اختلافات وتباينات في المواقف ووجهات النظر طفت على السطح منذ فترة بين مكونات جبهة الإنقاذ وتعمقت أكثر في الوقت الراهن خصوصا اثر تباين مواقف قياداتها من عملية وطريقة تشكيل حكومة مهدي جمعة. فبين شق معترض على بعض الأسماء الجديدة وآخر رافض رفضا قطعيا لبقاء أي وزير من الحكومة السابقة وبين مهرول الى مباركة حكومة الكفاءات المستقلة وآخر متحفظ على البرنامج الحكومي لمهدي جمعة بتعلة ان هذا الأخير لم يكن واضحا تجاه بعض بنود خارطة الطريق. كثر الحديث عن تصدّع يهدّد «الجبهة» قد يعصف بوحدتها ووجودها ممّا فرض التساؤل عما اذا كان قيام الجبهة اصلا جاء في اطار تحالف مكوناتها الحزبية بهدف اسقاط حكومة «النهضة» وعما اذا كان سبب بعث «الجبهة» قد زال بزوال حكومة العريض. ولعل لهذا السبب ستجتمع الهيئة التأسيسية لجبهة الإنقاذ بعد غد لتحديد مصير الجبهة بين خيارين لا ثالث لهما إما انقاذ التحالف وتعزيز العمل الجبهوي الوحدوي وإما الفشل وانفراط العقد ومضي كل طرف الى مصيره السياسي المحتوم. «التونسية» طرحت السؤال على ممثلين لجبهة الانقاذ وحصلت على أجوبة. زياد الأخضر القيادي في «الجبهة الشعبية» و«الوطد» أوضح ان «جبهة الإنقاذ» تشكلت وتأسست على قاعدة مبادرة الانقاذ الوطني التي قدمتها «الجبهة الشعبية» منذ الصائفة الفارطة ثم جاءت جريمة اغتيال الشهيد محمد البراهمي لتفرض تشكل هذه الجبهة مضيفا ان جبهة الإنقاذ تمكنت من ازاحة حركة «النهضة» من الحكم ولكنها لم تستكمل بعد أهدافها مشيرا الى أن هذا يعدّ سببا جوهريا لاستمرارها في المشهد السياسي مؤكدا ان جبهة الانقاذ مطالبة بإنجاز عدة مهام في المرحلة الحالية والقادمة وانه لذلك لابدّ من المحافظة على وحدة مكوناتها ورص صفوفها لاستكمال وتنفيذ المهام المستقبلية المنوطة بعهدتها ملاحظا ان الأطراف التي تأذت من تماسك ووحدة الجبهة هي الأطراف التي اجبرت على الخروج من الحكم داعيا الأحزاب السياسية المنضوية تحت لواء هذا التحالف الى التمسك بالوحدة. ازاحة «النهضة» ولاحظ زياد الأخضر ان الهدف المحوري القادم لجبهة الإنقاذ هو مراقبة عمل حكومة مهدي جمعة من ناحية التزامها بتنفيذ وتفعيل بنود خارطة الطريق وانجاح المرحلة الانتقالية مبينا ان نجاح حكومة الكفاءات في تفعيل اتفاقيات الحوار الوطني كفرض الأمن والتصدي للإرهاب وتحييد المساجد وحل رابطات حماية الثورة وكشف الحقيقة عن اغتيال الشهيدين هو نجاح للمعارضة وفق تعبيره. تصريح حمة الهمامي فهم خطأ وعن برنامج جبهة الإنقاذ لخوض معركة الانتخابات المقبلة وهل انها ستخوض هذا الاستحقاق موحدة ام كل سيغني عن ليلاه؟ قال الأخضر ان الحديث عن هذه المسألة الانتخابية سابق لأوانه لافتا الانتباه الى ان تصريح حمة الهمامي الناطق الرسمي للجبهة الشعبية حول دخول هذه الأخيرة الانتخابات بقائمات مستقلة أسيء فهمه. جبهة الانقاذ موحدة وستواصل عملها من جهته أكد الطيب البكوش القيادي بحركة «نداء تونس» ان جبهة الإنقاذ ستواصل عملها وستستمرّ في وحدتها حتى تاريخ الانتخابات المقبلة مبينا ان الجبهة نجحت في اجبار حكومة «الترويكا» على الاستقالة وانه مازالت هناك مهام أخرى ستقوم بها وهي اتمام المرحلة الانتقالية الثالثة ومواكبتها اضافة الى مراقبة مدى التزام الحكومة الحالية بتنفيذ بنود خارطة الطريق ملاحظا ان المخاطر مازالت موجودة. وبخصوص اختلاف الرؤى والبرامج الذي قد يعصف بوحدة جبهة الانقاذ قال البكوش إنه ليس لمكوّنات جبهة الانقاذ مواقف مشتركة حول جميع المسائل ولكن من الأكيد ان الهدف موحد ومشترك مذكرا ان تشكيل الحكومة الجديدة في حد ذاته لم يكن في حد ذاته محل توافق بين جميع الأطراف مضيفا ان اسم رئيس الحكومة نفسه كان محل تقييم مشترك بين الاحزاب المشاركة في الحوار الوطني موضحا ان الاحتراز موجود حول كيفية التعامل مع الحكومة الجديدة مشددا على ان مهدي جمعة يتحمل مسؤولية اختياره تركيبة حكومته وان خارطة الطريق هي الكلمة الفصل للحكم له أو عليه مبينا ان مساندة رئيس الحكومة الجديد ستكون مساندة نقدية مع بعض التحفظات منهيا بأن جبهة الإنقاذ ستعمل على انجاح المرحلة المقبلة. عقد الوحدة انفرط أكد المولدي الفاهم ممثل «الحزب الجمهوري» ان دور جبهة الانقاذ انتهى بعد ان فرضت التوازن في المشهد السياسي وخصوصا بعد اخراج حركة «النهضة» من السلطة والمصادقة على الدستور وتشكيل حكومة كفاءات مضيفا ان مراقبة عمل الحكومة الحالية من منطلق التزامها ببنود خارطة الطريق او عدمه من مهام الرباعي الراعي للحوار وليس من مهام جبهة الانقاذ وفق تعبيره. وعن انسحاب «الحزب الجمهوري» من جبهة الانقاذ أوضح الفاهم ان حزبه خرج من تحالف لم يعد موجودا موضحا ان مكونات الجبهة ليست موحدة الصف حاليا وانه ليس لديها برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي موحد وانها لا تجتمع ولا تتشاور في الوقت الراهن وبالتالي انفرط عقدها مذكرا ان «الجمهوري» سبق ان قدّم وثيقة لم يقع التعامل معها ايجابيا من طرف بقية مكوني جبهة الانقاذ ملاحظا ان حزبه مستعد للحوار ولكنه مصر على تطبيق بنود هذه الوثيقة مضيفا من جانب آخر ان خوض احزاب جبهة الانقاذ للانتخابات القادمة تحت راية موحدة مسألة صعبة التحقق وأنّ «الجمهوري» مستعد لتقديم تنازلات من اجل دعم وحدة الحركة الديمقراطية حسب ما جاء في كلامه. التحالف مع «النهضة» وارد ولم ينف محدثنا امكانية تحالف «الجمهوري» مع حركة «النهضة» بقوله ان «الجمهوري يراقب الأمور وعلى استعداد للتفاعل الايجابي مع الأطراف التي تشاركه بعض القناعات» مضيفا ان حزبه ينظر لجميع القوى بنفس الأهمية وعلى استعداد للعمل معها شرط توفر الحد الأدنى من الرؤى المشتركة موضحا ان المشهد السياسي الراهن يشهد مرحلة تشكل جديدة حسب قوله. بين أخذ ورد محمد الكيلاني رئيس الحزب الاشتراكي اليساري قال ان مصير جبهة الانقاذ ما يزال بين أخذ ورد ولم يتحدد بعد لارتباطه الوثيق بالانتخابات المقبلة مبينا انه في حال قررت الجبهة خوض الانتخابات بصفة موحدة ستتم اعادة صياغة وتشكيل هذا التحالف وفي حال تقرر نقيض ذلك سيمضي كل حزب الى مصيره ملاحظا ان حمة الهمامي سبق ان صرّح بأن «الجبهة الشعبية» ستدخل الانتخابات بصفة منفردة مضيفا ان الاجتماع القادم لمكوني جبهة الانقاذ سيناقش هذه المسألة بعد ان تمت الدعوة الى بلورة موقف موحد في هذا الشأن وفق كلامه. وأشار الكيلاني الى أن مهام جبهة الانقاذ انتهت بإزاحة حركة «النهضة» من السلطة وانه لم يبق من جامع يوحد بين مكوّناتها الا المطالبة بكشف الحقيقة حول اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، مضيفا ان برنامج هذا التحالف كان محددا منذ البداية ويفتقد للطموح الكبير مستطردا ان عملية انقاذ جبهة الانقاذ تبقى ممكنة في قادم الأيام مشددا على أن فوز المعارضة في الانتخابات المقبلة مستحيل في حال لم تكن موحدة.