لم يخطئ رئيس النادي الصفاقسي لطفي عبد الناظر حين قال ذات ليلة مشهودة إنّها بطولة العار واذا ما كان العار يلف كرتنا من رأسها الى أخمص قدميها فانّ نفس الكلام ينسحب على ما حصل في مباراة الدور النهائي لكأس تونس والتي جمعت فريقين من المفروض انهما كبيرين من كبار القوم في كرة القدم التونسية ونعني هنا النادي الصفاقسي والنجم الساحلي... قد يكون من البديهي جدّا ان لم يكن من الطبيعي ان تدخل جماهير الفريقين مباراة النهائي مشحونة بنسمات التوتّر سيّما في ظلّ الاجواء الملتهبة التي رافقت علاقة الناديين في الآونة الاخيرة وخاصة منذ اندلاع قضية ندونغ الشهيرة وما خلفته من رجّات عكسية شوشت علاقة الطرفين وأدخلتهما في دوامة من التصريحات والتصريحات المضادة والتي غذّت بعمد أو دونه نار الفتنة بينهما وجعلت هوة الخلاف تتسع يوما بعد يوم ليكون الصدام مرتقبا ولكن ان تكون النهاية تراجيدية بتلك الصورة المأساوية فعلى الدنيا السلام... كنّا سنتقبل حقيقة ما سيحصل من مناوشات و ملاسنات وتأويلات بين جماهير الفريقين على اعتبار ان ترويض هذه الاصوات الهادرة ليس بالأمر الهيّن وهي المتعوّدة على الخروج على نصّ الميثاق نصرة لهذا اللون أو ذاك لكن ان تنطلق شرارة الخلاف من أرضية الميدان بتحريض من اللاعبين دون مراعاة لسمعة القميص الذي يرتدونه فهذا الخطر بعينه وهو ما لا يمكن ان نغفره لمن يعتقد في سريرته أنّه نجم ثبت فيما بعد انّه ليس سوى «كرتونة ورق» قادته الصدف ليكون رقما فاعلا فقط على الورق... المشاهد التي جاءتنا اول امس من ملعب رادس لا تشرّف البطل ولا وصيفه كما انها تسيء بدرجة كبيرة الى سمعة الراية الوطنية التي دنستها تصرفات صبيانية حاك فصولها أشباه لاعبين لم ولن يكون لهم حاضر ومستقبل في سجلات كرة القدم التونسية...ما حصل لا يحتمل مزيدا من التعليق وما حفظته ذاكرة الكاميرا وما دونته الاقلام لا يجوز ان يمرّ مرور الكرام دون فتح تحقيق في الواقعة المشهودة والتي صدمت كلّ الجماهير التونسية دون استثناء... قد تكون حماسة النهائي وأهمية الرهان في بعض الاحيان موجبا لارتكاب الرذيلة والوقوع في المحظور لكن ان تنقلب الثوابت رأسا على عقب و يصير الاستثناء هو القاعدة و يسيح الجهل وعمى الالوان ليصيرا أفيونا يعمي البصيرة حين يختلط الحقّ بالباطل ويشترك الظالم والمظلوم في نفس الخطيئة... هنا فقط لا بدّ من الترحّم على كرتنا المريضة وقذفها الى مثواها الاخير حيث لا صوت يعلو سوى صمت المقابر... الكلّ شريك في الجريمة وما حصل في ملعب رادس في نهائي الكأس «المرّ» كان نتاجا طبيعيا لعقلية الجهوية التي تنخر جسد الكرة التونسية والتي تقودها الهمجية والبربرية سنوات ضوئية الى الخلف حيث يعتمر الناس حول نيران الطقوس القبلية... ما حصل هو تراكمات سنوات وسنوات من حمى التصريحات ولعبة التسييس الرياضي الذي علت على أنقاضه ديكتاتورية الفساد الرياضي...صنّاع الخراب فضحتهم عدسات الكاميرا ومن أشعل فتيل الحرب على الميدان هو الآن على كلّ لسان... صاحب الفعلة الشنيعة هو نفسه صاحب اللمسة الجميلة التي صنعت إنجاز فريق جوهرة الساحل...هو يستحق العقاب حتى يكون عبرة لمن يعتبر تماما كمن ردّ الفعل من الطرف المقابل وهيئتا النجم وال «CSS» مطالبتان بالضرب على أيادي المتطاولين حتى لا يكونا شريكين فاعلين في الخطيئة... نبارك للنجم فوزه المستحق ونتمنى حظّا أوفر للنادي الصفاقسي فكرة القدم «دوّارة...يوم ليك ويوم عليك» ومن لا يقنع ويسلّم بقانونها تدركه لعنتها ويكون الخاسر الاكبر...بطل العالم منتخب اسبانيا غادر مونديال البرازيل من الباب الصغير دون ضجيج وامتثل لقانون اللعبة وتلك شيم الكبار بينما نتلذّذ نحن الصغار بتمزيق رايتنا وتشتيت هوّيتنا... إذا كانت عقوبة المهاجم الابرز في العالم الاوروغواياني لويز سواريز عقوبة الطرد من المونديال بسبب «عضّة» شاذة فأولى بنا انّ نستدعي مفتي «داعش» ليقيم حدّه في خوارج العهد الجديد الذين لا يعترفون لا بالاخلاق ولا بنص الميثاق...