نظم ظهر أمس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مسيرة بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة احتفالا باليوم العالمي للمرأة وسط حضور مكثف لأمهات شهداء وجرحى الثورة وللنساء العاملات وعدد من ممثلي الجمعيات ومكونات المجتمع المدني. وانطلقت المسيرة من أمام المسرح البلدي لتتجه نحو بورصة الشغل بالعاصمة أين تجمّع المشاركون لإلقاء مداخلات على غرار أمهات الشهداء وعضوات بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، هاتفين سوية «الشهيد خلى وصية لا تنازل عالقضية» و«القصاص القصاص لعصابة الرصاص» و«مساواة مساواة للنساء والجها ت» و«يا نساء ثور ثور ثبت حقك في الدستور». كما لم تخف العديد من الأمهات غضبهن وسخطهن جراء إفلات العديد من عناصر المنظومة السابقة من العقاب ومن بطء الكشف عن قتلة أبنائهن وبكل حرقة وأسى ووسط انهيار البعض منهن وبكاء أخريات أكدن أنهن صامدات من أجل كشف كل الحقيقة حول ظروف وفاة أبنائهن ومن اجل إثبات وجودهن في المجتمع التونسي. وأقرت ليلى حداد محامية شهداء وجرحى الثورة أن أمهات وزوجات وشقيقات الشهداء كن متواجدات في جميع التحركات والمحطات النضالية طيلة ثلاث سنوات سعيا لكشف الحقيقة المتعلقة بقتلة من فقدن من الشهداء وتابعت «حضرت اليوم أم الشهيد والجريح في اليوم العالمي للمرأة للتأكيد على ان ملف شهداء وجرحى الثورة هو ملف وطني وأن أمهات الشهداء ورغم ما تكبدنه من حرقة على أبنائهن وولع على فراقهم يضعن اليوم «اليد في اليد» وهنّ متضامنات لإعطاء رسالة واحدة للرأي العام أنهن في نضال دائم لكشف الحقيقة». وأكدت ليلى حداد أنه لا مجال للاحتفال اليوم خاصة بعد الإفراج عن عديد المتورطين في قضايا شهداء وجرحى الثورة وإفلاتهم من العقاب على حد تعبيرها وقالت «نشهد اليوم إفلات العديد من عناصر المنظومة السابقة من العقاب وهذا دليل قاطع على أن المحاسبة في تونس مازالت والإفلات من العقاب مازال راسخا في الساحة التونسية وهذا ما يعد خطيرا ومن خلال أمهات الشهداء أقول أن المرأة التونسية تصرخ من جديد وتقول بأنه من الممكن أن تسرق الثورة التونسية إذا تواصل إفلات البعض من العقاب ولم يحاسب قتلة أبنائهن». وبكل حرقة وأسى تحدثت «خالتي صالحة بوراوي» التي تنقلت خصيصا من منطقة الشبيكة من ولاية القيروان لرفع صورة ابنها الذي ذهب ضحية حادث شغل منذ سنة 2003 ولمساندة أمهات وجرحى الثورة وقالت في هذا الإطار «توفي قرة عيني في 8 مارس 2003 جراء حادث شغل لكنه لم يتحصل على حقوقه إلى يومنا هذا وجئت اليوم أطالب بحق ابني وبتعويضنا عن الضرر الذي لحقه خاصة أن زوجي قد أصيب بجلطة دماغية جراء الصدمة ولم نجد من يوفر لنا الخبز ولا لقمة العيش كما أنني أعاني من قصور كلوي وليس لنا من يكفلنا أو من يوفر لنا قوت يوم واحد حتى أنني حاولت البحث عن عمل أحفظ من خلاله ماء وجهي لكنني لم أجد سوى الرفض في كل مرة فهل من مغيث ؟؟». في نضال مستمر واعتبر عبد الرحمان الهذيلي ممثل عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ان المجتمع التونسي مطالب بالالتفات للمرأة المقصية والمهمشة في كافة القطاعات وخاصة في قطاع النسيج وفق تعبيره مضيفا «بعد الغلق الفجئي للعديد من المؤسسات في تونس اتجهت المرأة التونسية الكادحة إلى قطاع الحضائر والمناولة ونحن موجودون اليوم لإبلاغ صوت هذه الفئة لأنهن في معاناة وفي نضالات اجتماعية حقيقية». واقر الهذيلي أن أمهات الشهداء وعائلاتهم في نضال مستمر لمعرفة حقيقة كل الظروف حول مقتل أبنائهن مضيفا أن أمهات الشباب المفقودين في الهجرة السرية يسعين من خلال احتجاجهن إلى معرفة حقيقة مصير فلذات أكبادهن وفق قوله. هي بوصلة تونس من جهته أكد شرف الدين القليل محامي عائلات شهداء وجرحى الثورة أن المرأة التونسية ماسكة بزمام «أمهات القضايا» وأن المرأة المغتصبة والمقموعة والمقهورة تدافع اليوم عن حق ابنها الشهيد والمفقود وتدافع عن حقوقها الخاصة وقال «لقد حضرت المرأة خلال عيدها وهذه هي المرأة التونسية المطرودة من العمل والعاملة بقطاع النسيج كما حضرت أمهات الشهداء والمفقودين في عرض البحر ويبدو أن المرأة التونسية هي اليوم بوصلة الشارع التونسي وبوصلة النضالات وهي اليوم قدوة للمتمسكين بحقوقهم وللمتمسكين بالمحاسبة وبالعدالة الاجتماعية وللمتمسكين أيضا بإقرار المساواة الفعلية التامة بين كافة الشرائح الاجتماعية وعلى رأسها المرأة والرجل». وتابع شرف الدين القليل حديثه قائلا: «إن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أراد اليوم أن يقوم بلفتة وأن يرد الاعتبار للمرأة المظلومة و«المحقورة» والمهمشة لأنها بصدد تقديم دروس لمختلف مكوّنات المجتمع المدني والسياسي وتقول أنها ماسكة بزمام الأمور في جملة معاركها وأنها لا تريد سوى المساندة لا أكثر ولا اقل». وأضاف شرف الدين القليل أن المرأة التونسية تؤكد اليوم أنها رقم صعب وأنها بوصلة البلاد وبوصلة نضالات المجتمع التونسي. غادة مالكي