أثارت «خريطة» مجلس نواب الشعب لدى الملاحظين السياسيين والمتابعين للشأن الوطني حيث رأى بعضهم أن تركيبة المجلس خاصة على مستوى تقاسم المناصب العليا (الرئيس ونائباه) تعكس في النهاية تحالفا بين من يملك نفوذا في الشارع عبر الأنصار والقواعد والهياكل (النداء والنهضة) طبعا اضافة الى المال ومن يملك المال وما يعني ذلك أيضا من نفوذ في اشارة الى حزب الاتحاد الوطني الحرّ ورئيسه سليم الرياحي. وقد رأى هذا الشق بروز «ترويكا» جديدة وأنّ المشهد النهائي في المجلس الجديد هو تجسيد للصورة التي أفرزها اجتماع باريس فترة انطلاق جلسات الرباعي الراعي للحوار بينما أكّد آخرون أنّه لا يمكن لسيناريو 2011 ان يتكرّر نفسه وأنّه لا يمكن الحديث عن «ترويكا» جديدة مبيّنين انّ ما حصل هو نتيجة توافقات حينيّة وجزئيّة لا تتعلّق بتركيبة الحكومة القادمة. «التونسيّة» رصدت انطباعات بعض السياسيين حول هذا الموضوع. قال ماهر بن ضياء أمين عام حزب الإتحاد الوطني الحر إنّه يرى انطلاقا من موقعه في الحزب وعلمه بكلّ ما يجري في الكواليس أن تركيبة مجلس نواب الشعب لن تكون حتما هي تركيبة الحكومة القادمة مبيّنا أنّ توزيع الأدوار داخل مجلس نواب الشعب جاء نتيجة توافقات حينيّة أفرزها المشهد السياسي الحالي. لا يمكن الجزم... رغم المؤشّرات وأكّد بن ضياء أنّه لا يمكن الجزم بأننا أمام «ترويكا» جديدة لأنّ الصورة التي أفرزها مجلس النواب هي نتيجة جزء من التوافقات التي عقدت حول إدارة شؤون البلاد موضّحا أنّ تشكيلة الحكومة القادمة ستكون بدورها رهينة توافقات اخرى ستجرى بعد الدورة الثانية من «الرئاسيّة». وأشار بن ضياء إلى أنّه لا يمكن الحديث عن تحالفات لأنّ المحادثات التي جمعت بين «الإتحاد الوطني الحر» والحزب الفائز بالأغلبيّة في نتائج الإنتخابات التشريعيّة تمحورت حول بعض النقاط الراهنة مؤكّدا انّ حركة «نداء تونس» أبدت استعدادها لتشريك جميع القوى في المشهد السياسي القادم وأنّ «الإتحاد الوطني الحر» لم يشترط عدم وجود حزب من الأحزاب في السلطة مشيرا إلى أنّ الأرضيّة الوحيدة التي تمّ على أساسها الاتفاق بين الحزبين هو انّ الإتحاد قوّة برلمانية ثالثة وأنه بالتالي يمكنه ان يكون شريكا في صنع القرار. وأكّد بن ضياء أنّه لا يمكن الحديث عن ترويكا جديدة لانّ المشهد السياسي لم يكتمل بعد مستبعدا أيّة علاقة لاجتماع باريس بالتشكيلة التي أفرزها مجلس النواب. من جانبه قال زياد الأخضر عن «الجبهة الشعبيّة» انّه يتراءى للمتابع البسيط لمجريات الاحداث ولتركيبة المجلس النيابي الجديد انّ المشهد له علاقة بإجتماع باريس وانّ بلادنا أمام «ترويكا» جديدة مشيرا الى أنه سياسيّا لا يمكن الجزم بذلك في ظلّ عدم تشكّل الحكومة الجديدة غير مستبعد في ذات الوقت وجود مؤشرات على ذلك. ابتعدوا عن المهاترات والمزايدات من جهته بيّن نورالدين البحيري عن حركة «النّهضة» أنه لا علاقة لما أفرزه المجلس النيابي الجديد بالحكم خلافا لما كان عليه الوضع في المجلس الوطني التأسيسي سابقا موضّحا انّ تعيين مصطفى بن جعفر كان جزءا من استطلاعات التحالف لإدارة شؤون البلاد آنذاك وأنّ عمليّة الانتخاب الأخيرة التي تمّت في مجلس نواب الشعب لا توحي بترويكا جديدة لانّ «الجبهة