عاجل/ الداخلية تعتزم مقاضاة هؤولاء..    انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    ارتفاع عجز الميزان التجاري للطاقة بنسبة 9 % الى 3025 مليون دينار    في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة"    صفاقس: تفكيك شبكة تقوم ببيع محرّكات بحريّة لمنظمي عمليات "حرقة"    بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف: الدخول للمتاحف والمواقع والمعالم الأثرية مجانا للتونسيين والأجانب المقيمين بتونس    شكاية حول شُبهات الفساد بين المَجمع الكيميائيّ وشَركة ''الكيميا ''...و هذه التفاصيل    السعودية تطلق خدمة جديدة للقادمين إلى المملكة ب''تأشيرة حج''    اليوم : انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لتلاميذ الباكالوريا    كأس تونس: تعيينات حكام مباريات الدور ثمن النهائي    تراجع حجم واردات تونس من مادة السكر ب74%    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    ناجي الجويني يكشف عن التركيبة الجديدة للإدارة الوطنية للتحكيم    الرئيس سعيد يبحث مع وزير الداخلية الوضع الأمني العام في البلاد ويؤكد على فرض احترام القانون على الجميع    محمد عمرة شُهر ''الذبابة'' يصدم فرنسا    عرب يتعاملون بالعملات المشفرة.. و هذه الدولة في الصدارة    التمويلات الأجنبية المتدفقة على عدد من الجمعيات التونسية ناهزت 316ر2 مليار دينار ما بين 2011 و 2023    رئيس الجمهورية يبحث مع رئيس الحكومة سير العمل الحكومي    ماذا في اجتماع هيكل دخيل بأعضاء "السوسيوس" ؟    عاجل : جماهيرالترجي تعطل حركة المرور    الترجي الرياضي التونسي في تحضيرات لمواجهة الأهلي    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد: الترجي الرياضي والنادي الافريقي في لقاء النهائي    وزارة التربية تعلن قبولها ل100 اعتراض مقدّم من الأستاذة النواب    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    رئيس الجمهورية ووزيرة المالية يتباحثان ملف التمويلات الأجنبية للجمعيات    وزير الفلاحة: الترفيع في طاقة استيعاب سد بوهرتمة    ضبط معدات لاسلكية لاستغلالها في امتحان الباكالوريا    مفزع/حوادث: 15 حالة وفاة خلال يوم فقط..    فظيع/ هلاك كهل الخمسين سنة في حادث مرور بالقيروان..    الاقتصاد التونسي يسجل نموا ب2ر0 بالمائة خلال الثلاثي الأول من 2024    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    كتاب «التخييل والتأويل» لشفيع بالزين..الكتابة على الكتابة اعتذار عن قبح العالم أيضا    حزب الله يستهدف فرقة الجولان بأكثر من 60 صاروخ كاتيوشا    ناجي الغندري يدفع المجلس البنكي والمالي نحو دعم الاقتصاد الوطني    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    محكمة العدل الدولية تنظر "وقف العمليات العسكرية في رفح"    أخبار المال والأعمال    ديوان السياحة: نسعى لاستقطاب سيّاح ذوي قدرة إنفاقية عالية    المقاعد في رادس محدودة والسوق السوداء تنتعش .. أحباء الترجي في قمة الاستياء    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    طقس اليوم ...الحرارة في ارتفاع ؟    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    عاجل : أحارب المرض الخبيث...كلمات توجهها نجمة'' أراب أيدول'' لمحبيها    أغنية صابر الرباعي الجديدة تحصد الملايين    حاحب العيون: انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للمشمش    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحامي محرز بوصيان:( رئيس اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية والمترشّح المستقل للانتخابات الرئاسية) ل «التونسية» : تسلّط الدولة كما تهرئتها مرفوضان
نشر في التونسية يوم 14 - 10 - 2014


الرياضة رافد استراتيجي للتنمية والسلم
هاجسي ليس دخول القصور بل خدمة من هم خارج القصور
الرئيس هو حارس الجمهورية وخادم الشعب
حاورته : صباح توجاني
عندما يتذكر الأستاذ محرز بوصيان «الملاسين» حيّه القديم أين وُلِدَ وترعرع وكانت له فيه ولا تزال صداقات عميقة، فإنه يستعيد مشهد والده العامل اليومي المتواضع ووالدته المرأة الريفية الكادحة الذين راهنا على تعليم أبنائهما ممنيين النفس بأن يكون لهم مستقبل أفضل من الواقع الذي آمنا بقدرتهما على تغييره بنزوحهما من مسقط رأسهما وأرض أجدادهما «العلا» أكثر المناطق حرمانا بولاية القيروان ...
