بقلم: جيهان لغماري (النداء أيضا ستكون القائمات باسمه وهو ما يجعل مكونات «الاتحاد من أجل تونس» في حرج ومهما كانت الإجابة، يتأكد تدريجيا أنّ هذا الاتحاد انتهى عمليّا. «التونسية» بتاريخ 10 جوان 2014). انتهت «موقعة» الرئاسية والتشريعية بتغلّب الأخيرة على الأولى. طبعا الاختيار بالتصويت كان حاسما ولكنّ التعرّف على تفاصيله يشي بأنّ أكثر من تحالف يُطبخ على نار هادئة وأكثر من جبهة ستتفتت على نار سريعة الالتهاب والنتائج!. فمرة أخرى، تثبت الوقائع أنّ الاستدلال فقط بالبيانات الجماعية بين الأحزاب لا يستقيم في الساحة السياسية الحالية، إذ أنّ مكوّناتها تبطن مواقفها الحقيقية أما المُعْلَن المكتوب فهو للمناورة لا غير. لاحظوا كيف تداعت أغلبية الاستنتاجات حول البيان المشترك للاتحاد من أجل تونس إلى أنّ مكوناته بما فيها «النداء» سيدخل الانتخابات بقائمات موحدة، لتأتي قرارات المجلس الوطني ل«النداء» وتثبت ما ذهبنا إليه سابقا من استحالة حصول هذا السيناريو لأنّ «النداء» قرر منذ أن فك ارتباطه تدريجيا بجبهة الإنقاذ، الذهاب منفردا إلى الصندوق وسيكتفي بتحالفات ما بعد الانتخابات حسب ثِقَل نتائجه أو ضعفها. التأويلات الممكنة لهذا التمشي هي أنه يثق في قدرته على تحقيق نتائج جيدة بمفرده مما يترك له المجال فسيحا لأخذ القرارات الهامة بعدها دون أن يجد أصواتا معارضة أو مكبِّلة له من الأحزاب التي دخلت معه في قائمات موحدة مع ما يعنيه ذلك من ضرورة «حجز» مقاعد لها دون تعب وما كانت لتحصل عليها منفردة دون «النداء»!. كما أنّ قراءته للمشهد المستقبلي، تعطي مكانة مميزة لحركة «النهضة» مما يجعله يعمل على تسويق خطاب مطمئن لها ويترك الباب مفتوحا بينهما لتفاهمات قد تحصل بعد الانتخابات، ولعلّ القطيعة غير المعلنة بين «النداء» و«الجبهة الشعبية» نتيجة أولى لهذا التمشي. من بين المصوتين لأسبقية التشريعية، نجد «المسار» أكثر الداعين إلى جبهة ديمقراطية موحدة، وحزب «الوطد الموحد» أحد أعمدة «الجبهة الشعبية» يقابلهما بالتوازي من الداعين إلى أسبقية الرئاسية «نداء تونس» و«حزب العمال»! ولئن كان موقف «المسار» متوقعا ومفهوما لجرّ «النداء» إلى قبول الدخول بقائمات موحدة في التشريعية، مقابل دعم ترشيح السبسي للرئاسية، فإنّ انقسام رأسيْ «الجبهة الشعبية» إلى تصويتيْن متناقضيْن بقي غير مفهوم ولكنه يؤشّر في كل الأحوال على تباين غير معلن بينهما، طبعا ما لم يكن اختلافا مقصودا ومتفاهما عليه من الطرفين!. وفي كل الأحوال «النيران» الصديقة كانت أكثر إيلاما لكل «الأصدقاء» المفترضين، ف«المسار» فشل في جرّ النداء لفكرته، ومؤتمر حزب العمال نهاية الشهر الحالي قد يكشف عن حقيقة ما يجري في كواليس الجبهة الشعبية وهل توجد حقا أطراف ترفض داخلها ب«احتشام» ترشيح حمة الهمامي للرئاسة دون القدرة على المجاهرة بذلك؟ بعض التحاليل تذهب إلى أن «الوطد الموحد» ربما في تشخيصه للحظوظ يرى أن الرئاسية أولا قد تأتي بنتائج ضعيفة لمرشح «الجبهة» مما يقلص آليا من حظوظها في التشريعية وانتصارها لهذه الأخيرة يعني المحافظة على تماسك الجبهة انتخابيا وإمكانية تحصيل خراج تشريعي مقبول وعكس ذلك، قد ترفض بوضوح مشاركة الجبهة في الرئاسية. لننتظر فالنيران الصديقة هي الأكثر تأثيرا!