تشبه الحياة السياسية أحيانا حلبة الملاكمة الحرّة (الكاتش) التي لا تحترم أحيانا قواعد اللعبة ولا تحتكم لقوانين وضوابط. وفي ظل هذه المفارقة تبقى الابجديات الأساسية للأحزاب التي تريد الاضطلاع بمسؤولية الحكم هي المرجع الأساسي متمثّلة في حسن إدارة الخلاف داخلها ومدى تمكّنها من تجاوزه وقدرتها على احترام اختيارات قاعدتها الانتخابية.. من هذا المنطلق يمكن القول ان حزب «المبادرة» وقع في محظور الخلافات والانقسامات التي ولّدتها القرارات الفوقية التي تم اتخاذها خلال الساعات الاخيرة الماضية بخصوص رئاسة قائمتي سوسةوالمنستير على وجه الخصوص التي اتضح انها عملية اعسر بكثير من كل التوقعات نظرا للجدل الكبير الذي أثارته في الاونة الاخيرة بالمشهد السياسي بالجهة.. ومباشرة بعد تسريب القرار النهائي واقرار القيادة برئاسة السيد كمال مرجان بتعيين احد وجوه النظام السابق ممن تحملوا المسؤولية على رأس قائمة سوسة مكان كريم كريفة النائب بالمجلس الوطني التأسيسي جاءت تطورات اللحظات الاخيرة التي تجسدت في تلويح عدد كبير من المكاتب المحلية على غرار القلعة الكبرىوسوسةالمدينة والنفيضة وعدد من اعضاء المكتب الجهوي بالاستقالة من الحزب الذي راهنوا عليه لقيادة تونس الجديدة. وترى القيادات المحلية والجهوية وكأنها عجزت عن الارتقاء الى التتويج الفعلي لمسار انخرطت فيه ابان الثورة التونسية وعدم تمكّنها من جني قطاف الثمار التي غرست بنضالات مضنية يعلمها الجميع في ظروف استثنائية عاشتها البلاد وارجعوا هذا الفشل على حد تعبيرهم إلى تغليب حسابات شخصيّة ضيّقة ومحاصصات متنوّعة... وقد عبر هؤلاء ل«التونسية» عن ذهولهم من تجاهل القيادة لمواقف مؤسسي ومناضلي حزب «المبادرة» وعدم الاستئناس بآرائهم وضربها كل آليات التعامل الديمقراطي عرض الحائط في غياب الممارسة الديمقراطية على حدّ تعبيرهم وأكدوا على ان القيادة التنفيذية في الحزب ارتكبت خطأ قاتلا بخصوص قرارها النهائي بالنسبة لرئاسة قائمة جهة سوسة وأنّه اختيار سيكون بمثابة العاصفة التي ستأتي على الاخضر واليابس بالنسبة للحزب في سوسة وان شظاياها ستؤثر على النتائج التي سيتحصل عليها في الانتخابات.. في ظل هذا الاحتقان الكبير الذي تشهده قواعد الحزب الان هل ستتحرك قيادة حزب كمال مرجان بالسرعة المطلوبة في الربع ساعة الاخير من الموعد النهائي لتقديم القائمات وتعيد تعديل الاوتار واستعادة رضاء الانصار..؟؟ نفس السؤال مطروح بالنسبة لقائمات ولاية المنستير حيث علمت «التونسية» مساء أمس بحدوث استقالات بالجملة على مستوى المكاتب المحلية التابعة للحزب بولاية المنستير حيث عبّر العديد من المناضلين والقيايين الجهويين التابعين للحزب بالجهة عن عدم رضاهم على شخصية رئيس قائمة الحزب بالمنستير الذين قالوا إنه تمّ «إسقاطه حسب إملادات فوقية ضدّ رغباتهم». ولم تستبعد مصادرنا نتيجة ذلك استقالة أعضاء نافذين في المكتب التنفيذي للحزب فيما تردّد أنّ 4 أحزاب كانت قد اندمجت مع حزب المبادرة عبّرت عن نيّتها الانسحاب.