نجلاء العبروقي: سد كل الشغورات بالمجالس المحلّية ومجالس الأقاليم    عاجل/ رئيسا الجزائر وليبيا في زيارة الى تونس    حجز أكثر من 13 الف طن من الفلفل والطماطم بهذه الجهة    وزارة الفلاحة ترصد 11 مليون دينار لتطبيق بروتوكول مقاومة الحشرة القرمزية    فرنسا: ترحيل امام جزائري بتهمة التحريض ضد اليهود    إنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم: غلق باب الترشحات .. وتنافس منتظر بين ال3 قائمات    أبطال إفريقيا: تشكيلة الترجي الرياضي في مواجهة صن داونز    عائدات العمل والسياحة تغطي 54 % من خدمات الدين الخارجي    مفاجأة اللحظات الأخيرة .. واصف جليل يتحد مع هذه الشخصيات ويودع ترشحه لإنتخابات الجامعة    عاجل/ حادث انقلاب الحافلة السياحية: مستجدات الوضع الصحي للمصابين    مداهمة نوادي ليلية في قمرت.. وهذا ما تم تسجيله    معرض الدولي للكتاب: جناح خاص بوزارة الأسرة ومشاريعها    القصرينية تحسم الجدل حول خبر طلاقها من زوجها    حجز مخدرات وضبط مروّجيها بمحيط مؤسسات تربوية في هذه المناطق    جلسة بين وزارة الصناعة وشركة صينية لتعزيز استخراج الفسفاط    رئيس جمعية القضاة يتّهم وزارة العدل بالتنكيل به    تايوان ترصد 21 طائرة عسكرية صينية حول الجزيرة    أداة ذكاء اصطناعي تحول صورة ومقطعا صوتيا ل"وجه ناطق" بتوقيع مايكروسوفت    الامارات: بن زايد يكرّم تونسية ساهمت في إنقاذ 8 اشخاص من حريق    القصرين: وفاة 4 أشخاص وإصابة 4 آخرين في إصطدام سيارة نقل ريفي بشاحنة    تونس: "لم نتفاجئ من فشل مجلس الامن في إقرار عضوية فلسطين بالامم المتحدة"    خطير/ العالم الهولندي يحذّر من مشروع لحجب الشمس.. يدعمه بيل غيتس!!    رئيس الإمارات يكرّم فتاة تونسية قامت بعمل بُطولي    دراسة تكشف أصول "القهوة الصباحية".. كم عمرها؟    يساهم ب 16% في الناتج المحلي: الاقتصاد الأزرق رافد حيوي للتنمية    عاجل/ إضراب مرتقب في قطاع المحروقات.. وهذا موعده    قفصة : الاعدادية النموذجية تتحصل على أفضل عمل متكامل    جندوبة: انطلاق بناء مدرسة اعدادية بجاء بالله طبرقة    شملت شخصيات من تونس..انتهاء المرافعات في قضية "أوراق بنما"    جبنيانة: حجز 72 طنا من الأمونيتر    عاجل/ إتحاد الفلاحة: "تدهور منظومات الإنتاج في كامل البلاد"    طقس السبت: رياح قوية والحرارة بين 18 و28 درجة    منظمة الصحة العالمية تعتمد لقاحا جديدا عن طريق الفم ضد الكوليرا    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    عبد الكريم قطاطة يفرّك رُمانة السي آس آس المريضة    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    أبرز مباريات اليوم الجمعة.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    معرض تونس الدولي للكتاب يفتح أبوابه اليوم    رابطة ابطال افريقيا (ذهاب نصف النهائي) : الترجي الرياضي يواجه صان داونز بحثا عن تعبيد الطريق الى النهائي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    برج السدرية: انزلاق حافلة تقل سياحا من جنسيات مختلفة    طقس الجمعة: رياح قوية وانخفاض نسبي في درجات الحرارة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضا صفر (الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلّف بالملف الأمني) ل«التونسية»:90 ٪ من الجهاديين التونسيين ينتمون ل«داعش»
نشر في التونسية يوم 29 - 01 - 2015

الأنترنت أخطر سلاح الإرهابيين ونحن نتعقّب مواقعهم وهناك إيقافات
الديمقراطية لا تحبّ الفقر ولا التواكل ولا الإستبداد
إعتقدنا أن «جمعة» لا يفقه في السياسة لكنّنا إكتشفنا العكس
لا بدّ من استئصال الفكر الجهادي من تونس
الإرهاب وغياب الأمن طريق للإستبداد
الإرهابيون اليوم، حفاة عراة بلا إسناد ولا إمدادات
حاورته:جيهان لغماري
السيّد رضا صفر الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالملف الأمني شخصية قليلة الكلام ولا يُعرَف عنه سوى ما نشاهده في التلفزيون خلال حضوره اجتماعات الحكومة متأبطا ملفاته. في حوار«التونسية»معه شخّص الرجل أمنيا مرحلة ما قبل حكومة «جمعة» ليعدّد بعد ذلك، تقنيا وأمنيا وسياسيا تفاصيل الخطة الحكومية ونجاحاتها في مواجهة الإرهاب. كان «مدجّجا» بالأرقام المفصّلةطارحا رؤيته للقضاء على خطر الفكر التكفيري مقدما حلولا تتجاوز الحل الأمني الذي اعتبره جزءا من منظومة شاملة تجمع بين الأمني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأسري.
