ذهاب نهائي كاس رابطة ابطال افريقيا – الترجي الرياضي يكتفي بالتعادل السلبي في رادس وحسم اللقب يتاجل الى لقاء الاياب في القاهرة    بوكثير يؤكد ضرورة سن قوانين تهدف الى استغلال التراث الثقافي وتنظيم المتاحف    صفاقس انقاذ 52 مجتازا وانتشال 5 جثث    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    منوبة: الاحتفاظ بصاحب كشك ومزوّده من أجل بيع حلوى تسبّبت في تسمم 11 تلميذا    عاجل/ ضبط 6 عناصر تكفيرية مفتّش عنهم في 4 ولايات    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    مديرو بنوك تونسية يعربون عن استعدادهم للمساهمة في تمويل المبادرات التعليمية في تونس    اتحاد الفلاحين: ''أسعار أضاحي العيد تُعتبر معقولة''    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    الإنتخابات الرئاسية: إلزامية البطاقة عدد 3 للترشح..هيئة الإنتخابات تحسم الجدل    عاجل/ مصر: رفع أبو تريكة من قوائم الإرهاب    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    الوطن القبلي.. صابة الحبوب تقدر ب 685 ألف قنطار    افتتاح معرض «تونس الأعماق» للفنان عزالدين البراري...لوحات عن المشاهد والأحياء التونسية والعادات والمناسبات    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    بقلم مرشد السماوي: كفى إهدارا للمال العام بالعملة الصعبة على مغنيين عرب صنعهم إعلامنا ومهرجاناتنا!    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    عاجل/ القصرين: توقف الدروس بهذا المعهد بعد طعن موظّف بسكّين امام المؤسسة    محيط قرقنة مستقبل المرسى (0 2) قرقنة تغادر و«القناوية» باقتدار    فقدان 23 تونسيا شاركو في عملية ''حرقة ''    كرة اليد: الاصابة تحرم النادي الإفريقي من خدمات ركائز الفريق في مواجهة مكارم المهدية    ليبيا: اشتباكات مسلّحة في الزاوية ونداءات لإخلاء السكان    القيمة التسويقية للترجي و الأهلي قبل موقعة رادس    المنستير: إحداث أوّل شركة أهليّة محليّة لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    وزارة الصناعة : ضرورة النهوض بالتكنولوجيات المبتكرة لتنويع المزيج الطاقي    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    داء الكلب في تونس بالأرقام    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    كمال الفقي يستقبل رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    حفل تكريم على شرف الملعب الإفريقي لمنزل بورقيبة بعد صعوده رسميا إلى الرّابطة الثانية    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عليّة العلاّني (باحث مختصّ في الجماعات الإسلامية) ل «التونسية»:مطلوب تحقيق حول شبكة إدخال السّلاح إلى تونس
نشر في التونسية يوم 19 - 02 - 2014


توحيد الحرب على الإرهاب ضرورة عالمية
ملحّة
الإرهاب دخل مرحلة العدّ التنازلي
قال «علية العلاني» باحث مختص في الجماعات الإسلامية في حوار مع «التونسية» إن الحرب على الإرهاب تستوجب استنفارا مجتمعيا من أجل دراسة هذه الظاهرة في إطار مؤتمر وطني لمقاومة الإرهاب تشارك فيه كل الفعاليات وينبثق عنه ميثاق يشدد على حرمة دم المواطن مهما كانت الاختلافات»، ودعا إلى ان يضبط هذا المؤتمر جملة من المفاهيم والتصورات والمبادئ حول مسألة الجهاد والتكفير وطبيعة علاقة الدين بالدولة وغيرها من المسائل في اتجاه لا يهدد وحدة الوطن ومبدأ المواطنة الذي تقوم عليه الدولة».
كما أكدّ ان الإرهاب في تونس دخل مرحلة العدّ التنازلي،وقدّم مجموعة من المقترحات للجهاز الأمني لضمان سرعة تداول المعلومة وسرعة التدخل الميداني .
بقية تفاصيل الحوار في السطور التالية:
بعد عملية جندوبة فجر الأحد الماضي وما خلّفته من شهداء في صفوف الأمن والمواطنين ،هل يمكن القول ان المنظومة الأمنية تحتاج إلى مراجعة عميقة؟
في البداية نترّحم على أرواح الشهداء من أمنيين وعسكريين ومواطنين أبرياء طالتهم يد الإرهاب ، وأود أن أؤكد ان هذه المرحلة المتقدمة من الإرهاب هي نتاج مراحل سابقة من «الفلتان» الأمني تتحمل مسؤوليتها السياسية والأخلاقية الحكومات السابقة .
