بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحامي البشير الخنتوش ل «التونسية»:حكاياتي مع بورقيبة ، وسيلة ، مزالي وبن علي
نشر في التونسية يوم 08 - 08 - 2014


الزعيم قامة..وبن علي قمامة
بعض المقرّبين من مزالي ووسيلة تصرّفوا في المؤسسات كمزارع خاصة
بورقيبة أذن بمحاكمة الفاسدين وبن علي حماهم
حاورته: صباح توجاني
بدأ الأستاذ البشير الخنتوش، حياته النضالية الوطنية منذ الصغر انطلاقا من الشبيبة المدرسية. ولئن مارس السياسة وتحمل مسؤوليات وطنية ،فإنّه يعتبر نفسه مناضلا وطنيا أكثر من سياسي ، وكان في مقدمة المحامين البارزين زمن الرئيس الراحل بورقيبة باعتبار مسؤولياته المهنية كأمين عام لمجلس هيئة المحامين وعضو المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب وعضو المكتب الدائم لاتحاد الحقوقيين العرب وعضو مؤسس له. عرف بحماسه في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان وسيادة القانون في القضايا السياسية مثل قضية انتفاضة الغضب لعمال قصرهلال سنة 1977 وقضية اتحاد الشغل بسوسة وقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1978 وقضية الإتجاه الإسلامي سنة 1981 ،وبمقالاته الصحفية العديدة عن الحريات الفردية والعامة واستقلال القضاء وحرية الدفاع والديمقراطية والتعددية الحزبية ومقاومة الفساد وفي الستينات كان مؤسس ومدير مجلة «الشباب» بالتعليم الثانوي ومجلة «المناضل الإشتراكي» بكلية الحقوق وعضو مؤسس لمجلة «المغرب» ومحرّر بها، وعضو مؤسس لمجلة «المحاماة» ومحرّر بها، وهو الآن رئيس اتحاد الحقوقيين التونسيين وعضو المكتب الدائم لاتحاد الحقوقيين العرب.
ولمع نجم الأستاذ البشير الخنتوش بالخصوص عندما تحمّل مسؤوليات وطنية كعضو ديوان سياسي ونائب مجلس النواب. عرف بجولاته بكامل أنحاء الجمهورية وخطبه الجريئة أمام الجماهير مناديا بضرورة الإصلاح والتجديد والتعددية الحزبية ومقاومة الفساد وسيادة إرادة الشعب وتشريكه في اتخاذ القرارات المتعلقة بمصيره، ممّا سبّب له كثيرا من المضايقات والمطاردات والاعتداء على حرمة مسكنه ومكتبه عديد المرات والتآمر ضده بلغ حدّ تهديده بالقتل في عهدي بورقيبة وبن علي من طرف المستفيدين من الفساد السياسي والمالي. «التونسية» طرقت باب مكتب الرجل وخاضت معه في ذكريات الماضي ومستجدات الحاضر في حوار طويل.
قبل الحديث عن الحاضر وعودة إلى الماضي،كنت أبرز المحامين في عهد الزعيم بورقيبة،كيف عايشت المحاكمات السياسية وصراعات القيادة الحاكمة ؟
كثيرون من زملائي المحامين من مختلف الإنتماءات السياسية عرفوا بحماسهم في الدفاع عن الحق والحريات في القضايا السياسية،و بما أني مارست السياسة على أرض الواقع ومختص في الحقوق والعلوم السياسية يمكن القول إنّ هناك ثلاثة أنواع في مفهوم السياسة : الأولى سياسة هدفها خدمة الغير بنزاهة ونظافة اليد، والثانية هدفها خدمة الذات والموالين معنويا وماديا والثالثة استغلال ذاتي معنوي ومادي للحفاظ على المكاسب وتكديس ثروات بصفة غير شرعية على حساب مصالح الشعب والوطن. ووُجدت هذه الأنماط الثلاثة من السياسة والسياسيين في كلّ زمان ومكان وأحسن عهد هو الذي تسود فيه طبعا سياسة خدمة الغير بنزاهة مثلما حصل في أزهى عهد بورقيبة،وأسوأ عهد طبعا سياسة عصابة اللصوص بكبيرهم رئيسها الهارب.