تفاصيل الحوار في السطور التالية:
كيف تفسرون ارتفاع عدد الجهاديين التونسيين في سوريا؟
اسباب ارتفاع عدد الجهاديين التونسيين في سوريا تعود الى ضعف مؤسسات الدولة إبان الثورة وانفلات في الحريات مما أدى الى انفلات أمني وغياب الدولة عن مراقبة الحدود الى جانب ارتفاع نسبة البطالة بين صفوف الشباب.
العدد يعتبر هاما لكن السعوديين هم الاكثر عددا مقارنة ببقية الجنسيات ورغم أن الارقام نسبية وضبابية فإنّ العدد الجملي للجهاديين التونسيين يبلغ حوالي 2800 جهاديا في سوريا، 1608 جهادي تونسي مازالوا هناك بعد مقتل حوالي 600 وعودة حوالي 568 الى تونس وقد تمت إحالة بعضهم الى القضاء أمّا البعض الآخر فهم تحت المراقبة الأمنية.
هل ساهمت أزمة الشباب في انتشار الفكر الجهادي؟
نعم أزمة الشباب ساهمت في انتعاش الفكر التكفيري. في بداية الثورة لم نلاحظ فكرا تكفيريا وتوجّها نحو المناطق الساخنة،بل لاحظنا أمواجا بشرية تلقي بنفسها في البحر للهجرة إلى أوروبا. هؤلاء الشباب يجازفون بحياتهم من أجل الحياة والعمل. بعد ذلك، حدث تغيير مفاجئ لوجهة هؤلاء الذين بدؤوا يتجهون نحو بؤر التوتر كسوريا والعراق. سبب تغيير الوجهة هو سريان الفكر الجهادي في تونس استنادا الى الاهتزاز الذي حدث في المجتمع التونسي،إضافة الى الأخطاء التي قام بها النظام السابق الذي ساهم في خلق طبقة من الشباب ذوي عقول هشة (18 و35 سنة ) انسدّت أمامه أبواب الحياة ليعيش بؤس البطالة والتهميش.
وأنا اعتبر أنّ المنحى الأمني لا يكفي لمواجهة الفكر التكفيري، لابد من دراسات اجتماعية وتربوية لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء انتشار هذه الظاهرة في تونس و إيجاد حلول جذرية لها. بؤر التوتر أصبحت توفّر للشباب المندفع الذي يعيش البطالة والكبت الجنسي وانعدام المال،المال والسبايا والغنائم. نعم، هناك جهاديون تونسيون يتصلون بأهاليهم ويخبرونهم بأنّ لديهم سبايا أعمارهم في 12 سنة . الإفتاء أصبح يفتي للشرّ والشرّ أصبح هو الحق، مثلا الاحتطاب والسرقة مشروعان في ما يسمّى الجهاد.
القضية الرئيسية هي هشاشة هذا الشباب . في السلفية الجهادية حوالي 15 الف تونسي لكنه يبقى رقما أسود. هو يعتبر رقما غير كبير لكن باعتبار خطورة هذا التيار النشيط، يصبح مصدر تهديد للمجتمع ولابد من إيجاد حلول سريعة.
