إنتظم أمس بنزل إفريقيا بالعاصمة الملتقى الوطني حول نظام النزاهة في تونس بحضور عديد الضيوف وممثلين عن مكوّنات من المجتمع المدني. وفي هذا الإطار قال «إبراهيم الميساوي» رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد انّ الجمعية عملت على مقاومة ظاهرة الفساد التي استفحلت بعد الثورة،وأكدّ انّ ما تمّ تسجيله هو عدم إنخراط التونسي في مكافحة الفساد،وقال «إكتشفنا أيضا وجود عوائق إجتماعية وثقافية إذ انّ هناك إرثا ثقافيا في تونس يمنع المواطن من التبليغ عن الفساد». وأضاف انه تم الإصطدام بعوائق قانونية نتيجة غياب قوانين تحمي المبلغين. وأسرّ الميساوي ل «التونسية» انّ دائرة المحاسبات كشفت عن تهريب نحو 650 مليون دولار الى تونس دخلت في شاحنة ضمن عملية منظمة مضيفا أنه لايعرف أين تبخر هذا المبلغ الضخم ولا في ما أنفق؟. وأكدّ ان الأموال المهربة التي دخلت عبر الحدود التونسية ضخمة جدا . وقال انّ القانون التونسي لا يمنع إدخال المال ولكن شريطة التصريح بهذه الأموال وقال انه للأسف لا يقع تتبع وجهات هذه الأموال . وأكدّ الميساوي ان أغلب الظن هو إستثمارها في عمليات مشبوهة، وقال لو تم إستثمارها في الإقتصاد لانتعش ولكن الأرجح هو إستغلالها في عمليات ممنوعة. وقال ان الجمعية إشتغلت على نظام النزاهة في تونس وهو مشروع مموّل من منظمة الشفافية العالمية ،وقال انّ الثورة كشفت عن العديد من العيوب والفساد في مؤسسات الدولة، مضيفا «كنّا ننتظر بعد الثورة تحركا في مكافحة ظاهرة الفساد إلاّ ان ترتيب تونس تراجع بعد الثورة إلى المرتبة 71 ثم في 2012 إلى 79 وأصبحنا نصنف في نفس ترتيب الدول التي ليس لها تقاليد في مقاومة الفساد» . وأضاف الميساوي انه لا بدّ من وضع حدّ لهذا النزيف ووضع حدّ لظاهرة الفساد من خلال إرساء نظام النزاهة وهو مجموعة إجراءات قانونية ،وأكدّ ان هناك قوانين بالية لا بدّ من قبرها. وكشف «الميساوي» انه من المنتظر بعث مشروع قانون للتصدّي لظاهرة المال السياسي وإيجاد قوانين لمراقبة الحملات الإنتخابية. من جانبه قال «سمير العنابي» رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد انّ «النزاهة»مسألة فكرية وثقافية تضمّ قيما فقدناها وأكدّ ان الأمر وصل الى حدّ خطير بعدما بات التلميذ منذ التعليم الإبتدائي يفكر في الغشّ، وانّ الإمتحانات فقدت نزاهتها وكذلك الشأن للمناظرات والتي لأسباب سياسية وأمنية يقع إلغاء عديد المترّشحين منها ،وأكدّ ان تكريس النزاهة لا يكون بين عشية وضحاها بل وإنّ بناءها صعب ويحتاج الى الكثير من الوقت، وأضاف انّ المساءلة ضرورية وتهم كل الاشخاص في المناصب الحساسة حيث يجب مساءلتهم على نتيجة أعمالهم. وكشف العنابي ان «سنغافورة» و «هونغ كونغ» كانتا لديهما ثقافة مترسخة في الفساد ولكن في ظرف 40 سنة تمّ القضاء عليها وقال ان هذا المثل يعطينا الأمل في مكافحة ظاهرة الفساد . وأضاف انه من الممكن ان نبدأ ومن اليوم في مكافحة الفساد ونعطي المثل للأجيال القادمة . وأكدّ انه تم وبضغط من الهيئة دفع وزير المالية إلى أخذ قرار ينص على تجميد أرصدة بعض الجمعيات للتدقيق في تمويلاتها . أما «كريم بن كحلة» مدير المعهد العالي للمحاسبة وإدارة الأعمال فقد قال إن المعهد قام بدراسة حول نظام النزاهة، مضيفا انّ هناك عدة عوائق امام تطوير نظام النزاهة في تونس واهمها ضعف الموارد وضعف الإرادة السياسية الى جانب الوضعية الإنتقالية التي تعيشها البلاد. بسمة الواعر بركات