لكن الفساد بدأ يستشري في البلاد خاصة آخر أيام عهد بورقيبة فهل سعيتم كمسؤولين في القيادة للتصدّي لتلك الظاهرة ؟
لم أخول للكلام باسم الآخرين لكن بدوري أعلنت على رؤوس الملإ في كتاباتي وخطبي الرسمية التصدّي للفساد وقمت بما استطعت لمقاومة الفساد وصارحت الرئيس بورقيبة بظهور ذلك الفساد حتى من أقرب المقربين إليه وكان ردّ فعله الإذن بمحاسبة ومحاكمة من أفسدوا في بعض المؤسسات العمومية واتخاذ موقف بالقطيعة مع زوجته وخطابه الشهير في اختتام اللجنة المركزية للحزب الحاكم يوم 21 ديسمبر1985 الذي صرّح فيه قائلا : «سأقضي بقية حياتي في مقاومة الرشوة والفساد» ، وهاتفت الرئيس بورقيبة ذلك اليوم بالذات حوالي الساعة العاشرة ليلا لشكره على الإستجابة لطلب الشباب الذين كانوا يصرخون بالمظاهرات بالجامعة «فلوس الشعب يا حوافة...(يعني يا سرّاق)».وسبق أن صارحته بالأمر ،وبادرت الدولة بالقيام بالدعاوى لإجراء التتبعات لمقاومة الفساد ومحاسبة الفاسدين الذين عبثوا بأموال الشعب وكلفني الرئيس بالدفاع عن الدولة والقيام بالحق الشخصي نيابة عنها للمطالبة بحقوق الدولة في قضايا الفساد المالي،لكن خلفه كان رئيس عصابة لصوص نهبوا البلاد وكانوا أكبر رموز للفساد.
لكن يقال إنّ تلك القضايا كانت سياسية ومجرد تصفية حسابات ضدّ جماعة وسيلة زوجة بورقيبة وقتئذ؟
أولا كان هناك قلة ممن لم يكونوا موالين لها وولاؤهم مستمدّ أحيانا من الولاء لبورقيبة ومردّه الرغبة في الحفاظ على كراسيهم وعلى مصالحهم وأموالهم غير المشروعة واستغلال النفوذ لمزيد الإثراء غير الحلال على حساب خيرات الشعب وحقوقه المشروعة.وهي فعلا كانت محاكمات سياسية لأنها تهم علاقة السياسة بالإقتصاد وعلاقة استغلال النفوذ بالإستيلاء على المال العام، وهي فعلا تصفية حسابات لأنها تعلقت بحسابات أموال الشعب التي وقع العبث بها من أجل مصالح شخصية لفائدة من أؤتمنوا على ممتلكات الشعب للتصرف فيها لمصلحته.
والأهم في هذه المحاكمات هل كانت الجرائم المنسوبة للمتهمين في قضايا الفساد تلك وسوء التصرف والإستيلاء على الأموال العمومية ثابتة ومبرّرة بحجج تؤول إلى إدانة المتهمين أم لا ؟ الجواب الدقيق موجود بملفات المحكمة التي أصدرت أحكامها بناء على ما له أصل ثابت بالملفات واستنادا على القانون وعلى ضمائر السادة القضاة.وللتاريخ واستنادا على حجج رسمية صحيحة أذكر أنّ بعض المقربين من أصحاب النفوذ من محمد مزالي ووسيلة بن عمار الزوجة السابقة لبورقيبة كانوا يتصرفون في المال العام بمؤسسات عمومية وكأنها مزارع خاصة بل أكثر من ذلك يكون صاحب المال الخاص حريصا على الحفاظ على ماله واستثماره بصفة جيدة، أما هؤلاء فكانوا يهدرون المال العام بصفة عبثية بدون أي وازع وطني،لأنهم لم يكتسبوه من عرق جبينهم.