لقد تضرّرت «الاستراتيجية» الأمنية بعد الثورة بسبب تهميش منظومة الاستخبارات وبسبب الاختراقات في جهاز وزارة الداخلية التي تحدثت عنها العديد من الصحف وبلاغات النقابات الأمنية.
نحن اليوم نحصد تبعات هذه الاختراقات، وأعتقد أن من المهام المستعجلة لحكومة «مهدي جمعة» قبل الملف الاقتصادي هو الإسراع أولا بإعادة النظر في مئات التسميات بوزارة الداخلية، وثانيا توفير مستلزمات العمل من تجهيزات وسيارات لرجال الأمن الميدانيين بالخصوص، وثالثا توحيد الأجهزة الأمنية لضمان سرعة تداول المعلومة وسرعة التدخل الميداني وقد شهدنا في الأشهر السابقة مع الأسف كيف كان الإرهابيون يتنقلون بنوع من المرونة.
إن الحاجة إلى وضع استراتيجية للأمن القومي في بعده الشامل ضرورة سياسية ومجتمعية.
وفي إطار هذه الإستراتيجية لا بدّ أن نبحث في كيفية دخول الأسلحة إلى بلادنا بهذا الكمّ الهائل والنوعية الكبيرة وتنقّلها بسهولة من الجنوب إلى الشمال، إذ أن معرفة شبكة المساعدين على نقل الأسلحة تجعلنا نحتاط مستقبلا من عدم تكرار مثل هذه العمليات.
ولا أقصد عقد محاكمات للمتورّطين بقدر ما أبحث عن تفكيك هذه الشبكة التي لا أتصوّر أنها بعيدة عن بعض التيارات السياسية والفكرية.
إن أسلوب التصدي لقوات الأمن والجيش تجاه العمليات الإرهابية في الأسابيع الأخيرة تميّز بحرفية أكبر رغم نقص التجهيزات وهذا مرتبط بخروج «الترويكا» من الحكم مما سمح للأمنيين بالعمل بأقل ما يمكن من التجاذبات الحزبية وهو ما يفرض علينا مستقبلا أن نحافظ على استقلالية وزارات السيادة لمدة لا تقل عن العشر سنوات مهما يكن لون الحكومات المتعاقبة.
لكن الملفت للإنتباه هو غياب وزارة الشؤون الدينية في التدخل إعلاميا بشكل مكثف لإدانة رموز الإرهاب في العمليات الأخيرة ولتقديم خطاب ديني مضاد لهذه المجموعات المتشددة.
وبقدر ما تحتاج وزارة الداخلية إلى إعادة النظر في التعيينات فإن وزارة الشؤون الدينية تحتاج إلى مراجعات أكثر بكثير من حيث العدد والنوعية.
الاحتفال الرسمي والشعبي بالدستور،هل من شأنه أن يبعث رسائل إيجابية ويؤدّي إلى تحسّن الأوضاع الاقتصادية والأمنية مستقبلا في تونس؟
لا شكّ أن الموكب الرسمي الذي دُعي له رؤساء الدول والحكومات والبرلمانات في العالم للاحتفال بإصدار الدستور التونسي الجديد يُمثلّ حدثا بارزا سيكون له انعكاسه على الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني.
لقد بدأت النتائج الأولية في الظهور عبر الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية الهامة التي عقدتها تونس مع الجزائر في 09 و10 فيفري 2014 والتي ستؤسس لشراكة طويلة المدى ستنتفع بها البلدان.
كما قررت فرنسا منح تونس مساعدات تصل إلى نصف مليار «أورو»، وأقرّت بتحويل جزء من ديونها إلى استثمارات وكانت ألمانيا قد سبقتها إلى ذلك منذ الأشهر الأولى للثورة، بالإضافة إلى تعبير الدول الأوروبية عن رغبتها في تطوير علاقاتها الاقتصادية مع تونس مثل ألمانيا وايطاليا واسبانيا.
أما الولايات المتحدة فقد عبرّت عن دعمها لتونس واستعدادها لتطوير قدراتها الأمنية والعسكرية لمواجهة الإرهاب ودعم اقتصادها من خلال دعم ضمانات القروض وفُرص الاستثمار، كما أعلنت مؤخرا العديد من البلدان الآسيوية مثل الصين واليابان وروسيا عن رغبتها في رفع سقف مبادلاتها التجارية مع تونس، ونحن نعرف الإضافة النوعية التي يمكن أن تقدّمها الصين واليابان وروسيا في مجال التكنولوجيا وتطوير البنية التحتية لتونس.
