اعادت حادثة اغتيال أربعة من حراس منزل وزير الداخلية بالقصرين ليلة الاربعاء الفارط الى الاذهان سلسلة العمليات الارهابية التي عرفتها بلادنا منذ الثورة ومنها احداث منطقة الروحية التي راح ضحيتها المقدم الطاهر العياري والرقيب الاول وليد الحاجي وحادثة اغتيال انيس الجلاصي الضابط بالحرس الوطني وحادثتي اغتيال المنسق العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد وعضو المجلس الوطني التاسيسي محمد البراهمي وحادثة استشهاد ثمانية عسكريين ذبحا في جبل الشعانبي وتبادل اطلاق النار في منطقة الوردية وحادثة قبلاط التي راح ضحيتها رئيس مركز الحرس بقبلاط وعون امن والهجوم المسلح بولاية جندوبة الذي اسفر عن مقتل ثلاثة امنيين ومواطن وجرح اربعة اشخاص . كل تلك الاحداث اضافة الى تدفق كميات هامة من السلاح من ليبيا الى جانب ما بات يعرف بتحالف التهريب والإرهاب تدل على ان بلادنا تشهد نوعا من الاختراق الامني تتجاوز اهدافه مجرد بث الفوضى بالبلاد واشاعة الرعب بين صفوف المواطنين الى السعي الدؤوب لتعطيل المسار الانتقالي واحكام القبضة على مآلات الامور الانتقالية. وبينما يسعى الجميع في البلاد بما في ذلك أحزاب سياسية ومنظمات مدنية وحقوقية ومؤسسات امنية وعسكرية الى تكريس الانتقال الديمقراطي في البلاد وانجاح المسار التوافقي تُصر فلول الارهاب أو ما بات يسميه بعض الملاحظين ب «حزب الشعانبي» على محاولة افساد هذا التمشي ومحاولة اجهاض تنظيم انتخابات ستمهد لقيام نظام دائم يعوض المؤقت منذ الثورة .فهل يجوز الحديث عن ارتباط منظومة الارهاب باجندات سياسية داخلية وتورط بعض الأحزاب بطريقة أو بأخرى في محاولة زعزعة امن واستقرار البلاد من اجل تعطيل المسار الانتقالي وافشاله ؟ سؤال طرحته «التونسية» على بعض الوجوه السياسية فكانت الاجابات التالية . الطيب البكوش (نداء تونس) : المشاريع الارهابية لن تنجح اكد الطيب البكوش أمين عام «نداء تونس» ان المنظمات الارهابية منظمات معادية للديمقراطية ومعادية لقيام دولة مشيرا الى سعيها الى تدمير الدولة ومؤسساتها .وقال البكوش : هذا لا يعني ان المشاريع الارهابية ستنجح واضاف : يمكن ان تعطل المسار لكن لا يمكن لها ان تنجح على المدى المتوسط أو البعيد . كما أشار الى ان الارهاب اضر كثيرا بالبلاد وتسبب في سقوط عديد الارواح مؤكدا على انه لن ينجح في اي مكان وخاصة في تونس حيث للدولة تقاليد قديمة ترجع الى الاف السنين وحيث يوجد مجتمع مدني متماسك . من جهة اخرى اكد البكوش على ان ما نحتاجه اساسا هو عدم ترك اية ثغرة على مستوى الادارة وفي المجتمع لعدم تسهيل عمل الارهابيين اضافة الى ضرورة وجود ارادة سياسية واضحة لمحاربته . رضا لاغة (حركة الشعب ): الارهاب حقيقة يمكن ان تستغل لاجهاض الديمقراطية من جهته اكد رضا لاغة عضو المكتب السياسي ل «حركة الشعب» انه لا يمكن المجازفة واتهام اي طرف سياسي وتحميله المسؤولية وذلك لغياب قرائن الادانة . واشار لاغة الى ان المسار الانتقالي تضمن جملة من الاتفاقات منها التاكيد على اجراء الانتخابات في نهاية 2014 وأن ذلك ما تم التنصيص عليه في الدستور مبينا ان هناك من دعا الى ارجاء الانتخابات وان هناك من تمسك باجرائها في ذلك التاريخ . من جهة اخرى قال رضا لاغة ان «المزاج الانتخابي» عند بعض الاطراف السياسية لا يسمح لها بخوض المعترك ويمكن ان تستغل اطراف اخرى هذا المعطى وتتدخل لزعزعة السلم المدني وتخويف الناس من الوضع في البلاد بحيث تصبح مسالة الانتخابات مسالة ثانوية أمام معادلة حيوية هي الأمن مؤكدا على ان أطرافا أخرى يمكن أن تكون داخلية او خارجية قد تسعى للتدخل من اجل الحيلولة دون انجاز الانتخابات في وقتها وبالتالي تعطيل المسار الانتقالي . واكد لاغة على ان الارهاب حقيقة موضوعية لكنها غير معلومة عند عامة الناس يمكن ان يستغلها اي طرف ويمارسها بغية ابطال الانتقال الديمقراطي في البلاد . محمود البارودي (التحالف الديمقراطي): نظرية المؤامرة مستبعدة استبعد محمود البارودي عضو المجلس الوطني التأسيسي عن حزب «التحالف الديمقراطي» امكانية ارتباط بعض الاطراف السياسية باحداث الارهاب التي عرفتها بلادنا في الاونة الاخيرة من اجل ابطال المسار الانتقالي مشيرا الى انها عمليات تصعيدية مرتقبة من طرف بعض الجماعات التي تتحرك هنا وهناك بصفة سريعة بين تونس وليبيا وتركيا .