ومن باب الأمانة – وفي محاضرة ألقيتها بمؤسسة التميمي زمن الرئيس الهارب – سبق أن ترحمت على وسيلة بورقيبة بن عمار مقارنة بِ «ليلى» زوجة المخلوع الرئيس الهارب ، إذ أنّ وسيلة كانت كما يقال «تأكل وتوكّل» أي تستفيد لنفسها وعائلتها وأقاربها وتفيد أصدقاءها والموالين لها أومن ينال ثقتها وكانت خدومة لهم حين يطلب منها أحدهم خدمة أو تدخلا في حاجة ما ، أما « ليلى» وبطانتها فكانت شجعة لا تشبع وتطمع حتى في أصحاب الحاجة لتسلخ جلودهم بما يرضيها ويشبع نهمها من كلّ شيء يذكر و يسوء ذكره، واقتصرت على القول في تلك المحاضرة بالقول:«كملوا وحدكم» دون ذكر اسم «ليلى» طبعا ومع ذلك بعد أيام معدودات خضعت لمراقبة جبائية معمقة بالرغم من الحصار المهني المضروب عليّ أكثر من عشرين سنة ووظفوا عليّ مبالغ مالية ما أنزل اللّه بها من سلطان.
وكيف ترى المحاكمات السياسية خاصة التي عايشتها أو رافعت فيها كمحام في عهد بورقيبة؟
الحديث يطول في هذا الموضوع الذي يشكّل ذاكرة جريحة ،لكن باختصار أنا كرجل قانون وكمواطن وطني حرّ ديمقراطي ضدّ المحاكمات السياسية وضدّ مصادرة الرأي طالما أنّه لا يدعو إلى العنف أو الإنقلابات الدموية أو ارتكاب الجرائم في حق الإنسان مهما كان السبب.وأتألّم حين أذكر مثلا المحاكمة السياسية لنخبة من شباب اليسار في 1962 حين كنت طالبا في الحقوق وكان من جملة المتهمين بعض أساتذتي وزملائي بل وأصدقائي من الطلبة بالرغم من انتماءاتنا السياسية المختلفة، ومحاكمات «عمال قصر هلال» و «قيادة الوحدة الشعبية» في 1977 ومحاكمة النقابيين بسوسة و«قيادة الإتحاد التونسي للشغل» في 1978 ومحاكمة «الإتجاه الإسلامي في 1981» وشباب « ثورة الخبز» في 1983 ، هؤلاء النخبة من الوطنيين والتونسيين والتونسيات الذين ذاقوا الويلات من التعذيب من بعض مديري الأمن ووزراء الداخلية المؤسسين لمخابر التعذيب لأصحاب الرأي المخالف وأحيانا حتى غير المخالف من المنتمين للحزب الحاكم الذين لم يسلموا من بطش هؤلاء المشرفين على مخابر التعذيب والذين يتشدقون اليوم، وبكل صلف واستخفاف بالذاكرة الوطنية ،بحقوق الإنسان والديمقراطية وينعمون بما استولوا عليه من نهب المال العام دون حساب أو محاسبة إلى يومنا هذا.
وإذ أوجه تحية تقدير لكل القضاة الشرفاء الذين شرفوا القضاء في تونس وفي الخارج عندما استعيروا لبعض محاكم الدول العربية أين تركوا بصماتهم المشرقة ويذكرون حتى الآن بكل خير وفخر، فمن المؤلم أن أذكر ما عرفته عن قضاة كانوا يتدافعون للمشاركة في المحاكمات السياسية تزلفا للسلطة وطمعا في مكافأة ترقية مهنية أو إكرامية زائفة أو حتى كرسي وزارة العدل، ولا يتورعون عن خرق الإجراءات القانونية وسوء تطبيق القانون عمدا بتسليط أقسى العقوبات ظلما على المتهمين في تلك القضايا السياسية، وكان جزاء بعض هؤلاء القضاة التجاهل وحتى الإذلال من السلطة وحضرت شخصيا مثل تلك المآسي التي يندى لها الجبين ولا يسمح المجال بذكرها، ولطالما رأيت بعض القضاة يعبرون عن ندمهم عما ارتكبوه من مظالم متعمدة لكن بعد فوات الأوان وبعد إلحاق الأضرار المعنوية والمادية الجسيمة بمن ظلموهم بأحكامهم الجائرة وبعد أن تناسوا أن اللّه يمهل ولا يهمل وأنّهم سينالون حتما جزاءهم في الدنيا قبل جزائهم في الآخرة.
