ملف التسفير إلى بؤر التوتر: حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    الرابطة الأولى (الجولة 28): صراع مشتعل على اللقب ومعركة البقاء تشتد    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    عاجل/ هلاك ستيني في حريق بمنزل..    القضية الفلسطينية تتصدر مظاهرات عيد الشغل في باريس    نسق إحداث الشركات الأهلية في تونس يرتفع ب140% مقارنة بسنة 2024    أعوان وإطارات المركز الدولي للنهوض بالاشخاص ذوي الاعاقة في اعتصام مفتوح    في سابقة خطيرة/ ينتحلون صفة أمنيين ويقومون بعملية سرقة..وهذه التفاصيل..    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    لي جو هو يتولى منصب الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية    سعر ''بلاطو العظم'' بين 6000 و 7000 مليم    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    نهائيات ماي: مواجهات نارية وأول نهائي لمرموش في مانشستر سيتى    لأول مرة في التاريخ: شاب عربي لرئاسة ريال مدريد الإسباني    تشيلسي يهزم ديورغاردن 4-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    عيد الاضحى 2025: الأضاحي متوفرة للتونسيين والأسعار تُحدد قريبًا    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    زاراها قيس سعيد...كل ما تريد معرفته عن مطحنة أبة قصور في الكاف    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ أمطار أعلى من المعدلات العادية متوقعة في شهر ماي..وهذا موعد عودة التقلبات الجوية..    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    وجبة غداء ب"ثعبان ميت".. إصابة 100 تلميذ بتسمم في الهند    "نحن نغرق".. سفينة مساعدات متجهة إلى غزة تتعرض لهجوم جوي (فيديو)    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستُحدد لاحقًا وفق العرض والطلب    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    رئيس الجمهورية: تونس تزخر بالوطنيين القادرين على خلق الثّروة والتّوزيع العادل لثمارها    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    المسرحيون يودعون انور الشعافي    أولا وأخيرا: أم القضايا    رئيس الجمهورية في عيد العمّال: الشغل بمقابل مع العدل والإنصاف    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    بنزرت: إيقاف شبان من بينهم 3 قصّر نفذوا 'براكاج' لحافلة نقل مدرسي    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الليلة: سحب عابرة والحرارة تتراوح بين 15 و26 درجة    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلامي زهير لطيف (ر.م .ع قناة «تلفزة تي في») « ل «التونسية»:شعرت بخطر المال السياسي... فبعثت قناة مستقلّة تونسية100 %
نشر في التونسية يوم 09 - 02 - 2014

في 17 من شهر ديسمبر الفارط كانت الإطلالة الأولى ل «قناة تلفزة تي» لينضاف بذلك مولود جديد إلى سجلّ الإعلام المرئي التونسي . وإن كانت ملكية هذه القناة تعود إلى فسيفساء من المساهمين تضمّ مواطنين وإعلاميين ورجال أعمال ,فإن رئاسة إدارتها العامة آلت إلى أحد أبرز باعثيها وهو الإعلامي زهير لطيف الذي خاض غمار العمل الصحفي صلب عديد الفضائيات الأجنبية على غرار «الجزيرة» و«فرانس 24»قبل ان يعود الى تونس حاملا حقيبة من المكتسبات والطموحات الإعلامية لينفع أبناء وطنه» ...وفي حديث ل «التونسية» أفصح مدير «تلفزة تي في» عن الخط التحريري لهذه القناة وأهدافها الإعلامية ومشاريعها القادمة ...
أكثر من شهر مرّ على انطلاق بثّ قناة «تلفزة تي في»... فأيّ أصداء لمستموها لدى المشاهدين؟
مهدي كتو وهيثم المكي سيلتحقان بطاقم «تلفزة تي في»
في العادة مدة 6 أسابيع لا تعني شيئا في عمر المشاريع ...ومع ذلك فإن «تلفزة تي في» بدأت في شقّ طريقها نحو الظفر بموقع محترم في المشهد الإعلامي . والدليل على ذلك التوافد المتتالي لأصحاب الإعلانات على مقرّ التلفزة. والمعلن لمّا ينتقل بنفسه إلى مؤسستك قصد بثّ ومضته الإشهارية عبر شاشة وسيلتك الإعلامية ليس من باب الأخذ بخاطرك ولا حبّا فيك ولا لسواد عينيك, بل عن اقتناع بأن ما تقدّمه المحطّة من مادة إعلامية يستقطب المشاهد ويستّحق المتابعة ... ولن أبالغ وأقول إننّا الأكثر مشاهدة إذ مازلنا في بداية المشوار كما أن عددا من التونسيين لم يحمّلوا بعد ذبذبة القناة رغم الحملات المباشرة التي نقوم بها للتعريف بهذه المؤسسة الإعلامية, ولكني متفائل بمستقبل القناة أمام الأرقام الهائلة لمتصفّحي موقعها على الواب ولمتابعي برامجها على موقع «اليوتوب». ومساعينا متواصلة لاستقطاب اهتمام المشاهد عبر تقديم مادة إعلامية حرفية ومختلفة ومتميزة ...
