تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد "أحمد الورفلي" رئيس الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة ل"التونسية": الرياضة مجال للفعل السياسيالرابطة تقوم بدور رجل المطافي
نشر في التونسية يوم 23 - 05 - 2012


- تجربتي مؤقتة و تعهدت بذلك
- هذا هو الفرق بيننا و بين اعضاء الرابطة السابقين
- لن أترشّح لانتخابات الرابطة
- الملاعب فضاءات خارج القانون
- الجماهير الرياضية أصبحت خارج السيطرة
احمد الورفلي اسم ظهر فجأة في عالم الجلد المدور , اسم اختار بعد تردد كبير أن يقتحم عالم التسيير الرياضي , اسم التصقت به صفة المؤقت على غرار ماهو متداول في المجال السياسي , اسم اختار أن يخوض تجربة محفوفة بالصعوبات و الضغوطات و الحسابات في فترة اختلفت عن سابقاتها ...
المهمة لن تكون سهلة و المشوار طويل رغم قصره فمقعد الرابطة يختلف عن مقاعد الكليات و مقاعد أصحاب الزي الأسود داخل المحاكم و هو مختلف تماما عن المقعد الوثير داخل مكاتب الرئاسة هو مقعد متحرك تسيره أحيانا أهواء و ميولات صناع القرار داخل النوادي ...
الورفلي قاض شاب كله طموح و اصرار على أن ينحت لنفسه مسيرة ناجحة ولكن قادته الأقدار إلى هذه التجربة فهل تساعده على مواصلة صعود سلم النجاح أم تزج به إلى المجهول...تساؤلات عديدة و استفسارات تبادرت إلى أذهاننا طرحناها على ضيفنا فكان هذا الحوار
في البداية من هو أحمد الورفلي؟
أنا قاضٍ بالأساس. درست بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس وتحصلت على الأستاذية في الحقوق اختصاص قانون المؤسسات سنة 1993 ثم على شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص سنة 1995 وتخرجت في نفس السنة من المعهد الأعلى للقضاء، وبدأت في التدريس بكلية الحقوق والعلوم السياسية منذ 1996. اشتغلت بمحكمة أريانة الابتدائية ثم بمحكمة الاستئناف بتونس ثم قاضيا باحثا. ومنذ أكثر من سنة أصبحت مستشارا لدى رئيس الجمهورية. كما أن لدي اهتماما بالقانون الرياضي وقد أصدرت ثمانية مؤلفات في القانون وعشرات المقالات قد تتجاوز المائة، منشورة في حوالي 15 بلدا باللغات الثلاث العربية والفرنسية والانقليزية في مختلف مجالات القانون وخصوصا قانون التحكيم وقانون الشركات والقانون الجبائي. كما درّست بكليات الحقوق وبالمعهد الأعلى للقضاء والمعهد الأعلى للمحاماة وأطّرت وساعدت عشرات الطلبة في أبحاثهم لمرحلة الماجستير والدكتوراه، منهم تونسيون من كافة أرجاء الجمهورية ومن مختلف فئات المجتمع، ومن بلدان إفريقيا والدول العربية. وقبل تولي هذه المهمة بأيام كنت بصدد الإعداد لنشر كتاب عنوانه «ورقات من تاريخ الجباية في تونس» وكتاب آخر حول «التحكيم التجاري في القانون الليبي»، وأرجو أن لا أتأخر كثيرا في مراجعتهما ونشرهما وأن لا تشغلني كرة القدم عنهما وعن بقية مشاريعي العلمية.
اسم الورفلي غير معروف في عالم الرياضة. كيف جئت إلى هذا الميدان؟
اسم ظهر فجأة في عالم الرياضة وسيختفي بنفس السرعة أيضا.