وبخصوص صراعات القيادة الحاكمة خاصة في آخر سنوات عهد بورقيبة التي عايشتها عن قرب؟
في الحقيقة إنّ صراعات القيادة وبالخصوص على خلافة بورقيبة ابتدأت منذ مرض بورقيبة في أواخر الستينات واستفحلت بداية من السبعينات حين ظهرت بعض القيادات المطالبة بالديمقراطية كغطاء لنواياها حول خلافة بورقيبة بانقلابات سلمية مدعومة من وسيلة زوجة الرئيس والموالين لها وهم معروفون بمواقفهم القامعة للديمقراطيين والمناهضة للديمقراطية عندما كانوا في السلطة واشتدّ ذلك الصراع منذ أن أصبح الوزير الأول هو خليفة الرئيس حسب الدستور واحتدّ ذلك الصراع عند ظهور «الإتجاه الإسلامي» والإسلام السياسي بصفة فاعلة أمام تدهور صحة الرئيس بورقيبة.وأمام أنانية القادة الذين كان كلّ واحد منهم يسعى بمفرده وبطرقه الخاصة الى خلافة الرئيس وفي غياب نظام ديمقراطي وفي انعدام عمل وطني جماعي وأمام تصدّي بعضهم لتعيين نائب رئيس لضمان خلافة بورقيبة دون مشاكل، و في غفلة من كلّ هؤلاء ومن الزمن فتح باب الحظ على مصراعيه لعسكري برتبة بسيطة ومستوى تعليمي وثقافي وفكري بائس أصبح بين عشية وضحاها «جنرالا» بنيل ثقة بورقيبة بدعوى أنه الوحيد القادر على التصدّي لِ «الخوانجية» أي للإسلام السياسي.وجاء طالع شؤم على تونس والتونسيين فبعد أن خدعهم ببيان نال إعجاب الجميع بما يتضمنه من معان سامية خان الأمانة وغدر بالتونسيين بعد غدره برئيسه بورقيبة وكانت مأساة ثلاثة وعشرين عاما من حكم عصابة لصوص هدّموا ما بناه بورقيبة ونهبوا ما حافظ عليه ونمّاه من مقدرات وأموال الشعب ونشروا الفساد بل وقننوه ودمّروا الشباب ووضعوا البلاد في طريق المجهول بالرغم من الإستقرار الهش.
أنت شاهد على عصرين عصر بورقيبة وعصر بن علي وبين العصرين عرفت الرجلين عن قرب ما الذي يجمع بينهما؟
في الحقيقة كنت شاهدا وفاعلا ، ولا شيء يجمع بين الإثنين سوى الجنسية التونسية على الورق،و بكلّ موضوعية فإنّ المقارنة لا تجوز بين قامة دخلت التاريخ وبين قمامة ألقي بها في مزبلة التاريخ، فبورقيبة رجل دولة وسياسي عملاق اعترف له كبار قادة العالم بقيمته وقامته وبين قزم في الوطنية والسياسة بمعناها النبيل قذف به الشعب في مزبلة التاريخ يوم 14 جانفي 2011. وهو طبق الدستور القائد الأعلى للقوات المسلحة وبصفته تلك كان عليه أن يكون آخر من يترك ساحة المعركة في كلّ الحالات ومهما يكون المآل ومهما كانت الضغوطات إن داخلية أم خارجية أو الإثنين معا فقد اكد خيانته للوطن وفرّ هاربا بجلده معرضا البلاد إلى مصير مجهول وهي الجريمة الكبرى التي كان من المفروض أن يحاكم من أجلها.