نحن بصدد التفاوض لبعث قناة مغاربية
أي دواع كانت وراء إطلاق قناة «تلفزة تي في»؟
ببساطة ,لاحظت أن وسائل الإعلام المرئية في تونس إما عمومية أو حزبية أوتحت هيمنة رؤساء الأحزاب ,فشعرت بالخطر على إعلامنا من سيطرة المال السياسي فارتأيت بعث قناة مستقلة في حلّ من كل انتماء حزبي ...
برأيك أي إضافة ستقدمها قناة «تلفزة تي في»؟
«تلفزة تي في» هي قناة الصورة بامتياز فجلّ البرامج في الفضائيات التونسية هي برامج «طاولة وكراسي وكلام في كلام ...» في حين أن للكاميرا الخارجية والتغطية الميدانية في قناتنا نصيب الأسد من البرمجة .وهي محطة ساهم الإعلاميون والمشتغلون صلبها إلى جانب المواطنين ورجال الأعمال في تكوين رأس مالها ,حتى بلغ عدد الشركاء فيها 5000 شخص .
كما نجحت القناة في استقطاب كبرى شركات الإنتاج وكبار المنتجين على غرار درة بوشوشة وإبراهيم اللطيف ونجيب بلقاضي ...للمشاركة في إعداد شبكة برامجها . ثم إن «تلفزة تي في» هي القناة الوحيدة التي تعنى بالسينما التونسية بالإضافة إلى دعمها للساحة الثقافية في تونس ...
في تأثيث بلاتوهاتها ,هل اعتمدت «تلفزة تي في» على نفسها في صناعة نجومها أم لجأت إلى «إغراء» الوجوه المعروفة في بعض القنوات الأخرى؟
الإعلام العربي موجّه... و«الجزيرة» لم تعد محايدة
لقد فتحنا المجال للكفاءات الإعلامية من جلّ الفئات , فتطالعك على شاشة «تلفزة تي في» كل الأجيال انطلاقا من طفل عمره 14 سنة يقدم برنامجا للأطفال(ينطلق هذا الشهر) وصولا إلى كل من خميس الخيّاطي وأحمد القابسي اللذين تجاوزا 70 عاما .كما اخترنا فسح المجال للمختصين للظهور ,فأنا أؤمن بالاختصاص ومثلا أرى أن برنامجا عن الديكور من الأجدر أن يقدّمه مهندس ديكور.. لكننا طبعا منحنا الأولوية لخريجي معهد الصحافة وحتى طلبته ليكونوا ضمن طاقم العمل في القناة .
وبخصوص الاعتماد على الوجوه المعروفة فلا أعتقد أن هذه هي سياسة قناتنا والدليل على ذلك أنه من جملة حوالي 30 منشطا يشتغلون بالمحطة هناك فقط 3 أو4 أسماء بالمعنى المتعارف عليه .
ليس عندنا
لا «باعث قناة»
ولا «باعث دبابات»
وأظن أن القنوات التي تعتمد على منشط واحد لتقديم أكثر من برنامج في الأسبوع ,يكون عمرها بالمفهوم الزمني قصيرا. فالإعلامي ليس بإمكانه أن يفتي في كل المجالات من سياسة ورياضة واقتصاد ...و«عاش من عرف قدره»! .