ألا يجوز الحديث في هذه الحالة عن المؤقت الذي يستمر ؟
ليست لدي أدنى نية للاستمرار في هذا المجال وقد اتفقت منذ الاجتماع الأول مع بقية الزملاء أعضاء مكتب الرابطة المؤقت على أن نتعهد بعدم الترشح لانتخابات الرابطة وتم الاتفاق على ذلك وانطلقنا في العمل على هذا الأساس علما بأني كنت ومازلت عضوا في اللجنة العليا المستقلة المشرفة على الانتخابات الجامعية وليس من أهدافي في الحياة المواصلة في مجال التسيير الرياضي.
إذا، ما الذي أتى بك إلى عالم الكرة ؟
ليست هناك أسرار كبرى. بداية اهتمامي بالرياضة سببها اهتمامي بالتحكيم التجاري لأني درّست قانون التحكيم بالكلية ولدي عديد المؤلفات وعشرات المقالات المنشورة في هذا الصدد كما شاركت في عشرات الندوات في تونس وخارج تونس حول التحكيم التجاري ولاحظت انه في سويسرا في السنوات الأخيرة خاصة أصبحت القضايا الرياضية تمثل 75 بالمائة من القضايا التحكيمية التي تنظر فيها المحكمة الفيدرالية السويسرية بوصفها محكمة رقابة على قرارات التحكيم. عندها أدركت أن الرياضة تطرح في مضمونها إشكاليات قانونية دقيقة وعميقة جدا حول الحقوق الأساسية للإنسان وأخرى تمس القانون المدني إلى جانب قانون الشغل والقانون الجبائي وقانون المحاسبة وقانون المنافسة والقانون التجاري والقانون الدولي والقانون الجزائي وحتى فلسفة القانون... ومن هناك أصبح اهتمامي كبيرا بالمسائل الرياضية وأصبحت استشهد باستمرار في كتاباتي على مدى السنوات الأخيرة بأحكام المحكمة الفيدرالية السويسرية المتعلقة بالتحكيم في النزاعات الرياضية، فبادرت بكتابة عدد من المقالات في هذا المجال نشرت في مجلة التحكيم العالمية ومجلة الأخبار القانونية وغيرها من المجلات المحلية الأخرى وبالتالي فاهتمامي بالرياضة هو اهتمام علمي بالدرجة الأولى، ولم يكن من أهدافي في الحياة أن أتولى التسيير داخل أي هيكل رياضي خاص أو عمومي. لكن هذا لا يحجب حبي للرياضة واهتمامي مثلي مثل كل التونسيين بكرة القدم إلا أني لست من المواظبين على الذهاب إلى الملاعب وإن لم تخني الذاكرة ففي العشرية الأخيرة أو ما يزيد بقليل دخلت الملعب في مناسبتين.
إن وجودي في هذا الهيكل لا ينبغي أن يكون مبعثا لكثير من الاستغراب والدهشة نظرا إلى الحضور الملفت للانتباه لرجال القانون في السنوات الأخيرة في مختلف الفضاءات التلفزية والإذاعية وأيضا وجودهم في مجال التسيير وبالتالي اكتشفنا أن الرياضة دخلها القانون عكس السنوات الماضية حين كان نفاذ القانون إلى عالم الرياضة شبه مستحيل لكن بمرور الوقت لاحظنا محاولة تعميم تطبيق المبادئ القانونية العادية على النشاط الرياضي وذلك بفضل المحكمة الفيدرالية السويسرية ومحكمة التحكيم الرياضي TAS الموجودة في لوزان بسويسرا ثم الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي بتونس إلى جانب المحاكم الوطنية التي بنت فقه قضاء هام هذا المجال، إلى جانب محكمة العدل الأوروبية Cour de Justice des Communautés Européennes خاصة منذ قرار يوسمان Bosman الصادر سنة 1995 والذي مثّل ثورة في عالم القانون الرياضي وفي مجال كرة القدم على وجه الخصوص، قبل أن تتلوه قرارات أخرى مدوية مثل قرار ويبستر Webster وأخير قرار «ماتوزاليم» Matuzalem. ومن الضروري مواكبة هذه التحولات المتسارعة خاصة في ظل عولمة النشاط الرياضي وكثرة تنقلات اللاعبين عبر الحدود، من تونس وإليها.