ولو عاد به الزمن إلى الوراء سيدرك أنّ ذلك الفتى الذي نشأ على خطّ الفقر قد تعلّم وتدرّج في مناهل العلم رافعا في كلّ يوم تحدّيا حتى تخرّج من كلية الحقوق والعلوم السياسية والاقتصادية بتونس فأصبح قاضيا من أصغر القضاة سنا حين نجح في مناظرة القضاء سنة 1983 وهو لم يتجاوز الرابعة والعشرين من العمر ... ويحسب لذلك القاضي الشاب أنه كان من أصغر الفائزين بثقة زملائه القضاة الشبان لمّا انتخبوه في أواخر 1986 عضوا ممثلا لهم بالمجلس الأعلى للقضاء بعد مشاركته في إضراب القضاة لسنة 1985 الذي نتج عنه حلّ جمعية القضاة الشبان في أفريل من تلك السنة وأوفى بالأمانة لمّا استمات بنجاح في سنة 1988 في الدفاع عن إرجاع الحياة لجمعية القضاة الشبان ثمّ كان من بين مؤسسي جمعية القضاة التونسيين الحالية في سنة 1988 التي حلت محل الجمعية المذكورة وودادية القضاة ...
وبعد سنوات من «الحكم على الناس» والإطلاع على هموم الشعب ومعاناته وأحلامه ... وتعلّم الكثير عن أبناء الشعب من خلال مآسي الحياة اليومية المنشورة في المحاكم ، بدأ المشوار مع المحاماة انطلاقا من سنة 1989 وهي الجانب الآخر في طلب الحقيقة والسعي وراء الحق وخوض غمار القضايا الاقتصادية والمالية والاستثمارية من الحجم الثقيل سواء بوصفه محاميا أو محكما دوليا .
وتعزّزت هذه المسيرة المهنية بتجربة ثرية في المجتمع المدني وخاصة في المجال الشبابي والرياضي والأولمبي إلى أن وصل الأستاذ محرز بوصيان إلى أعلى مراتب التسيير بانتخابه رئيسا للجنة الوطنية الأولمبية التونسية في مارس 2013 وتمثيل بلادنا عالميا في هذا القطاع الحيوي.
اليوم يتطلع الرجل إلى رئاسة الجمهورية حاملا في جرابه برنامجا طموحا ورؤية واضحة وتصوّرا عمليا لأداء مؤسسة الرئاسة في المرحلة القادمة وعندما سألته عن مشروعيّة حلمه وهو الذي لا تجربة سياسية لديه ، ابتسم وقال : بل لا تجربة حزبية لي لأن التجربة السياسية أعيشها في كل لحظة كما قال إبن خلدون ومن قبله الفيلسوف اليوناني أرسطو «الإنسان مدني بالطبع» أي سياسيّ بالطبع.فالتجربة السياسية ليست بالضرورة حزبية إذ تُمارس السياسية في الإطار الحزبي أو خارجه في الحياة العامة وداخل المجتمع المدني. والعبرة في التجربة السياسية مهما كان الإطار الذي تمارس فيه هي النجاح. فكم من سياسي متحزّب يوصف بكونه « محنّكا» يجرّ وراءه تجارب فاشلة. انظروا إلى وضع البلاد الصعب الذي نعيشه اليوم أليس هو نتيجة تجارب فاشلة لعديد السياسيين المتحزّبين والذين نراهم اليوم يتهافتون من جديد على قيادة البلاد من مواقع قيادية مختلفة؟ وكم من سياسي خارج الأحزاب نشط بالأساس داخل المجتمع المدني في رصيده تجارب ناجحة ونافعة للبلاد والعباد.