تشهد تونس موجة ولادات متلاحقة لقنوات تلفزية , فهل تعتبر هذه الظاهرة علامة صحيّة في جسد الإعلام المرئي ؟
طبعا... فما المانع في ذلك ؟ ففي أوروبا هناك أحياء لها محطاتها التلفزية وفي بيروت التي يبلغ عدد سكانها نصف سكان تونس لها أكثر من 45 تلفزة ! صحيح أنه توجد في تونس قنوات واسعة القاعدة الجماهيرية وأخرى «صغيرة» وان هناك تلفزات يدعمها المال السياسي أو الحزبي ...إلا أن الإعلام ليس تشكيلة منتخب وطني عددها ثابت وغير قابل للزيادة , وبالتالي فهو ليس حكرا على أحد . كما إنه يوجد من الطاقات الإعلامية المغمورة التي تنتظر فرصتها الشيء الكثير , وفي هذا الإطار فتحت «تلفزة تي في» أبوابها على مصراعيها لعديد المبدعين في المجال .وأنا فخور بشاشتنا التي تقدم يوميا 5 برامج جديدة أي تشاهد لأول مرة وليس إعادة . أيضا سعينا إلى تجنّب الإطالة في برامجنا فمن السهل انجاز برنامج يمتد على 4 أو5 ساعات متواصلة وحشوه ب «الثرثرة» , لكننا ترفعنا عن ذلك احتراما للمشاهد وذكاء المتفرج ...
أن يتحدثوا عن «تلفزة تي في» ... معناه
أننّا ناجحون
لكن ألا ترى أن البعض أخطأ الحسابات و«تسرّع» في بعث قناة خاصة, وما لبث أن صدم بالإفلاس واضطر للتفويت في مشروعه؟
طبيعي أن يحدث مثل هذا, فالمؤسسة الإعلامية هي في النهاية مشروع اقتصادي قابل للربح كما للخسارة .لكن الفارق مع «تلفزة تي في» أنها مشروع شراكة بين إعلاميين ومواطنين ورجال أعمال ...قصد سدّ الطريق على كل محاولات السيطرة على القناة تحت «شرعية» رأس المال وبالتالي فمشروعنا مختلف ...كما تتميز قناتنا بأن العاملين فيها هم من الحرفيين وليس عندنا لا «باعث قناة» ولا «باعث دبابات» فنحن حرفيون ونقدم مادة حرفية لذلك فالأمر يختلف على كل المستويات .
أمن السهل الإقدام على إطلاق قناة تلفزية في ظل ما يشهده الإعلام من ضغوطات مالية وصعوبة الاستشهار الخاص والعمومي ؟
نُعد لبرمجة
متميزة
في رمضان
في زمننا هذا وفي ظروفنا الحالية, من السهل أن نتحجّج بأن كلّ شيء صعب, فيصبح بعث مصنع صعبا وفتح مقهى صعبا ...ولكني أقول إن «من لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر» ولا بأس أن نغامر وألاّ نقتل روح المغامرة فينا . وأعلم أن بعث قناة «تلفزة تي في» مغامرة صعبة وصعبة جدا لكننا اخترنا أن نجازف وشئنا أن نكون طرفا فاعلا في المشهد الإعلامي ولذلك نحن مستعدون للمراهنة على نجاحنا ...
ماذا عن مصادر تمويل «تلفزة تي في», وبماذا تردّون على الإشاعات القائلة بأن قناتكم تتلّقى تمويلات من النظام السوري وحتى من أطراف فرنسية؟
مائة في المائة تونسية ,هذه هي «تلفزة تي في» ,إنها قناة تحترم نفسها ولا تضع حواجز رقابة في عملها ماعدا ما يتنافى مع الأخلاق المتفق عليها في مجتمعنا ومع أدبيات الذوق العام . نحن لا ننتمي إلى أي تيّار سياسي وفي حلّ من كل انتماء إيديولوجي وقد ظهر على شاشتنا ضيوف من مختلف الأحزاب... وشخصيا وبصفتي رئيسا مديرا عاما للتلفزة, لا أتدّخل البتّة في عمل الزملاء وفي محتوى البرامج وأكتشف ما يعدّونه عند البثّ شأني شأن المتفرج .
«تلفزة تي في»
هي قناة الصورة والميدان بامتياز
ربما ذهب في ذهن بعض السذّج أن الغاية من كثرة سفري إلى الخارج البحث عن رأس المال ,في حين أن 70%من مصالحي الاقتصادية في أوروبا . وباستثناء بعض الجالية التونسية المقيمة بفرنسا والتي لها مساهمات في بعث قناة «تلفزة تي في» لا علاقة لفرنسا أو لغيرها بهذه القناة .(مازحا)فلا أظن أن فرنسا يعنيها برنامج «خرافات نانا» أو«كول جينا»...