لكن كيف وصلت إلى الرابطة ؟
قبل الرابطة تم تعييني في اللجنة العليا المشرفة على انتخابات المكاتب الجامعية والتي تواصل أشغالها إلى الآن برئاسة السيد يونس الشتالي، ومن هناك دخلت عالم الرياضة الحقيقي وكانت لي فرصة الإشراف مع بقية زملائي في اللجنة على 29 انتخابات مكاتب جامعية وفي نفس الفترة عينت محكما بالهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي ونظرت في قضية واحدة تهم اللاعب شمس الدين الذوادي وأعتقد انه تم فض النزاع القائم بين كل الأطراف المتداخلة بطريقة مطابقة للقانون وأصدرنا قرارا هاما سواء كان محل إجماع أم لا لأنه بت في جملة من المسائل القانونية الدقيقة جدا والمتعلقة بالرياضة ولم نكن فيه مخترعين فقد اقتدينا بما هو موجود في القوانين التونسية وما هو مكرس من قبل محكمة التحكيم الرياضي («التاس») وما كرسته المحكمة الفيدرالية السويسرية خاصة، والتي تعتبر مرجعا أساسيا في قانون الرياضة في العالم. وفي جويلية القادم سوف أغادر الرابطة، ثم بعدها سينتهي دور اللجنة العليا للإشراف على انتخابات المكاتب الجامعية عند استكمال مهمتها، وهكذا سأخرج من المجال الرياضي تدريجيا قبل أن أصبح ثقيل الظلّ. أرجو ذلك على كل حال.
من أتى بك إلى الرابطة ؟
ليس في الأمر سر. تم الاتصال بي من قبل السيد ماهر السنوسي باعتباره رجل قانون وترددت كثيرا قبل قبول المهمة وكنت أميل إلى الرفض. وكلها أقدار ...
لماذا اشترطتم منذ البداية عدم الترشح للانتخابات القادمة ؟
لسبب بسيط. لقد لاحظت أن الشعب التونسي أحس بارتياح كبير السنة الفارطة عندما تعهدت الحكومة بعدم الترشح للانتخابات القادمة، وأعتقد أنه من العوامل الهامة للثقة العريضة التي حظيت بها انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر 2011. وهذا منطقي، تفاديا لأي التباس ولكل التأويلات التي من شانها أن تعرقل مسار العمل، لان صاحب القرار في هيكل معين أو في قطاع من القطاعات الأخرى ينبغي أن يتجنب الحسابات الانتخابية في جملة القرارات التي يتخذها، وبالتالي يتفادى الاتهامات التي يمكن أن تصدر عن الأطراف المعنية بهذه القرارات، خاصة إذا تعلق الأمر بمكتب مؤقت لا يستمد شرعيته مباشرة من القواعد وقد يغريه المنصب باكتساب شرعية زائفة من خلال استمالة بعض الأطراف.
أما على الصعيد الشخصي فانا لم أفكر مطلقا في رئاسة الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة ولا انوي الاستمرار في هذه المهمة. واختيار عدم ترشح كافة أعضاء المكتب المؤقت هي ليست طريقة لمعاقبة بقية الأعضاء المتواجدين في هذا الهيكل حاليا وإنما اقترحت عليهم هذه الفكرة عند أول مصافحة وكانت لهم حرية الاختيار وأشكرهم جمعيا على التجاوب.
سي أحمد. هي تركيبة ولجنة ومن الضروري أن يكون هناك حد أدنى من الانسجام. من قام باختيار التركيبة ؟
لم يكن هناك أي إشكال في هذا الخصوص. الأسماء الموجودة داخل مكتب الرابطة تمثل قائمة توافقية ولم اعترض على أي اسم من الأسماء المقترحة من مسؤولي الجامعة، وبدورهم لم يمانعوا في دخول الأسماء المقترحة من جانبي، وتم الاتفاق بسرعة على جميع الأسماء من منطلق الثقة المتبادلة في غلبة الاعتبارات الموضوعية على كل اعتبار آخر. وعلى سبيل الصدفة فإن الأعضاء يغطون كامل تراب الجمهورية تقريبا...
