بقلم : عبد السّلام لصيلع (1) من مأساة الكاتب والكتاب في تونس! إذا أردتم معرفة وضع الكاتب التّونسي والكتاب التّونسي زوروا بعض المكتبات التّجارية في العاصمة أو في داخل البلاد وابحثوا جيّدا عن الأمكنة المخصّصة لعرض الكتب التونسية، وستجدون أنّ هذه الكتب في زوايا ورفوف يصل إليها المرء بصعوبة في حين أنّ الكتب المستوردة من الخارج وخاصّة بلغات غير العربيّة تحتلّ الواجهات البلّورية للمكتبات وتبقى في العرض مدّة طويلة وقد لا تغادر مكانها. إنّها مأساة للكاتب التّونسي والكاتب التّونسي! وإذا كنت كاتبا ونجحت في اقناع صاحب مكتبة بأن يقبل خمس نسخ أو نسختين من كتاب جديد لك فهو يركنها في داخل الدّاخل ويحشرها مع كتب أخرى جاءت قبل كتابك وبقيت سجينة الظّلام والخفاء لا يراها النّاس.. وعندما تمرّ بعد عامين أو ثلاثة أعوام وأكثر لتسأل عن مصير كتابك هل بيع أو مازال نائما كأهل الكهف، تفاجأ بصاحب المكتبة يقول لك: «عن أيّ كتاب تسأل؟ لا أتذكّر أنّي تسلّمت منك كتابا».. يحدّثك بكامل هدوء وبرودة أعصاب، يتركك ويهتمّ بغيرك.. يعقد الخجل لسانك.. تصمت وتفوّض أمرك &.. إنّها مأساة للكاتب التّونسي والكتاب التّونسي! وحين تتجوّل في سوق الكتب القديمة التي تباع على الأرصفة كنهج الدبّاغين في العاصمة مثلا تصاب بصدمة عندما تعثر على أحد كتبك يباع فيها بنفس كلمات الإهداء التي خطّها قلمك وقدّمته ذات يوم هديّة إلى صديق.. كيف وصل إلى هنا؟ ولماذا باعه ولم يفكّر في إزالة صفحة الإهداء؟ أرأيتم إلى أين وصل الأمر؟ ولا أخفي عليكم أنّي اقتنيت أكثر من مرّة كتبا من نهج الدبّاغين وجدت أنّها كانت مهداة بخطوط أصحابها الى آخرين وأعدتها إلى مؤلفيها، فذهلوا.. إنّها مأساة الكاتب التّونسي والكتاب التّونسي!. وإذا صادف وأن طلب منك مندوب ثقافي عشر نسخ من أحد كتبك تشجيعا لك، تحاول أن تتّصل به بعد مدّة طويلة لتشعره بأنّه عليه أن يقدّم لك المبلغ الزّهيد مقابل تلك النّسخ، لا تجده في مكتبه، وتحاول أن تتّصل به بواسطة هاتفه الجوّال، يردّ عليك مرّة ويقول لك: «سوف أكلّمك».. ثم يتجاهلك ولا يكلّمك.. ويبقى هاتف الجوّال يرنّ عشرات المرّات، لا يردّ، ولا يتّصل بك بعد ذلك... الى أن تملّ وينتهي صبرك.. ويمنعك حياؤك عن مواصلة المهزلة، إنّها مأساة الكاتب التّونسي والكتاب التّونسي! وماذا أقول أكثر؟! إنّهم لا يخجلون من أنفسهم هؤلاء الذين لا يحترمون الكاتب والكتاب!! وبالتالي إنّهم لا يخجلون من هذا الكاتب وهذا الكتاب؟! وقد تعوّدوا على ذلك.. والعياذ با&!! (2) غدا.. «قهوة البرني» في «ابن خلدون» ينظّم نادي مصطفى الفارسي للإبداع لقاء ثقافيّا لتقديم رواية «قهوة البرني» للدكتور المختار بن اسماعيل، وذلك غدا الجمعة على السّاعة الثالثة بعد الزوال بدار الثقافة ابن خلدون في العاصمة. وسيقع في هذا اللّقاء تقديم أربع مداخلات، هي: جماليّة الذّكرى ورغبة النسيان في رواية «قهوة البرني»، للأستاذة فوزيّة صفّار الزاوق. صور متعدّدة لإمرأة بلا هويّة في رواية «قهوة البرني» للأستاذة نزيهة خليفي. الشعريّة في رواية «قهوة البرني»، للأستاذة ريم العيساوي. سيرة المكان