تعتبر معتمدية عين دراهم الواقعة في أقصى الشمال الغربي من البلاد على ارتفاع يزيد عن 800 متر عن سطح البحر من المناطق الباردة جدا في فصل الشتاء لكثرة تهاطل الأمطار ونزول الثلوج وانخفاض درجات الحرارة التي تصل في بعض الأحيان إلى تحت الصفر. هذه المعتمدية الجبلية يتطلب شتاؤها استعدادات خاصة لمجابهة البرد القارس والعواصف الثلجية فيسعى الأهالي إلى التزود بما يلزمهم من الحطب لاستعماله في المواقد التقليدية قصد تدفئة المنازل لكن وجود الحطب تقلّص بدرجة كبيرة لسببين اثنين أولهما الإقبال الكبير على شرائه وثانيهما تطبيق الإجراءات القانونية المتعلقة بمجلة الغابات من طرف مصالح الغابات بهدف حماية الغابات من الاستغلال المفرط والمحافظة على الثروات الطبيعية والتوازنات البيئية التي تمتاز بهما جبال خمير إلى جانب فوائد أشجار الفرنان التي لها دور كبير في تثبيت التربة والمحافظة على أديم الأرض من الانزلاقات واعتدال المناخ. تقلص الحطب أجبر سكان هذه المدينة والقرى الواقعة بالمناطق الجبلية والريفية على البحث عن بديل فكان الغاز الطبيعي والبترول الأزرق هما الحل الوحيد لتشغيل أجهزة التدفئة ولكن ارتفاع أثمانهما وعدم توفرهما باستمرار في الحالات العصيبة مثل انقطاع الطرقات والمسالك يخلقان إشكالا كبيرا للسكان وخاصة منهم الفئات الفقيرة والمحتاجة التي ليس لها القدرة على مجابهة مصاريف توفيرهما. عائلات تقتات من الحطب وحطب التدفئة من الموارد الطبيعية التي توفر إلى جانب تسخين المنازل عددا من مواطن الرزق لعدة عائلات وأسر. وفي هذا السياق قال السيد علي بن عبد الله العرفاوي رب عائلة ويقطن بمنطقة العراوفية من عمادة العطاطفة: «منذ شبابي وأنا امتهن حرفة جمع الحطب الميت بعد الحصول على رخصة قانونية وبيعه إلى سكان مدينة عين دراهم وضواحيها ليشترونه بأثمان تعتبر زهيدة ويستعملونه إما للتدفئة وإما للإنارة وطهي خبز الطابونة وقد تمكنت بفضل مهنتي هذه من إعالة عائلتي والإنفاق عليها وتربية أبنائي إلا أن دخلي اليومي محدود جدا وقد تطورت هذه المهنة وأصبح هناك من يستعمل الوسائل الحديثة لنقل هذا المنتوج الغابي كالسيارات والجرارات وأنا ليس بإمكاني مجاراة هؤلاء وشراء سيارة فحافظت على استعمال دابتي لحمل ما أستطيع لتوفير ولو نزر قليل من المال». أمّا مصلحة الغابات بعين دراهم فقد أكدت أنها باعت إلى حدود موفى شهر ديسمبر من سنة 2014 ما يزيد عن 800 متر مكعب من الحطب الميت والقائم على ساقه إلى ما يقارب 680 مواطنا من كافة أنحاء المعتمدية.