إن العبرة في التجربة ليس بطولها بل بنجاحها والنجاح له أسراره المرتبطة أساسا بمنهجية السياسيّ في عمله وبمدى نجاح مسيرته الشخصية والعامة فشخص فاشل في مسيرته الشخصية لن يكون قادرا على تحقيق النفع لغيره.
كما أنّني لا أعتبر نفسي متطفّلا على السياسة فحياتي كلها سياسة ، أستيقظ كل يوم منذ صغر سني لأعيش تحدّيا جديدا أرفعه وأواجه صعوبة جديدة أتجاوزها وهذا قدر من عاش على خطّ الفقر تُردّد على مسامعه والدته كل يوم عبارة «يا ولدي عمّل على نفسك فوالدك أعطاك كل ما يستطيع». هذا الكفاح اليومي درّبني على التخطيط السليم والناجح لرفع التحديات والبحث في السبل والوسائل الكفيلة بتحقيق الأهداف التي أرومها.
فمسيرتي كقاض ثمّ كمحام ومساهماتي في المجتمع المدني منذ عشرات السنين وكرئيس لعديد المؤسسات الشبابية والرياضية والمتوجة برئاسة اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية، كلها ممارسات وضعتني في قلب المجتمع أعيش مشاكله وهمومه وألمس احتياجات فئاته الضّعيفة وأحسّ بمعاناة فقرائه وأدرك خاصة مشاغل شبابه وانتظاراته، هذا الشباب الذي يشكل العمود الفقري للمجتمع التونسي ومستقبله ...
فمسيرتي كانت، ولا تزال في ارتباط وثيق بالشعب بجميع فئاته وذلك لقناعتي بأن «سياسة القرب» هي أفضل السياسات جميعا وهي التي توسّع لك مكانا في قلوب الناس ... ثم إن التجربة الحقيقية هي جملة من التراكمات الإيجابية والناجعة في مسيرة الإنسان ويُقاس نجاحه ليس بوصوله إلى المناصب بل بالإنجازات التي يحقّقها.
فمسيرتي القضائية رغم قصرها (حوالي 6 سنوات) كانت حبلى بالإيجابيات إذ لم أرهب من الإقدام على الترشح لانتخابات المجلس الأعلى للقضاء رغم صغر سني ونجحت فيها كما كنت من المدافعين عن إعادة الحياة إلى جمعية القضاة الشبان وتحسين وضع القضاة المادي والأدبي ونجحت في ذلك ونالني شرف المشاركة في تأسيس جمعية القضاة التونسيين الحالية الرافعة لراية الدفاع عن استقلال القضاء.
كما أن التحاقي بالمحاماة لم يكن من خلال التربص بمكتب محاماة ولو ليوم واحد ورغم انعدام كل تجربة لي في هذا القطاع فقد كوّنت واحدا من أكبر مكاتب المحاماة بالبلاد أو قل بشمال إفريقيا وأشرف على تسييره بفضل ثقة شركائي من أساتذتي الذين تعلمت على أيديهم بمدارج كلية الحقوق لما كنت طالبا. ولم أحس بأي مركب نقص لما ترشحت في سنة 1992 لانتخابات الهيئة التنفيذية للجمعية الدولية للمحامين الشبان بسويسرا وكنت أول تونسي بل قل عربي يدخل تلك الهيئة في مؤتمر حضره آلاف المحامين من كافة أنحاء العالم. ولما ولجت فضاء المجتمع المدني من خلال التسيير في القطاع الشبابي والرياضي تقدم إبن الملاسين بكل ثقة لانتخابات رئاسة أكبر نادي في رياضة التنس والمعروف بكونه نادي الأغنياء والوزراء والسفراء وكان الفوز حليفي لثلاث فترات نيابية غيرت خلالها واقع الجمعية ورياضة التنس بصفة عامة وذلك بإرجاع الحياة لدورة تنس المحترفين «Tunis Open» بداية من سنة 2005 بعد توقف دام عشرين سنة والأهم أن تلك الدورة أصبحت الآن أهم تظاهرة رياضية سنوية دولية في بلادنا تساهم في تمويل الجمعية ونشر رياضة التنس وإشعاع بلادنا دوليا. ثمّ ولماّ صرت أول رئيس منتخب للجامعة التونسية للتنس في سنة 2009 توفقت في المكتب الجامعي بفضل فكرة العزم على النجاح التي تقود أعمالي، في قيادة ثورة حقيقية في مجال رياضة التنس التي جعلت منها رياضة شعبية بعد أن كانت نخبوية...