الشعبية» مثلا صوّتت لمرشح «نداء تونس» ولأن أحزابا من خارج الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعيّة صوّتت لعبد الفتاح مورو وان ذلك يؤكّد انّ المسألة متداخلة وتتعلّق بعملية حصرية ولا علاقة لها بتحالفات واجتماعات. وأكّد البحيري أنّ حركة «النهضة» كانت قد نادت منذ حملتها في «التشريعيّة» بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنيّة قصد مواجهة الصعوبات التي تمرّ بها البلاد مبيّنا انّه لا يمكن لأيّ من الأحزاب الفائزة أن يُدير بمفرده شؤون البلاد موضّحا انّ الحركة مستعدّة لخدمة البلاد من أيّ موقع في الحكومة وعلى قاعدة الدفاع عن مبادئ الديمقراطية واستكمال الإنتقال الديمقراطي وبناء تونس الحديثة والمدنيّة. ودعا البحيري إلى الإبتعاد عن المهاترات والمزايدات التي لن تزيد البلاد نفعا مؤكّدا انّ ما افرزه المجلس النيابي خاصّ بيوم تنصيب رئيسه ولا علاقة له لا بتحالفات ولا باجتماعات ولا بترويكا جديدة. مشهد إصطناعي في انتظار نتائج «الرئاسيّة» أمّا سامية عبّو عن التيّار الديمقراطي فقد وصفت المشهد السياسي الذي أفرزه مجلس نواب الشعب بالمشهد الإصطناعيّ مبيّنة انّ الوضع داخل المجلس والمتمثل في التصويت المتداخل بين «النهضة» و«النداء» والصورة التي توحي بالتحالف مع «الإتحاد الوطني الحر» شبيه بمسرحيّة سيّئة الإخراج ،على حدّ تعبيرها، مشيرة إلى انّها ذكرت ذلك في الجلسة الأولى لمجلس نواب الشعب وقالت إنّ كلّ شيء يذكّرها ببرلمان بن علي على حدّ تعبيرها. وأكّدت عبّو على وجود حالة من الصمت التي تسبق العاصفة مبيّنة انّ كلّ الإجراءات التي حصلت في المجلس رهينة نتائج الانتخابات الرئاسيّة موضّحة انّه لا وجود لتوافق بين الأحزاب وانّ الجميع في انتظار النتائج للتحرّك مشيرة إلى غياب المواقف الجدّية للجبهة الشعبيّة قائلة:» الجبهة تدغدغ ونداء تونس يغازل فيها ويمنّي فيها». وبيّنت عبّو انّه لا يمكن في الوقت الراهن الحديث عن «ترويكا» جديدة لأنّ الهبّة الحقيقيّة في انتظار نتائج «الرئاسيّة» ملاحظة انّه من المستحيل ان يكون الحزب الفائز مع المصلحة العامّة للبلاد باعتبار أن مرشحه للدورة الثانية من الرئاسيّة اهم بكثير من ذلك فهو على حدّ تعبيرها «فوق الدولة والشعب والمصلحة العامة». لا علاقة من جانبه قال الطيّب البكّوش القيادي بحركة «نداء تونس» إنهّ لا علاقة لما حدث في مجلس نواب الشعب بترويكا جديدة لا من قريب ولا من بعيد مبيّنا انّ «الترويكا» في انتخابات 2011 جاءت بعد ان تمّ الاتفاق في شكل تحالف بين الأطراف الثلاثة التي تقاسمت السلطة على أساس مُحاصصة حزبيّة وأنّ ما حصل هذه المرّة هو توافق لا علاقة له بتحالف كان على أساس إحترام إرادة الناخبين التي أعطت ل «نداء تونس» المرتبة الأولى ورئاسة مجلس نوّاب الشعب ومكّنت الحزب الثاني من النائب الأوّل والحزب من منصب النائب الثاني. وأكّد البكّوش أنّه لا علاقة لما حدث في مجلس نواب الشعب باجتماع باريس مبيّنا أنّ الموضوع تعلّق بمحاولة إقناع «النهضة» بضرورة المشاركة في الحوار الوطني بعد ان كانت مقاطعة لجلساته شأنها شأن «المؤتمر من أجل الجمهورية» وأن لقاء باريس أفضى الى اقناع حركة «النهضة» فيما بقي «المؤتمر» على موقفه.