في جبل الجلود تعيش مفيدة القادري ظروفا إجتماعية قاهرة. فقد تحالف المرض مع الفقر لينحتا مأساتها المريرة في ظل ظروف إجتماعية قاسية دفعت الأسرة إلى التشتت لتعيش إحدى البنات في بيت عمها مكرهة لأن ظروف الأسرة لا تسمح بإعالتها ولا بتحمّل نفقات كلّ الأفراد البالغ عددهم 7 رغم إنقطاع جل الأبناء مبكرا عن الدراسة. في بيت متواضع على وجه الكراء يفتقر الى أبسط التجهيزات المنزلية الضرورية تكابد العائلة من اجل الصمود وتحصيل لقمة العيش. استجمعت مفيدة البالغة من العمر 52 سنة مترددة من أين تبدأ سرد الحكاية فهل تروي أوّلا معاناتها مع المرض الذي أصابها وأصاب طفلها ام تروي صراعها مع الفقر المدقع الذي حوّل حياتها وحياة الأسرة إلى جحيم؟ تقول انها مباشرة بعد ولادة ابنها منذ حوالي 13 سنة اكتشفت إصابتها بمرض «بوصفير» في الدّم، وأكّدت انها لم تكن تعرف في السابق بأنها مريضة رغم ان المرض كان يرافقها في صمت منذ أكثر من 20 سنة، وأضافت انّ ابنها البالغ من العمر 13 سنة يعاني بدوره من «بوصفير» وان الأطباء اكتشفوا انتشاره في الكبد مشيرة الى أن اصابته به ربما تعود الى «الصدمة» التي حصلت له اثر تعرّضه إلى حادث سير. واعتبرت مفيدة ان تكاليف التحاليل باهظة جدا في تونس وانها تصل أحيانا رغم امتلاكها دفتر علاج مجاني الى 150 دينارا، مؤكدة ان التحاليل ضرورية لمزيد تشخيص حالتها وحالة ابنها ومعرفة مدى انتشار المرض. وقالت مخاطبتنا انه لا تجد أين تحفظ دواءها ودواء ابنها فتضطرّ أحيانا الى تركه في ثلاجة الجيران وأحيانا تتدبرّ أمرها بوضعه في حافظة صغيرة لكي لا يفسد مؤكدة انها عاجزة تماما عن تسديد معاليم الكهرباء والماء . وأضافت ان جراية تقاعد زوجها الذي كان يعمل في مجال الحدادة ضعيفة ولا تتعدى 85 دينارا، وقالت انّ هذه الجراية تشكل مصدر عيش الأسرة ومصاريف الدواء مؤكدة ان معاليم الكراء تبلغ لوحدها 140 دينارا ملاحظة انه بالكاد يتم تدبرّ هذا المبلغ شهريا. وان زوجها يضطرّ للعمل في مجالات مختلفة ليتدبرّ بعض المصاريف اليومية . وأكدت مفيدة ان لديها بنتين متزوجتين وانها اضطرت لإيداع الثالثة عند عمها لأن الأسرة عاجزة عن إعالتها . وقالت محدثتنا إنّ أغلب الجمعيات التي تتبجح بمساعدة الفقراء وحتى معتمد الجهة تخلّوا عنها في محنتها ويرفضون مساعدتها وان احد المسؤولين قال لها حرفيا «لديك بطاقة علاج مجانية» متسائلة هل ان هذه البطاقة تفي بالحاجة ؟ هل يمكن ان تعيش الأسرة ببطاقة مجانية ؟ وحول أهم مطالبها ذكرت أنها في حاجة إلى أبسط الضرورات من دواء وعلاج وان بيتها يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة وأن ما قد يجود به أهل الخير والاحسان يعد أوكسيجينا لها ولعائلتها. فهل من تدّخل لإنقاذ هذه الأم وطفلها؟ وهل من لفتة من ذوي البرّ والاحسان لمساعدة هذه العائلة على مواجهة ظلم الزمان؟