لهذه الأسباب أقترح مضاعفة ميزانية البحث العلمي 10 مرات تجارب ألمانيا وأمريكا والبرازيل تدحض أطروحات «فقهاء الايكولوجيا» إلغاء «الدّعم المغشوش» يمكّن من مدّ بنية تحتية بالجهات المنسية لا بدّ من مراجعة مجلة الاستثمار حتى تستجيب لانتظارات المستثمرين الخليجيين حاورته: صباح توجاني يعتقد الخبير الدولي في الطاقة عماد الدرويش ان تونس اليوم تحتاج الى قرار جريء وقوي يفتح ابواب منح التراخيص لإستخراج غاز «الشيست» الموجود بكميات هامة في الجنوب التونسي. ورغم المآخذ المتعددة التي يطرحها معارضو هذا المشروع، فإن ضيف «التونسية» لا يتردد في تقديم الدليل على ضعف هذه المؤاخذات التي يرتكز عليها بعض «فقهاء الإيكولوجيا المغشوشة» على حدّ تعبيره للاعتراض على السماح للمؤسسات المختصة باستخراج هذا الغاز الذي يمثل حلا جذريا لمعضلة البطالة المتفاقمة في البلاد. حديث الخبير الدولي في الطاقة لم يقتصر على استعراض ايجابيات استخراج «الشيست» وتأثيراته على المقدرة الشرائية للتونسيين، بل تناول ايضا مقترحات عملية لتخفيف العبء عن صندوق الدعم الذي يئن تحت ضغط دفوعاته الثقيلة، الى جانب إعادة النظر في الصفقات العمومية والنهوض بمجال البحث العلمي الذي يعتبره ضيفنا القاطرة الأساسية للتنمية الشاملة. قال السيد عماد الدرويش الخبير الدولي في الطاقة في إجابته عن سؤال «التونسية» حول دواعي قبول مقترحه منح التراخيص اللازمة لإستخراج غاز «الشيست» الذي كثر الجدل بشأنه منذ الثورة اضافة الى علاقته بتراجع سعر البترول على المستوى العالمي: «المعطى الأول ان 45 بالمائة من استهلاك الغاز الطبيعي وقوارير الغاز مستوردة بما يعني خروج العملة الصعبة، فيما يصل دعم الدولة حاليا إلى 150 بالمائة بما يدل على حاجة السوق التونسية الى انتاج الغاز المتوفر بكميات كبيرة ببلادنا. المعطى الثاني وجود ثروة غازية كبيرة في أرض تونس وبحرها متمركزة في الجنوب وتقدر الكمية التي بمقدورنا استخراجها ب20 مليار قدم مكعب.. وهو ما من شأنه ان يوفر 100 الف موطن شغل خلال العام الأول، وضعفها خلال الأعوام التالية. . وهذه المعطيات ثابتة وموثقة وباعتبار ان الثورة التونسية قامت على ضرورة القضاء على البطالة بالأساس، فإن استخراج غاز «الشيست» هو حل جذري وعملي وسريع لمئات الألاف من العاطلين عن العمل..وبالتالي فهو سيساهم في تحسين الظروف الإجتماعية لسكان الجنوب اولا ولكافة الشرائح الإجتماعية التي ستشهد نقلة نوعية كبيرة في مستوى عيشها بفضل المردود الإيجابي لإستخراج «الشيست»...شرط الإسراع بمنح التراخيص للتنقيب عن هذه الطاقة البديلة للنفط. أما في ما يتعلق بالعلاقة بين تراجع سعر برميل النفط واستخراج غاز «الشيست»، ففي حال واصلت اسعار الطاقة تراجعها تحت مستوى 50 دولارا، تصبح كلفة استخراج الغاز اعلى بكثير وهذا من شانه تهديد فاعلية العملية. ولذلك فإني أستنكر تراخي المجلس التاسيسي وعدم اقتناعه بجدوى المشروع وبالتالي عدم منحه الضوء الأخضر والموافقة على الترخيص لإستخراج «الشيست». ولكن مردودية استخراج غاز «الشيست» تتطلب وقتا طويلا لتحقيق نتائج ملموسة؟ صحيح... نتائج ايجابيات هذا المشروع تحتاج وقتا طويلا نسبيا لتبزر على الساحة المحلية. كثرت معارضة بعض الأطراف لإستخراج هذا الغاز في تونس استنادا الى ذريعة حماية البيئة والدليل على ذلك ان دولة كفرنسا تمنع منح الرخص لإستخراجه من أراضيها. أعتبر أن هذا فهم خاطئ للمسألة بالنظر الى ان المركز الفرنسي للبحوث اصدر تقريرا عام 2013 انجزه خبراء فرنسيون في مجال الطاقة والبيئة ، أكدوا من خلاله ان قرار المنع هو قرار سياسي بالدرجة الأولى ولا يستند الى أي معطى اقتصادي أو بيئي. وعليه فان البلدان التي منعت استخراج غاز «الشيست» من اراضيها او بحارها لم تفعل ذلك بداعي حماية البيئة ومكافحة التلوث بل رغبة منها في صيانة صناعتها النووية، وفرنسا خير مثال على ذلك. فالبرازيل التي تعتبر رئة العالم والصين منحتا رخصا لإستكشاف غاز «الشيست» ، أما الولاياتالمتحدةالأمريكية السباقة في هذا المجال، فيوجد بها اليوم 37 الف بئر لإستخراج غاز «الشيست» في حالة اشتغال دائم. كيف تفسر صيحات الفزع التي تطلقها بصفة مسترسلة منظمات حماية البيئة التي تعارض بشدة استخراج هذا الغاز ؟ الحقيقة التي لا يعلمها الكثيرون ان حماة البيئة اصبحوا يمثلون لوبيات بيئية ثرية تسعى الى المحافظة على مصالحها بأي ثمن متجاهلة ما يمثله استخراج «الشيست» من حل جذري للحد من استهلاك النفط والخضوع لأسعاره المتقلبة. ولعل مثال الدولة الألمانية التي تعتبر حماية البيئة بمثابة الدين الذي يعتنقه الجميع وهي من اولوياتها الرئيسية، يوفر الإجابة المقنعة للمشككين في قيمة غاز «الشيست». فالألمان منحوا تراخيصا لإستكشاف منابع هذا الغاز رغم من انهم يعتبرون اكبر دولة في العالم حامية للبيئة والمحيط ومحافظة على الثروات الطبيعية. كيف يمكن اذن اقناع المشككين في تونس بجدوى استخراج غاز «الشيست» ؟ يكفي القول بأننا دولة مستهلكة للطاقة التي لا تنتجها بل تستوردها بالعملة الصعبة التي تكلف خزينة الدولة الاف المليارات ، في حين أن ثرواتنا من غاز «الشيست» مهملة وبمقدورها تعويض المليارات التي ننفقها لإستيراد النفط ، والعالم اليوم تحت سيطرة الشركات الكبرى ويعاني اقتصاده من هيمنتها الشديدة وتقلبات سعر برميل النفط الذي يبقى تحت سيطرة اللوبيات. وهذا ما يدفعنا الى الإصرار على استغلال ثرواتنا من غاز «الشيست»حماية لعملتنا الصعبة التي بامكاننا المحافظة عليها لتوجيهها الى قطاعات أخرى تشكو من الخصاصة ومن غياب التمويل. فقرار منح التراخيص لإستخراج «الشيست» هو قرار جريء لا يمكن اتخاذه إلا من طرف حكومة قوية تتمتع بمصداقية لا تشوبها شائبة خلافا للحكومات السابقة التي كانت تحت سيطرة العديد من قوى الضغط المحلية والدولية. وفي حال تواصل تراجع اسعار البترول ، ما هي تداعيات ذلك على الإقتصاد التونسي ؟ على المدى القريب، وفي هذه الحالة ستؤثر ايجابيا على ميزانية الدولة . أما على المدى البعيد فسيستمر انكماش الإستثمار الخارجي وستدور العجلة في الإتجاه المعاكس لما نريد. وعليه، فإنه لا خيار أمامنا الا ان نصبح بلدا مستقلا بذاته على مستوى انتاج الطاقة التي نمتلك منها ثروات هائلة نرفض الى حد اليوم استغلالها. وفي صورة موافقة الحكومة الجديدة على منح تراخيص لإستخراج غاز «الشيست»، اية منافع مباشرة ستعود على البلاد والعباد ؟ أكبر مستفيد من استخراج غاز «الشيست» هو المواطن التونسي الذي ستفتح أمامه ابواب الاف مواطن الشغل بمعدل 100 الف موطن خلال العام الأول فحسب. وبطبيعة الحال سينعكس ذلك على الدورة الإقتصادية بصفة عامة وعلى المقدرة الشرائية بصفة خاصة. فيوم نصبح قادرين على توفير الطاقة بامكانياتنا الذاتية سنتمكن من الضغط على توريد الغاز والطاقة عموما والحد منه، وبالتالي يمكن للدولة التخلي عن دعم المحروقات وتوجيه اعتمادات الدعم لتمويل برامج تنموية خاصة في الجهات ذات الأولوية. كما سيكون بإمكان الدولة تصدير الكفاءات التي ستعمل في هذا المجال إلى الخارج باعتبار ان العمل في هذا الحقل يؤدي اليا الى خلق اختصاصات جديدة مطلوبة بإلحاح على مستوى سوق الشغل العالمية. هل للإدارة دور في تنمية الإقتصاد ؟ في اعتقادي انه لا يمكن خلق الثروات دون ثورة عقليات.. فالموارد البشرية داخل المؤسسات العمومية تشكو من عدم الرسكلة بصفة دورية، ولكن التعطيلات صادرة حقيقة من طول الإجراءات التي لا دخل للموظفين فيها، هي قوانين واوامر فاتها الزمن ولابد من مراجعتها حتى تساير مختلف التطورات التي تعيشها بلادنا. وارى ان الجهات الداخلية المحرومة هي اكبر متضرر من البيروقراطية فاغلب الولاياتالتونسية اسندت لها ميزانيات تمويل لتحسين الوضع التنموي داخلها الا انها ظلت مجرد برامج لم يكتب لها التنفيذ... ولذلك اقول إن كافة الجهات التونسية لا تزال تنتظر نصيبها من التنمية الى اليوم. عبّر العديد من المستثمرين الخليجيين عن رغبتهم في اقامة مشاريع تنموية ضخمة بتونس، ولكنهم اصطدموا بتعطيلات مجلة الإستثمار التي تظل خارج الزمن في تونس مقارنة بدول شبيهة بنا؟ حقيقة ان تعاملنا مع دول الخليج يحتاج الى تصور جديد من الطرفين..يكون مختلفا تماما مع ما هو سائد الى الآن. فبحكم علاقاتي القوية بمستثمرين خليجيين، انا على قناعة بان مجلة الإستثمار الحالية هي بالفعل حجر عثرة امام هؤلاء ولا تليق ببلد انجز ثورة هادئة ابهرت العالم...مجلة الإستثمار تحتاج الى اعادة صياغة تكون مستجيبة لطموحات اقتصادنا وتتلاءم وانتظارات المستثمرين الخليجيين الذين يظلون مستثمرين من الدرجة الأولى وتونس في حاجة ماسة اليهم أكثر من حاجتها الى المستثمرين الأجانب، ولذلك فلابد من اعادة النظر في تعاملنا مع رجال الأعمال الخليجيين. وأرى انه من الضروري ان نراجع نظرتنا إلى هذا المستثمر المميز باعتبار انه اكتسب من المهارات التقنية والمعرفة الدقيقة بدواليب السوق ما يفرض علينا الا نرى فيه مجرد رصيد بنكي..