ورافقت أنس جابر ومالك الجزيري في مسيرتهما الناجحة ففازت الأولى معي في جوان 2011 بكأس رولان قاروس للأواسط وهي اليوم بطلة محترفة وتمكن الثاني لأوّل مرّة في تاريخنا من الدخول ضمن المائة الأوائل في العالم (68) وهو الآن رافع الراية الوطنية في هذا المجال. وأمّا فوزي برئاسة اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية في مارس 2013 كأوّل رئيس منتخب فلم يكن مسبوقا بأية تجربة لي في هذه اللجنة.
وخلاصة القول أن النجاح ليس مرتبطا بالتجربة مهما طالت مدّتها بل مرتبط بشخصية الإنسان والمنهجية التي يعتمدها في مسيرته لتحقيق النجاح الذي يصبو إليه.
عذرا ولكنّنا لم نكن نسمع عن مواقف لك ضدّ النظام السابق؟
المسألة لا يجب أن ينظر إليها من هذه الزاوية كأن نقول بأن من لم يكن معارضا للنظام السابق فهو متواطئ فالثورة انطلقت من الجهات المحرومة أشعل فتيلها شباب يشكو من الخصاصة والبطالة ولم يكن لها ملهم ولا زعيم ولا قائد.
وبقدر احترامي للبعض من المعارضين الذين ساهموا ولو بشكل غير مباشر في تعرية ممارسات رأس النظام وبطانته بقدر ما أنوّه بالروح العالية التي تحلى بها العديد من المسؤولين في مختلف المواقع سواء في القطاع العمومي أو في القطاع الخاص أو في المجتمع المدني والإعلام والذين عملوا على تأمين جميع المرافق وحافظوا على مؤسسات الدولة.
فأنا أتشرف بالانتماء إلى هذه الأغلبية التي كانت لديها فرصة النشاط صلب المجتمع المدني والمساهمة في بناء الدولة التونسية والتي لا يجب الخلط بينها وبين النظام السابق.
وأنا لم أتولّ طوال حياتي أيّة مسؤولية تابعة للنظام السابق ولكن خدمت الوطن من خلال سلك القضاء ومهنة المحاماة والمجتمع المدني في مجالات الشباب والرياضة والحركة الأولمبية.
وبعد الثورة كانت لك سجالات مع أحد وزراء «الترويكا» طارق ذياب ....
باختصار شديد هذا السجال أعتبره جزءا من الماضي الذي لا بدّ من تجاوزه لبناء المستقبل. فأنا ليست لي مشكلة مع الرجل الذي أعطى الكثير لكرة القدم التونسية ولكن لا أدري لماذا حاول منعي من الترشّح لرئاسة اللجنة الأولمبية بكل الطرق إلا أنه بفضل التعامل الحضاري الذي إنتهجته في خلافي معه وبفضل البرنامج القيّم الذي تقدّمت على أساسه إلى الإنتخابات تمكنت من الفوز بالرئاسة والأهمّ من ذلك أنني تمكنت في ما بعد وفي وقت وجيز من لمّ شمل العائلة التي أصبحت اليوم تعمل كمجموعة متجانسة ومتضامنة. خدمة للشباب وللرياضة وللحركة الأولمبية.
مع احترامي لمسيرتك الثرية جدا، بصراحة هل ترى أنها تعطيك إرثا شرعيا أو موروثا سياسيا يفتح لك باب قصر قرطاج ؟
المسألة ليست في إرث شرعي أو موروث سياسي لأن خوض الانتخابات الرئاسية حق مشروع كفله الدستور لكل مواطن تونسي يرى في نفسه القدرة والكفاءة على تحمّل أعباء هذه المسؤولية السامية بكل أمانة وإخلاص.
