عقدت الهيئة الوقتية للقضاء العدلي ندوة صحفية بمقر محكمة التعقيب بالعاصمة للتنديد بما أسمته «اغتصاب سلطاتها من قبل رئاسة الحكومة ووزارة العدل», ولابداء رأيها في الاضراب العام الذي ينفذه القضاة في كافة مناطق الجمهورية وللتعليق على قرار نقابة القضاة سحب ثقتها من الحكومة الحالية. وأشار اعضاء الهيئة خلال الندوة الى انهم لم يتلقوا اي اتصال من رئيس الحكومة المرتقب «مهدي جمعة» للتباحث في الشأن القضائي, مشددين على ضرورة النأي بالهيئة عن المسائل السياسية. وفي هذا الاطار اوضح «ابراهيم الماجري» رئيس الهيئة الوقتية للقضاء العدلي ان الهيئة تتخبط في الحرمان نتيجة غياب الارادة السياسية,مستنكرا نظرة السلطة الدونية لها من خلال اعتبارها جسما غريبا غير مرغوب فيه ,مضيفا ان رئاسة الحكومة كانت وفية في عدم الاعتراف بصلاحيات التعيين وعدم الامضاء على الحركة القضائية التي اعدتها الهيئة وان الحكومة نصبت نفسها مراقبا للهيئة, قائلا: «يقع ترهيبنا في مسالة ابداء الراي بخصوص مناقشة باب السلطة القضائية في الدستور الجديد...قمنا باعداد حركة قضائية جزئية شملت 63 قاضيا لكن الحكومة والوزارة لم تعترفا بها...فقامت الهيئة بمراسلة رئاسة الحكومة والسلط المعنية قصد الاجابة على الاخلالات التي راتها في الحركة بعيدا عن التصادم مع العلم اننا نبهنا الى التداعيات الخطيرة لهذا القرار...». و توجه الماجري بنداء الى الحكومة ووزارة العدل دعاهما فيه الى مراجعة موقفيهما وتعلم كيفية التعامل مع هيئة منتخبة من المجلس التاسيسي, قائلا: «ما هكذا تتعامل حكومة تريد الانتقال من النظام الاستبدادي والكلياني الى مرحلة الديمقراطية والعدالة...». الهيئة تتعامل مع الحكومة بنديّة من جانبها اوضحت وسيلة الكعبي الناطقة الرسمية باسم الهيئة الوقتية المشرفة على القضاء العدلي ان الحكومة تريد ان تضع الهيئة تحت هيمنة السلطة وان تبقى دار لقمان على حالها,معلقة: «وزير العدل يصدر مذكرات عمل خارج الإطار القانوني والحكومة خرقت قواعد الاختصاص, لقد فوجئنا برفض رئاسة الحكومة الاعتراف بالحركة القضائية... رئيس الحكومة نصب نفسه مراقبا للهيئة مع أنّ ذلك ليس من مهامه ولا من دوره باعتبار ان الهيئة مستقلة اضف الى ذلك ان المبررات التي قدمها العريض ليست مقنعة لان قرارات الهيئة قانونية...». وفي موضوع اخر قالت الكعبي ان هيئة القضاء العدلي لن تخضع لأيّة حكومة ولن تكون تحت امْرة أي ان كان وانها تتعامل بمنطق الندية مع الحكومة باعتبارها ركيزة من ركائز المنظومة القضائية, مؤكدة انها لن تتخلى عن مهامها على اعتبار ان القانون يخول لها النظر في الشان القضائي, مشددة على ضرورة تظافر جهود القضاة والتفاهم حول الهيئة. التأسيسي هو من يسحب الثقة من الحكومة أما عن الاضراب العام الذي ينفذه القضاة استجابة لدعوة جمعية القضاة التونسيين قالت الكعبي: «الاحتجاج له مبرراته...»