ارجع اليوم الطيب البكوش الأمين العام لحركة " نداء تونس " الأحداث الإرهابية التي تعيشها تونس اليوم إلى ما اعتبره تسيبا خلال فترة حكم الترويكا مقرا بوجود تساهل مع ظاهرة الإرهاب و العنف حينها و بتواطؤ في مستوى ما من الإدارة مما خول زرع هذه البذرة الشريرة في الأراضي التونسية على حد تعبيره . و أكد الطيب البكوش خلال الندوة العلمية الدولية التي نظمها منتدى حوار الحضارات و الأديان و الثقافات لحركة " نداء تونس " صحبة مؤسسة " كونراد اديناور " حول " الدين و ثقافة الديمقراطية و مفهوم الدولة بين الإشكاليات و المقاربات " بالعاصمة أن القضية التي تعيشها تونس اليوم تتلخص في العلاقة الرابطة بين الدين و الدولة أساسا و بين الدين و السياسة موضحا وجود فهم خاطئ لوظيفة الدين من طرف بعض الأطراف التي باتت تستعمله بطريقة تتناقض مع المرجعية الفكرية و مع العقيدة حسب قوله مضيفا " لقد عملت مجموعة من الأطراف على إقحام الدين في السياسة لأغراض معينة و هو ما نلمسه اليوم في مساجدنا التي استحوذت عليها مجموعة من الأئمة تسمى بالسلفية الجهادية و التي عملت على بث خطاب عنف و فتنة و تكفير و خطابهم يعد المسؤول الرئيسي عن الأحداث التي تعيشها بلادنا من اغتيالات و عنف و يتنزل في هذا الإطار دور الدولة و مسؤوليتها في العمل على تحييد المساجد لأنه من غير المعقول أن تحتل العصابات المساجد التي تعد ملك الشعب و أن تفرض أنفسها بالقوة لبث الفتنة في البلاد و إذا ما تواصلت هذه المسالة فهذا يعني أن الدولة مغيبة تماما" . و ارجع البكوش الأحداث التي تعيشها تونس إلى ما اعتبره التسيب الكبير الذي عاشته البلاد خلال حكم الترويكا و فسر ذلك قائلا " كان هناك أطراف تتحرك بكل مرونة و تتنقل في الجهات للتدرب باسم الجهاد إضافة إلى الكميات الهائلة من الأسلحة التي تسربت إلى بلادنا دون رقابة و عدد العصابات التي تتنقل من المناطق الحدودية وصولا إلى المدينة بأريحية تامة بمعنى اصح كان هناك تساهل كبير مع الإرهاب و العنف و تواطؤ في مكان ما و في مستوى ما من الإدارة و هو ما خول لهذه البذرة الشريرة أن تزرع في الأرض التونسية و اليوم وجب مقاومتها و اجتثاثها و على الدولة أن تمكن الأجهزة الأمنية من كل الإمكانيات و من تطبيق القانون ". من جهته قال بين بن عاشور عضو المكتب التنفيذي لحركة نداء تونس أن مسالة الدين و الدولة و ثقافة الحوار هي من أكثر المسائل الخلافية بين الأحزاب السياسية التونسية قائلا " هناك من يرى بضرورة الفصل بين الدين و الدولة في حين يرى البعض الأخر ضرورة أن تخضع الدولة إلى الدين و إلى الشريعة لكن إذا ما تداخلت الدولة بالدين فسيتحول هذا الأخير إلى وسيلة سياسية ". و على خلفية الأحداث الإرهابية التي طالت أعوان الأمن في ولاية جندوبة ذكر رافع بن عاشور أن حركة نداء تونس قد نبهت لخطورة المسالة منذ أشهر مقرا بان اتخاذ الإجراءات الوقائية و الردعية منذ البداية كان كفيلا بمنع استفحال الظاهرة و تابع في هذا الصدد " مثلما ذكر الأستاذ الباجي قائد السبسي تعد عملية الهجوم على السفارة الأمريكية لحظة فارقة و بمثابة الضوء الأخضر لهذه التنظيمات حتى تنفذ عمليات مماثلة أما اليوم أرى أن الوحدة بين التونسيين مطلوبة و علينا تجنب الخطابات الموجهة و عمليات التأليب " . لا مستقبل للإرهاب في تونس من جهته اقر خالد شوكات الباحث في العلاقات الدولية أن الإرهاب ظاهرة إقليمية و دولية تتطلب من تونس أن تنخرط في إستراتيجية إقليمية و دولية لمواجهتها حسب قوله و أضاف " وجب اليوم التركيز على دعم المؤسستين الأمنية و العسكرية تشريعيا و لوجستيا و ذلك في مستوى توحيد مركز القرار في إدارة المعركة ضد الإرهاب و في مستوى تزويدها بالتشريعات و القوانين التي تسهل مهمتها و وجب أيضا إصلاح المؤسسة القضائية حتى نتمكن من معالجة سريعة للقضايا المتعلقة بالإرهاب زد على ذلك وجب أن يتوفر اليوم عنصر الوحدة الوطنية بين التونسيين حتى نكافح سوية هذه الآفة " . و اعتبر خالد شوكات أن الإرهاب لا مستقبل له في تونس و أن الدعوة إلى الإقصاء و إلى تصفية الحسابات لن يخدم سوى العناصر الإرهابية. الدولة و الدين و الديمقراطية في تونس قسمت أشغال الندوة التي ستختتم فعالياتها اليوم إلى جلسات علمية تخللتها العديد من المداخلات من بينها مداخلة مختار العبيدي رئيس قسم اللغات بدار المعلمين بتونس الذي تحدث عن مفهوم الحكم في القران فيما ناقشت أسماء نويرة الأستاذة بكلية العلوم القانونية و السياسية و الاجتماعية بتونس موضوع العلاقة بين الدين و الدولة في تونس بين الواقع و التحديات و تحدثت عن طبيعة العلاقة بين الدين و الدولة في تونس المستقلة و الإشكاليات المطروحة ما بعد الثورة . أما بوبكر بلحاج أستاذ بكلية الآداب و الفنون و الإنسانيات بمنوبة فقد تناول مسالة الدين و الدولة في الفكر الإصلاحي التونسي في القرن التاسع عشر للميلاد إضافة إلى العديد من المداخلات الأخرى لتختتم بحلقة نقاش. و تتواصل اليوم أشغال الندوة التي سيؤثث فقراتها مجموعة من الجامعيين بمداخلات عدة تتمحور أساسا حول المرأة و الدين و المشاركة و مسالة تحجب النساء و سفورهن في تونس ما بعد الثورة إضافة إلى مداخلات أخرى لتختتم الجلسة بتوصيات. غادة مالكي