والزعيم الرئيس بورقيبة رجل قانون ،متعلم ومثقف ثقافة واسعة ودارس للتاريخ وخبير في السياسة الدولية ومطلع اطلاعا دقيقا على تونس بجغرافيتها وسهولها وجبالها ووديانها وبحرها وجوها وسكانها بعاداتهم وطبائعهم في كلّ مدينة وقرية ونجع وعرش ،وهو وطني غيور قضّى جزءا هاما من حياته في السجون والمنافي من أجل تحرير الوطن وبنى دولة عصرية حديثة بإمكانيات متواضعة وحرّر المرأة وقضى على الأمراض المزمنة ونشر التعليم بين كلّ فئات الشعب وبنى المدارس والجامعات والمساجد أيضا وأحسن التصرف في مقدرات البلاد وفي المساعدات والقروض الخارجية لتمنية البلاد. ولا يختلف اثنان على نظافة يديه وزهده المادي ،وأحبّ الشعب فأحبه الشعب إلى يومنا هذا والغريب أنّ شباب اليوم الذين لم يعايشوه يحبونه ويسجلون صوره وكلامه على هواتفهم النقالة بالرغم عن دعايات المناوئين له.
في حين أن خلفه الهارب جاهل جهول لا يعرف البلاد ولا العباد ولا أبجدية الوطنية والسياسة بمعناها النبيل واتضح أنه جائع ماديا وفكريا لا تهمه الثقافة وكل ما يهمه جمع كنوز الدنيا من المال الحرام على حساب قوت الشعب ومستقبل الأجيال الصاعدة ومن أكبر الجرائم التي ارتكبها سرقة ثلاث وعشرين سنة من حياة الشعب ومن عمر الشباب الذي همشه باسم أكذوبة العناية بالشباب وهدّم ما بناه بورقيبة وأهدر ما وفره وتركه من رصيد مادي وإشعاع ديبلوماسي.
ومع ذلك ممّا يعيبه البعض على الرئيس بورقيبة أنّه كان يعتبر الشعب «غبارا من الأفراد « (une poussière d'individus) ؟
شكرا جزيلا لإثارة هذه الواقعة التاريخية التي حرّفها بعضهم عن جهل وعن قصد للإساءة إلى بورقيبة ، وشكرا لمنحي فرصة توضيحها إنصافا لبورقيبة وردّا على هذه الإشاعة الكاذبة وإخراجها عن سياقها الواقعي والتاريخي وعن مصدرها الأصلي الصحيح ،و للأسف وعلى حدّ علمي ،وأرجو أن أكون مخطئا ، لم يتعرض أيّ من رجالات بورقيبة لهذه النقطة ورفع اللبس فيها لتبرئة بورقيبة من هذه التهمة المزيفة.
