السلطات الفرنسية تبحث عن سجين أطلق سراحه عن طريق الخطأ    انفجارات عنيفة تهز مدينة حلب السورية    عاصفة رملية كثيفة تجتاح السعودية والعراق وقطر    في شهر جوان.. 3 مباريات ودية للمنتخب التونسي    الكرة الطائرة.. الترجي يتأهل الى نهائي الكاس    القيروان.. البرد يتسبب في اضرار بمحاصيل الحبوب والاشجار المثمرة    القصرين.. حجز 2147 قرصا مخدرا بحوزة شخصين على متن سيارة    صفاقس : عودة متميزة لمهرجان سيدي عباس للحرف والصناعات التقليدية في دورته31    بنزرت: إلغاء إضراب أعوان الشركة الجهوية لنقل المسافرين المبرمج ليوم الأربعاء 07 ماي    مهرجان محمد عبد العزيز العقربي للمسرح...دورة العودة والتجديد و«ما يراوش» مسك الختام    لأول مرة في السينما المصرية/ فيلم يجمع هند صبري بأحمد حلمي    إلزام الناشرين الأجانب بإرجاع كتبهم غير المباعة إجراء قانوني    وفاة 57 طفلا والمأساة متواصلة ... غزّة تموت جوعا    هبة يابانية    نسبة التضخم تتراجع الى مستوى 6ر5 بالمائة خلال شهر أفريل 2025    قابس: مستثمرون من عدّة دول عربية يشاركون من 07 الى 09 ماي الجاري في الملتقى العربي للاستثمار السياحي والاقتصادي بقابس    شراكة تونسية قطرية لتعزيز القطاع الصحي: 20 وحدة رعاية صحية جديدة خلال 3 أشهر    الحماية المدنية تنبّه من الممارسات التي تساهم في اندلاع الحرائق    عاجل/ إعلام إسرائيلي: تم تدمير ميناء الحديدة في اليمن بالكامل    زغوان: رفع 148 مخالفة اقتصادية وحجز أكثر من 22 طنّا من السكر المدعم    بطولة الرابطة الأولى: برنامج الجولة الأخيرة لموسم 2024-2025    الجمعية التونسية للزراعة المستدامة: عرض الفيلم الوثائقي "الفسقيات: قصة صمود" الإثنين    ثلاث جوائز لتونس في اختتام الدورة 15 لمهرجان مالمو للسينما العربية    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: ايقاف مباراة الملعب القابسي ومستقبل القصرين    انخفاض أسعار البطاطا في نابل بفعل وفرة الإنتاج والتوريد    عاجل/ نتنياهو: هجوم جديد ومُكثّف على غزّة وسيتم نقل السكّان    أريانة: سرقة من داخل سيارة تنتهي بإيقاف المتهم واسترجاع المسروق    آلام الرقبة: أسبابها وطرق التخفيف منها    سعر "علّوش العيد" يصل 1800 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    عاجل/ رفض الإفراج عن هذا النائب السابق بالبرلمان..    عاجل - سيدي حسين: الإطاحة بمطلوبين خطيرين وحجز مخدرات    مجلس نواب الشعب : جلسة عامة غدا الثلاثاء للنظر في اتفاق قرض بين تونس والبنك الإفريقي للتنمية    بوفيشة: احتراق شاحنة يخلف وفاة السائق واصابة مرافقه    الرّابطة الثانية : برنامج مباريات الدُفعة الثانية من الجّولة 23.    في قضية مخدرات: هذا ما قرره القضاء في حق حارس مرمى فريق رياضي..#خبر_عاجل    المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة في زيارة عمل إلى تونس بيومين    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    دوار هيشر: 5 سنوات سجناً لطفل تورّط في جريمة قتل    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    انطلاق امتحانات البكالوريا التجريبية..    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    باكستان تصعد حظرها التجاري ضد الهند    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناضل مصطفى الفيلالي ل«التونسية»:الآن... الأمن قبل الاقتصاد والبرامج
نشر في التونسية يوم 10 - 12 - 2014

حلّ معضلة البطالة أولويّة عاجلة أمام الحكومة المقبلة
على الرئيس القادم أن يكون تونسيّا ٪100
حاوره: عبد السلام لصيلع
للمناضل والنّقابي والسيّاسي والمفكّر والأديب الأستاذ مصطفى الفيلالي مكانة كبيرة على الأصعدة الوطنيّة والعربيّة والدّولية بكفاحه السّياسي والنّقابي الطّويل في عهد الاستعمار الفرنسي وبعد الاستقلال، وبتقلّده مسؤوليات وزاريّة وحزبيّة كثيرة في عهد بورقيبة عند تأسيس الدّولة التونسيّة واضطلاعه بالأمانة العامّة لاتّحاد المغرب العربي والعمل بهيئات دوليّة للأمم المتّحدة في مقدّمتها المنظّمة الدوليّة للعمل إلى جانب منظّمة المؤتمر الإسلامي... وهو من أعضاء مجلس أمناء مركز دراسات الوحدة العربيّة ببيروت وله العديد من المؤلّفات الأدبيّة والاجتماعية والاقتصادية. وفي هذا العمر (93 سنة، ما شاء الله) مازال شعلة من الحيويّة والنّشاط والعنفوان الذهني والفكري.