ووجوه اللّعب في رواية «قهوة البرني»، للأستاذ عبد القادر العليمي. وتتخلّل هذه المداخلات مراوحات موسيقية للفنّان عبّاس مقدّم رئيس فرقة أحبّاء محمّد عبد الوهاب. (3) «دفاتر الماء».. مجموعة شعرية لضحى بن طاهر بعد مجموعتها الشعريّة الأولى «لؤلؤة المطر» ومجموعتها الثانية «ورود تتبخّر»، صدرت للشّاعرة ضحى بن طاهر مجموعتها الثالثة تحت عنوان «دفاتر الماء»، في 114 صفحة من الحجم المتوسّط، تتضمّن 40 قصيدة، وهي قصائد رومنسيّة تحلّق بنا عاليا في عوالم من المحبّة والنّقاء بين نسائم الرّوح والطّهر والبراءة والصّدق... كان الإهداء جميلا بهذه الكلمات الدّافئة: «إلى مواسم المطر.. الى ينابيع الماء التي ألهمتني وبلّلتني بعذوبة ألحانها.. إلى جوهرة القلب.. إلى معنى تبقّى في حياتي.. إلى ابنتي الغالية رابعة..». وفي تقديم لمجموعة بعنوان «النقش بماء الرّوح على دفاتر الخلود»، كتب الشّاعر المولدي فرّوج: «... هذه دفاتر شاعرة نقشت فيها ما قالت النّفس وكتبتها بحرارة الماء المتدفّق من الرّوح. وأعتقد جازما أن لا كتابة تبقى خالدة إلاّ تلك المكتوبة بالماء على الصّخر والماء على لينه يقطع الصّخر علىشدّته. لا أخفي على أحد أنّني، وقبل أن تنزل هذه المجموعة الشعريّة بين يديّ، كنت متوجّسا ومرتابا من مراوغة قد لا أفلح في نصبها لقصائد ضحى بن طاهر وكنت متخوّفا من قول ما يتناقض مع موقفي من بعض الأنماط الشعرية باحثا عن عنصر ما من عناصر الشعر يقوى علىشدّي إليها ولكن انقلب السّحر على الساحر فوجدتني منشدّا لا أقوى على التهرّب من قصائد ضحى لأنّها وبكل بساطة صادقة والصّدق في نظري شرط أساسي وجوهري في الكتابة الشعرية يبني جسرا متينا بين الشاعر والقارئ ويمتدّ فضاءا شاسعا أمام النقاد يمنحهم مفاتيح الولوج والبحث داخل المعاني وخارج الألفاظ عن ذات الشاعرة». ويضيف: «ومن يتوغّل مثلي في قصائد ضحى يدرك مدى رومنسيّة هذه المرأة ورقّتها حتّى وهي تكتب عن الأرض والوطن والجرح والرّياح. ومن يقرأ المجموعة يدرك مثلي أنّ الشاعرة وظّفت عناصر الطبيعة فأحسنت توظيفها بفصولها الظاهرة والخفيّة، المحسوسة والملموسة واستطاعت برقّة المشاعر التي تميّزها أن تكتب فتكسب القلوب. دفاتر، كتبتها ضحى بن طاهر بماء الرّوح ونسجتها من رقيق المشاعر صورا شعريّة فتميزت بها على جيلها ممّن يكتبون القصيدة النثريّة. ولعلّ ما جعل هذه القصائد تفتكّ مكانها في ذهن القارئ وتغزو قلبه هو صدق الشاعرة أوّلا ورشاقة العبارة ثانيا وجماليّة الصّورة خلاصة...». من المجموعة نختار هذا المقطع، من قصيدة «بلّور السّماء»: تخلّ بي رؤاي فتطردني القصيدة من فردوس فصولها تحذف رسمي من موقع الشّّعراء.. أنكسر حرفا حرفا وينكسر عليّ بلّور السّماء (4) كلمات من ذهب يقول قيس بن ساعدة: «كُنْ على حذر من الكريم إذا أهنته، ومن العاقل إذا أحرجته، ومن اللّئيم إذا أكرمته، ومن الأحمق إذا مازحته، ومن الفاجر إذا عاشرته». (5) أتحدّى يقول مظفّر النوّاب: أتحدّى أن يرفع منكم أحد عينيه أمام حذاء فدائيّ يا قردة.. النّار هنا لا تمزح يا قردة.. الشّعب الحاقد جاع.. أنا أسمع أمعاء تتلوّى ألما جوعا