واصلت أمس لجنة التشريع العام بالمجلس الوطني التأسيسي المصادقة على عدد من فصول القانون الانتخابي، حيث حسمت الى حد الآن في أكثر من 50 فصلا، اعتمدت خلالها اللجنة الرجوع إلى المرسوم الانتخابي عدد 35، دون ادراج الفصل 15 من هذا المرسوم والمتعلق باقصاء التجمعيين ورموز النظام السابق في الانتخابات الرئاسية المقبلة، على خلاف الانتخابات التشريعية. ويبدو أنّ عدم القبول بمبدإ العزل السياسي في الانتخابات الرئاسية يخفي معالم صفقة سياسية واضحة المعالم بين الأغلبية النيابية ورموز من النظام السابق، خاصة بعد أن حظي التصويت على إدراج الفصل 15 من المرسوم 35 برفض مطلق من قبل نواب حركة «النهضة» ذات الأغلبية صلب لجنة التشريع العام باستثناء النائبة يمينة الزغلامي، وذلك في ما بات يعرف بسياسة الحوار وآلية التوافق التي قبلتها الحركة مع الفرقاء السياسيين، وهو أمر لاقى تحفظا وانتقادا شديدين من النائبة سامية عبو التي اعتبرت نتيجة التصويت حول هذه المسألة فرصة سانحة لرموز النظام السابق للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة ومنها العودة للمشهد السياسي من الباب الكبير. شروط وموانع وفي نفس إطار الحديث عن الموانع وشروط الترشح للانتخابات الرئاسية، أقرّت لجنة التشريع العام الشرط الأساسي لتزكية الترشح للانتخابات الرئاسية بضرورة حصول المترشح على موافقة 20 نائبا من مجلس نواب الشعب و10 ألاف ناخب و50 رئيس جماعة محلية، مع ضرورة تأمين مبلغ قدره 10 ألاف دينار لدى الخزينة العامة للبلاد التونسية مع امكانية استرجاعها اذا لم يتحصل المترشح على أكثر من 3٪ من عدد الأصوات المصرّح بها. هذا وقد تمّ اعتبار تقديم الترشح حصرا في مقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالعاصمة، مع التأكيد على أنّ مجلس الهيئة هو الوحيد المخوّل له البت في ملفات الترشح لرئاسة الجمهورية، على أن تبقى امكانية الطعن في قراراتها راجعة لدوائر الاستئناف بالمحكمة الادارية، مع التأكيد على أنّ قراراتها ثابتة وغير قابلة بأيّ وجه للطعن. من جهة أخرى فقد طرحت مسألة حدوث الشغور لدى المترشحين كحالات الوفاة اوالانسحاب النهائي من الترشح أثناء الدورة الأولى والثانية من الانتخابات الرئاسية اشكالا في مقترح القانون الانتخابي المقدّم، اضطر نوّاب اللجنة إلى اللجوء الى الفقرة الثالثة من الفصل 75 من الدستور التونسي الذي ينص مضمونها على أنّه اذا توفي أحد المترشحين في الدورة الأولى أو أحد المترشحين لدورة الاعادة، يعاد فتح باب الترشح وتحديد المواعيد الانتخابية من جديد في أجل لا يتجاوز خمسة وأربعين يوما ولا يعتد بالانسحاب في الدورة الأولى أو الدورة الثانية، واذا تعذّر اجراء الانتخاب في موعده بسبب خطر داهم، فان المدة الرئاسية تمدّد بقانون. انتخابات في الحالات الاستثنائية ومن ناحية أخرى، أثار اقتراح الدعوة للانتخابات الرئاسية بأمر رئاسي في الظروف الاستثنائية القصوى بعض الانشقاق صلب اللجنة أثناء مناقشتها لمشروع القانون الانتخابي، وذلك بعد أن شدّد النائب ناجي الجمل عن حركة «النهضة» على أنّ رئيس الجمهورية هو المخوّل له الإعلان عن موعد اجراء الانتخابات وفق رأي متطابق مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في حالات استثنائية، وهو موقف خالفه فيه بشدة مقررّ لجنة التشريع العام وأمين عام حركة التونسي محمد الطاهر الإلاهي الذي اعتبره مقترحا غير دستوري، من منطلق أنّ التمديد سواء للرئاسة أو للمجلس التشريعي يكون بمقتضى قانون مصادق عليه من مجلس النواب، وأنّ تحديد موعد الانتخابات يكون حسب مقتضى القانون عدد 23 المحدث للهيئة، وهو رأي سانده فيه شق هام من النوّاب، خاصّة منهم النائبة سامية عبو عن التيار الديمقراطي التي بيّنت أنّ دعوة رئيس الجمهورية إلى إجراء الانتخابات في الحالات الاستثنائية لا يجب أن ينحصر لدى رئيس الجمهورية وحده، وانّما تخضع أيضا لاستشارة رئيس الحكومة والمجلس التشريعي والمحكمة الدستورية، ومنها يخاطب الرئيس الشعب ويعلمه باستحالة أو امكانية اجراء الانتخابات.