وللاستفادة من آرائه وأفكاره في الظّروف الحالية التي تمرّ بها تونس استضافت «التونسيّة» الرجُل في «حوار اليوم».
كنت في المجلس القومي التأسيسي في فجر الإستقلال، وواكبت المجلس الوطني التأسيسي، وها إنّك تتابع مجلس نوّاب الشّعب وحضرت جلسته الإفتتاحية.. ما هو شعورك الآن أنت المناضل القديم بعدما عاصرت المجالس الثّلاثة؟
هو شعور بأنّ الحياة الديمقراطية في تونس مسترسلة على مدى متواصل رغم ما يمكن أن يكورن لها من عثرات وهذا يدل أيضا على أنّ نضج الشّعب التّونسي الممثّل في النّخب من الاضطلاع بمسؤولية الحياة السياسية في البلاد التّونسية.
كسياسي محنّك كيف ترى المشهد السّياسي التّونسي الحالي في ظلّ الأوضاع والتّطورات الرّاهنة؟
نحن اليوم في مرحلة فيها أحزاب سياسيّة مختلفة.. وكلّ حزب بطبيعة الحال عنده مذهب وآراء وإن كانت لم تظهر كثيرا في الحملات الانتخابيّة. لكن المهمّ بالقياس إلى الشّعب وإلى ماضيه هو أن نحافظ علىوحدته رغم اختلافات الآراء بالقياس إلى قضايا معيّنة، اقتصاديّة واجتماعيّة وتربويّة.. ذلك كلّه معقول بالقياس إلى الديمقراطية. نختلف في ما يتعلّق بالقضايا الكبرى للبلاد التّونسيّة لكن عندما نصل إلى مرحلة يقع فيها النّفاق يصبح فيها الأمر بسيطا ويسير الرّأى العام كلّه في اتّجاه معيّن وواحد.
بالنّسبة إليك، كيف ترى مواصفات رئيس تونس القادم؟
يجب أن يكون تونسيّا بالمفهوم العام العميق.. يدرك أنّ وظيفته هي مسؤوليّة، وهذه المسؤوليّة هي في أعلى درجات المسؤوليّة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة، وأنّه بهذا الاعتبار مسؤول أمام ضميره وأمام الخالق قبل كلّ شيء، وهو مسؤول أمام الشّعب الذي انتخبه ليس لأنّه ممثّل لحزب معيّن بل لأنّه يمثّل الشّعب كلّه لأن رئيس البلاد هو شخص يمثّل البلاد التونسية كلّها ولا يمثّل الحزب الذي رشّحه وأوصله إلى تلك الوظيفة، بحيث يجب أن يكون رئيس كل الشعب التونسي، بمعنى أنّه ينظر إلى الشّعب التونسي من حيث درجات الوحدة والوعي والنّضج قبل أن ينظر إليه باعتبار الخلافات بين الأحزاب أو الإختلاف في الآراء.
