كشف مصدر من دائرة المحاسبات أن مسألة التصريح على الشرف بالمكاسب بالنسبة لرئيس الحكومة المؤقتة الجديد مهدي جمعه وفريقه الحكومي تعد مسألة شخصية في المقام الأول ولا يمكن نشرها للعموم وأن الشخص الوحيد المطلع على هذه العملية هو الرئيس الأول لدائرة المحاسبات وفق ما يضبطه القانون المحدد لهذه المسالة. وأفاد ذات المصدر أن بعض أعضاء الحكومة قد أرسلوا ملفاتهم الخاصة بالتصريح على الشرف على مكاسبهم عند انضمامهم للفريق الحكومي وان رئيس دائرة المحاسبات اطلع فعلا على ملفات الوزراء الذين قاموا بالتصريح على الشرف على مكاسبهم. وأضاف مصدرنا أنه ليست لدائرة المحاسبات أية صلاحيات في المطالبة للقيام بهذا الإجراء موضحا أنه تصريح تلقائي. وقد تعالت مؤخرا أصوات بعض مكونات المجتمع المدني وخاصة الجمعيات الناشطة في مجال الشفافية والحوكمة الرشيدة تطالب أعضاء الحكومة الجديدة بوجوب قيامهم بالتصريح على الشرف بمكاسبهم، في الوقت الذي تم التكتم على ما إذا كانت حكومتا الجبالي والعريض قد قامتا بهذه العملية . وقال نفس المصدر أن تصريح أعضاء الحكومة الجديدة على الشرف بمكاسبهم متواصل وبسؤالنا عن العدد تحديدا أجاب بأن ليس هناك رقم واضح ومحدد مجددا قوله بأن عددا لا بأس به من أعضاء الحكومة الحالية قدموا هذه التصاريح. وقد تمّ إقرار مبدإ التصريح على الشرف بالمكاسب في تونس منذ سنة 1987 وذلك إثر إصدار القانون عدد 17 الصادر في 10 أفريل سنة 1987 وأضاف مصدرنا أن هذا التصريح يشمل أعضاء الحكومة والقضاة والسفراء ورؤساء المؤسسات وأعضاء الدواوين الوزارية والمديرين العامين والمديرين العامين المساعدين والقناصل وأسلاك الديوانة والأمن والكتاب العامين للوزارات وقُبّاض المالية وكل عون للدولة أو الجماعات المحلية. وتجدر الإشارة إلى أن حمادي الجبالي رئيس الحكومة المؤقتة الأولى بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 كان قد أصدر منشورا لحفز أعضاء الحكومة وإلزامهم بالتصريح على الشرف بالمكاسب والذي لا يخص رئيس الحكومة فحسب بل المسؤولون السامون في الدولة، ضمن تكريس مبدأ الشفافية والتأسيس للحوكمة الرشيدة. وعمّا إذا كان رئيس الحكومة الحالية مهدي جمعة قد قدّم هذا التصريح رفض مصدرنا الاجابة مُؤكّدا أن هذه الأمور سرية ولا يمكن الإفصاح عنها بمقتضى القانون. وأضاف أن دائرة المحاسبات تلقت منذ سنة 1987 (تاريخ إصدار قانون التصريح على الشرف بالمكاسب) أكثر من 21 ألف تصريح وانها وتلقت خلال سنة 2010 أكثر من 8626 تصريحا. وللتذكير فإن الرئيس الأول لدائرة المحاسبات هو من يتلقى التصاريح على الشرف بالمكاسب ويمضي عليها شخصيا. ضيق المدة الزمنية ويشار إلى أن القانون الصادر سنة 1987 يسمح لأعضاء الحكومة بمهلة شهر للتصريح بالشرف على المكاسب عند توليهم الوزارة (أي أن لديهم الوقت إلى غاية يوم غرة مارس باعتبار أنهم أدوا اليمين الدستورية وتسلموا المهام يوم 29 جانفي 2014). ويرى أهل الاختصاص من دائرة المحاسبات أن هذا الأجل قصير جدا ولا يسمح للمعنيين بالأمر بالتصريح على الشرف بمكاسبهم بجمع المعلومات والمعطيات الخاصة بهم.ويُّتبين أنه بالرجوع إلى القانون المُقارن في الدول الأخرى فإنه يمنح لأعضاء الحكومات مدة الشهرين على الأقلّ لتقديم التصريح على الشرف بالمكاسب. وأشار مصدرنا إلى أنه من ضمن المقترحات التي تقدمت بها دائرة المحاسبات في هذا الاتجاه في إطار التقرير السنوي للدائرة نشر عدد الأشخاص الذين قاموا بالتصريح بالشرف على المكاسب من دون نشر محتواها والتي تدخل حسب رأي الدائرة ضمن المعطيات الشخصية التي يجب حمايتها. ولاحظ مصدرنا أن التصريح على الشرف بالمكاسب هو أحد الوسائل المعتمدة لتكريس مبدإ المساءلة وانه يتنزل ضمن الآليات المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد والرشوة والتي صادقت عليها تونس منذ سنة 2008 مشيرة إلى أنه تم التوقيع على هذه الاتفاقية سنة 2003. ثغرات وهنات في القانون الحالي وطبقا لعديد الندوات العلمية فإنه توجد بعض النقائص والثغرات في قانون 1987 وتتعلق بالخصوص بأن التصريح بالشرف على المكاسب لم يشمل رئيس الجمهورية وأفراد عائلته وأملاك الأبناء الرشد وكذلك رؤساء البلديات الذين يتصرفون في الأموال العمومية ولهم الصلاحيات على مستوى إسناد الرخص مما قد يجعلهم عُرضة للفساد والرشوة. ومن هذا المنطلق يشدد الخبراء على أن دور دائرة المحاسبات محدود جدا باعتبار أن الصلاحيات التي أوكلها إليها القانون محدودة وتنحصر في تلقي التصاريح على الشرف بالمكاسب وإمضائها من طرف الرئيس الأول لدائرة المحاسبات ويتم تبليغ نظير من تصاريح أعضاء الحكومة إلى رئيس الجمهورية وتبليغ قائمات بالأعوان المصرحين إلى الوزراء كل في ما يخصه. وردّا على سؤالنا بخصوص تتبع أعضاء الحكومة بعد انتهاء مهامهم أو إقالتهم والتثبت من مكاسبهم بعد الخروج من الحكومة لاحظ مصدرنا أن القانون السالف الذكر ينص على أن تكتفي دائرة المحاسبات بمراقبة التصرف مع عضو الحكومة الذي لايقدم تصريحا على الشرف بمكاسبه ولا تقوم بالتتبع وهي مؤتمنة على التصاريح التي لا يمكن النفاذُ اليها. مقترحات لتطوير المنظومة وعن المقترحات والتوصيات التي يقترحها المراقبون والخبراء لتطوير عملية التصريح على الشرف بالمكاسب شدّد مصدرنا على ضرورة إدراج رئيس الجمهورية وعائلته وأبنائه الرُشّد ورؤساء البلديات والأعضاء البلديين اضافة الى ضرورة أن يسهر الوزراء كل في ما يخصه على متابعة إيداع التصاريح لدى الدائرة. وقال مصدرنا إن المراقبين والخبراء أوصوا بالتنصيص عند تنقيح القانون على اتخاذ عقوبات لمن لا يقوم بالتصريح مشيرين إلى أن بعض الدول تنزل خطية بمن قام بعملية التصريح بصفة متأخرة.