كلغ «العلوش» من 14 إلى 20 دينارا و«البقري» من 12 إلى 18 السكّر والشاي والقهوة.. في الطريق ماذا عن البيض و«الفارينة» والإسمنت والآجر ؟ فجَرت عملية الترفيع في أسعار الطماطم المعلبة، موجة غضب لدى المواطن ومنظمة الدفاع عن المستهلك التي استنكرت هذا الترفيع غير المبرّر واعتبرت أنّه سيزيد من تدهور القدرة الشرائية للمواطن التونسي ومضاعفة معاناته منذ قيام الثورة بعد الانفلات الكبير الحاصل في الأسعار والتي لم تنطفئ نارها مقابل تزايد إثراء بعض المنتجين والصناعيين والوسطاء. ومع العلم أنّه تمّ إقرار زيادة في سعر الطماطم ب290 مليما بالنسبة للعلبة من فئة 800 غرام، وتحرير سعر عُلبة ال400 غرام مما جعل سعرها يقفز من 800 مليم إلى 1250 مليما وذلك بعد اتخاذ قرار في ديسمبر 2013 بتحرير القطاع ورفع الدعم عن هذه السلعة. ويرى العديد من المحللين والخبراء أن سنة 2014 لن تحيد عن بقية السنوات التي تلت الثورة من حيث تواصل ارتفاع أسعار العديد من المنتوجات الاستهلاكية بحكم عدد من العناصر الموضوعية وفي مقدمتها سعي الحكومة إلى التقليص قدر الإمكان من حجم الدعم الذي بلغ مستويات قياسية من سنة 2010 إلى سنة 2013 حيث تطور مستوى الدعم بنسبة 260 بالمائة وتجاوز حجم استثمارات التنمية المبرمجة في ميزانية 2013 والمقدرة بحوالي 5600 مليون دينار إلى جانب تعطل آلة الإنتاج وتزايد الطلب الداخلي الأمر الذي ادخل إرباكا على مستوى العرض والطلب فضلا عن تفاقم نسق التضخم في البلاد. وتفيد المعطيات المتوفرة والمستقاة من المعهد الوطني للإحصاء انه خلال السنوات الثلاث الماضية شهدت أسعار مواد التغذية زيادة سنوية تراوحت بين 7 و9 بالمائة حسب مؤشر الأسعار عند الاستهلاك، مما يعني ارتفاعا إجماليا بين 21 و27 بالمائة في أسعار المواد الغذائية. وبناء على ذلك كان ارتفاع أسعار مواد التغذية والمشروبات خلال ديسمبر 2013 في حدود 8.4 بالمائة، لينخفض قليلا في حدود 7.6 بالمائة خلال شهر جانفي 2014. كما ارتفعت أسعار اللحوم بنسبة 8.8 بالمائة والزيوت الغذائية بنسبة 16.4 بالمائة والغلال والفواكه الجافة بنسبة 12.1 بالمائة والخضر بنسبة 9.8 بالمائة. كما ارتفعت أسعار المشروبات بنسبة 3.3 بالمائة والمشروبات الكحولية بنسبة 14.6 بالمائة. وبلغت نسبة الزيادة في المواد الحرة 7 بالمائة مقابل 2.8 بالمائة بالنسبة للمواد المؤطرة خلال سنة 2013 مما يعني انفلاتا كبيرا من طرف المنتجين في زيادة أسعار منتجاتهم على حساب المستهلك. إلى جانب ذلك شهد سعر الماء بداية من السنة الحالية ارتفاعا ب 7.2 بالمائة وتطوّرت أسعار الكهرباء والغاز ب4.2 بالمائة. ومن المنتظر أن تزداد الوضعية صعوبة من خلال ما تضمنته ميزانية الدولة لهذه السنة من إقرار زيادة في سعر المحروقات ب100 مليم خاصة بعد التراجع عن الإتاوات المعلنة في ميزانية 2014. وللإشارة فإنّ هذه الزيادة التي كان من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في جانفي 2014 تم تعليقها مبدئيا غير أن هناك من يعتقد أن تعديل أسعار المحروقات أمر مفروض ولا مفر منه وإلا فان عجز الميزانية سيرتفع أكثر مما هو عليه حاليا. وللتذكير فقد عرفت أسعار المحروقات في سنة 2013 زيادة في مناسبتين. وعلى صعيد تواصل انفلات الأسعار تمّ أيضا الترفيع في سعر الإسمنت ب950 مليما للكيس الواحد خاصة بعد رفع الدعم عن الطاقة بالنسبة للشركات المنتجة، وتحرير القطاع بصفة نهائية ليصل حاليا سعر الكيس الواحد إلى حوالي 9 دنانير ممّا سيؤثر لاحقا على بقية أسعار مواد البناء وأسعار العقارات في البلاد هذا بالإضافة إلى ارتفاع غير معلن ومقرر في سعر الآجر ب9 بالمائة إثر الزيادة في سعر الإسمنت. ولابد من عدم التغافل عن الزيادة في أسعار التبغ والمشروبات الكحولية والزيادة في سعر كلغ الفارينة ب70 مليما وزيادة في سعر علبة الحليب لتبلغ 1060 مليما بعد أن كانت ب970 مليما خلال سنة 2012، علاوة على الزيادة أحادية الجانب في سعر البيض، لتمر «الحارة» من 640 مليما إلى 720 مليما، رغم قرار التسعير الصّادر عن وزير التجارة السابق. وفي السياق ذاته تواصل أسعار اللحوم الحمراء هروبها إلى الأمام حيث بلغ سعر كلغ «العلوش» 20 دينارا وسعر «البقري» 18 دينارا، بعد أن كانت تباعا: 13.8 دينارا، و12 دينارا في ديسمبر 2010. ومن غير المستبعد أن تشهد هذه السنة ترفيعا في أسعار مواد مؤطرة ومدعمة على غرار السكر والقهوة والشاي من منطلق إصلاح منظومة الدعم وتخفيف الأعباء عن ديوان التجارة. الأمر الثابت أن تداعيات هذا الانفلات في الأسعار الذي تشهده تونس منذ سنة 2011 ستكون خطيرة على العديد من الأصعدة لعل أبرزها ضرب احد أهم محركات النمو وهي الاستهلاك إذ انه في ظل تعطل المحركين الاثنين الآخرين وهما الاستثمار والتصدير كان من الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة لتنشيط الاستهلاك وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال الاشتغال على تحسين القدرة الشرائية للمواطن. والمؤكّد أن تواصل ارتفاع نسق الأسعار على هذه الشاكلة لن يقتصر على منتوج بعينه بل سيمس مجالات وقطاعات مرتبطة بكل منتوج شهد ارتفاعا في الأسعار. فعلى سبيل المثال ارتفاع سعر الطماطم المعلبة والفارينة قد يعجّل بالترفيع في أسعار مواد غذائية أخرى لها صلة مباشرة بهذه المنتوجات على غرار البيتزا والأكلات الشعبية في المطاعم.