رأينا بين المترشّحَيْن اللّذين أفرزتهما الانتخابات الرّئاسية في دورها الأوّل تلاسُنا وتُهما متبادلة ولم نرَ برامج.. في رأيك عمّا يدلّ ذلك؟
الحقيقة أنا أوافقك على أنّ انتخاب شخص وخاصّة في مستوى رئيس الدّولة يجب أن ينبني على برامج وليس على أشخاص. وهذه البرامج ينبغي أن تكون واضحة للشّعب ومبيّنة لينبني عليها الانتخاب. وهذا لم نره بعد لدى الشخصين اللّذين ترشّحا اليوم إلى المسؤولية الكبرى في البلاد التّونسيّة، وإن شاء الله يقدّم المترشّحان برنامجيهما إلى الشّعب لأن القضيّة ليست قضيّة أشخاص بل هي قضيّة برامج وأفراد ومجتمع معيّن بالقياس إلى خمسين سنة أو إلى عشر سنوات مقبلة.
في هذا الظّرف الصّعب إلى ما تحتاج تونس؟
تونس تحتاج قبل كلّ شيء إلى تمتين الوحدة، لأنّه وقع نوعان من الخلاف: خلاف بين الأحزاب السياسيّة، وإن كان لم يوجد خلاف حول برامج معيّنة.. وخلاف حول القضايا الكبرى التي تشغل اليوم بال الشّعب مثل قضيّة الأمن وعدم وجود القاعدة الأساسيّة للأمن التّونسي حتّى نستطيع أن نسير إلى الأمام، لأنّ المهمّ قبل كلّ شيء هو الأمن. يقول الله تعالى: «ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنّة يأتيها رزقها رغدا من كلّ مكان».. فالأمن هو الذي يفتح الباب لسائر الأسباب في ما يتعلّق بالإقتصاد الوطني والوحدة الوطنيّة والبرامج التي ستنفّذها الحكومة.
بالإضافة إلى ما ذكرته، ما هي في نظرك الأولويات العاجلة للحكومة القادمة؟
هناك أولويات على المدى القصير لمدّة خمس سنوات وهناك أولويات على المدى الطويل. مثلا عندما ننظر إلى بلادنا نجدها منقسمة إلى قسمين: القسم الغربي والقسم الشرقي... ونجد أنّ القسم الغربي على الحدود الجزائرية وبالقياس إلى مستويات التّنمية ومعدّلاتها نجد أنّ هناك فرقا كبيرا بين مستوى العيش والخدمات والمرافق الشعبيّة والوطنيّة في هذا القسم وبين ما هو عليه في المدن والمناطق الساحليّة. وفي اعتقادي أنّ محو هذا الفارق لا يمكن أن يتحقّق على مدى جيل واحد أو حكومة واحدة ولذلك ينبغي أن يكون من أولويات الحكومة المقبلة محاولة إعادة الوفاق والوئام والتّناصف بين أطراف البلاد التّونسيّة، شرقها وغربها.. هذا شيء يجب أن يسير على مدى طويل. ولكن القياس إلى المدى القصير نحن نعيش في بلاد تتطوّر تدريجيّا لا محالة مقارنة ببلدان أخرى، إلاّ أنّنا نجد أنّ تحسين حياة طبقات الشّعب وخاصّة المتواجدة في المناطق الغربيّة والأرياف سواء على مستوى الدّخل والموارد أو القضاء على البطالة التي وصلت إلى نسب مرتفعة من الأساسيات التي يجب أن تقدم عليها الحكومة المقبلة.. ليس بمعنى أن تجد حلولا نهائية وإنّما عليها أن تضع برامج تؤتي أكلها بعد جيل أو جيلين.. لكنّها مطالبة عاجلا بوضع برنامجين أو ثلاثة برامج لحلّ مشكلة البطالة كأولويّة.