إن أغلبية الأعضاء من رجالات القانون. هل هذا إقرار ضمني بأن مشاكل الرابطة تكمن أساسا في سوء تطبيق القانون ؟
قد تكون هذه قراءتك الخاصة وتساؤلات لا املك الإجابة عنها ولا أؤكدها مطلقا ولا أعتقد أنها الأقرب إلى الصّحة. فانا لم أتعرف على رئيس الرابطة السابق السيد محمد السلامي ولا حتى أعضاده إلا هذه الأيام، ولم أكن اسمع عنهم الكثير فيما عدا البعض منهم. لكن بمجرد قدومنا إلى هذا الهيكل اتصلنا بالأعضاء السابقين، وبدعوة منا حضر السيد محمد السلامي وكل من السيدين راضي سليم واسكندر كمون بالجلسة الافتتاحية لتحيتنا وكانت حركة طيبة ونبيلة من قبلهم لا أملك إلا توجيه الشكر لهم عليها وهي تدل على العقلية المؤسساتية والرياضية التي يتحلى بها هؤلاء الرجال. وأرجو أن لا تفهمي أني ألوم من لم يحضروا لأنهم كانوا دون شك منهمكين في مشاغلهم...
بحكم المتابعة للشأن الرياضي ما هي الصورة التي تحملها عن الرابطة ؟
ليست لدي صورة خاصة عن الرابطة لكن لدي صورة عن المشهد الرياضي العام في تونس. فالرياضة ميدان يتركز عليه اهتمام شعبي وجماهيري وإعلامي كبير وهناك مصالح رياضية ومالية وشخصية محيطة بالرياضة، وهي أمور طبيعية ولا تختص بها تونس. فالرياضة ميدان يوجد فيه الكثير من المولعين الذين لا يجدون لذة إلا في ارتياد الملاعب وحضور المباريات وتشجيع نواديهم أو خدمة الشبان، لكنها أيضا وبالنسبة للبعض ممر أو مصعد نحو طموحات اجتماعية أو سياسية، وهذا طبيعي وليس بدعة أو حكرا على تونس. لكن ما نلاحظه هو أن الرياضة وخاصة كرة القدم أصبحت في مجتمعنا محاطة بتوتر وضغط بلغ أقصاه أحيانا وهو شيء مفهوم في العهد السابق حيث كانت الأفواه مكممة وكان الفضاء الرياضي هو المكان الوحيد الذي يستطيع داخله المواطن التعبير عما يختلج في ذاته وعقله، فكان أن رفعت الجماهير الرياضية شعارات ضد الأشخاص النافذين داخل الدولة بمن في ذلك الرئيس الأسبق وزوجته وعائلتيهما، ولم تُعاقب الجماهير لأنها كانت خارج السيطرة بحكم عددها الغفير. وحسب المحللين للشأن الوطني كان هناك نوع من التوافق الضمني الهشّ بين المجتمع والدولة: لا حرية تعبير خارج الملعب، والملعب هو الفضاء الوحيد للتعبير الحر وحتى العشوائي. فكان أن نشا بسبب نوع من الإحساس والإقرار المشترك بان الملعب فضاء خارج القانون un espace de non-droit. وربما كان هذا هو ما يفسر ظهور ظاهرة المجموعات التي يتنقل أفرادها إلى الملاعب وتراهم يشجعون فرقهم طوال الوقت في حين أن البعض منهم لا يشاهدون المباراة أصلا. وكان النظام يعتقد أنه أبرم بذلك صفقة «متكافئة» حسب وجهة نظره مع المجتمع، يشتري بها حرية التعبير في المجال السياسي بتساهل كبير في المجال الرياضي. وبذلك كانت الرياضة مجالا للفعل السياسي بامتياز.
