استجابة المتنقّبة بالكشف عن وجهها محكوم فيه فقها نجاهد في أوطاننا بالقلم واللسان ونجاهد في فلسطين بالبندقية والجنان سنشارك في الانتخابات ونطلب ممّن يحرّم ذلك حجّة ودليلا ضيف حوار «التونسية» لهذا العدد هو رئيس اوّل حزب سلفي في تونس يرتكز على نهج السلف الصالح في الحياة والاقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام ولا يتنازل عن الثوابت الإسلامية وتطبيق الشريعة -كما شدد ضيفنا على ذلك في أكثر من مناسبة-. ضيفنا كان محكوما عليه خلال العهد البائد ب44 سنة سجنا غيابيا بتهم عديدة تتعلق بالإرهاب والدعوة إلى الانضمام إلى تنظيم له علاقة بجرائم إرهابيّة والانضمام خارج تراب الجمهوريّة إلى تنظيم اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه...توجّه للجهاد في فلسطين وهو في سن التاسعة عشر سنة وتربطه الى حد الآن علاقة قوية بالجناح المسلح للحركة السلفية بقطاع غزّة،تحول في الثمانينات الى أفغانستان ليشارك في الحرب ضد الغزو السوفياتي قبل ان يعود بعد الثورة الى تونس بعد 37 سنة من الغياب القسري. ضيف حوارنا هو الأستاذ المولدي علي المجاهد رئيس حزب «الأصالة» السلفي: k قضيتم أكثر من 37 سنة خارج الوطن،كيف تقيّم الحريات في تونس ما بعد الثورة مقارنة بما عشتموه بالمهجر؟ بعد عودتي من المهجر وجدت جو الحريات في تونس غير طبيعي ،حيث الحرية مشوبة بالفوضى كما اختلط الحابل بالنابل، كنت متعودا على الحرية التي عشتها في فرنسا ولا استغرب وضع الحريات في تونس لأنه وضع لا يختلف كثيرا عما هو عليه في كل البلدان العربية تقريبا. k ما موقفكم من قرار وزارة الداخلية بتشديد الرقابة على حاملات النقاب على خلفية القبض على احد المفتش عنه متنكرا بهذا الزي النسوي للتخفي؟ لك ان تقول ان كل اللغو والضجيج الدائران حول هذا الموضوع ليسا أكثر من زوبعة في فنجان او الشجرة التي تخفي الغابة التي وراءها، لأن هذا الموضوع ليس من امهات القضايا بالنسبة للتونسي الذي كان ينتظر من السياسي ان يحل مشاكله الاقتصادية ويهتم بشأنه الأمني ويكون حرفيا في التعامل مع المسائل الأمنية الطارئة،و لذلك نقول ان مسألة النقاب كما رأيناها في أوروبا هي هروب من الواقع ودليل على فشل السياسيين والحكومات للغوص في حل المشاكل العميقة وتحويل دائرة الاهتمام نحو بعض المشاكل الجانبية لإلهاء الناس عن مشاكلهم الحقيقية. k وما رأيكم في طلب كشف المتنقبة عن وجهها قصد التثبت من هويتها خاصة ان عددا كبيرا من المتنقبات اعربن عن رفضهن لهذا الخيار؟ ليس في الأمر إشكال بالمرة ولا يستحق كل هذا الضجيج غير المبرر خاصة انه محكوم فيه فقهيا وامنيا.. ففقهيا يقول المشرع أن على أية متنقّبة يطلب منها عون أمن أو موظف التحقق من هويتها كشف وجهها للتثبت منها ثم عليها أن تُسدل نقابها وتمضي في طريقها. k ولكن ثمة من يستغرب موقفكم هذا ويرى فيه بعض الإنحراف عن توجه الاحزاب والتيارات السلفية الاخرى التي تتسم بدفاعها المستميت عن حرية المتنقبة في عدم الكشف عن وجهها لأي كان ومهما كان السبب؟ باختصار، نقول ان موقفنا يعبر عن الموقف الاسلامي السلس السهل كما أتى به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ومن يقول خلاف ذلك فنطالبه بالحجة والدليل. k هل تنوون المشاركة في الانتخابات القادمة؟؟ نعم سنشارك في الانتخابات القادمة مع أننا لم نحدد بعد على أي مستوى ولكننا سنشارك بإذن الله،(مستدركا ضاحكا)و لكن أولا نتمنى أن تكون هناك انتخابات..أريد أن أكون متفائلا لا متشائما،و لكن إن استمرّت الحال على هذا المنوال اللاّأمني فإني اشك في قيامها عاجلا بكل صراحة. k أليست مشاركتكم في الانتخابات محرّمة أيضا كما تقرّ بذلك بعض التيارات والأحزاب ذات التوجه السلفي؟؟ نطالب من يقول هذا ايضا بأن يقدم لنا دليله بتحريم الخوض في الانتخابات لأنه لا فصل بين الدين والدولة والرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان يؤم المسلمين في المسجد وكان في ذات الوقت يدير شؤون الدولة الاسلامية من داخل المسجد ايضا... لذلك نقول انه ليس هناك فصل بين الدين والدولة وقد دخلنا عالم السياسة على قاعدة فقهية وبتزكية من علماء أجلاء في العالم الإسلامي وبمنظور شرعي لا لبس فيه ولا غبار عليه. k ما رأيكم في دستور البلاد الجديد؟ أريد ان أبيّن بخبرتي في القانون الدولي أننا كنا حررنا دستورا في ظرف 3 اشهر فيه 97 بابا وقد مني بتزكية 198 عالما اسلاميا على الساحة الاسلامية والحمد لله ولذلك نرى اصلا ان قيام المجلس التأسيسي كان على خطإ فنحن نرى ان الدستور لا يكتبه أمثال القصّاص ولكن يكتبه أهل الاختصاص. ففي فرنسا مثلا، لما اراد الرئيس شارل ديغول بعد الحرب العالمية الثانية صياغة دستور للبلاد كلّف شخصا واحدا بذلك وهو ميشال دوبريه وقام «دوبريه» بذلك في 3 اشهر فقط وتمت المصادقة على الدستور، ولو قارنا هذا بما انجزه المجلس الوطني التأسيسي التونسي والذي وصلت المهزلة بنوابه الى سنتين من الأخذ والرد، وبعد ذلك نرى وجوها اجنبية غريبة تتردد على التأسيسي وتملي أملاءاتها على الشأن التونسي ومن ثم تتمّ صياغة الدستور في شهر واحد لا غير، نتأكد ان ما قام به المجلس التأسيسي انتهاك لحرمة تونس واغتصاب لشرف هذا الوطن. k أنت خرّيج المدرسة العلمانية الفرنسية وتدعو الى دستور اسلامي؟؟ لا غرابة ولا تضارب في ذلك لأنه يجب ان نثري هذا النقاش حتى نخرج بمنظومة حضارية وقد كان بإمكان الثورة التونسية ان تطغى على الثورة الفرنسية وتكون مثالا يحتذى به بين الامم. k ما تقييمكم للعمل الدعوي في تونس ما بعد الثورة؟؟ الأمر الآن مضيق عليه ولكن لابد ان نشير أيضا الى ان هناك بعض الأشخاص الذين اخذوا السلم بالعرض ويريدون الصعود إلى فوق وهذا مستحيل كما ان فاقد الشيء لا يعطيه فللدعوة أصول وفن فيجب ان يراعى كل هذا وقدوتنا في ذلك هو الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم . k بعد تحول الأراضي السورية الى مجازر أمازلتم تدعمون الجهاد في سوريا وتعتبرونه شرعيا من المنظور الديني؟؟ الجهاد فرض عين وفرض كفاية،فرض عين عندما تمس المقدسات مثلما هو الشأن في فلسطين وهذا جهاد فرض عليّ وعليك وعلى الجميع، ملزمون بتأديته وآثمون بتركه لذلك اقول ان البندقية يجب ان توجّه الى البوصلة الصحيحة وهي تحرير فلسطين. k وما ردكم على من يرى انه كان حريا بالذين ذهبوا للجهاد في سوريا ان يبادروا بالجهاد في فلسطين اولا؟؟ انا ابن البندقية الفلسطينية حيث خرجت في سن 19 لألتحق بالمقاومة الفلسطينية في بيروت وكنت احارب في صف «فتح» فأنا ابن البندقية ولا يمكن لي بأي حال من الاحوال ان اتكلم بغير البندقية والجهاد الذي لا لبس فيه ولا غبار عليه. اما بالنسبة للقضية السورية فقد كنا اول من قال ان سوريا ستكون مقبرة لجميع الجهاديين ونبهنا من ذلك،صحيح هناك جرائم ترتكب في حق اخوتنا بسوريا ولكن في اعتقادي ان السوريين بحاجة الى معونات مادية وليس الى مدد بشري ولكن لا يجب أن ننسى ايضا ان المدد البشري بدا من الطرف الآخر حيث انضم مقاتلون من «حزب الله» الى جيش بشار وألوية بكاملها من ايران انضمت الى قوات بشار الاسد وهنا يدخل الواعز الديني «و ان استنصروكم في الدين فعليكم بالنصر» ولذلك وجب ان ننصر الثكالى والمغتصبين والمشردين في سوريا ولذلك فالأكيد ان الذين ذهبوا الى سوريا يجاهدون في سبيل الله لكن كان بودي ان تفرغ هذه الأحزمة الرصاصية في جسد العدو الصهيوني. k مواصلة لحديثك عن القضية الفلسطينية،ما حقيقة العلاقة التي تربطكم بحركة المجاهدين الفلسطينية التي شاركتم في مؤتمرها الأخير المنعقد بقطاع غزة، وكيف كانت مشاركتكم في هذا المؤتمر؟ كما وضحت لك علاقتي بفلسطين قوية وستبقى الى أن يأخذ الله أمانته بإذن الله وانا ابن البندقية الفلسطينية،حركة المجاهدين في غزة هي الجناح المسلح للحركة السلفية وفيها ايضا بعض الاطراف الذين كانوا في «فتح» وهم من ذوي الشعور الاسلامي وعلاقتي بهم قوية جدا وقد شاركنا في هذا المؤتمر لنبين لهم اننا مستعدون لحمل السلاح لتحرير ارضنا المغتصبة. k صرّحتم سابقا ان حزبكم لن يخون حركة «النهضة» كما خان «حزب النور» جماعة الاخوان المسلمين، بمصر فهل مازلتم متشبثين بموقفكم بعد خروج «النهضة» من الحكم؟؟ مازلنا متمسكين فنحن اصحاب عهد ومبادئ مواثيق. k وما سر اصراركم على الدفاع عن حركة «النهضة»؟؟ k لأننا لا ننسى أنها تأسست على اسس اسلامية وذلك عملا بالمثل القائل «انا واخي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب» رغم اننا لا نعتبر ايا كان غريبا فهم كلهم ابناء وطني. k أمازلتم تعتقدون ان هناك من يحيك مؤامرة ضد الاسلام ويسعى الى الوقوف في وجه نجاحه كمنهج حياتي وكأداة للحكم؟؟ نعم وهل في هذا اختلاف؟ k ومن تقصد بكلامك؟ هم كثيرون من الداخل والخارج فمن الداخل هم بعض الذين كانوا منتفعين من منظومة الفساد التي كانت تنخر جسد الدولة في العهد السابق،هؤلاء لهم مصالح وهم غير مستعدين للتفريط فيها وهم ينفقون الغالي والنفيس في سبيل عدم التفريط في مكاسبهم وصدور هذا الفعل عن امثال هؤلاء يعتبر بين ظفرين أمرا طبيعيا، اما من الخارج فأراها بغية التسبب في حرب عقائدية في تونس. كل الأطراف في هذه البلاد تتسلح وبصفة معلنة وعبر الطرق والمسالك العادية المعروفة وهذا شيء يؤسف له ..كل الناس تتسلح في هذه البلاد.. الآن وقد اصبح السلاح منتشرا اذا انتشرت شرارة واحدة فستشتعل كل البلاد. k ما هي علاقتكم ببعض التيارات السلفية في تونس؟ بصراحة،هناك اطراف اجنبية خارجية تساهم في تعميق الخلافات بين ابناء الوطن الواحد بتمويلها لجماعات على حساب جماعات وهذا يؤسف له فنحن نريد التفرد بالروح والقرار والسيادة التونسية..لكن رغم ذلك اقول شخصيا انني لن اكون عميلا لأي كان وانه لن يفرض علي ايا كان سياسته او حساباته على حساب وطني وبلدي. k بعد كل الأحداث الارهابية التي حملت فيها المسؤولية لتنظيم «انصار الشريعة» المحظور، أمازلتم تعتقدون انهم على خير ويتبعون المنهج الصحيح في الدعوة الى الله وأنهم تعرضوا الى مظلمة كبيرة بتصنيفهم تنظيما محظورا-كما صرحتم سابقا-؟؟؟ أنا اعرف بعض الأفراد الطيبين والاخوة الافاضل من «أنصار الشريعة» يجتهدون في العمل الدعوي والعمل التطوعي ومن له علاقة أو صلة بالسلاح لا نعرفه.. فنحن لسنا من دعاة حمل السلاح ضد ابناء بلدنا ولكننا نندد ايضا بحملات الاعتقال والمظالم التي يتعرض لها ابناء هذا التنظيم وبالتجاوزات التي وقعت في حق بعضهم...ثم هناك ايضا من لهم تاريخ في الإجرام ويريدون ان يكفروا عن إجرامهم بين عشية وضحاها وهذا لا يعقل. k وما هي علاقتكم بشيوخ السّلفية، وخصوصا الشيخ خميس الماجري؟ علاقتنا طيبة، أما عن الشيخ خميس الماجري بالخصوص، فهو من اصدقائي المقربين ولا أنكر ذلك حيث عشنا مع بعضنا لفترة طويلة في الهجرة وقد تعرض هذا الاخير لمظلمة كبيرة من حزب حركة «النهضة» التي كان ينتمي إليها وهناك مضايقات كثيرة تحصل له بسبب الطريق الذي اختاره وفي الاخير هو حر في ما يقول وفي ما يختار ولكن كل هذا لن يؤثر في العلاقة او «العشرة» التي بيني وبينه. k كيف تقيمون اداء المجلس الاسلامي الاعلى في تونس الخاضع لاشراف الوزارة الأولى وتعامله مع بعض القضايا الفقهية التي هناك خلاف حولها في الوقت الراهن؟؟؟ كلما رأيتم العالم يطرق باب السلطان فاتهموه في دينه..و لذلك اقول انه يجب ان يركض السلطان وراء العالم وليس العكس بصحيح..لكن نحن مع الاسف في عالمنا العربي والاسلامي اليوم نرى ان الحكام يستعملون العلماء للوصول إلى غاياتهم الشخصية وتبرير غاياتهم القمعية. k أين وصلتم في القضية التي قلتم انكم رفعتموها امام انظار القضاء الفرنسي على الشابة التونسية التي قامت بحرق راية الشهادتين أمام مسجد بباريس؟ القضاء في فرنسا بطيء وبطيء جدا،التحقيقات والأبحاث جارية بهذا الصدد..زد على ذلك في 2010 رفعنا قضية على الدولة الفرنسية بخصوص «النقاب» وهي اليوم في يد القضاء الاوروبي. k ما هي الرسالة التي تريد ان تتوجّه بها الى قرائنا الاعزاء، خاصة وانك تدافع عن التوجّه السلفي في تونس؟؟ أريد ان اتوجه الى كل التونسيين بالقول ألا يخافوا من التيار السلفي الذي هو على منهج سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،لقد رفعنا السلاح وحملناه في العديد من دول العالم ولو كان وجوبا حمل السلاح في هذه البلاد لكنّا اول من حمله،لكننا نحن أول من ينبّه ويحذّر من مغبة حمل السلاح في هذا البلد... أكرر وأقول من أراد ان يحمل البندقية فليتوجه إلى القدس المغتصبة..و ختام قولي «نجاهد في أوطاننا بالقلم واللسان، ويجب ان نجاهد في فلسطين بالبندقية والجنان». حاوره: فؤاد مبارك