عاشت اليوم أغلب جهات البلاد على خوف من فقدان الخبز بعد أن أعلنت العشرات من المخابز عن نفاذ مخزونها من الفارينة المدعمة منذ إضراب عمال المطاحن صبيحة يوم الاثنين غرة سبتمبر. وأشرفت وزارة التجارة بعد زوال اليوم على اجتماع بين المدير العام لوحدة الدعم المعنية بدعم الخبز من جهة ومختلف المتدخلين في القطاع من جهة أخرى مثل اتحاد الصناعة والتجارة عبر غرفة أصحاب المطاحن وأصحاب المخابز وممثلي نقابات العمال في القطاعين للتفاوض، وكان الموضوع الأساسي هو عودة المطاحن للعمل وعودة التزويد بالفارينة المدعمة وتزويد المخابز في أقرب الآجال لتوفير الخبز في السوق. وقالت مصادر من الوزارة إن النقاش كان حادا والتفاوض شاقا ومضنيا لتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف، لكن النتائج كانت إيجابية عموما أي إنهاء إضراب عمال المطاحن، غير أن عودة المطاحن للعمل اليوم الخميس لا تعني نهاية أزمة الخبز، لأن إعادة تزويد المخابز تتطلب وقتا، فيما أعلنت العشرات من المخابز توقفها عن الانتاج. في الأثناء، في ولاية الكاف، أعلن مهدي البوغانمي رئيس الغرفة الجهوية للمخابز أنه اذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإنه لن يكون هناك خبز في الولاية بداية من اليوم الخميس، وفي صفاقس أعلنت أكثر من 35 مخبزة عن التوقف عن العمل بسبب عدم توفر الفارينة، فيما تستهلك بقية المخابز آخر مخزونها لتصل إلى مرحلة التوقف عن النشاط في الساعات الموالية. كما تتالت إعلانات التوقف عن العمل من كل جهات البلاد لنفس السبب وهو نفاذ المخزون من الفارينة المدعمة، وبدا أن تونس ستعيش أياما بلا خبز، في بلد يعتبر فيه الخبز الغذاء الأساسي لكل التونسيين سواء في بيوتهم أو في المطاعم حيث تعد الكسكروتات أكثر الأكلات مبيعا، كما يبلغ نصيب الفرد من العجين المدعم للخبز 90 كغ سنويا. ويعود سبب الأزمة إلى إضراب عمال المطاحن للمطالبة بتطبيق الاتفاق الذي ينص على الزيادة في الأجور وبعض المنح مثل منحة التنقل وغيرها. وقد رد ممثل الغرفة الوطنية للمطاحن برفض الاتفاق مع الهيكل النقابي للعمال لأن الكثير من أصحاب المطاحن يعتبرون الزيادات في الأجور مجحفة وتتجاوز طاقتهم المالية. ويحدث هذا في ظل حالة تململ في كامل قطاع الخبز من مطاحن ومخابز حيث ترتفع أصوات كثيرة بين الصناعيين للمطالبة بالترفيع في سعر الخبز لأن إنتاجه لم يعد مربحا. واقترحت بعض الأوساط أن يتم الترفيع بمبلغ رمزي في سعر الخبز الكبير والباقات، على الأقل مرحليا. في المقابل، قالت مصادر حكومية إن دعم الخبز قد تكلف 185 مليون دينار للميزانية العمومية لكن 13.6 بالمائة فقط من الدعم تذهب إلى الفقراء والمحتاجين. كما يعتقد خبراء أن حوالي 70 مليون دينار من المبلغ المخصص لدعم الخبز يذهب هباء، بسبب إتلاف الخبز وتحويله إلى علف للحيوانات، وخصوصا الخبز الكبير. وهكذا جاء إضراب عمال المطاحن وتوقف التزويد بمادة الفارينة المدعمة التي يصنع منها الخبز في تونس منذ يوم الاثنين، واستهلكت المخابز مخزونها لتصبح البلاد يوم أمس الأربعاء مهددة بفقدان الخبز لأيام.