فالبون شاسع بين المستثمر الخليجي في القرن العشرين ورجل الأعمال الخليجي اليوم. وبالإضافة الى كل ما تقدم فانه من الواجب إخضاع اليد العاملة التونسية الراغبة في العمل بالدول الخليجية الى دورات تكوينية في مجال اللغة الأنقليزية اولا باعتبارها لغة عالمية واللغة الثانية في دول الخليج، على ان يتولى مختص من الأكاديمية العسكرية الإشراف على تكوينها في مجال السلوك الحسن والإنضباط لقوانين الدولة المضيفة. كذلك لابد من التفكير في تطوير مبادلاتنا الإقتصادية مع الجزائر وليبيا اللتين تعتبران استراتيجيتين في علاقاتنا الإقتصادية. لنفترض ان هذا المشروع تم تنفيذه فان الدولة ستبقى في مواجهة مع معضلة صندوق الدعم الذي يذهب الى غير مستحقيه.. في حال تواصل نزول سعر برميل النفط وما يسببه من تراجع في قيمة الدينار وارتفاع كلفة استيراد الطاقة فان ازمة صندوق الدعم ستتواصل. والى اليوم لا يزال الدعم الحكومي لبعض المنتوجات الإستهلاكية الأساسية يذهب الى غير اصحابه. وهنا اقترح ان تعتمد الدولة على استهلاك الكهرباء كمؤشر على مستوى المعيشة لكل مواطن ودخله الشهري. واعني بذلك يمكن ان نعود الى فاتورة استهلاك الكهرباء لتشخيص من يستحق الدعم فعلا... ويكون بنك المعطيات لدى الشركة التونسية للكهرباء والغاز هو المرجع العلمي لإعادة النظر في منظومة الدعم وهذا لا يعني بالضرورة الدعم الموجه للمواد الغذائية الأساسية مثل الخبز والدقيق والسكر. أما الأموال التي سنوفرها بالغاء «الدعم المغشوش» فسنوجهها لتمويل بناء ومدّ البنية التحتية التي تفتقر اليها الجهات ذات الأولوية...وارى ان المناطق المحرومة والمهمشة تستحق تغيير صورتها بمد الطرقات السيارة والسكك الحديدية وذلك من شانه ان يساهم في جلب المستثمرين وتشجيعهم على الإنتصاب بها. كيف يمكن ان ينتفع قطاع السياحة من الطاقات المتجددة ؟ من البديهي ان السياحة تحتل مكانة متميزة في تونس ..وقد حان الوقت لدعم صناعة الطاقة الشمسية في الأقطاب السياحية الثلاثة الموجودة حاليا وأقصد سوسة والحمامات وجربة....خاصة أنه من شأن تطوير الناحية البيئية أن يشكل عنصر اشهار كبير لوجهتنا السياحية فضلا عن انه يمثل مشروعا مربحا لأصحاب المؤسسات السياحية باعتبار ان تونس غنية بما لا يقل عن 300 يوم شمس سنويا. يظل قطاع البحث العلمي المجال الأضعف في بلادنا، كيف السبيل الى النهوض به حسب رايك؟ اعتبر ان البحث العلمي هو حجر الزاوية والقاطرة الأساسية لمشاريعنا التنموية ولذلك ادعو بإلحاح الى مضاعفة الميزانية المخصصة له عشر مرات على الأقل...فلا يخفى على احد بانه لدينا كفاءات عالية جدا في مجال البحث العلمي تنتظر الأخذ بيدها وهي قادرة على فتح ابواب لا تزال الى الأن مغلقة ...واخشى ان نخسر هذه الثروات البشرية وان ينتفع بها غيرنا من الشعوب. واقترح هنا التركيز خلال العشر سنوات الأولى من عمل مجال البحث العلمي في قطاع الطب بهدف إيجاد أدوية جديدة لبعض الأمراض المستعصية كالسكري والسرطان...فنحن اليوم نستورد ادوية بما قيمته مليارين من الدنانير في السنة الواحدة وهو رقم مهول يتجاوز امكانياتنا في المرحلة الحالية. وإذا نجح فريق من الباحثين التونسيين في اكتشاف ادوية جديدة فان المنافع ستعود على البلاد عامة. خلاصة الحديث اننا في تونس نحتاج اليوم الى ثورة فكرية وعلمية هادئة وشاملة بعيدا عن العنف والدم....