إنّ عبارة «غبار من الأفراد» (une poussière d'individus) ليست في الحقيقة من صنع بورقيبة بل هي عبارة أطلقها أحد غلاة الإستعمار «جواشيم دوريل» (Joachim DUREL) الأمين العام لاتحاد النقابات الفرنسية بتونس في عشرينات القرن الماضي وكان مناوئا لتأسيس الحركة النقابية بتونس من أب الحركة المرحوم محمد علي الحامي وهو الذي وصف التونسيين في نشرية «تونس الاشتراكية» بِ « غبارا
من الرجال»(poussière d'hommes) وأجابه وقتها الزعيم بورقيبة منتقدا بشدة مواقفه الإستعمارية ضد التونسيين. ومن المعلوم لدى من يعرفون جيدا بورقيبة أنه كثيرا ما يتكلم بالضمير المستتر ،فحين قال : «...من غبار أفراد ومن مجموعة قبائل وفروع القبائل جعلت شعبا من المواطنين ...» كان يجيب «جواشيم دوريل» (Joachim DUREL) في قبره ويجيب أنصاره الإستعماريين الأحياء بأنه استطاع ان يجعل ممن كانوا يعتبرونهم « غبار من الرجال» «(poussière d'hommes) وغير أهل للحرية والإستقلال والعيش الكريم به وغير أهل حتى لنقابة تونسية تدافع عن حقوقهم «وحدة وطنية صماء» حسب تعبيره أيضا.وفي هذا الظرف الذي نعيشه اليوم سنة 2014 لعله من المفيد أن نذكر أنّ الرئيس بورقيبة وفي نفس خطابه يوم 19 جوان 1973 أضاف قائلا : ...أخشى ممّا سميته يوما «شيطان النوميديين» (le démon des numides) هذا الشيطان الذي يدفع إلى الإنقسام والمعارك الطاحنة التي أضاعت عنا تاريخنا بعد تمرد «يوغرطة» وهذا ما عشناه فعلا غداة 14 جانفي 2011. وهكذا ترين ،سيدتي، أنّ هذه الدعاية في شأن بورقيبة هي مجرّد افتراء من أعدائه أو ممّن يجهلون التاريخ وشخصية بورقيبة وتاريخه بجزئياته الهامة. علما أن بورقيبة الذي قدم تضحيات جسيمة من أجل التونسيين ليس بتلك السذاجة ليصف شعبه بما وصفه به غلاة الإستعماريين وقد كان بورقيبة لهم بالمرصاد في حينها ولم ينس أن يفند مزاعمهم بعد نصف قرن ليؤكد لهم أن الشعب التونسي أهل للإستقلال والحياة الكريمة وقادر على الوحدة الوطنية البعيدة عن القبلية والعروشية.
أيّة علاقة كانت لك بالماجدة وسيلة وبمزالي وبشلة القصر ؟
لم ألتق على انفراد أبدا بالسيدة وسيلة الملقبة بِ «الماجدة» والزوجة السابقة للرئيس الراحل بورقيبة ، ومع ذلك منذ أن كنت طالبا أنتقد سلوكها علنا ممّا أدّى بالرئيس بورقيبة إلى اتخاذ قرار سنة 1970 يقضي بطردي من الحزب أي بإعفائي من الإنتماء إلى الحزب،وكان ذلك سنة التحاقي بمهنة المحاماة وتسبّب لي ذلك القرار في نفور الحرفاء مني باستثناء الذين لهم دعاوى ضد الدولة والذين كلفوني بقضاياهم لأني لم أتردد في قبولها والدفاع عن حقوقهم ضد الدولة دون خوف أو وجل في حين كان بعضهم لا يقبلها خوفا من بطش ردّ فعل السلطة.ومن طرائف الأمور هنا أنه عندما تحملت مسؤوليات وطنية في الثمانينات وأصبحت قريبا من بورقيبة ذكرته بالحادثة مازحا ومجاملا قائلا له: «حتى عقوباتك ضدّي ،سيدي الرئيس،كانت مفيدة» (Même vos sanctions contre moi étaient bénéfiques.. !) فعلّق :كيف ذلك ؟ أجبته :عرفني الناس بمواقفي الجريئة في انتقاد الدولة فكلفوني بقضاياهم ضدها وكسبت من ذلك والحمد لله ممّا مكنني من شراء أرض أقمت عليها مسكني،فأجابني الرئيس مازحا: هيّا نعاودوها... !؟(يعني يطردني مرة أخرى من الحزب لأستفيد من ذلك...) فقلت له: لا حاجة لذلك الآن فالأمور مستورة والحمد لله وأنت في حاجة لمن يساعدك على مواصلة مسيرة البناء والإصلاح...،فأجاب:صحيح أنا قضيت عمري كله في خدمة تونس،علما بأنه «عاودها» في ما بعد بإقالتي من الديوان السياسي بتآمر من المغرضين ثمّ ما فتئ أن تراجع في قراره....