أما القدرة والكفاءة فهما مرتبطتان بالتجربة الشخصية والعامة الناجحة للمترشح وبقراءته الحصيفة لواقع البلاد وأوضاعها وبرؤيته الإستشرافية لمستقبل تونس وأبنائها ومن هذا المنطلق فإن التجربة التي اكتنزتها طيلة مسيرتي المهنية في القضاء والمحاماة والتي تعزّزت بتجربة ثرية في المجتمع المدني وأساسا في قطاعي الشباب والرياضة اللذين يهتمان بشريحة واسعة من المجتمع التونسي تنبني على سياسة القرب فسياسة القرب التي أمارسها منذ ما يزيد عن الربع قرن مكنتني من تأليف «كتابي» وهو كتاب يعرض رؤية متكاملة حول الأوضاع في بلادنا بمختلف الميادين ويقدم تصورات ومقترحات عملية وهو برنامج عمل وأمل، هو طريق لنماء تونس الجديدة.
هاجسي ليس فتح أبواب القصور بل خدمة من هم خارج القصور بأمانة وإخلاص وثقة في النجاح.
صحيح هي مناصب رياضية أولمبية عليا ... ولكنك تترشح لمنصب رئيس الجمهورية يعني علاقات ديبلوماسية وشؤون الدفاع والأمن القومي و...
هذه المناصب هي نقاط قوة وقيمة مضافة أحملها في رصيدي وقد لا تتوفر لدى غيري من المترشحين.
فرئاسة اللجنة الأولمبية هي ممارسة سياسية بامتياز لأنّ هياكلها ذات أبعاد تشريعية (سنّ القوانين) وتنفيذية (الهيئة المديرة الساهرة على تنفيذ القوانين) وقضائية (المحكمة الرياضية) وتربوية (الأكاديمية الأولمبية) إضافة إلى ما تتيحه من احتكاك بكبار قادة الرياضة والحركة الأولمبية في العالم لتمثيل تونس والدفاع عن مصالحها باعتبار الرياضة رافد سلم وتنمية وفقا للقرار المشترك لمنظمة الأمم المتحدة واللجنة الدولية الأولمبية وفي كل ذلك بُعد ديبلوماسي بامتياز.
وفي رئاسة اللجنة الوطنية الأولمبية ورئاسة اللجنة العليا لانتخابات المكاتب الجامعية قيادة وإشراف وتوجيه وتوافق وهي من مستلزمات مهام رئاسة الجمهورية.
ولكنك لم تحدثني عن برنامج عملك لو كتب لك الفوز بكرسي الرئاسة ؟
قبل تقديم ترشحي للرئاسة وضعت كتابي «رؤيتي لتونس» وهو حصيلة قراءة متأنية ووسطية ومتفائلة لواقع صعب تمرّ به بلادنا منذ مدة وقد حاولت أن أتبين الأسباب واقترحت حلولا واقعية براغماتية وسهلة التنفيذ والتطبيق إذا ما توفّر العزم مع الأمل والعمل.
ويتمحور مشروعي حول إعادة الهيبة للدولة وهنا أودّ التأكيد على أنه في السابق كان هناك تسلط للدولة وهذا شيء مرفوض واليوم هناك تهرئة للدولة وهذا أمر غير مقبول فمؤسسة الدولة هي أمّ المؤسسات ومن دونها لا حديث عن مجتمع. نحتاج إلى هيبة الدولة حتى لا يتطاول عليها أحد ونحتاج إلى عدلها حتى لا يثور عليها أحد.
تونس اليوم تعيش حالات من الفوضى، حالات تسيب وخرق للقانون سئمها الناس وضجروا بأصحابها.
حكم القانون هو من أسس الديمقراطية فلا تسيير لمجتمع بلا قانون ولا احترام للحريات بلا انضباط للقانون.رئاستي للجمهورية تعني لا أمن و لا أمان لمن يهدد أمن تونس.
كنت السياسي الوحيد الذي تجرأ وزار جبل الشعانبي في قمة الخطر، كيف جازفت بحياتك وتوغّلت في عش الدبابير؟

الإحساس الذي انتابني يوم 14 جوان 2014 لا يشبهه إحساس من حيث قوة المشاعر، لقد احتفلت وزملائي في اللجنة الأولمبية باليوم الوطني الأولمبي رفقة جنودنا الأشاوس وأمنيّينا الشجعان وشباب القصرين وأهاليها على ارتفاع أكثر من ألف متر ورددنا معا النشيد الوطني والنشيد الأولمبي وقضينا ليلتنا بالمركز الشبابي بالشعانبي على بعد 50 مترا من المنطقة العسكرية المغلقة، لقد أردتها رسالة مضمونة الوصول لحماة الوطن مفادها أن أرواحنا ليست أعز من أرواحهم وأن أبناءنا ليسوا أعز من أبنائهم فكلنا في النهاية فداء الوطن.
