في جبل «الفراهدية» بمنطقة «العروسة» من ولاية باجة في مكان شبه معزول يقطن مواطن تونسي يدعى «سهيل الخميري» رفقة زوجته في كوخ آيل للسقوط يفتقر إلى أدنى مقوّمات العيش الكريم ،أرضيته تراب وإسمنت تتقاطر من سقفه مياه الأمطار كلما تهاطلت... لا ماء ولا كهرباء ولا أثاث ولا فرانش ولا حتى بيت راحة حتى أنه يخيّل للزائر أنه أمام عائلة تعيش في عهد بدائي. «سهيل وزوجته» أقصتهما الظروف المعيشية الصعبة عن المجتمع وهما لا يعرفان من هو رئيس الحكومة ولا أي شيء عن التجاذبات السياسية ،غذاؤهما «الخبز» والماء والقليل من الزيت إن توفرّ. في مثل هذه الظروف القاسية قد تكون الحياة ممكنة لو كان رب الأسرة يعمل ولكن ماذا لو اجتمعت البطالة والفقر والمرض لتنحت مأساة تعصر قلب كل من يعاينها؟. «سهيل الخميري» مواطن من مواليد 11 جوان 1980 لكنه لا يعيش مثل بقية المواطنين بسبب مرض جلدي ألمّ به منذ الولادة ،هذا المرض جعله محروما من التمتع بأشعة الشمس أو ما يعرف في تونس بمرض «أطفال القمر» فانزوى في الجبل بعيدا عن أعين البشر. يقول: «جبل الفراهدية مكان وعر والكوخ الذي أقطن فيه شبه معزول عن الناس ،كما أن الطريق صعبة والصعود إلى هنا مرهق ولذلك قد أبقى عدة أسابيع لا أنزل إلى القرية وأحيانا أضطرّ إلى النزول من الجبل والتوجه الى السوق لأقتني بعض المشتريات لأتمكن من العيش رفقة زوجتي». وأضاف: «في الصيف تتحول حياتي الى جحيم فالكوخ يصبح كومة من اللهب وجسمي لا يتحملّ الحرارة ،حاولت العمل في مجال «البناء» لكن يداي سرعان ما تنتفخان ويضربهما «القيح» وعندما أمشي وأضطر الى قطع مسافة طويلة تصبح قدماي في حالة يرثى لها». وأكدّ : «نحن لا نملك كهرباء ولا تلفاز ولا ماء فأنا أتنقلّ عدة كيلومترات على ظهر الحمار لأجلب الماء وما أجلبه بالكاد نتدبر به حياتنا». وأشار إلى انّه حاول مرارا العمل ولكنه عاجز عن ذلك نظرا لإعاقته وقال انّ «أولاد الحلال» عادة ما يرسلون إليهما بعض المشتريات ولكن يتم نسيانهم في حالات كثيرة وساعتها يستهلكان فقط الخبز والماء لعدة أيام وليال. وأكدّ «سهيل» انّه يتقاضى 110 دنانير من الدولة وأن هذه المنحة بالكاد تفي مصاريف علاجه، وأكدّ ان تكاليف التداوي باهظة وقال انه يتعين عليه إستعمال مراهم أسعارها مرتفعة جدا،وكشف أنه لولا طبيبة بمستشفى «شارل نيكول» رأفت لحاله وتتكفلّ من حين إلى آخر بإقتناء المراهم على نفقتها الخاصة لتدهورت حالته الصحية أكثر فأكثر. وقال محدثنا انه اضطرّ في إحدى المرّات إلى الهروب من مستشفى الرابطة لأنه وجد نفسه مطالبا بتسديد 150 دينارا بعد إجراء عملية وكشف انه أطلق العنان لقدميه ،وأكدّ انه ومنذ ذلك الحين والمستشفى يتصل به ولكنه في كلّ مرة يعتذر ويماطل لأنه لا يملك المال. وكشف انه يفترش بعض الحشايا التي تآكلت بحكم الزمن وقال انها موضوعة مباشرة فوق الإسمنت والتراب وهو ما أدى إلى مزيد تعكرّ حالته الصحية وخصوصا هيجان «الحكّة» وقال إنه يستيقظ في حالات كثيرة ومن شدة الألم الذي يسببه له جنباه. صمت محدثي برهة قبل أن يضيف: «في بعض الأحيان أتمنى الموت وكثيرا ما أردّد يارب «هز متاعك»لأرتاح من هذا العذاب». وكشف انه لم يعرف «فرحة» منذ صغره لأنه ولد في ظلّ أسرة فقيرة معدمة، لديه 3 أشقاء وكل منهم في صراع مرير مع لقمة العيش ولتأمين الحياة الصعبة، وقال انّ والديه شيخان مسنان ولا يملكان أبسط ضرورات الحياة. أمنية «سهيل» هي مكان يأويه رفقة زوجته وجمعية تتكفل بتأمين علاجه وأكدّ ان زوجته ساندته في محنته وقبلت بالعيش معه في «كوخ» معزول رغم المرض ورغم «كلام الناس» وقال يتساءلون دائما كيف تقبل بشخص معاق وهي سليمة وكيف تعيش مع إنسان فقير وأكدّ ان أكثر ما يؤلمه في الحياة عدم قدرته على إسعادها رغم أنها وقفت إلى جانبه ورفضت التخلي عنه. العنوان لمن يرغب في الإتصال بسهيل موجود لدى «التونسية». بسمة الواعر بركات