وفي نطاق مقاومتي للفساد المالي والسياسي كنت لا أتردّد في نقد «الماجدة» علنا وبكلّ جرأة وتم ذلك دون ردّ فعل منها في البداية،وحين جاوز الحدّ المدى ثارت ثائرتها وكان خلع مكتبي وبيتي وتهشيم سيارتي ومنعي من ممارسة مهنتي بحرية وإعطاء الأمر للشركات بعدم التعامل معي كمحام، وذلك بعد طردي من الحزب بسعي من وسيلة وبإيعاز من وزير الداخلية آنذاك السيد أحمد المستيري الذي أذن بتحجير السفر عليّ والأمر بعدم تجديد جواز سفري إلى أجل غير مسمى.وصادف في تلك السنة أن كانت زوجتي مقيمة في باريس في إطار تربص مهني بالمرحلة العليا للمدرسة القومية للإدارة وكانت حاملا وعندما أعلمني شقيقي الأوحد المرحوم فريد المقيم بباريس بأن زوجتي وضعت ابني البكر «ليث»،المهندس المقيم الآن بأمريكا،وهممت بالسفر في لهفة الشاب الذي أصبح أبا ومتشوقا لرؤية ابنه البكر ،اتضح أن صلاحية جواز سفري منتهية، فاتصلت بصديقي رئيس مصلحة الحدود المحامي الآن الأستاذ صالح ميلاد للإسراع بتجديد سفري،وبعد زمن قصير أفادني أنه لا يمكن تجديد الجواز بتعليمات كتابية من وزير الداخلية وتصوروا ما أصابني من صدمة وأنا المغضوب عليه العاجز عن رؤية ولدي وزوجتي في تلك الوضعية بديار الغربة.وبينما كنت في تلك الحالة المضطربة بمكتبي فتحت الراديو على الساعة الخامسة مساء لأتابع نشرة الأخبار كالمعتاد وفوجئت بالمذيع يعلم بإقالة السيد أحمد المستيري وتعويضه بالراحل الأستاذ الهادي خفشة على رأس وزارة الداخلية وفي الأثناء حضر لزيارتي أحد الأصدقاء من الديبلوماسيين التونسيين فشجعني على زيارة وزير الداخلية الجديد ببيته لتهنئته بالوزارة وطلب الحصول على جواز سفري لكني ترددت بالرغم من معرفتي الشخصية له التي لم تكن تسمح لي بالتجرؤ لطرق باب مسكنه فدفعني صديقي دفعا ورافقني بسيارتي إلى دار الوزير بقرطاج. تركت صديقي بالسيارة وطرقت الباب ففتح لي الوزير نفسه الباب.سلمت عليه وهنأته بالحقيبة الجديدة فاستقبلني وأكرمني بكلّ حفاوة وبعد خمس دقائق استأذنته في الإنصراف فأبى رحمة الله عليه إلاّ أن يستبقيني معه ودام الحديث بيننا أكثر من ساعتين احتكرت في جلها الكلام وهو يستمع إليّ بكلّ اهتمام. وأنا أسرد هذه التفاصيل، قد تقولين لي ماذا تهمني أو تهم القراء هذه الجزئيات ؟ أجيبك أنّ فيها كثيرا من الدروس والعبر،أولا درجة الأمن والأمان في البلاد فوزير الداخلية وقتئذ لم يكن له حراس ويفتح باب داره بنفسه ولا يخشى على أمنه،وبالرغم من تسميته في ذلك اليوم على رأس وزارة الداخلية كوزارة سيادة لم يكن ببيته أيّ شخص لتهنئته ،فالأمور كانت عادية جدّا ومثل هؤلاء الوزراء يرفضون التملق والرياء الذي تكاثر فيما بعد وأصبح من هب ودب يتزاحم في طوابير طويلة من المهنئين المتملقين لكل مسؤول حتى لو لم تكن لهم سابق معرفة به. والوزير الوطني الكفء المتواضع آنذاك لا ينزعج أبدا من زيارة أيّ سائل لحاجة ما سواء بمكتبه أو ببيته ولا يتردّد في الإستماع مطولا لكلّ ما يمكن أن يفيده لتحسين أداء عمله في خدمة البلاد