يبدو أن العلاقة بين الصندوق الوطني للتأمين على المرض ومسديي الخدمات الطبية ستشهد العديد من التطورات خلال المرحلة القادمة ، وذلك بعد تلويح عدد من الأخيرين بفسخ العلاقة التعاقدية مع «الكنام» بانتهاء آجال الاتفاقيات القطاعية التي أمضوها مع الصندوق. فقد أعلنت نقابة الصيادلة مؤخرا عن اتجاهها نحو إلغاء إتفاقية طبيب العائلة مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض في 8 جوان 2014 بانتهاء العلاقة التعاقدية بين النقابة والصندوق الوطني للتأمين على المرض لوجود العديد من المشاكل على أن يحسم مؤتمر الهيئة المقرر عقده في 12 ماي المقبل في هذا القرار فيما طالبت نقابة أطباء القطاع الخاص بالتسريع في حل عدد من الإشكالات التي يتعرض لها الأطباء والمتمثلة أساسا في التكفل بالحالات الاستعجالية في المستشفيات بصيغة الطرف الدافع وخارج السقف وتوسيع قائمة التكفّل بالقطاع الخاص في الاختصاصات الجراحية وتعقيدات الولادة وطب الولدان والأمراض المزمنة إلى جانب المطالبة بالترفيع في سقف التكفل بالأمراض العادية ، والاسراع بمراجعة الإتفاقية القطاعية التي حل أجلها منذ أشهر وكذلك مراجعة الأتعاب التعاقدية طبقا لما ينص عليه القانون . وقد علمت «التونسية» في هذا الصدد أن شقا من الأطباء صلب نقابة أطباء الممارسة الحرة يدفع نحو مقاضاة «الكنام» لدى المحكمة الإدارية لعدم التزامها بمراجعة الاتفاقية القطاعية في آجالها فيما خير شق آخر المزيد من التريث والدخول في سلسلة من المفاوضات مع الصندوق لإيجاد حل يرضي جميع الأطراف . الطرف الدافع مربط الفرس لكن يبدو أن تحركات مسديي الخدمات الطبية لدفع الصندوق الوطني للتأمين على المرض إلى مراجعة الاتفاقيات القطاعية ( وهو مطلب مشروع يكفله القانون) تُخفي مطالب أخرى أهمها إلغاء منظومة الطرف الدافع أو ما يعرف بطبيب العائلة حيث عبّر الصيادلة في قرارهم الأخير عن نية إلغاء العمل بصيغة طبيب العائلة لوجود العديد من الإشكالات بخصوص هذه الصيغة. كما عبر العديد من الأطباء عن رفضهم لهذه الصيغة أيضا لطول آجال استخلاص المصاريف من قبل ال«كنام» وهو ما يشير إلى إمكانية إلغاء هذه المنظومة والاكتفاء بمنظومتي استرجاع المصاريف والمنظومة العمومية، وحرمان قرابة 400 ألف منخرط من الانتفاع بخدمات القطاع الخاص . وأكدت مصادر الصندوق الوطني للتأمين على المرض ل«التونسية» أن إدارة «الكنام» التي دخلت في مفاوضات مع الصيادلة لإقناعهم بالتراجع عن موقفهم لم تتوصل إلى حد الآن إلى حل غير أن باب الحوار يبقى مفتوحا. كما أشارت المصادر نفسها إلى أن الصيادلة يستخلصون 50 بالمائة من الفواتير المتعلقة بمنظومة طبيب العائلة في آجال لا تتجاوز الخمسة عشر يوما و80 بالمائة من الفواتير في أجل لا يتعدى الشهر في حين يضطر الصندوق إلى تأجيل بعض الفواتير التي تحتاج إلى مراجعة وتثبت أو التي تكون منقوصة من بعض الوثائق والمؤيدات . في السياق ذاته قالت مصادر الصندوق أن الصيادلة استخلصوا سنة 2012 فواتير لمنتفعين بمنظومة طبيب العائلة بما قيمته 320 مليارا ، مشيرة إلى أنّ ذلك يؤكد جدية الصندوق في إنجاح العلاقات التعاقدية مع كل مسديي الخدمات الطبية رغم صعوبة الظرف المالي الذي تمر به كل الصناديق الإجتماعية . كما اعتبرت مصادر الصندوق أن تحسين الخدمات المسداة حاليا لا يعود إلى ال«كنام» وحدها وإنما يجب أن يكون محل حوار وطني صلب المجلس الأعلى للتأمين معتبرة أن الأطباء وبقية مسديي الخدمات الطبية كانوا ومازالوا شركاء الصندوق وأنّهم مدعوون للمحافظة على هذا المكسب الإجتماعي والدفاع عنه بكل الوسائل المتاحة حتى لا يسير نحو الإفلاس. وعلمت «التونسية» أن وزارة الشؤون الاجتماعية ستتخذ جملة من الاجراءات العاجلة بشأن الصناديق الإجتماعية لانعاش وضعيتها المادية المتردية وأنه من المنتظر على ضوء القرارات أن يقرر الصندوق الوطني للتأمين على المرض الخطوات التفاوضية القادمة مع مقدمي الخدمات الطبية وذلك من حيث مراجعة التعريفات التعاقدية والاتفاقيات القطاعية التي لم تقع مراجعتها منذ سنة 2010 .