إنّ قناعتي هي أن الرئيس هو الجندي في الصفّ الأول وفي أخطر المواقع وأنا بكل صدق لدي الإستعداد النفسي لأن أكون ذلك الجندي. الرئيس في نظري هو حارس الجمهورية وخادم الشعب.
يتساءل الرأي العام عن الاهتمام المتزايد بكرسي الرئاسة وتدافع حوالي 70 مترشحا في البداية قبل أن يتقلّص العدد إلى 27 رغم محدودية صلاحيات رئيس الجمهورية طبقا للدستور الجديد، فلماذا حسب رأيك هذا التهافت ؟
أولا يجب ألاّ ننسى أن الرئيس هو رمز الوحدة الوطنية والضامن لاستقلال الدولة واستمراريتها لاحترام الدستور ويبقى الرئيس في ذهن الشعب صاحب أسمى مهمة في الدولة ومؤسسة الرئاسة منذ الاستقلال إلى قيام الثورة تداول عليها رئيسان فقط واحد لمدة تزيد عن الثلاثين سنة والآخر لمدة تزيد عن العشرين سنة وكان مجرّد التفكير في الترشح لها يعد مجازفة لدى أصحاب السلطة وحاشيتهم. وبعد الثورة اهتزت هذه المؤسسة واستهدفت بعملية تهرئة واستهانة زادتها بعض المواقف إهانة مما جعلها هدفا لعملية إنقاذ تجرّأ عليها عدد معتبر من المترشحين لا يمكن أن نقول لأصحاب العزائم الصادقة منهم إلا شكرا على جرأتهم ويبقى للشعب الكلمة الأخيرة لاختيار الرجل الأجدر.
أما صلاحيات الرئيس فتُعد خلافا للقراءة السطحية لفحوى الدستور صلاحيات هامة للغاية تجعل من الرئيس الضامن لأمن البلاد واستقرارها والجندي في الصف الأول المدافع عن سيادتها وإشعاعها في الداخل والخارج وذلك من خلال صلوحياته في مجالات الدفاع الوطني والأمن القومي والعلاقات الخارجية. فبدون تحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على سيادة البلاد وإشعاعها دوليا لن تدور عجلة الاقتصاد من جديد ولن يستثمر ابن البلاد ولن يأتينا المستثمر الأجنبي ولن تكون هناك سياحة.
وعليه فهناك تشابك كبير بين ملفات الرئيس والملفات الأخرى، وللرئيس أدوات دستورية هامّة منها حق اقتراح مشاريع القوانين وحق ردّ القوانين مهما كانت مضامينها. وهذا يمكنه من لعب دوره التعديلي كحقه في اللجوء عند الاقتضاء إلى الإستفتاء في مجالات ثلاثة هامة هي المعاهدات الدولية والحريات العامة وحقوق الإنسان في مفهومها الشامل والأحوال الشخصية كما له عند الضرورة حق حلّ البرلمان.
وبإمكان الرئيس التأثير في توجيه العمل الحكومي من خلال حقه في ترؤس مجلس الوزراء.
وبالتالي فإنه بإمكان رئيس متمكّن من الملفات ومطلع على حقيقة الأوضاع وله رؤية وبرنامج واضحين أن يقوم بدور أساسي في إنجاح المرحلة المقبلة وذلك بتحقيق الأمن والاستقرار والوفاق المجتمعي ودفع الجميع إلى الاعتصام بالوحدة الوطنية في مواجهة المصاعب والتحديات المستقبلية فيكون رئيسا يجمع ولا يفرّق قريبا من جميع القوى السياسية وفي نفس الوقت يقف على نفس المسافة منها جميعا فهو بمثابة حارس الجمهورية وراعي الوفاق المجتمعي وخادم الشعب مثلما قلت في موضع سابق.