واكد البارودي على انه لا يؤمن بنظرية المؤامرة مشيرا الى أن الأهم حسب رأيه هو كيفية التصدي لهذه الظاهرة مركزا على ضرورة تكاثف الجهود بغاية عدم الوصول الى منعرج خطير . من جهة اخرى اشار البارودي الى ان الجماعات الارهابية الموجودة بجبل الشعانبي جماعات يديرها تنظيم القاعدة بالمغرب الاسلامي والجماعات المسلحة في الجزائر . المولدي الرياحي (حزب التكتل): مطلوب تحقيق يحدد المسؤوليات اكد المولدي الرياحي رئيس كتلة التكتل بالمجلس التاسيسي (في اشارة الى قتل اربعة من حراس منزل وزير الداخلية) الى ان ما حدث مريع ويستدعي بلا شك تحقيقا جديا لمعرفة ملابسات الهجوم الارهابي وتحديد كل المسؤوليات على ضوء هذا التحقيق . واشار الرياحي الى ان هناك انتظارات على المستوى الوطني وان هناك غضبا مشروعا بين التونسيين والاحزاب السياسية وأهالي القصرين بصفة خاصة لان ما حدث كان غير منتظر على مستوى رد الفعل ازاء هذا الهجوم الارهابي على حد قوله .وقال الرياحي : لا احد كان يعتقد ان حراسة المنزل الذي تقيم فيه عائلة وزير الداخلية كانت موكولة لامنيين شبان تنقصهم التجربة على ما يبدو وان كانت لا تنقصهم الشجاعة لانهم رحمهم الله جميعا صمدوا بالامكانيات المتاحة لهم قبل ان يستشهدوا ويلتحقوا بقائمة الشهداء الذين فدوا الوطن بارواحهم . واكد المولدي الرياحي ان حزب «التكتل» يدعو الى ان يتم هذا التحقيق في افضل الظروف وان يعرف التونسيون والتونسيات نتائجه وألا يكون مثل التحقيقات السابقة التي لم يعرف مآلها. مشيرا الى ان من شأن التحقيق المذكور ان يحدد ان كانت هناك مسؤوليات سياسية وراء العمليات الارهابية وان بإمكانه الكشف عن حقيقة العلاقة بين الارهابيين المعتصمين بجبل الشعانبي وبين الخيوط التي يستعملونها في مدينة القصرين واحيائها. من جهة اخرى أشار الرياحي الى انه كسياسي ليس من دوره أن يحدد ان كانت هناك اطراف تقف وراء ما حدث ام لا مؤكدا على ان الامر لا يمكن الا ان يصدر عن التحقيق الذي يطالبون به لان نتيجة التحقيق حسب رأيه مرتبطة بالاسترتيجية التي ينبغي ان توضع للتمكن من الرد على الخطة الارهابية لاستباق ما يمكن ان يقع ولوضع المنظومة الاستخباراتية الضرورية التي بدونها لا يمكن وضع حد للارهاب على حد تعبيره. وقال الرياحي «قد يكون من بين الاسباب التي يمكن ان ننكب عليها هي ان تعبير بعض الاجهزة في الامن عن انتصارها على الارهاب كان سابقا لاوانه مما ادى الى شيء من الاسترخاء ومن تراجع منسوب اليقضة سواء لدى الاجهزة الامنية والعسكرية او لدى المواطنين عامة». واضاف : نحن نريد ان نحقق انتصارا حقيقيا ونهائيا على ظاهرة الارهاب وأردف : «قد يستدعي منا ذلك مزيدا من الوقت لكن كلما كانت خطتنا ناجعة كان الوقت اقصر» . المولدي الفاهم (الجمهوري): كل الاحتمالات ممكنة اكد المولدي الفاهم القيادي ب «الحزب الجمهوري» ان كل الاحتمالات ممكنة خاصة امام ما يحدث في ليبيا من فوضى عارمة مشيرا الى ان الارضية ملائمة لتفشي ظاهرة الارهاب داعيا الى مزيد توحيد الصفوف بغية مواجهة الخطر. وقال المولدي الفاهم انه على الجهات الامنية توضيح ما يجري وتحديد المسؤولين على حدوثه مؤكدا انه على الجهات السياسية ان تتفق الان في الحوار الوطني على انهاء هذه الفترة الانتقالية ومواعيد الانتخابات لان تونس حسب رايه ليست في حاجة الى مزيد من الصراعات والتجاذبات وتازم الوضع السياسي الذي يسهل العمليات الارهابية ويوفر لها المناخ الملائم .