وأذكر أنه في أواخر عهد بن علي فتحت قناة الجزيرة هذا الملف في برنامج «الحصاد المغاربي» كما تناولته عدة برامج تلفزية تونسية كان بعضها أحيانا جريئا جدا في تناول المسألة.
واليوم وقد زال هذا المعطى، أصبحت حرية التعبير خارج الفضاء الرياضي مدعاة للتساؤل حول المعادلة القديمة وقدرتها على الصمود لوقت آخر، والأكيد أنها لم تعد صالحة. فالتونسي بإمكانه اليوم أن يعارض السلطة في فضاءات عديدة وليس في حاجة للذهاب إلى ملعب كرة قدم أو غيره للتنفيس عن حالة احتقان يعيشها. وهذا ما سيطرح بجدية مسألة علاقة التونسي بالملعب في المستقبل، ومن ثمة تساؤلا أكثر جدية عن مستقبل الرياضة في تونس إذا تقلص الاهتمام الجماهيري بالرياضة لهذا السبب أو بسبب تفاقم ظاهرة العنف إلى حد غير مسبوق. لذلكم أعتقد أن على القائمين على شأن الرياضة البحث عن مقومات جديدة تغري التونسي بالذهاب إلى ملاعب كرة القدم سنة 2015: لعب جميل وغير متقطّع، فضاء ممتاز لاحتضان العائلات يحيط بملاعب الرياضة، حوكمة رياضية سليمة، نظام احتراف حقيقي من كلا الجانبين... وأعتقد أنه يجب على كافة الأطراف وضع هدف قابل للقيس mesurable لقياس مدى النجاح في الحقل الرياضي. وبالنسبة لكرة القدم، ينبغي أن يكون الهدف هو بلوغ وقت لعب فعلي يتجاوز 50 دقيقة في كل مباراة. فاليوم، وحسب معلومات استقيتها من متابعة البرامج والتحاليل الرياضية، يضيع ما يقارب 60 دقيقة من كل مباراة في الهامشيات والمشاكل الجانبية وفي سقوط اللاعبين بحثا عن إضاعة الوقت والاحتجاج على جميع القرارات صائبها وخاطئها واقتحام الميادين من قبل الجميع ومحاولة إخراج الأشخاص من فضاء اللعب...
إذا ما هي الحلول حسب اعتقادكم ؟
لا توجد حلول سحرية للظواهر الاجتماعية كالعنف وغيره من الظواهر السلبية التي ترتبط برياضتنا، كالاحتجاج الآلي على كل القرارات بمنطق «خذ هذا على الحساب حتى نقرأ الكتاب». كما أن المشاكل الرياضية جزء من مشاكل المجتمع ولا يمكن حلها بمعزل عنها.
لكن بشكل أساسي، أعتقد أنه عندما يقل حجم التوتر داخل المجتمع أي حين يتعافى الاقتصاد نهائيا وتتحسن أحوال التشغيل في البلاد ويطمئن التونسي نهائيا إلى أنه قادر على التعبير عن وجهة نظره في كل مكان ولما تستقر الأمور على منظومة مجتمعية ديمقراطية يكون خلالها المواطن قادرا على إبداء رأيه بكل حرية في كل ما يخصه، في المنزل وفي مقرات العمل وفي الحزب وفي الجمعية وفي الشارع وأثناء الانتخابات، يمكننا في هذه الحالة أن نتفاءل خيرا بمستقبل الرياضة...
إن الديمقراطية والحوار هي التي ستخرج مجتمعنا من مشاكله وستحدث تغييرا عميقا في عالم الرياضة، والديمقراطية ليست مسالة فوقية نتذكرها أثناء الانتخابات وخارج هذا الفضاء السياسي نواصل على نفس النّمط...