ألا تعتقد أن ملف العلاقات الدولية الشائك هو من أكثر الملفات تعقيدا ويستوجب دراية واسعة بموازين القوى وبالتقلّبات الجيوسياسية ؟
لقد أبرزت في كتابي «رؤيتي لتونس» أن العلاقات الدولية هي بالأساس مصالح متبادلة وتستوجب رؤية واضحة وإطلاعا دقيقا على المنطقة وعلى العالم بأسره حتى نستوعب كنه هذه العلاقات ونتفادى الوقوع في الخطأ ونحرص على الاستفادة القصوى ممّا يتيحه محيطنا الجيوستراتيجي لبلادنا من إمكانات مفتوحة... ويبدو أن تجربة تونس نالت إلى جانب المجتمع الدولي وهو لذلك حريص على نجاحها ويرى فيها نموذجا جديرا بالإقتداء.
وقد ثبت كذلك أنّ حزاما متفجّرا يحيط اليوم ببلادنا وأن حدودها غير آمنة ومازالت أبواب الاستثمار الخارجي موصده أمامها والمساعدة الدولية معلقة...
إنّ مصلحة تونس تقتضي في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها إعادة النظر في تموقعها بفضاءات انتمائها المختلفة المغاربية والعربية والإسلامية والإفريقية والمتوسطية والدولية مع التركيز على العمق الإستراتيجي للاندماج المغاربي انطلاقا من الشقيقة الكبرى الجزائر والمغرب ووقوفا إلى جانب أشقائنا في ليبيا لمساعدتهم على تجاوز محنتهم. وفي هذا ما يتيح لديبلوماسيتنا التحرّك بأكبر قدر من النجاعة والفعالية.
ويتعين العمل على إرساء سياستنا الخارجية على ثوابت الرصانة والاعتدال والواقعية وتغليب العقل على العاطفة وانتهاج الحوار سبيلا إلى فضّ النزاعات في إطار الشرعية الدولية وتجنّب التدخل في الشؤون الداخلية لأيّة دولة كانت.
كما أنّ تونس مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى دعم علاقاتها وتعزيز تعاونها مع الدول الإفريقية التي تعتبر فضاء اقتصاديا واعدًا. وهي أيضا مدعوة إلى مزيد تطوير علاقاتها مع شركائها التقليديين في أوروبا وأمريكا وتوسيعها لتشمل بقية الدول الأوروبية وكذلك بالنسبة للبلدان الصاعدة في آسيا وأمريكا الجنوبية.
فنحن نحتاج إلى أشقاء وأصدقاء ولا نحتاج إلى خصوم وأعداء.
لِمَ الإستماتة في الدفاع عن مشروع تنظيم الألعاب المتوسطية 2021 بصفاقس ؟
عندما استمتّ في الدفاع عن مشروع احتضان صفاقس للألعاب المتوسطية لعام 2021 عملت بإصرار على حمل الحكومة على تبنيه وكان ذلك إيمانا مني بأن الرياضة رافد إستراتيجي من روافد التنمية والسلم ولاقتناعي بأن مدينة صفاقس ثاني أكبر المدن التونسية في حاجة إلى عناية أفضل لتصبح قطبا تنمويا إقليميا يشمل في إطار من التكامل الولايات المجاورة وهي القيروان والقصرين وسيدي بوزيد وقفصة وقابس وإيماني راسخ بأن احتضان تلك الألعاب متلازم بالضرورة مع إنجاز مشاريع تنموية كبرى سواء في مجال البنية التحية كالجسور والطرقات أو المنشآت الرياضية أو في قطاعات النقل والصحة والسياحة وهو ما من شأنه توفير مواطن شغل لأكبر عدد ممكن من أبناء تلك الجهات.
كيف تختم هذا اللقاء ؟
أختم فأقول مهما اختلفنا أو تنافسنا فتونس اليوم تنادينا وتخاطب كل تونسي غيور فينا قائلة « بلادكم أمانة فلا تفرطوا فيها». من أجل هذا سنعمل بإخلاص ونضحي، نعمل بصمت ونصبر، نعمل بعزم ونفخر، نعمل ونصلح لنجني الثمار معا.هو ذا طريق البناء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.