هل تعتبر أنّ تونس ارتكبت أخطاء أدت إلى تفاقم هذه الظاهرة؟
نعم هناك أخطاء قاتلة ارتُكبت ساهمت في انتشار ظاهرة الجهاديين أبرزها سنّ العفو العام التشريعي بعد الثورة والذي كانت له تداعيات خطيرة،حيث خرج من السجون حتى الاشخاص الذين تورطوا في قضايا ارهابية ( قضية سليمان مثلا)و لم يحدث تمييز بين الاشخاص المظلومين والاشخاص المورّطين حقا في قضايا ارهابية باعتبار ان هؤلاء حملوا السلاح وينتمون إلى فكر تكفيري يدعو الى الجهاد المسلح. العامل الآخر الخطير في اعتقادي هو فتح الحدود التونسية لكل من هبّ ودبّ ممن يسمّون أنفسهم دعاة،لنشر أفكارهم التكفيرية وبثّ سمومهم في عقول الشباب التونسي.
ما هي الاجراءات التي اتخذتموها للتقليص من هذه الظاهرة؟
أولا الحل الأمني الوقائي وهو منع الشباب من الخروج ل «الجهاد» في سوريا، حيث قامت الحكومة بمنع حوالي 10 آلاف تونسي من السفر إلى سوريا إلى حد الآن.كما قامت بإيقاف كل من يعود منها وإحالته الى التحقيق باعتباره أحد عناوين الإرهاب وعرضه على المحاكمة وإصدار أحكام سجنية في شأنه. أمّا البعض الآخر فيتم درس حالته ويوضع تحت المراقبة .
هذه الحالات تشكّل خطرا على المجتمع حتى في السجن!،هذا يستوجب معالجة أخرى متعددة الأطراف فيها التربوي الثقافي والرياضي والأسري أيضا.لقد حان الوقت مع الاستقرار السياسي،لوضع هذا الملف على الطاولة ودراسة أسبابه والخروج بحلول جذرية،أهمها إصلاح كل المنظومات التي أدت وساهمت في استقطاب هؤلاء الشباب وجعلتهم حطبا في حروب وقنابل موقوتة.إنها قضيّة مجتمع كامل ..خلال الأربع سنوات الفارطة لم يكن ذلك ممكنا، أي إصلاح كل المنظومات.
الحل الأمني هل يكفي؟
سبق وذكرت أن الحل الامني غير كاف بل لابدّ من معالجة هذه الظاهرة من جذورها وهو ما حاولت حكومة مهدي جمعة القيام به بعد تسلم مهامها وكان من بين أولوياتها مكافحة الإرهاب وإيصال تونس إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية بكل سلاسة.
الحكومة قامت بتشخيص الوضع الامني العام في البلاد فوجدت أنّ 2013 كانت سنة سوداء على تونس،إرهاب، شهداء من الأمنيين، اغتيالات لسياسيين. لقد تطور الفكر الجهادي بشكل سريع نحو ما يسمى «الجهاد المسلح» وتغلغل في النسيج المجتمعي التونسي فعُقِدَت مؤتمرات «أنصار الشريعة» والحكومة تتفرج مثلما هو الحال عند مهاجمة السفارة الأمريكية وحرقها وأودّ هنا تثمين مجهودات الجهاز الأمني هياكل وأفراد الذي ضحّى بالغالي والنفيس وقدّم الشهداء والجرحى لإنجاح التجربة الديمقراطيّة في تونس.نترحّم على أرواح شهداء الوطن.
انتشار الفكر الجهادي بسبب غياب التشخيص؟
كل ذلك بسبب غياب التشخيص لظاهرة الإرهاب. ماعشناه في تونس لا يمثّل سوى العُشُر من كتلة الثلج. هذا التنظيم بدأ يغرس أفكاره ويستثمرها باسم الحرية. تركنا له الحبل على الغارب،ربما القراءة الخاطئة هي من أوصلتنا الى هذا المطاف ، مثل هؤلاء يمارسون الرياضة في الشعانبي!، فتح الحدود لدعاة تكفريين...كل هذه الأمور تم استغلالها وأوقعت تونس في الخطإ والمحظور إلى درجة أننا اصبحنا لا نستطيع السيطرة على ما يحدث وأصبحنا في 2013 مهددين في مشروعنا المجتمعي التونسي إذ طفا على السطح لأول مرة صراع عقائدي وإيديولوجي لم تعهده البلاد.