والعباد. وتربينا على أيدي رجال أنقياء مناضلين شرفاء ومحافظين على أملاك الدولة، ويسعدني أن أذكر بهذه المناسبة أنّ طيب الذكر الهادي خفشة رحمه الله كان زمن بورقيبة من رجالات الحكم النزهاء نظيفي اليدين وترك بصماته في الوزارات التي أشرف عليها وخاصة منها وزارة العدل،وكمثال صادق على نظافة يديه ، طلب ذات يوم – وهو وزير داخلية – من أحد مساعديه أن يحيل على البريد مراسلة وقدم له المكتوب ومعه طابعا بريديا بِستين(60) مليما، فلاحظ له الملحق بديوانه عبد الله القلال لماذا لا يستعمل الختم الإداري مع بقية مراسلات الوزارة دون حاجة إلى دفع 60 مليما من ماله الخاص ، فرد الوزير : لا يا سي عبد الله،إنها مراسلة خاصة لا تهم الوزارة وأخاف أن أتعود استغلال نفوذي وموقعي، اليوم60 مليما، وغدا 600 وبعد 6000، و الطمع ينطلق من المبالغ الصغيرة ويؤدي بصاحبه إلى الطمع في مبالغ كبيرة، فهذه «فلوس الدولة، فلوس الشعب يجب أن نحرص على المحافظة عليها» .ذكرت بهذا علّ الذكرى تنفع المؤمنين وأشباه المؤمنين وحتى غير المؤمنين.
وقد حلقت بنا بعيدا عن السؤال الأصلي ،هل كان الوزير الهادي خفشة هو الوحيد النظيف في عهد بورقيبة؟
طبعا كان هناك كثيرون غيره من الوزراء والقادة البارزين أصحاب الكفاءة والوطنية الحقة والنزاهة الفكرية والمادية الملموسة ممن عرفتهم شخصيا أمثال الطيب المهيري والمنجي سليم وفتحي زهير وأحمد بن صالح ومصطفى الفيلالي وعبد السلام الكناني ونجيب البوزيري ومحمود المعموري ومحمود الخياري والهادي نويرة ومحمد الصياح وعبد الله فرحات وأحمد المستيري والأسعد بن عصمان، وجلهم تركوا بصماتهم الإيجابية بالخصوص في بناء تونس الحديثة في كلّ مجالات التنمية محافظين على ممتلكات الشعب وأمواله وتنميتها بما ينفع الناس أسوة برئيسهم بورقيبة. وممّا أذكر أنّ الطيب المهيري مثلا توفي وترك دينا مقابل دواء في حين أنه كان يتصرف في مال «الصندوق الأسود» لوزارة الداخلية الذي لا رقيب عليه ولا حسيب سوى ضميره ولكنه لم يتجرأ على الإستفادة منه ولو بمليم واحد خلافا للرئيس الهارب الذي استولى على محتوى الصندوق الأسود لوزارة الداخلية الذي كان يقدّر بالمليارات.ومن تربى سياسيا مثلنا معشر الشباب في ذلك العهد على أيدي سياسيين وطنيين نزهاء مثل هؤلاء وغيرهم لا يمكن إلاّ أن يدين بقيمهم النبيلة التي غابت في عهد الرئيس الهارب وفي زمننا هذا الذي يتكالب فيه العديدون على استغلال النفوذ بكل الطرق الملتوية والمطالبة بثمن النضال من أجل معتقداتهم الدينية أو السياسية على حساب الجائعين والعاطلين عن العمل.
ترين،سيدتي، أننا تعلمنا السياسة بمفهومها النبيل على أيدي رجال قدوة من آبائنا وأهلنا وعشيرتنا ومن أمثال هؤلاء من رجالات الدولة الوطنيين المخلصين الذين خدموا الدولة والوطن والشعب بصدق وإخلاص ونظافة يد مثل الذين ذكرتهم سابق....ا
ولك أن تقارني ذلك بما عشناه في عهد بائس زمن الرئيس الهارب أو ما نعيشه اليوم...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.