بقلم: أبو غسان رسميا تنطلق حملة الانتخابات التشريعية يوم 4 أكتوبر المقبل.. ولكنها انطلقت بعد على «النات» وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها «الفايس بوك». وما يمكن استنتاجه أن هذه الحملة اتخذت في هذه المرحلة طابع بث الإشاعات ومحاولات تشويه الخصوم والافتراء عليهم وذلك عوض التعريف ببرامج الأحزاب ورؤاها ومواقفها من المشاكل التي تتخبط فيها البلاد. لقد أصبح «النات» أحد أهم الأدوات للدعاية السياسية، وتحول إلى وسيلة هامة في عمل الأحزاب.. ولا اعتراض على ذلك.. وتدرك الأحزاب السياسية جيدا أهمية هذا الفضاء.. ولكن المشكلة أن البعض حوله إلى ساحة «حرب» مفتوحة يستخدمه باستمرار لمحاولة الفتك بالخصوم السياسيين، وحتى لهتك الأعراض وهو ما تسبب في العديد من الأحيان في مآس إنسانية.ومن المؤكد أن نسق حملات الإساءة للخصوم وتشويههم سيرتفع تدريجيا مع اقتراب موعد الانتخابات، وأن بعض أنصار الأحزاب من اليمين ومن اليسار ومن كل الاتجاهات الفكرية والسياسية لن يكتفوا بفبركة الإشاعات «البسيطة» حول هذا القيادي السياسي أو ذاك، وأنهم سيخرجون قريبا «أسلحتهم الثقيلة». بعض الأحزاب في تونس تبذل جهودا للإساءة لخصومها السياسيين وللتقليل من شأنهم وتشويههم أكثر بكثير مما تبذله للتعريف بنفسها وببرامجها.. وقامت هذه الأحزاب بترتيب خصومها الذين ستستهدفهم بشكل أساسي بنيرانها. كما قامت بالنبش في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بحياة هؤلاء الخصوم بهدف إعداد «المواد الأساسية « التي ستستخدمها في الهجوم عليهم دون تفريق بين ما هو شخصي في حياتهم ، وبين ما هو سياسي ويدخل في باب نشاطهم في الفضاء العام. ومن المؤكد أن هذه الأحزاب قد عززت «وحداتها القتالية» العاملة على «النات» استعدادا لمعركة الانتخابات المقبلة . بعض ما يجري اليوم على الساحة السياسية «يبشر» بحملات ساخنة جدا ستكون الإشاعة والافتراء والكذب وقودها الأساسي. وقد تكون هذه الحملات مؤذية جدا للبعض على المستوى الشخصي والإنساني.. ولكن البعض يعتبرون أن هذه الأساليب تدخل في إطار «قانون اللعبة» وهم لا يعترفون بأي معايير أخلاقية في العمل السياسي، ولا يقيمون للجوانب الإنسانية أي اعتبار. شعارهم في ذلك «الغاية تبرر الوسيلة». إن هذه الأساليب تكون تداعياتها وانعكاساتها أخطر بكثير في الديمقراطيات الناشئة مقارنة مع البلدان ذات التجارب العريقة ديمقراطيا.. وهي لذلك تمثل خطرا على تجربة الانتقال الديمقراطي لبلادنا. والمشكلة أن تونس تعاني اليوم من فراغ قانوني في التعامل مع ما ينشر على صفحات التواصل الاجتماعي من إشاعات وكذب وقذف وتعد على أعراض الناس وشرفهم، وهو ما يجعل العديد من محترفي الإساءة والتشويه على «النات» يرتكبون جرائمهم مع سبق الإصرار والترصد ودون أي خشية من أي عقاب.