حقا مساكين هؤلاء ,فحين أعددنا تحقيقا تلفزيا عن الجالية الليبية المقيمة في تونس قالوا إنها تلفزة القذافي ... كما ادعوا قبلها أن تلفزتنا هي تلفزة بشار الأسد (ساخرا)وقد أبلغني الأسد تحياته لفريق عمل «تلفزة تي في» وقال لي خذ 5 ملايين لمها شطورو... فعلا إنهم أغبياء !ولكن الجيد في الأمر أنهم يتحدثون عن «تلفزة تي في» وهذا معناه أننّا ناجحون!
ألا ترى أنه أمام حدّة التنافس الإعلامي , سقط عدد من برامجكم المرئية في فخ الإثارة ؟
الإثارة عملية سهلة للغاية , فكم هو سهل جلب أجساد عارية أو أناس يتحدثون عن أسرارهم العائلية حتى نجذب الجمهور . ولكن هذه ليست قناعتنا فنحن نحترم المشاهد ولا نبحث عن الإثارة بل ننشد المادة الإعلامية الحقيقية ونغوص في ثنايا الواقع العميق وفي برامجنا الاجتماعية على غرار «في الصميم» و«على برّة» ...نسعى لنقل يوميات المواطنين وتفاصيل حياتهم من أجل إصلاح ما يمكن إصلاحه ووضع الإصبع على موطن العلّة قصد معالجته .
وعلى سبيل المثال أنا لا أسمح لشخص يدعو إلى زواج القاصرات مهما كان بالمرور عبر شاشة تلفزتنا ,نحن محطة تحترم المشاهد ولا تسعى إلى الإثارة ويكفينا فخرا أن تقدم مادة إعلامية مثيرة تستقطب المشاهد .
كإعلامي ,ماذا تنتظر من تنصيب حكومة مهدي جمعة؟
أعتقد أن حرية الاعلام أضحت مكسبا لن يتنازل عنه الإعلاميون في ظل حكومة مهدي جمعة وأية حكومة أخرى لاحقة. وما قدّمه الإعلام إباّن الثورة سيسجله التاريخ تحت يافطة التجربة الرائدة والمرحلة المفصلية في تاريخ الإعلام التونسي. وفي اعتقادي أن مهدي جمعة أوغيره لن يستطيعوا أبدا افتكاك ما نتمتّع به نحن الإعلاميون من حرية التعبير وما ينعم به المواطنون من حرية الإعلام , ولا يفوتنا ونحن نتلذّذ بنكهة الحرية أن نقف إجلالا وإكبارا لكل من وهب حياته قربانا لهذا الوطن العزيز حتى نتكلّم حرية ونتنفس حرية ...
ومن جهة أخرى لا أحسب أن مهدي جمعة سيكون ضدّ الحريات ,فقد اختار ضمن حكومته كفاءات من أهل الاختصاص والإعلام بدوره اختصاصا ... فمن الغباء الوقوف اليوم وغدا في وجه حرية التعبير في تونس الثورة .
لكن الإعلام مازال ينتظر مراسيم لم تطبّق ...؟
(مقاطعا) المشكل أنّ التونسي دائما «مزروب»...فنحن لسنا أمام شوط كرة قدم وبعد تسعين دقيقة لابد من نتيجة ما .فنحن عشنا قرونا من التخلف وصبرنا على 50 سنة من الحكم الفردي فما المانع أن ننتظر سنتين أو أكثر للرسوء في برّ الامان والاستقرار و لخلق نموذج المجتمع الديمقراطي والمتقدم .وهذا يتطلب تضحيات جساما من قبل جميع أبناء الوطن .وبدورنا كإعلاميين علينا التمسك بمكسب الحرية لأن الحرية تفتك ولا تعطى !
تبدو مهتما بالصحافة الاستقصائية, فهل مازال هذا الاختصاص مفقودا في تونس؟
في الحقيقة اختصاص الصحافة الاستقصائية يبقى منقوصا حتى في أرقى دول العالم. ولقد وقفت على هذا الأمر أثناء اشتغالي بالعديد من المؤسسات الإعلامية في أوروبا حيث كنت استغرق حوالي السنة وحتى أكثر لإعداد حلقة واحدة من النوع الاستقصائي , فهذا النوع من الصحافة يبقى صعبا وأحيانا خطرا ...
وفي هذا الإطار سيكون المشاهدون قريبا على موعد عبر شاشة «تلفزة تي في» مع برنامج جديد على شاكلة «في الصميم» اعتمدت فيه على 5 من الصحفيين الشبان لإعداد حلقات البرنامج في تونس والخارج لغاية تلقينهم مبادئ الصحافة الاستقصائية . وأعتقد أن هذا البرنامج سيكون مفاجأة للمشاهد ...
