علمت «التونسية» من مصادر عليمة أن وفدا رفيع المستوى لمجلس إدارة البنك الدولي سيزور تونس من 16 إلى 20 مارس الجاري في زيارة وصفت بالهامة وقد يتمخّض عنها إسناد تونس قروضا جديدة تكون مقرونة بالتزامها بالإصلاحات الاقتصادية التي أوصى بها كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وسيضم الوفد شخصيات في المكتب التنفيذي للبنك الدولي وهي «إيرف ديفيليروشي» و«فرانك هيمسكارك» و«ساتو سنتالا» و«مايكل ويلكوك» و«فاديم قريشين» و«سارة افيال» و«إبراهيم التركي». وستكون زيارة ممثلي مجلس إدارة البنك الدولي لتونس لملاقاة ممثلين عن الحكومة التونسية وممثلين عن مكونات المجتمع المدني وكذلك للقيام بزيارة تفقد لمعرفة مدى التزام تونس بتعهداتها بخصوص القيام بجملة من الاصلاحات التي لم تف بها الحكومة السابقة حسب مصادرنا لا سيما بخصوص منظومة الحوكمة والشّفافية والنّفاذ إلى المعلومة مما أدّى إلى ضرب مصداقيّة تونس في الإيفاء بتعهّداتها الشيء الذي قد ينجرّ عنه تراجع المموّلين أو رفضهم مواصلة التّمويل. وأضافت مصادرنا أنه كنتيجة أولية لهذا التمشي شهدت الموارد الذاتية للدولة نقصا ب600 مليون دينار مقارنة بالتوقّعات الأوّلية، وبسبب عدم إيفاء الحكومة السابقة بتعهداتها فشلت الحكومة في تعبئة موارد اقتراض داخلي وخارجي نظرا لتراجع المانحين الدوّليين عن وعودهم بدعم ميزانيّة الدولة فضلا عن عجزها عن تعبئة 1000 مليون دينار في شكل صكوك إسلاميّة وقد أدّى هذا الوضع إلى حاجة تونس إلى توفير تمويلات إضافيّة بقيمة 3638 مليون دينار قبل نهاية السّنة. وقالت مصادرنا ان هذه الزيارة ستكون للتعبير عن دعم البنك الدولي لحكومة مهدي جمعة المطالبة في نفس الوقت بالانطلاق في الاصلاحات التي عجزت عنها الحكومة الماضية وذلك بتخفيف النفقات على الدعم والحوكمة والشفافية المالية واتخاذ قرارات إصلاحية للقطاعين البنكي والمالي. ومن المنتظر الإعلان عن عدة قرارات مهمة بين تونس والبنك الدولي على غرار تواصل دعم هذا الأخير للخيار الانتقالي التونسي وتشجيع الحكومة على المضي في إصلاح الاقتصاد التونسي والمزيد من الانفتاح على الخارج لجلب الاستثمارات الأجنبية. ومن المنتظر أن يطالب مجلس إدارة البنك الدولي تونس بالضّغط على المصاريف وبمراجعة ميزانيّة الدّعم وتهيئة بيئة اقتصادية تسهل التحول الهيكلي للاقتصاد من خلال إزالة الاختلالات وتشجيع المنافسة وتنقيح مجلّة التّشجيع على الاستثمار. وكان البنك الدولي قد دعا في عديد المناسبات إلى الانطلاق في إصلاح بيئة السياسات في تونس من أجل إزالة الاختلالات والحواجز التي تحول دون الوصول إلى الأسواق والتي تقوض نمو الانتاجية وخلق فرص العمل في نهاية المطاف واطلاق العنان لنمو القطاع الخاص ممّا يقتضي أن يتم التركيز على تعزيز المنافسة وإزالة الحواجز ودعم دخول شركات جديدة خاصة الكبرى منها، وإزالة العقبات أمام نمو الشركات حتّى تتمكن الشركات الصغرى من النمو. وسيؤكد البنك الدولي على ضرورة خلق مناخ تتكافؤ فيه الفرص من خلال الانفتاح الاقتصادي والتخلّص من ثنائيّات تونس الثلاث وهي الشركات المقيمة والشركات غير المقيمة والانقسام بين المناطق الساحلية والداخلية وتجزئة سوق العمل. وسيعرض البنك الدولي خطّة للإصلاح تتناسق مع هذه الرؤية كمساهمة في تشجيع قيام حوار وطني حول الاقتصاد في تونس عبر الانفتاح على المنافسة واقامة مناخ اقتصادي تتكافؤ فيه الفرص والتخلّص من الحواجز أمام المنافسة حتى يتمكن الاقتصادالتونسي من تحسين أدائه . ويؤكد خبراء البنك الدولي ان إزالة الحواجز المنتشرة بشكل كبير على المستوى القطاعي والتي تعوق الدخول والمنافسة لها ما يبرّرها حيث ينبغي مراجعة قانون وأنظمة المنافسة بحيث يتم الحد من نطاق تدخل الدولة غير الفعال في الأسواق وهو ما يتم حاليا من خلال تنظيم الأسعار الاحتكارات القانونية ومنح الاستثناءات وتقديم المعونات من قبل الدولة على أساس تقديري. كما ستتم خلال هذه الزيارة مناقشة مدى إصلاح مجلّة التّشجيع على الاستثمار حيث ستتم المطالبة بالمضي قدما في إصلاح السياسة الضريبية للشركات، لضمان الابقاء على قدرة تونس في الاستثمار واستقطاب الاستثمارات الخارجية.