كما انّ قرار الإمارات العربية المتحدة بعودة سفيرها إلى تونس مؤشر إيجابي على طي صفحة العلاقات السيئة التي عرفتها بلادنا مع هذا البلد الشقيق نتيجة أخطاء فادحة للحكومة السابقة في التعامل مع الأعراف الدبلوماسية.
ونأمل كثيرا في عودة «الحرارة» مع مصر وكل دول الخليج لا لأسباب اقتصادية فحسب بل لأن لتونس ماضيا عريقا مع هذه البلدان في مسار النضال التحريري منذ الفترة الاستعمارية ومواقف مشتركة حاليا من مختلف القضايا العربية والدولية.
وأتمنى أن يفهم الإخوة الخليجيون انه من الصعب ان تعود تونس مستقبلا إلى حكم تيار الإسلام السياسي بالشكل الذي رأيناه في الفترة الأخيرة، وأن إقبالهم على الاستثمار في تونس سيكون مربحا في كل الأحوال وهو ما بادرت به الجزائر الشقيقة في الأيام الأخيرة من خلال اجتماع اللجنة العليا المشتركة التونسية الجزائرية ومن خلال لقاء رجال الأعمال في البلدين، وهو ما عبر عنه أيضا السياسيون المغاربة أثناء زيارة رئيس الحكومة مهدي جمعة منذ أيام إلى الرباط.
هل يمكن القول انّ تونس حاليا على الطريق الصحيح؟
إن إدراك التونسيين لمجمل الأخطار التي قد تحدق بهم جعلهم يجلسون على طاولة الحوار ويقبلون بتحكيم الرباعي الراعي لهذا الحوار وهو اتحاد الشغل واتحاد الأعراف وجمعية المحامين ورابطة حقوق الإنسان وكانت النتيجة الخروج ب «خلطة» أو وصفة تونسية فريدة من نوعها ظهرت بالخصوص في ثلاث مسائل:
الاتفاق على دستور فيه نقائص محدودة لكن ايجابياته أكثر من سلبياته مما جعله يحوز إعجاب العالم.
وكذلك إنشاء هيئة مستقلة للانتخابات مكلفة بالاشراف على الانتخابات القادمة وتأمين نجاحها الى جانب تشكيل حكومة مستقلة من «التكنوقراط» تهتم أساسا بتحسين الأوضاع الأمنية والاقتصادية وتُعيد النظر في التسميات الادارية.
ورغم الجدل الذي قيل حول عدم استقلالية البعض من أعضاء هذه الحكومة، حكومة المهدي جمعة، فإن المناخ العام داخل الحكومة الجديدة وداخل البلاد سيدفع هؤلاء الذين وقع التشكيك في استقلاليتهم إلى بذل جهد مضاعف لإبراز استقلاليتهم الحقيقية.
وأعتقد أن التونسيين استخلصوا العبرة ممّا حصل في الثلاث سنوات الأخيرة ولن يسمحوا بعودة الفوضى.
وسيتجسم هذا التوافق في الاتفاق حول القانون الانتخابي الجديد الذي لن يتضمن قانونا للعزل السياسي كما طالبت بذلك بعض الأطراف.
كما أن الرباعي الراعي للحوار، والمجتمع المدني عموما قادران على التدخل في الوقت المناسب لمنع بعض الانزلاقات والمزايدات.
أما الاحتفال بالدستور على المستوى الشعبي فقد كان باهتا نوعا ما، ربما لأنه تزامن مع إحياء ذكرى اغتيال «شكري بلعيد» وموجة إيقاف وتصفية عديد الإرهابيين أو لأن التناقضات مازالت حادة نسبيا بين الفرقاء السياسيين.
فحزب «نداء تونس» احتفل بالدستور في ظل التأكيد على التمايز بينه وبين حركة «النهضة» ،كما أن حركة «النهضة» احتفلت بإصدار الدستور على طريقتها يوم 09 فيفري 2014 بإقامة مسيرة وتظاهرة ثقافية بالعاصمة .
لكن رغم هذه الاختلافات في طريقة الاحتفال الشعبي بصدور الدستور التونسي الجديد فإن شيئا هاما قد تحقّق وهو أن التعبير عن الاختلاف أصبح ممكنا .
وما يحدث اليوم من عمليات إرهابية يؤشرّ إلى أنّ الإرهاب دخل مرحلة العد التنازلي بعد سلسلة الاعتقالات التي شملت 1300 متهم بالإرهاب طيلة سنة 2013 ،وبالتالي فإن البنية التحتية الجهادية تضررت كثيرا في الوقت الحاضر.