حسب تجربتك النّضالية الطويلة وتجربتك السياسيّة الكبيرة، كيف يقع القضاء على الاحتقان الاجتماعي والسياسي الذي ظهر في بعض المناطق، وخاصّة في الجنوب، بسبب الانتخابات الرئاسية؟
نحن عشنا في الحزب الحرّ الدستوري وفي الحركة العمّاليّة على أساس أنّنا نتحدّث عن شعب تونسي ولا نتحدّث عن جنوب أو شمال، ونتحدّث عن طبقة شغّيلة تشمل مناطق الجنوب في المناجم ومراسي تونس وبنزرت وغيرها، ولم نكن أبدا نتحدّث عن خلاف جهوي بين جهات البلاد التونسية. ومن الأمور المؤسفة أنّ البعض يحاول نشر مثل هذه الأفكار التي ليس لها معنى لأن التّونسي الذي يعيش في بنزرت مثلا عندما يذهب إلى مناطق الجنوب يشعر بنفسه أنّه تونسي مثلما هو في بنزرت أو في العاصمة أو في أيّ مكان آخر من الجمهوريّة. وأعتقد أنّنا تجاوزنا هذه المسألة منذ أيّام بورقيبة، لأنّنا ننظر إلى مشاكل البلاد بنظرة وطنيّة شاملة ونرى أنّ مشاكل الجنوب تهمّ المواطن الذي يسكن في الشّمال.. ومشاكل الشّمال أيضا تهمّ المواطن الذي يعيش ويقيم في الجنوب.. لأنّنا نمثّل وحدة اجتماعية واقتصاديّة وسياسيّة، لا فرق بين أهل الجنوب وأهل الشّمال... كلّ هذا يجعلنا نشعر أننا نعيش في ظل الوحدة الوطنيّة والإتفاق.. وهذا الشّعور هو الذي يجعلنا نتغلّب على النّزعات الجهويّة.
لا شكّ أنّ السياسة الخارجيّة التونسية في الأعوام الماضية جعلت تونس تفقد كثيرا من بريقها الدّولي والعربي ممّا أضرّ بعلاقاتها الدّيبلوماسية وبمصالحها... فكيف تستعيد تونس سمعتها وتعيد الإعتبار إلى ديبلوماسيّتها؟
إنّ وضع بلادنا في الميدان الخارجي هو نسخة من أوضاعها الدّاخليّة في مختلف الميادين مثل ميدان التّنمية والاستثمار، وميدان الأمن العام، وميدان البرامج التربويّة والإقتصادية. فعندما نجد أنّ النّسيج الدّاخلي لبلادنا مهلهل على مستوى هذه القضايا فإنّ ذلك يرجع بطبيعة الحال على مستقبلنا وعلى منزلتنا في المجتمع الدّولي، لأن حكم القوى الأجنبيّة وخاصّة الصّحافة الأجنبيّة على البلاد التّونسية لا يكون على الأشخاص فقط، إنّما هي تحكم على البرامج المعدّة للإنجاز... ولهذا إذا لا توجد برامج لها التأهيل والضّمان بالقياس إلى المستقبل، وخاصّة مقاومة البطالة والرّفع من مستوى العيش وغير ذلك من القضايا فبطبيعة الحال يكون الحكم الأجنبي علينا مهلهلا.
ما هو تأثير الأوضاع في ليبيا على تونس على المدى القريب والبعيد؟
الله يحكم على بعض البلدان أنّه يعطيها أجورا ليسوا على مستوى نضج البلاد.. ومّما لا شكّ فيه أنّ ليبيا اليوم منذ سنوات ليست في حالة استقرار ولا في حالة ضمان من النّاحية السياسية بما فيها من اضطرابات وانشقاقات في منطقة الشّرق أي بنغازي، وفي منطقة طرابلس بالنّسبة إلينا.. هذا كلّه يدلّ على أنّ البلاد لم تصل إلى إخراج الكفاءات البشريّة التي ستنهض بمستقبلها.. وهي بلاد تمسح مليونا و200 ألف كيلومتر مربّع يسكنها 7 أو 8 ملايين نسمة ولها من موارد العيش من حيث الطّاقة بالدّرجة الأولى والموانئ والمساحة... هذا كلّه يتطلّب من هذه البلاد أن يكون فيها 30 مليونا آخرين من السكّان وليس فقط سكّانها الأصليين، في الوقت الذي نجد مساحة الجمهوريّة التونسية 165 ألف كيلومتر مربّع، أي أنّ مساحة ليبيا 15 مرّة ضعف مساحة تونس... وللأسف هذه البلاد لم تستقر، لا في نضج أبنائها ولا في مستوى سياستها العامّة. نطلب من الله أن يوفّق إخوتنا في ليبيا وأن يتغلّبوا على مشاكلهم ويحافظوا على وحدة بلادهم لتبقى دائما موحّدة.