رغم ضعف مؤسسات الدولة في فترة ما ، نحمد الله ان هناك مجتمعا حيويا قويا في تونس مسك بزمام الأمور وعدّل الكفة. حتى الاسلاميون في تونس فهموا الخطر الداهم فتَوْنَسُوا مشروعهم وهذا هام جدا.هذا ما أصفه بالذكاء التونسي، بورقيبة كان يقول ان تونس احتوت كل الحضارات الوافدة عليها وتلك هي الخاصية التونسية وهو الامر الذي جعل التجربة الديمقراطية تنجح في حين فشلت في دول اخرى.
لما حصل الاهتزاز الكبير في تونس ابان الثورة وقع خلط بين النظام ومفهوم الدولة لكن التونسيين اكتشفوا بعد ذلك الفرق بينهما، واستوعب التونسيّون الدرس وتوحّدت الجهود من اجل «تونس» للحفاظ عليها من خطر داهم اسمه الارهاب .
كان هدف الارهابيين تفتيت الدولة الضعيفة إبّان الثورة لتركيز نمط مجتمعي آخر من خلال تفكيك المنظومة ذات الثلاثة عناصر (أرض، شعب وسلطة).لهذا السبب بدؤوا بالهجوم على الأمنيين وعناصر الجيش لإضعاف السلطة والسيطرة عليها ومحاولة تحييد المواطن لإقناعه بأنهم يحاربون «الطاغوت» لكن من حسن حظ تونس ان المجتمع المدني كان واعيا ومتيقظا لكل مخططاتهم فتوحّد عنصر الشعب بعنصر السلطة لمحاربة الإرهاب وإفشال مخططاتهم.
على ماذا اعتمد تشخيص حكومة جمعة حول ملف الارهاب؟
تشخيص حكومة مهدي جمعة اعتمد على 3 عناصر: محاصرة بؤر الارهاب الموجودة في الجبال ومعالجتها معالجة أمنية ، تنقية النسيج المجتمعي من الخلايا الارهابية النائمة داخله،أما العنصر الثالث فهو تأمين حدودنا الجنوبية والغربية.
البداية كانت بتأمين الحدود حيث قامت حكومة مهدي جمعة في شهر مارس2014 بزيارة الى رأس جدير لكنها ليست زيارة تفقدية بل لاستعادة قوة الدولة من أطرافها يعني حدودنا مع ليبيا التي تأتي منها العناصر الخطيرة (تدريبات،التهريب، المال، السلاح والفكر التكفيري).ووقع تركيز منطقة عازلة. وزيارة جمعة كانت لتأمين هذه المعابر التي تؤمن حوالي 80 بالمائة من السلع و عبور المسافرين لوضع خطة للسيطرة على الحدود .
هناك أمر آخر أخطر وهو أنّ تونس ما هي الا جزء من مخطط كامل (عالم عربي واسلامي) لتنظيم الدولة الاسلامية قاعدتها في ليبيا ولها محاور لتزويد الساحة السورية والعراقية بالمتدربين ومحور التمويل والتجارة الموازية وتهريب الأسلحة ومحور جنوب الصحراء (افريقيا) ومحور الغرب مرورا بتونس والجزائر ومالي.
هناك عناصر تونسية وافريقية تتموقع على الحدود التونسية الليبية لتهريب السلاح الى الجزائر وهو ما جعل أشقاءنا الجزائريين الذين اكتووا بنار الارهاب، متخوّفين مما يحدث على حدودنا الجنوبية .
لهذا، قمنا بالتضييق على التهريب والمهربين ومقاومتهم حيث قمنا بتركيز حوزة (جدار عازل لمقاومة التهريب) بالمليارات لكي نستطيع السيطرة على رأس جدير.لذلك، تم تنظيم سلك الديوانة والأمن والحرس في تلك المناطق وقمنا عبر قوّة مشتركة بين الجيش والحرس والامن باسترجاع سيادتنا في تلك المعابر الحدودية التي فقدنا السيطرة عليها في فترة ما والحكومة مكتوفة الايدي.هذا الامر خفف علينا الوطأة في معركتنا مع الارهاب.