ومازال الأمل قائما في اقتناع كل الأطراف بما في ذلك حركة «النهضة» وبعض السلفيين والليبراليين واليساريين والقوميين والمستقلين بأن تونس قادرة على احتضان الجميع إذا التزم هؤلاء بقواعد اللعبة الديمقراطية ونبذ العنف والإرهاب وتطبيق الدستور بجميع فصوله.
إذا نجحت حكومة «مهدي جمعة» في رفع التحديات الاقتصادية والأمنية ،كيف يكون موقعها بعد الانتخابات القادمة؟
إن خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها تمنع أعضاء الحكومة الحالية من الترشح للانتخابات القادمة وبالتالي فليس من حقهم الترشح لرئاسة الجمهورية أو عضوية البرلمان ، لكن لا أحد يمنع رئيس الجمهورية القادم أو رئيس الحكومة القادم من الاستعانة بخبرات أعضاء هذه الحكومة سواء كوزراء أو كمستشارين ، كما أننا لا نستبعد أيضا اتفاق المجموعة الفائزة في الانتخابات القادمة بالتراضي على إعادة تعيين السيد «جمعة» كرئيس جديد للحكومة إذا كان أداؤه في الحكومة الحالية ممتازا وبالتالي فان كل الفرضيات ممكنة.
لكن المهم اليوم هو أن يعود التونسيون للعمل ويرتفع نسق التصدير ويتحسن قطاع السياحة وتتحسّن السلم الاجتماعية بالتوافق بين اتحاد الشغل والحكومة، وتتحسّن المؤشرات الأمنية بشكل ملموس وحينها يصبح لكل حادث حديث، وتصبح السيناريوات الأكثر جدية وواقعية وبراغماتية هي التي تفرض نفسها.
ماهو مستقبل التيار السلفي وطنيا وعربيا ودوليا في ظل تراجع تيار الإسلام السياسي حاليا؟
على المستوى الوطني أعتقد أن التيار السلفي المتمثل في أحزاب معترف بها وجمعيات تنشط في المجتمع المدني سيشهد تحولات عميقة ،فهناك جزء سينكفئ على نفسه وربما يعود إلى وظيفته الدعوية ويتخلى عن النشاط السياسي بعد الذي حصل مع «أنصار الشريعة» والتيار الجهادي عموما من اعتقالات وملاحقات أمنية وقضائية لأن تصنيف «أنصار الشريعة» كتيار إرهابي بدأ يتجسد على أرض الواقع من الناحية القانونية والأمنية والسياسية، فالملاحقات ضد هذا التيار على أشُدّها هذه الأيام ،أما تيّار السلفية العلمية الإصلاحية فسيبقى الحليف الأقرب لحركة «النهضة».
كما ان جزءا من السلفية سيأخذ مسافة من الجميع، «نهضة» ومعارضة، ويشرع في العمل على المدى الطويل من خلال التمركز في الفضاء الجمعيّاتي الدعوي والخيري في انتظار مناخ سياسي واجتماعي جديد في المستقبل، أي أن الظاهرة السلفية بتونس ستبقى تيارا فكريا عقائديا قائما حتى في ظل مجتمع ديمقراطي قوي، أما بروز التيار السلفي كتيار سياسي فهذا يرتبط بمدى قدرة هذا التيار على إجراء تغييرات عميقة في بنيته الايديولوجية وهذا يستوجب وقتا طويلا.
أما على المستوى العربي فقد أصبح التيار السلفي منقسما بشكل واضح في مصر وليبيا، فالسلفيون المصريون اختلفوا في مساندتهم أو معارضتهم للحكم الجديد بعد سقوط مرسي.
وبالتالي فإنه من الصعب ان يلعب التيار السلفي دورا عدائيا للحكم القائم باستثناء التيارات الجهادية التي ترتبط عادة ب «القاعدة» أو بالتيارات الدينية الراديكالية عموما، وهذه التيارات ستُواصل عملياتها الإرهابية لفترة من الزمن لكن قدرة الحكومة المصرية، بعد الانتخابات الرئاسية القادمة، على فتح قنوات حوار مع جناح من التيار الاسلامي المعتدل في جماعة الاخوان ربما تقلص من مخاطر العمليات الإرهابية التي تقودها التيارات الجهادية حاليا. أمّا في ليبيا فإن تصنيف تيار «أنصار الشريعة» كتيار إرهابي من طرف الولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر 2013 سيجعل هذا التيار، المصنف كأقوى تيار في السلفية الجهادية بليبيا، في موقع صعب لأن الموقف الأمريكي سيتبعه موقف أوروبي ودولي مماثل من هذا التيار. وبما أن الاستثمار في ليبيا مفتوح عالميا فإن استمرار تيار «أنصار الشريعة» في النشاط يصبح عائقا أمام تطور الاقتصاد الليبي.
