي جمعة الذي عمل كوزير للصناعة في حكومة العريض منذ مارس 2013. غير أن هناك عامل آخر قد يغير الموازين ويقلب المعطيات ويجعل خارطة الطريق لا تطبق بالكامل من خلال تأكد بقاء عضو حكومة وحيد لن يغادر حكومة العريض وسيواصل مهامه مع مهدي جمعة. ويتمثل هذا العضو الحكومي في محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري الذي لن يشمله التغيير الحكومي الجذري المرتقب ليواصل اضطلاعه بمهامه بصفة عادية ومن دون ضغوطات أو تضييق من الأحزاب المعارضة . وسيواصل العياري العمل مع رئيس الحكومة الثالث بعد كل من حمادي الجبالي وعلي العريض في انتظار التحاق جمعة بقصر القصبة وقيادة الحكومة الثالثة بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 والإشراف على مؤسسة الإصدار ومواصلة البرامج التي تم الشروع فيها في مجال تعصير السياسة النقدية للبلاد والإشراف على تأهيل القطاع البنكي وتطويره.
إن بقاء محافظ البنك المركزي في الحكومة الجديدة في الواقع ليس له أية خلفية سياسية أو حزبية أو هو من يرغب في البقاء، بل إن ذلك مرتبط بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية أو الدستور الصغير الذي ينص على أن رئيس الجمهورية المؤقت وعلى عكس رئيس الحكومة هو من يتولى تعيين محافظ البنك المركزي أو إعفاءه من مهامه مع وجوب أن يحظى محافظ البنك المركزي بثقة أعضاء المجلس الوطني التأسيسي بالأغلبية. والكل يتذكر شبه الأزمة السياسية التي حصلت عندما قرر رئيس الجمهورية المؤقت إعفاء المحافظ السابق مصطفى كمال النابلي وتعويضه بالمحافظ الحالي الشاذلي العياري رغم تمسك المعارضة وعدد من مكونات المجتمع المدني بالنابلي غير أن الأغلبية في المجلس منحت ثقتها للعياري.