أما على حدودنا مع الجزائر فتم توحيد الجهود مع اشقائنا الجزائريين، إذ عزّزنا التجهيزات الفردية والجماعية وقمنا بعمليات استباقية وتم تحجيم الارهاب في تلك المناطق وحصرناه في الجبل وقطعنا عنه الإسناد والإمدادات اضافة الى تعاون المواطنين.لقد أصبح الارهابيون كالحفاة العراة دون إسناد أو امدادات نتيجة العمل المشترك بين جميع الاسلاك الامنية والعسكرية.
كما قمنا بإعادة النظر في هيكلية الاجهزة الاستخباراتية في ما يتعلق بملف الارهاب. فعلى مستوى الدفاع الوطني تم احداث وكالة الاستخبارات والأمن للدّفاع وعلى مستوى الامن الوطني تم احداث قطب امني لمكافحة الارهاب والجريمة المنظمة .
هذه... الاجراءات قلّصت من العمليات الارهابية؟
هذه الديناميكية مكنتنا من القيام بعمليات استباقية عكس ما كنا نقوم به من قبل انتظار الهجوم الارهابي ثم نقوم برد الفعل.
كما قمنا بمحاصرة هذا الفكر الذي له محاضن في المساجد والجمعيات ويجيد استخدام الانترنت لاستقطاب الشباب. ولقد قمنا كذلك باسترجاع كل المساجد والجوامع واعادة تنظيمها باعتبارها املاك الدولة ورغم محاولات الكر والفر تم استرجاع حوالي 150 مسجدا واسترجاع الخطط الثانوية مثل أيمة الخمس والقائمين على شؤون البيت. أما قضية جامع الزيتونة فتمت معالجتها بطرق قانونية دون عنف وبعيدا عن كل التجاذبات وباحترام تام لبيوت الله، حيث تقدم احد الوعاظ بشكاية ضد حسين العبيدي فتحركت النيابة العمومية نظرا لمخالفته قانون المساجد وسيتم التحقيق في الامر وستصدر أحكام ضد المخالفين وكل الاجراءات قمنا بها في اطار القانون.
بالنسبة للجمعيات، تم اغلاق الجمعيات المخالفة للقانون وخاصة التي تحوم حولها شبهات تبييض الأموال والهدف من كل هذه الاجراءات منع حواضن الفكر الجهادي السلفي. كما قمنا بالتضييق على عمليات التهريب التي تعتبر احد عناصر تمويل الارهاب من خلال عمليات استباقية وتم ايقاف العديد من مهربي الاسلحة والبضائع في مدينة بن قردان.
اما الانترنت ، فهي الاداة المهمة في أيدي الارهابيين التي يقومون من خلالها بالدعاية والاستقطاب والاتصال ويحذقون جيدا استعمالها. في العهد السابق كان هناك ،«404» لكننا اليوم نعمل في اطار القانون وبالقانون حيث يتم التنسيق مع النيابة العمومية لخلق آلية قادرة على تعقّب بعض الصفحات ذات المضامين الارهابية وهذه الاشكالية الكبيرة لابد من معالجتها بسرعة لأنها الاكثر خطورة. لدينا نقص في التجهيزات نحن بصدد التعرف على المواقع وتم ايقاف بعض الاشخاص وعرضهم على العدالة.كل هذه الاجراءات تمت بفضل الأداة التي ركزتها رئاسة الحكومة وهي خلية الأزمة التي وحّدت القرار السياسي وساهمت في التنسيق بين جميع المتدخلين من وزارات هياكل معنية.
أي التنظيمين اكثر استقطابا (داعش او القاعدة)؟
حوالي 90 بالمائة من الجهاديين التونسيين ينتمون الى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وبأعداد رهيبة والاسباب تعود الى أن «داعش» تقدم تجسيما فوريا للمشروع (ارض وقوة وغنائم وسبايا) عكس مشروع تنظيم «القاعدة» الذي يتم تجسيده على مراحل متباعدة. «داعش» أخطر من «القاعدة» لانه يعتمد على الغرائز وهو دموي اكثر ويوفر حلولا سريعة للشباب الذي يعاني من الكبت الجنسي ونقص الاموال والاندفاع والعدوانية. وهذه هي اسباب الانسياق الكبير للشباب نحو هذا التنظيم.
