لما فتحنا منذ شهر تقريبا عبر جريدة « التونسية» ملف نسبة ال25 ٪ المحتسبة في معدلات امتحان الباكالوريا ... وأشرنا إلى أنها « تلفظ أنفاسها الأخيرة» وأنها أيضا « تنشد الرّحيل» تفاعل معنا القرّاء من تلاميذ وطلبة وأولياء ورجال تربية لأننا برّرنا لهم « غلطة العمر» في منظومتنا التربوية التي حوّلت وضعية التعليم لدينا إلى كارثة إذ قدّم لنا طلبة مستواهم المعرفي من الوزن الخفيف ... لأن شهادة الباكالوريا نزل حجمها إلى الحضيض وأصبحت بمثابة الكتب القديمة التي تباع على أرصفة نهج « الدبّاغين» بالعاصمة.... ومن هؤلاء الطلبة تخرّجت مجموعة من أساتذة التعليم العالي و« الكوادر» العليا في عديد الاختصاصات من مرّوا من نظام «إمد» وهم اليوم في مناصب راقية تدفعنا إلى الحيرة والريبة والشك والاستغراب رغم يقيننا بأن الإدارة التونسية مازالت متماسكة ومتميّزة بفضل إطاراتها ومسيّريها ومسؤوليها من الأجيال القديمة لما كانت شهادة الباكالوريا من عيار الياقوت والذهب الخالص. وجاء التأكيد اخيرا من وزير التعليم العالي والبحث العلمي خلال ندوة تربوية وعلمية لما أقرّ بأن مستوى طلبتنا هزيل بسبب المستوى الضعيف والتكوين الهشّ لتلاميذ الباكالوريا بما انعكس سلبا على الدراسة الجامعية داعيا إلى ضرورة اعادة النظر في شهادة الباكالوريا في اتجاه الترفيع في المستوى العلمي للتلاميذ وإيصال طلبة متسلحين بزاد علمي ومعرفي يخوّل لهم التألق والتفوق في الدراسة الجامعية منتقدا بشدّة نظام الامتحانات المعتمد حاليا من خلال ادراج نسبة 25 ٪ واقرار حذفها ضروري . والشهادة التي أدلى بها الدكتور «توفيق الجلاصي» تغني عن كل تعليق لأنها جاءت من مسؤول في أعلى هرم السلطة يعي ما يفعل ويقول وهو أحد طلبتنا المتميزين من مرّوا من كلياتنا في عصرها الذهبي ليتبوّأ مكانته ضمن الطلبة الأوائل قبل أن تستقطبه إحدى أشهر الكليات الأمريكية في مجال « صناعة الذكاء» ويتخرّج بامتياز وبأعلى الشهائد العلمية ثم ينضم مباشرة إلى إطار التسيير في أضخم الشركات الأمريكية بصيتها العالمي في اختصاصه. وقد فتحنا هذا القوس الذي تعلق بجانب من السيرة الذاتية للأستاذ « توفيق الجلاصي» كعنصر شاهد على مستوى طلبتنا من الجيل القديم من كانت تتزاحم لاستقطابهم أكبر الجامعات العالمية وتتنافس لانتدابهم أعظم الشركات العلمية والتكنولوجية ومخابر البحث والتربية ... إلى جانب رغبتنا في دعم شهادة رجل لاحظ جليا أن الأمر يتطلب تدخلا عاجلا قصد الاصلاح والتغيير والتشذيب لأن الوقت لم يعد يسمح بمزيد الصمت والسكوت أمام وضعية ضربت تعليمنا في الصّميم وأحالت كلياتنا خارج شتى التصنيفات العالمية والترتيب الأكاديمي ولم نقدر حتى الدخول إلى بوّابة المراتب الأخيرة وهو أمر «يوجع القلب» ويجعلنا نطلق صيحة فزع ونتفاعل بالإيجاب مع قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي وندعوه إلى تطبيقه قريبا بعد أن صارت كليتنا محضنة لتفريخ البالونات لقاء باكالوريا فرغت شكلا ومضمونا... والغرابة فيها أن عديد الناجحين في نيل شهادة الباكالويا معدّلاتهم دون 9 من 20 ... وهم منتشرون في شتى كلياتنا من الشمال إلى الجنوب لايدركون مستواهم طالما « العجوزة هازها الواد.. وتقول العام عام صابة...».