إنّ المجتمع التونسي يتوق إلى علاقات أفقية وليست عمودية. وانخرام المعايير والقواعد في علاقة التلميذ بالمعلم وعلاقة المواطن بالشرطي وعلاقة العامل برئيسه في العمل إلى غير ذلك أدى إلى ما أعتبره «وقفة تأمل» يعيشها المجتمع منذ الثورة، وهو تعبير عن حاجته الماسة إلى تغيير نمط العيش وطبيعة العلاقات البشرية. وفي الأثناء، تواصل الرابطة الوطنية لكرة القدم القيام بدور رجل المطافئ من جهة، ويطغى على عملها الجانب الردعي، مما يعوقها عن التفكير الجدي في كيفية تطوير اللعبة.
وبإدراكنا لكل هذا بإمكاننا أن نتجاوز عديد المشاكل على غرار تلك التي تعانيها الكرة التونسية، لتخرج الرابطة الوطنية لكرة القدم عندها من الوصف الذي منحه إياها الأستاذ فتحي المولدي «القباضة الوطنية لكرة القدم المحترفة» لتصبح حقيقة رابطة لكرة القدم المحترفة...
صورة قاتمة صراحة. ما لذي دفعك إلى هذه التجربة خصوصا أنكم في مقتبل العمر وطموحكم كبير لإدراك مراتب عليا في اختصاصكم ألا تعتقد أنها مجازفة في هذا الظرف ؟
أنا متفائل بطبعي. لا أنا بالمتفائل الغرّ ولا بالمتشائم السوداوي، لكني أرى المشاكل مثلما هي دون كثير من الأوهام.
بالنسبة لهذه المهمة، أقول يوميا: «ستار ربي». قبلت هذه المهمة بعد تردد وأكثر من مجرد التردد... لكني أبرمت منذ سنوات عقد تأمين ضد جميع المخاطر assurance tout risque إسمه رضاء الوالدين.
للأسباب التي ذكرناها آنفا كان ترددك في قبول المهمة؟
لتلك الأسباب وغيرها. فأنا لا أحب كثرة الظهور وخصوصا كثرة الجدال واللجاجة التي تُذهب الهيبة ولا أريد أن تصبح صورتي متداولة بكثرة في مختلف وسائل الإعلام لأنها ستحرمني من حرية التمتع بحياتي التي كانت هادئة جدا قبل هذا التكليف. لكن أظن أن ذلك يبقى قدرا من الله وقد تكون وراءه حكمة كبيرة. وقد بدأت هذه المهمة بكلمة «توكلت على الله» ولدي نوع من اليقين بأن المولى يسطر الأشياء كما نريد أو كما لا نريد، وقد يكتب لنا خيرا مما نريد، وحكمته وسعت كل شيء.
وجودنا داخل الرابطة مؤقت، لكن هذا لا يمنع من الإقرار بصعوبة المهمة ونحن جميعا متفقون على مبادئ لا نحيد عنها. فنحن لسنا خصوما لأحد ونحترم كل الأطراف على حد السواء وعابرون في مجال الرياضة وليست لنا مصالح ودورنا أساسا يتمثل في تطبيق القانون وما احتوته النصوص، ومصالح أطراف المنافسة الرياضية لا دخل لنا فيها ولا تؤثر على قراراتنا...
إن العقوبات الأخيرة التي اتخذتها الرابطة اتسمت بنوع من الصرامة على عكس القرارات السابقة رغم أن الوقائع كانت نفسها والفصول القانونية نفسها ولكن التكييف أو القرارات كانت مغايرة ما مرد ذلك ؟
ليس في ذلك أي سر. القانون كما هو شأن كل نص آخر، سواء كان نصا أدبيا أو شعريا أو دينيا بوجه عام، يقبل قراءات مختلفة وكل نص قابل لقراءات متباينة وليس في ذلك بدعة. بالنسبة لمكتب الرابطة، لما تصفحنا المجلة التأديبية وقمنا بقراءة جماعية لمختلف فصولها، بحثنا عن إمكانية التخفيف فلم نجد أي نص يسمح بذلك. والفصل الوحيد الذي يمثل مدخلا للتخفيف هو الفصل 18 الذي يسمح بضم العقوبات بالنسبة للاعبين فقط (أجري الحوار قبل الجلسة العامة التي عقدتها الجامعة التونسية لكرة القدم وقامت فيها بتعديل عدد من القوانين الرياضية ومنها الفصل 18 الذي أصبح يسمح بضم العقوبات بالنسبة للمسيرين أيضا). ما عدا ذلك لا يجوز تطبيق ظروف التخفيف، هذا إضافة إلى وجود معطى تاريخي هام يؤكد صحة هذه القراءة. فقد تم تعديل النصوص القانونية بالنسبة للمجلة التأديبية، بحيث كانت تنص في السابق على مقدار العقوبة باعتماد صيغة «من كذا إلى كذا»، لكن بعد أن تم تعديل النص القانوني أصبحت العقوبات محددة وواضحة وجامدة، هو ما يعني أن القانون لا يمنح السلطة التقديرية للرابطة.