والبيئة الأكثر تفريخا للفكر الجهادي ؟
هم موزعون على كامل الجمهورية جنوبا وشمالا. كل الجهات مستهدفة. الارهاب لا يرتبط بالضرورة بالفقر أو بتدنّي المستوى التعليمي. هناك اطباء ومهندسون انضموا الى تنظيم «داعش» وتبدو الشُعب العلمية الاكثر استقطابا. وحتى المجرمين يجدون في هذا التنظيم ملاذهم: لا تقتل الا في الجهاد ولا تسرق الا عند الاحتطاب . المدمنون على الخمر هم ايضا من الفئات المُستقطبة. الفكر التكفيري استقطب كل الطبقات المترفة والفقيرة وذوي الثقافة المتدنية أو العالية.
هل هناك مراكز تدريب في تونس؟
الموجودون الآن في الجبل مدرّبون... قد يكون هذا الامر قد حدث في بداية الثورة لكن الآن لا سبيل الى ذلك بفضل المراقبة المشددة و المتابعة الامنية والعمليات الاستباقية.
عدد الجهاديين المسلحين في الشعانبي؟
في حدود 100 شخص. يتنقلون في مجموعات صغيرة. اغلبهم تونسيون وجزائريون.
هل تفكر تونس في اقامة مراكز لتأهيل «الجهاديين» العائدين من سوريا؟
مراكز تأهيل ! استبعد ذلك . السعودية قامت بمثل هذه التجربة حيث وضعت العائدين من بؤر التوتر داخل مراكز للتأهيل ذات خمس نجوم لكن هذا المشروع في اعتقادي فشل.نحن امام فكر بدأ يتشعب لابد من تشخيص اسبابه والعمل بشكل مسترسل على ايجاد حلول جذرية. الامر الاهم والذي في اعتقادي قادر على تفتيت هذا الفكر، هو اعادة النظر في المنظومة التربوية والثقافية لمنع هذا الفكر من التغلغل والانتشار. اما كيفية التعامل مع هؤلاء الجهاديين ان عادوا،فهناك حلول آنية كالرعاية وايجاد مواطن شغل ان امكن ذلك،لكن ضمن خطة متكاملة بمشاركة كل الأطراف.مقترح قانون التوبة باب من أبواب الخروج وآلية من اليات الرعاية اذا ندم الشخص.أما الاشخاص الذين تلطخت ايديهم بالدماء فالقانون كفيل بذلك. الاهم في اعتقادي واعتبرها من الحلول الجذرية، هو قطع الامدادات البشرية عن هذا التنظيم . حان الوقت لوضع هذا الملف على الطاولة ودراسة هذه الظاهرة لتشخيص اسبابها واتخاذ الاجراءات اللازمة الوقائية والزجرية بمشاركة كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني.
عائلات كثيرة تتّهم الدولة بترك شبكات تجنيد الشباب للجهاد تعبث بالبلاد؟
أعتبر أن القاء المسؤولية على الدولة تواكلا من الأسر. الى الآن لم نصل الى درجة «المواطنة». يجب على الجميع تحمل مسؤولياتهم . هناك بعض الأسر توفر الاموال كي يستطيع ابناؤها «الحرقة» ثم بعد ذلك تطالب الدولة بالبحث عنهم. يكفي من التواكل والقاء المسؤوليات على الغير،كل الاطراف مسؤولة عما حصل في تونس (الدولة والمجتمع المدني والأسرة والمدرسة).
وأنا أعتبر أن من يحاولون القاء المسؤولية على الغير والتخلي عن واجباتهم من ذوي الفكر السلفي الذي يرى انه دائما على حق والآخر هو المخطئ وهذه العقلية خطيرة جدا ولابد من محاسبة كل طرف على مسؤوليته. دعنا من عقلية التواكل والقاء المسؤوليات وعلى الجميع الجلوس مع بعضهم للمحاسبة وايجاد حلول كفيلة بانقاذ شباب تونس من هذا الخطر الداهم.