ونحن نعتبر أن قضيّة ليبيا هي قضيّة شمال أفريقية وليست قضيّة اللّيبيين فقط.. وبالتّالي فإنّها تهمّنا كتونسيين ومغاربيين.. ونقول لأشقّائنا الليبيين إنّ مستقبلكم يهمّنا لأنّه مستقبلنا كذلك.. ولهذا علينا أن نتعاون على حلّ مشاكل ليبيا وخاصّة لإعادة الوئام بين مناطقها الشرقيّة ومناطقها الغربيّة.. لأنّنا في تونس نعتبر أن القضيّة الليبيّة قضيّتنا.
والمستقبل السياسي في تونس كيف تراه؟
مستقبل البلاد رهن أبنائها. وفي اعتقادي أنّ الظروف الحاليّة والجماعة التي هي متصدّرة للمسؤولية تبشّر بالخير للمستقبل السياسي لتونس وإنّ ما نصبو إليه من برامج في الميادين الإقتصادية والإجتماعية والتّربوية وغيرها ودرجة نضج الشعب التّونسي بالقياس إلى هذه البرامج تجعلنا متفائلين ليكون مستقبلنا زاهيا إن شاء الله.
كمناضل قديم، ما هو رأيك في الباجي قائد السّبسي؟
الباجي صديق قديم وعشير من زمان، واعتقادي رغم أنّه «تونسي» من العاصمة عنده انفتاح على الرّيف ومناطق البلاد الدّاخلية.. ثمّ إنّه رجل رصين، بمعنى أنّه يحاول أن يصل إلى درجة كافية من أسباب النّضج في ميدانه السياسي، وفي اعتقادي أنّه سيكون رمزا لوحدة تونس، وكنت أتحدّث معه دائما، وليس رمزا لإخراج المناطق الرّيفيّة والجنوبيّة وغيرها من منطقة الحكم ودوائره. وأعتقد أنّ الباجي قائد السّبسي سيكون في هذه الدّرجة الرّجل الكفء القادر على قيادة تونس ومستقبلها.
وما هو رأيك في المنصف المرزوقي؟
الباجي على اختلاف تامّ مع المرزوقي، للباجي إدراك اقتصادي. كنّا معا في الاتّحاد العام التّونسي للشّغل، وكان في المنظّمة يشعر بالقضايا الاقتصادية وبمسؤولياتها الاقتصادية، لذلك أعتقد أن الباجي سيكون في ميدان الاقتصاد على درجة كافية من النّضج، والمهمّ هو أن يكون معه فريق من الإخوة الذين لهم دراية بالميدان الاقتصادي والميدان الزّراعي، يساعدونه في ذلك، وهو يعرف أنّ مستقبل تونس إقتصادي قبل كلّ شيء وكذلك مستقبل إجتماعي. وهذا كلّه متوقّف ومبنيّ على الجماعة الذين سيكونون معه في الحكومة.
أمّا المرزوقي فلم يكن رئيس دولة، لم يكن مهتمّا بقضايا الاقتصاد بالدّرجة الأولى... ولم يكن مهتمّا بقضايا الوحدة الوطنيّة بالدّرجة الثانية، ولم يكن مهتمّا بقضايا التّربية الوطنيّة... بينما هو مثقّف وطبيب، بحيث مرّ على القضايا الكبرى مرور الكرام، لم يفتح ملفّّات كان يكفي المرزوقي أن يفتح ملفّا واحدا فقط وليس المطلوب منه أن يفتح كلّ الملفّات مثل ملفّ البطالة الذي يتعلّق بحوالي 900 ألف عاطل عن العمل.. هل يعقل أن نبقى ساكتين ونتركهم هكذا؟.. فالمرزوقي لم يكن في مستوى رئيس الدّولة قياسا بالمسؤولية التي على عاتقه. وكان الباجي قائد السبسي معنا في الستّينات في الإتّحاد العام التّونسي للشّغل وكان هو محامي الاتّحاد، وهو ملمّ بها ومتعمّق فيها، أعتقد أنّه سيعطيها الأولويّة.