يعني أن القراءات والتأويلات غير جائزة ؟
قراءتنا لهذا الفصل أن التخفيف غير ممكن. في المقابل تعرض المشرع الجزائي في الفصل 53 من المجلة الجزائية إلى ظروف التخفيف وعددها وأعطي ضوابط تطبيقها وكيفية إعمالها في الحالات الفردية، كما أوردت نفس المجلة ظروف التشديد أيضا، في حين أنه في المجلة التأديبية الرياضية لا وجود للفصل 53 أو لنظير له، وحتى الفصل الأول الذي يوحي بوجود سلطة التخفيف فهو يتعلق بميدان التطبيق دون سواه ولا علاقة له بالتخفيف، وهو يقر مبدأ تعهد السلطة التأديبية الرياضية بجميع ما يقع من أحداث لها علاقة بالرياضة ولو كانت في نفس الوقت من أنظار القضاء الجنائي بحكم صبغتها الإجرامية، ليبقى بذلك المجال الأول لاجتهاد الرابطة هو التحقق من حدوث الوقائع ثم نسبة الأفعال إلى شخص معين لنصل في مرحلة ثالثة إلى التكييف القانوني. فإن تحقق ذلك فالعقوبة آلية.
لكني أعود إلى سؤالك لأقول إن هذه النصوص تقبل القراءات المتعددة كما سبق أن بينت. هذه قراءتنا ولا ندعي العصمة أو عدم إمكانية الوقوع في الخطأ. لكن وجود حوالي عشرة أعضاء من رجال القانون الضالعين في المكتب الحالي، ولئن كان مدعاة للنقد بالنسبة لبعض المهتمين بالشأن الرياضي -وهم محقّون في ذلك لو تعلق الأمر بمكتب دائم فهو يضمن على الأقل أن يقع تحليل النصوص القانونية بكامل الدقة والعمق قبل اتخاذ القرارات، مع الاقتداء بالمبادئ القانونية العامة وبتوجهات القانون الرياضي الدولي.
هل نستشف من كلامك أن القرارات السابقة مخالفة للقانون ؟
أبدا. أبدا. لا أقول مطلقا أن الذين سبقونا قرؤوا القانون بصفة خاطئة. فقراءتنا مختلفة فقط، وكل ما في الأمر أن هناك إشكالية جوهرية في القانون الرياضي. فهناك من يعتبر أن القانون الرياضي مستقل، ويبنون على ذلك عدة استنتاجات قانونية، في حين توجد قراءة كرستها قوانين للفيفا وخاصة النظام المتعلق بوضع اللاعبين وتنقلاتهم، يبرزها التطور الذي حصل نحو استبعاد نظرية استقلالية القانون الرياضي وتكريس مبدأ «خصوصية الرياضة» المنصوص عليه بصريح النصوص. فكل المبادئ المألوفة في القانون العادي تطبق في الرياضة عدا ما ورد فيه نص خاص مخالف ولم يكن مخالفا لمبادئ النظام العام أو القوانين الآمرة الصادرة عن الدول بصفتها سلطا عمومية. وهذا الاختلاف في المنطلقات والمرجعيات هو الذي يترتب عنه اختلاف في الحلول والقراءات.