أثار سفرك إلى سوريا ردود فعل مختلفة وصلت حدّ اتهامك بموالاة نظام بشار الأسد ...؟
إن طريقة تفكير البعض غريبة وعجيبة.. فلما كنت أعمل مع إحدى الفضائيات الأجنبية سافرت إلى مالي لمّا كان أحد التونسيين هناك محكوما عليه بالإعدام , ولم يقل أحد وقتها أن زهير لطيف مدعوم من مالي . واليوم نظرا لانه يوجد في سوريا العديد من التونسيين وأصبحت قضيتهم تستقطب الرأي العام تجدهم يستغربون ذهابي هناك. لماذا يلومني الناس ؟ لا أفهم؟ فأنا لم أقابل في سوريا «لا رئيس ولا بطيخ» ...بل بالعكس أنا أخذت معي عائلات موجوعة وأمهات باكيات لملاقاة أبنائهن بعد أن ظنن أنهن ودعن فلذات أكبادهن للأبد . ومن أجل هذا الالتزام الإنساني سأواصل النضال ولن تحبط من عزمي الإشاعات المغرضة لاعادة شبابنا من سوريا لأننا إن لم نسترجعهم اليوم ونحتضنهم فسيعودون إلينا غدا ليقتلونا!
ما الذي دفع أحد أعضاء منظمة العفو الدولية إلى القول بأنك من وراء السفر الى سوريا تسعى إلى «المتاجرة بأحزان التونسيين»؟
لقد كذبت رسميا منظمة العفو الدولية هذا الادّعاء الذي أطلقه أحد أعضائها وهو شخص ينتمي لأحد أحزاب البعث وقد سافر إلى سوريا ضمن وفد حزبي لمقابلة بشار الأسد .وربما أراد احتكار الأمر على البعثيين وحدهم لذلك أطلق مثل هذه التّرهات التي لا تعنيني في شيء.
هل صحيح ادعاء رئيس حزب الانفتاح والوفاء البحري الجلاصي بأن شركة إنتاجك تحيّلت عليه في إعداده للحملة انتخابية؟
ليس لي وقت للانشغال بمثل هذه التفاهات , وهذا الشخص هو أقل من أن أرد عليه . وأظن أن كلامه هو من باب الإثارة ليس إلا. فأين هي القضية التي تحدّث عنها ولم تصلني بعد ؟
سبق أن صرّحت أن الفضائيات العربية تضخم المشهد في سوريا فهل تعتبر مشاهد الموت وحمامات الدم «خدعة سينمائية»؟
الإعلام العربي يخضع لهيمنة أجندا سياسية تحدّد زاوية تعامله مع مجريات الأحداث ,فمثلا يختلف نقل كل من «الجزيرة» و«العربية» للأحداث في مصر في حين أنه لكلتا القناتين موقف من الأزمة السورية لذلك يتشابه مضمونهما الإعلامي في تغطية الأحداث هناك , بينما قدمت قناة «بي بي سي» وبالرغم من موقفها المعادي لنظام الأسد صورة فيها أكثر حرفية ومصداقية عمّا يحدث في سوريا . فمن الجليّ أن إعلامنا يخضع لأجندا سياسية وهذا يعني أنه موّجه وبالتالي هناك مبالغة في التعاطي مع مجريات الأزمة في سوريا .
باعتبارك كنت أحد عناصر الطاقم الإعلامي لباقة قنوات «الجزيرة «, هل ترى أن هذه المؤسسة الإعلامية حادت عن مسارها؟
شخصيا تعاملت مع قناة الجزيرة الإنقليزية وليس العربية ,وأنا أعتقد أنه في الوقت الذي فقدت فيه الجزيرة العربية الكثير من مصداقيتها حافظت الجزيرة الانقليزية على درجة مقبولة من احترام المشاهدين في كل بلدان العالم .فالجزيرة العربية تأتمر بمن يحكمها ويملي عليها زاوية نقلها للأحداث ,فمثلا في اعتصام باردو اقتصرت بل وتعمدت الجزيرة تغطية التجمعات المساندة للترويكا فحسب ...وقد فقدت هذه القناة في السنوات الأخيرة الكثير من مصداقيتها التي اكتسبتها في بداية مشوارها فلم تعد لا محايدة ولا منبر الرأي والرأي الآخر...وهوما جعل نسبة مشاهدتها تنخفض من 40%إلى 3%
كنت من الداعين إلى تنظيم مؤتمر ضخم ضد الإرهاب والعنف , أين هذا المؤتمر؟
لم يقع المؤتمر بسبب تزامن موعده مع الظروف الحرجة التي مرت بها مصر وعدم استقرار الظروف الأمنية داخل أرض الوطن ولكني سأعمل جاهدا على إقامة هذا المؤتمر بمدينة القيروان – وهي مدينتي- لأننا في أمس الحاجة إلى الخطاب الاسلامي المعتدل للتوّقي من غوائل الارهاب الذي اغتال شهداءنا وذبح جنودنا . وإقامة مثل هذا المؤتمر الضخم تتطلب إمكانيات كبرى تنظيمية ولوجستية ...ومتى توفرّت كل هذه المتطلبات فسينعقد المؤتمر في أقرب الآجال .