باعتبارك كاتبا وأديبا وباحثا ما هو كتابك القادم؟
أصدرت خمسة كتب في بيروت لأنّني عضو مركز دراسات الوحدة العربيّة، منها كتاب «العمل» في 600 صفحة يباع في الشّرق أكثر ممّا يباع في تونس، بسطت فيه قضايا العمل لأنّني كنت في الإتّحاد العام التونسي للشّغل وباشرت العمل... ثمّ ذهبت للعمل في الأمم المتّحدة في منظّمة العمل الدوليّة في جينيف وازددت إدراكا بمسؤوليّة الحكومات بالقياس إلى قضايا العمل، خاصّة حكومات العالم الثالث. وفي هذا الكتاب دراسة عن قضايا العمل في البلاد العربيّة وفي بعض البلاد الأخرى.. ولي كتاب عن المغرب العربي ألّفته عندما كنت مسؤولا عن قضايا اتّحاد المغرب العربي.. ولي كتابات في ميدان الأدب، لكن الكتاب الأساسي هو كتاب «العمل»، وكذلك كتاب «المغرب العربي الكبير نداء المستقبل». ولكن مع الأسف ليس هناك في تونس جمهور مطالعة.. ومنذ القدم التونسيّون لا يقرؤون.. أنا عشت في المغرب ووجدت أنّ المغاربة يقرؤون أكثر منّا. ولهذا فإن الرّصيد الفكري للمفكّرين التّونسيين ضائع قليلا في تونس.
ولي كتابان سيصدران قريبا في بيروت في ميدان علم الاجتماع إن شاء ا&.
أخيرا، ما هي الرّسالة التي توجّهها إلى الشّعب في هذه الظّروف؟
مرّ الشّعب بمرحلة الثّلاثينات والأربعينات من القرن الماضي وكان النّاس يقرؤون.. كانت تصدر مجلّة «الهداية» ومجلّة «المباحث» التي كنت عضوا فيها مع سي محمود المسعدي يرحمه الله كانت للشعب في نصف القرن الماضي طبقة قراءة وكتابة ومشاركة في الحياة الفكريّة. مع الأسف ألاحظ أنّه لم تعد عنده نفس الكفاءة رغم أنّ درجة التّعليم زادت وأنّ أوضاع البلاد الفنيّة والفكريّة تحسنت لكن مع الأسف إلى يوم النّاس هذا، هناك مجلّة «المستقبل العربي» التي أنا عضو فيها وتصدر في بيروت عن مركز دراسات الوحدة العربيّة تصل منها إلى تونس 300 نسخة لا يشتريها الناس. لا أدري لماذا؟ بينما هي مجلّة في 300 صفحة فيها دراسات عميقة لإخوة من مختلف الأقطار العربيّة.
مرّة أخرى، مع الأسف، أقول إنّ مجتمعنا لم يعد يهتمّ بالمطالعة على عكس ما أراه عندما أذهب إلى بيروت أو دمشق أو المغرب.. عندهم درجة من المطالعة والعناية بالمنشورات أكثر ممّا عندنا.. ولذلك أسباب لا علاقة لها بسعر الكتاب وارتفاعه، وفي أوّلها أنّ الشّعب ليس قارئا جيّدا.. علينا أن نعترف بذلك.. وأدعوه في هذه المناسبة إلى أن يقرأ، لأن في القراءة فوائد كثيرة ونتمنّى أن تصبح له تقاليد في محبّة القراءة مثل شأن شعوب أخرى كثيرة في العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.