عادة ما تتخذ الرابطة قرارات ردعية وزجرية ولجنة الاستئناف تنقض هذه القرارات. ما هو تعليكم على ذلك ؟
التعميم غير ممكن. لكن بوجه مبدئي، هذه نتيجة طبيعية لمبدأ التقاضي على درجتين. ففي القضاء أيضا يمثل المتهم أمام المحكمة الابتدائية خاصة في المادة الجنائية فيقضى بإعدامه أو بسجنه مدى الحياة أو بعقوبة أقل من ذلك، ويمكن في الاستئناف أن يقضى بعدم سماع الدعوى أو بالحط من العقاب. وهذا لا يدل على أي شيء إلا على تعدد أفهام النصوص وقراءاتها. كما أن قراءة الوقائع ليست بالضرورة متطابقة.
وبالنسبة للرابطة سنحرص مستقبلا على أن تصاغ قراراتنا وأن يتم تعليلها بأقصى درجات الوضوح، وخصوصا من حيث المرجعية القانونية، حتى نضمن أن تكون الحجج القانونية والمنطقية التي تبنى عليها قراراتنا واضحة وكافية بذاتها. وإن رأت اللجنة الوطنية للاستئناف خلاف رأينا فهذا لن يزعجنا بالمرة، لأن تجربتنا القضائية عوّدتنا على أن نصدر قراراتنا ونمضي، ولا يهمنا إن وقع إقرار قراراتنا أم نقضها لاحقا، لأننا ننأى بأنفسنا عن سلوك الطرف في النزاع الذي يعيش النزاع إلى النهاية، في حين أن نظرنا محدود بالمرحلة الابتدائية. فإن صدرت قرارات من الدرجات الأعلى مخالفة لرأينا فنحن نقتصر على استخلاص النتائج القانونية المترتبة عنها، ونواصل عملنا على نفس النحو.
بعد مباشرتك لمهامك وبعد استصدار القرارات الأخيرة هل تم الاتصال بك من قبل مسؤولي النوادي ؟
لم يسع أي طرف إلى الاتصال بي للتأثير على قرارات الرابطة. لكن بعد اتخاذ القرار القاضي بتعيين المباراة الفارطة بين الترجي الرياضي التونسي والنجم الخلادي ببني خلاد اتصل بي صديق هو محام من عائلة الترجي ليعلمني بأنه سيتم استئناف القرار، وهذا طبيعي ومن حقهم ممارسة حق الطعن، فأعلمته بأنه ستتم إحالة ملف الطعن فور وروده إلى اللجنة الوطنية للاستئناف حتى لا يتعطل النظر في الطعن، وهو من صميم دورنا كرابطة. وأنا أنتهز الفرصة لأطلب من جميع الأطراف تجنب الاتصالات الجانبية والشخصية والاقتصار على الاتصال بالرابطة كهيكل قانوني وتقديم ما يشاؤون من الطلبات والحجج والاعتراضات وهكذا يمكننا أن ندرسها جميعا دون توان وفي كنف الشفافية.
هل لنا أن نعرف الفكر السياسي الذي تميلون إليه ؟
أنا تونسي، قاض، مستقل بحكم طبيعة مهنتي الأصلية وأيضا بحكم بنيتي الفكرية. لا حزب لي، وسطي، ولكن على مسافة مع جميع الأحزاب السياسية. فلدي رؤية نقدية لكل ما يدور حولي في هذا العالم والسياسة ليست استثناء.
بماذا تريد أن نختم هذا الحوار ؟
أريد أن أؤكد أننا كرابطة لسنا طرفا في أي رهانات ولسنا مترشحين للانتخابات القادمة وقراراتنا ليست بالضرورة مقنعة لكل الأطراف ولا إشكال ولا انزعاج أن يتم الطعن فيها وحتى في أن يقع نقضها من قبل الهيئات الأعلى درجة. ووفق الله الجميع لما يرضاه...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.