كما أن جزءا هاما من الرأي العام الليبي لا يقبل أن تصبح ليبيا مخبرا للنشاطات الجهادية في الداخل والخارج خاصة في ظل دخول النزاع في سوريا طور التفاوض، وبالتالي لا يصبح لمُعسكرات التدريب الليبية التي كانت تُجنّد الجهاديين المتوجهين الى سوريا مبررا للبقاء، أما السلفية العلمية الاصلاحية فما تزال قوية في ليبيا وهي مرتبطة فكريا برموز السلفية العلمية المصرية والخليجية، ويبقى المشكل الحاد في ليبيا هو التعامل مع الميليشيات المسلحة سواء كانت دينية أو غير دينية. فحل هذا المشكل مرتبط بعدة عوامل منها أولا تكوين نواة جيش قوي وهو بصدد التكوين حاليا، وثانيا، إجراء حوار وطني بين كل الأطراف على غرار ما حصل في تونس يؤدّي في مرحلة أولى إلى حكومة مستقلة وفي مرحلة لاحقة إلى حكومة دائمة منبثقة عن انتخابات، وثالثا، وضع ميثاق تعامل جديد بين مختلف التيارات السياسية والدينية بنبذ العنف والإرهاب يُقحم ليبيا في محيطها العربي والإفريقي والمتوسطي.
أما على المستوى الدولي فقد بدأت التيارات السلفية الجهادية تشكل هاجسا مقلقا للدول الأوروبية إذ تتحدث العديد من الدراسات عن وجود ألف جهادي من أصل أوروبي في سوريا وعشرات في دول أخرى مغاربية وشرق أوسطية، وقد تحدثت صحف انقليزية عن وجود 500 جهادي من أصل انقليزي في سوريا يمكن أن يشكلوا خطرا على الأمن القومي البريطاني في حال عودتهم إلى بلادهم، وربما تمهّد هذه الدراسات لقرارات أوروبية موحدة في التعامل مع عودة جهاديين أوروبيين متمرسين على العمليات القتالية وقادرين على القيام بعمليات إرهابية عند عودتهم إلى بلدانهم، كما أن مثل هذه القرارات يمكن أن تُتخذ بشكل موحد في أمريكا وكندا وعدد آخر من دول العالم التي نمت فيها التيارات الجهادية.
وربما يكون التعامل مع الجهاديين الغربيين القادمين من سوريا وغيرها بطرق متدرجة تبدأ بالتحقيق والمراقبة الأمنية اللصيقة لمدة من الزمن لهؤلاء العائدين ثم بالمحاكمة للبعض منهم تنتهي بإمكانية نزع الجنسية لمن ليسوا أصيلي البلاد وترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.
إن توحيد الحرب على الإرهاب ضرورة ملحة لا عربيا فقط بل كونيا، لأن الظاهرة الإرهابية عبرت في السنوات الأخيرة كل القارات سواء الإفريقية أو الأوروبية أو الأمريكية أو الآسيوية.
لكن آن الأوان لكي تفهم الدول الكبرى أن الإرهاب المعولم لا يقاوم بشكل فردي وأن تجفيفُ منابعه شرط ضروري لإزالته.
كما أن تجفيف منابع الإرهاب مرتبط بطبيعة السياسات المتبعة من طرف عديد الدول حول بعض القضايا داخليا وخارجيا.
فبالنسبة للسياسات الخارجية نجد أن عدم الوصول إلى حل عادل للصراع العربي الإسرائيلي وغيرها من القضايا العادلة من شأنه أن يغذّي الإرهاب.
أما بالنسبة للسياسات الداخلية فإن الإرهاب ينتعش مع انتشار أحزمة الفقر ومن سياسة اقتصادية واجتماعية لا توفر الحد الأدنى من الضرورات المادية للأفراد، وبالتالي تصبح مقاومة الإرهاب مرتبطة بمزيد من الديمقراطية ومزيد من التعليم الجيد واستقلالية فعلية للقضاء وخطاب ديني مستنير يحفظ أبناءنا وبناتنا من عملية غسل الأدمغة التي أصبحت تطال لا البسطاء فقط وإنما بعض المُتعلّمين .
حاورته: بسمة الواعر بركات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.