تونس نموذج ناجح في دول الربيع العربي ؟ كيف يمكن المحافظة عليه؟
الأسلم كيف نواصل إنجاح هذا النموذج. لابد من قيام كل طرف بواجبه لكي لا يبقى ما تم تحقيقه حبرا على ورق يجب أن تتطور العقليات وتتلاءم مع ما تمّ تحقيقه في هذا المشروع.
نحن نملك كل مقومات النجاح، الشباب والاحزاب ومجتمعنا مدنيا حيا وقويا ...نحن مازلنا في بداية الطريق..(لازم نثنو الركبة لان النكسة تنجّم تصير). في الثمانينات حدث ربيع تونسي لكن ما فتئ ان حصل العكس..اقول ان الارهاب وغياب الامن طريق للإستبداد لان المواطن عندما يشعر بأن حياته مهددة يطلب القوة والاستبداد لإعادة الأمن والطمأنينة. لكن حذار!، القوة والسيطرة الامنية سلاح ذو حدين .. الامني يقوم بدوره في اطار القانون والاطراف الاخرى لابد أن تلعب دورها لتعديل الكفة وتحقيق التوازن لان الديمقراطية لا تحب الفقر ولا التواكل ولا الاستبداد.
ماهو رايكم في الحكومة الجديدة؟
الحكومات «تروح وتجي» ونحن في الجمهورية الثانية . لا نستطيع الحكم مسبقا على هذه الحكومة لكن ادعو الى تركها تعمل ثم محاسبتها وانتقادها ...لابد من التعلم من ثقافة البناء حجرة حجرة والعبرة بالنتائج. . هناك مئة يوم لترك الحكومة تعمل وبعدها يمكن محاسبتها.
اين وجهتك القادمة سيدي الوزير؟
يصمت قليلا ثم يبتسم ...ليس لديّ وجهة معينة، سأركن للراحة قليلا.
هل عرض عليكم الحبيب الصيد المواصلة في حكومته ؟
(تهرّب من السؤال ثم استدرك)... كان عاما صعبا، هذه الحكومة تميزت بفريق عمل ممتاز. هناك لحمة فريدة من نوعها بين جميع اعضائها بقيادة رئيس أوركسترا متميز جدا...في البداية كنا نعتقد انه يحسن ادارة الشركات الكبرى ولا يفقه في السياسة لكنّنا وجدنا انه اكبر سياسي ..وكان لي فخر كبير بالعمل معه وانا معتز بإنتمائي لهذا الفريق لانه ممتاز جدا تحت اشراف رئيس حكومة اصغر مني في العمر لكن لديه من الخبرة الكثير وافتخر بان في تونس كفاءات كبيرة مثله.
الكثيرون ممّن يعرفون كفاءتك تمنّوا تجديد الثقّة فيك؟
قرار رئيس الحكومة المستقيل واضح جدا ...جاء لمهمة معينة ويغادر بإنتهائها. هناك من قال انه يريد المواصلة ولا أرى في ذلك عيبا فهو يستحق ذلك والبلاد وجدته حاضرا عندما احتاجت إليه لمنع الانهيار. وانا اعتقد ان مهدي جمعة رأس مال لا يجب التفريط فيه وكل أعضاء الفريق الحكومي مشهود لهم بنظافة اليد. تونس لم تعرف حكومة مثل الحالية، لقد اشتغل أعضاؤها ليلا نهارا رغم صعوبة الوضع الاجتماعي والاقتصادي ونجحوا في تنظيم 3 انتخابات متتالية وفي وقت وجيز وهذا ليس سهلا.اعتبرها تجربة فريدة من نوعها ويعزّ عليّ المشاركة في عمل آخر ... اردت الحفاظ على هذا المذاق الرائع! لقد كانت طريقة عمل الحكومة رائعة في العمل والتواصل وحتى في النتائج.
الفريق الحكومي القادم (ربّي يوفّقهم) . اعتقد أن الاصلاحات صعبة وانشاء الله المجتمع السياسي والمدني يساعدان على ذلك بترك ثقافة الجَلْد . نحن في مرحلة بناء و4 سنوات من الثورة لا تعني شيئا زمنيا، لابد لنا من تكوين «رأسمال ثقة» capital de confiance لخدمة مشروعنا المشترك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.