كما توجهت باللوم إلى نقابة القضاة على خلفية تصريحات اعضائها الذين اكدوا ان تعاملات الهيئة مع الملف القضائي والاضراب سلبية, مضيفة ان ما تفضلت به النقابة عار عن الصحة لكن هذا لا يعني ان الهيئة فوق النقد لكنها ترفض التجني والتحامل عليها على حد قولها . و بخصوص قرار نقابة القضاة سحب الثقة من الحكومة الحالية الذي اعلنت عنه اول امس قالت الناطقة باسم الهيئة: «لسنا مع الحكومات ولا ضدها فالتأسيسي هو من يعطي الثقة أو يسحبها من الحكومة...» وفي الاطار ذاته قال احد اعضاء الهيئة ان قرار سحب الثقة يلزم النقابة وحدها وانهم لن يباركوا او يدينوا هذا القرار ,مضيفا ان وزير العدل يعتبر ان الهيئة بناء فوضوي فاصدر قرارا بالهدم وشرع في التنفيذ, مرددا: «لكن لن يتحطم صرح عتيد بتعلات بالية, الهيئة ستبقى قائمة...الجمعية والنقابة تنتميان الى منظمات المجتمع المدني لعقلنة السلطة ونحن جزء من السلطة... وصراعنا مع الحكومة هو تطاحن بين مؤسسات الدولة... حديد ياكل في بعضو...». رئاسة الحكومة والوزارة اغتصبتا قرارات الهيئة اليتيمة من جهته قال «عبد القادر فتح الله» عضو الهيئة انهم لم يتصورا يوما انهم سينتقلون من مرحلة الصعوبات الى مرحلة اغتصاب قرارات الهيئة وتحقيرها وتعطيل اعمالها,مضيفا ان التعلات التي قدمتها رئاسة الحكومة عند رفضها الامضاء على الحركة القضائية واهية وغريبة... كما شدد بقية اعضاء الهيئة على ان علاقة الهيئة ببقيّة مؤسسات الدولة بما في ذلك السلطة التنفيذية تقوم على التكامل والمشاركة في خدمة الصالح العام في اطار التعاون والاحترام المتبادلين وان التنازع بين مؤسستين (الهيئة والحكومة) استثناء ومسألة عرضية تحل في اطار القانون ولا يمكن ان يتحول التنازع الى قاعدة تعامل دائم وصراع مستمر بين اجهزة الدولة,مضيفين ان استمرار عمل الهيئة جزء لا يتجزأ من استمرار الدولة وفي نجاحها في مهامها نجاح للدولة في ما هو موكول لها خدمة للمصلحة العامة وان كل تهديد لاستمرار عمل الهيئة تهديد لاستمرار الدولة. وأكّدوا أنّ تعطيل الهيئة ووضع العراقيل امام تركيزها ومنعها من اداء مهامها يعد تعديا خطيرا على مؤسسات الدولة ويتعارض كليا مع مبدإ استمرارية المرفق العام وديمومة مؤسسات الدولة وان كل اعتداء على صلاحياتها يعد دوسا على القانون وضربا لمفهوم دولة القانون, معربين عن اسفهم الشديد بعد وقوفهم على حقيقة ان شركاءهم لا يتبنون نفس الرؤية والمنطلقات ويرون في الهيئة هيكلا غريبا ومناوئا وجبت مقاومته والتصدي له وتعطيل اعماله بسائر الطرق والاساليب بما في ذلك خرق القانون. كما اشتكوا من التهميش والتجاهل الذي جوبهت به الهيئة بدءا بعدم توفير مقر لها وانتهاء بحرمانها من ابسط وسائل العمل والاعتمادات اللازمة لعملها وفق مقتضيات الاستقلال الاداري والمالي, وتحدثوا عن خرق واجب احترام مؤسسات الدولة من خلال نعتها باوصاف لا تليق بها كهيئة دستورية وأحد المكاسب التي حققتها الثورة. من جانب آخر تحدث اعضاء الهيئة عن «عملية اغتصاب» تعرضت لها سلطات الهيئة من قبل وزارة العدل بمقتضى مذكرتي عمل صدرتا عن وزير العدل في خرق واضح للقانون على حدّ تعبيرهم تضمنتا اعفاء قاضيين ساميين عضوين بالصفة بالهيئة الوقتية للقضاء العدلي بغية فصلهما عن الهيئة, مؤكدين انها تصرفات توحي بقرب اتخاذ اجراءات عقابية ضد الهيكل الدستوري, مضيفين ان الحكومة امعنت في اغتصاب سلطات الهيئة من خلال اصدارها امرين يتعلقان بتسمية قاضيين ساميين بنفس خطة القاضيين الذين صدرت فيهما المذكرتان المشار اليهما...