إلى جانب صفتك الإعلامية أنت مخرج أفلام وثائقية, ما سر هذا الاهتمام بسينما الواقع؟
يستهويني السفر ولقد سافرت إلى كل بلدان العالم تقريبا كما أعشق الصورة وأجيد فن التصوير ...وفي الفيلم الوثائقي أنقل الصورة التي تتوفر على قدر كبير من الحقيقة والصدق. فسر نجاح سينما الواقع يكمن في القرب إلى الحقيقة و النفاذ إلى عمق البشر .والحياة غنية بالجوانب الصالحة لتكون موضوعا للفيلم الوثائقي شرط حسن اختيار الزاوية.
أثار مؤخرا بث شريطك عن «الشرطة السلفية» في سجنان بعض الضجة بدعوى بثّه في توقيت غير مناسب, ما تعليقك؟
هذا الفيلم حاز على الجائزة الأولى في بريطانيا ومرّشح للمشاركة في عدد من التظاهرات الدولية... ولكن البعض يتحّججون دائما بالوقت المناسب ويعلّقون على شماعة التوقيت عقدهم . وهم يجهلون ان اعداد هذا الفيلم استغرق 6 أشهر ويوثق لبداية المواجهة في تونس بعد الثورة بين قوات الأمن والسلفيين لذلك فالتاريخ سيذكره غدا.
وقد تعاملت سينمائيا مع ظاهرة التشدد الديني الذي يصل حدّ الارهاب ,كيف تقرأ مستقبل مثل هذه الحركات في تونس؟
الفكر الجهادي ظاهرة سلفية عالمية ولا تقتصر على تونس وقد عرفت بلدان متقدمة ما يسمى بالإرهاب وأظن أن هذه الظاهرة ستتواصل في تونس ولن تنتهي كما لم تنته في بلدان أخرى ولكن يبقى الامل كبيرا باعتبار أن التونسي انسان منفتح ومسالم بطبعه ولن تكون مهمة القضاء على دابر الإرهاب منوطة بعهدة الامن وحده بل سينزل كل التونسيين إلى الشارع ذودا عن بلدهم .
هل تعتزم قناة «تلفزة تي في» خوض غمار المنافسة الدرامية في رمضان المقبل؟
نحن لا ننتج,بل نتعامل مع شركات إنتاج باستثناء البرامج السياسية لقطع الطريق أمام كل محاولة تدخل من أي كان في الخط التحريري . وبالنسبة للبرمجة الرمضانية ,فقد انطلقنا بالتعاون مع أكبر شركات الإنتاج في إعداد شبكة من البرامج ومن المادة الدرامية التي أعتقد أنها ستكون متميّزة ولها مكانتها الخاصة في المشهد .
ماذا عن المشاريع القادمة القناة؟
بداية من الشهر القادم سيكون للمشاهدين موعدا مع برنامج ضخم لهيثم المكي وهو من النوع السياسي الساخر. كما سينضم الإعلامي مهدي كتو في برنامج حواري . بالإضافة إلى برنامج كبير للأطفال . كما ستكون برمجة يوم الأحد مميزة على قناة «تلفزة تي في».
ونحن بصدد التفاوض مع جهات مغاربية لبعث قناة ثانية ذات اتجاه مغاربي سيكون مقرها في تونس وطاقمها الإعلامي مزدوجا أي يضم تونسيين ومغاربة . وعلينا التحلي بقليل من الصبر لبناء مشروع إعلامي نوعي كما أوصيكم بفسح بعض الوقت للوطن لاستعادة أنفاسه وتألقه ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.