تاجر يكشف: ندفع 25 دينارا في سوق الجملة زائد الأداءات ! فيما تعوّد التونسي أن تمتلأ مائدته بما لذّ وطاب، جاءت السنوات الاخيرة مضنية، حيث اصبحت «قفة المواطن»فارغة بسب الاسعار المرتفعة للخضر واللحوم وايضا الغلال... يحدث ذلك في بلد الخيرات «مطمور روما»؟ ارتفاع الأسعار لم يرحم المواطن والتاجر معا حسب تصريح «توفيق الهمامي»وهو تاجر خضروات منذ ثلاثين سنة ويعتبر أن المشكل في المواطن أساسا فالتونسي «يأكل ويرغي»و يريد كل شيء في نفس الوقت ويحب ان يملا بطنه بأشياء غير موسمية كالفلفل والطماطم التي يتم انتاجها حاليّا في البيوت المكيفة وبالتالي فان أسعارها ترتفع ، من جهة أخرى يجهل المواطن كيفيّة وصول المنتوجات الفلاحية إليه، فالتاجر عند ذهابه إلى سوق الجملة للتزود بالبضاعة مظطر إلى دفع مصاريف كثيرة فبين إيصال البضاعة والتّحميل «البْراوْطي» والأداءات يدفع بين الأربعين والخمسين دينارا وباختصار فإن «التّونسي يحب يصرف ويحب الرّخيص». «التاجر ديما هو السّارق»؟ منصف ساسي تاجر خضروات يرى أنّ أصل المشكل هو عدم مراجعة هامش ربح التّاجر منذ 1958 إلى جانب المصاريف الكبيرة التي يتكبدها التاجر في سوق الجملة والتي يقدرها بنحو 25 دينارا إلى جانب الأداءات الموظّفة على السلع والبالغة ٪3 وخلص إلى القول «يعني التاجر فلوسو يخلّيها غادي». كما أكد ذات المصدر على ضرورة تصنيف السلع حسب الجودة وتسعير السلع حسب الصنف حتى لا يضطرّ التاجر الى اقتناء الغث والسمين مؤكّدا أنّ المسؤولين على علم بهذه المشاكل لكنهم لا يحرّكون ساكنا وكل الملامة تقع على عاتق التاجر «ديما هو السّارق،عاود نظملي هامش الربح متاعي وحطني في اطار باهي تو ما عادش يصير شيء». «الناس عندها الحق» نور الدين ساسي (تاجر خضروات) يقرّ بدوره بأنّ المعيشة في غلاء مستمر و«الناس عندها الحق» ولكن التاجر مضطر إلى الترفيع في الاسعار حتى يحصل على أرباح مجزية قائلا في هذا الإطار: «نحن عند التّزوّد ندفع مبالغا كبيرة،هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن ارتفاع أسعار الخضروات والغلال قد الحق بنا ضررا كبيرا فاليوم الكمية التي اقتنيها القي بنصفها تقريبا في القمامة فالمواطن لم يعد قادرا على مجارات الغلاء وتبقى السلع متراكمة الى حدود التّلف». ربّات البيوت يستغثن فاطمة بن احمد (ربة بيت) تعتبر ان المعيشة عموما اصبحت مشطّة وخصوصا الخضروات واللحوم فربّة البيت لم يعد بمقدورها ان تملأ تلك «القفة» بجميع الخيرات، بل هي تقتصر على ما تحتاجه لوجبة يوم واحد «وتقطع عليها كلامها مبروكة (عاملة نظافة) لتقول في لوعة: «ما عادش واصلين، اتحطمنا حتى «الشّكشوكة «العاديّة لم تعد في مقدورنا كل شيء ارتفع ثمنه في بلدنا والمواطن العادي لم يعد له مكان للعيش لم يعد بامكانه تحصيل أي شيء لا لحوم ولا أسماك ولا خضر بصراحة «تشوينا»! و تقول مليكة وهي أيضا ربة بيت إن الغلاء شمل كافّة المنتوجات الفلاحية وعن نفسها تقول :»الحمد لله انا كمواطنة قادرة على شراء كل شيء ولكن دائما أفكّر في الزوالي الّي ما عندوش، آش يعمل؟»فقبل سنوات قليلة فقط كانت الورقة من فئة العشرة دنانير تملأ القفة بكل الخيرات اماّ اليوم فلا يكفي هذا المبلغ لشراء ثلاث منتوجات فقط هذا دون الحديث عن الغلال والاسماك واللحوم التي لا ينظر اليها «الزّوّالي» أصلا! ومما زاد الطّين بلّة هو غياب المراقبة، فقبل الثورة كنا نرى أعوان مراقبة الاسعار يقومون بواجبهم في السوق اما الان فلا وجود لهم وبالتالي اصبح جميع التجار يبيعون بنفس الاسعار. و تضم سعاد (ربة بيت ) صوتها الى البقية قائلة «الخضرة غالية»خاصة البصل والبطاطا والفلفل ارتفعت أسعارها منذ حوالي الشّهرين ولم تتراجع. قديما كانت الاسعار متباينة ممّا يعطي لكل مواطن الفرصة لاقتناء ما يتناسب مع ميزانيّته اما اليوم فان السّلعة الرّخيصة هي تلك الرثّة والقديمة أمّا المنتوجات الطازجة وذات الجودة العالية فأسعارها مرتفعة جدًّا! محمد بن خديجة هو مواطن جزائري قدم في زيارة الى تونس بهدف التداوي وقد صدمه غلاء المعيشة في تونس بصفة عامّة وخاصّة المنتوجات الفلاحيّة فبعضها كالفلفل والطماطم والبطاطا وحتى المنتوجات الورقية مثل السلق والغلال فأثمانها في تونس تصل إلى ضعفي وثلاثة أضعاف مثيلاتها في الجزائر. الطاهر شلبي تونسي متقاعد يقول «النار تشعل» الخضر والغلال اسعارها مرتفعة جدًّا وهي «طالعة كيف الصّاروخ»حين آتي للسّوق اخرج بقفّتي احيانا نصف ملانة او ربع ملآنة..كلّ الخضر والغلال باهظة الثّمن الفلفل والطماطم ما تمسّهُمش أسوامهم تضرب كيف الضوء حاليّا نحن في موسم البرتقال والدقلة، البرتقال ثمنه معقول وفي المتناول لكن الدقلة وصل سعرها الى 11 دينارا! جولة في السوق كانت كافية للوقوف على المعاناة اليومية للتونسي من غلاء المعيشة والتي تجعله يطارد معادلة مستحيلة بين احتياجاته الأساسية ومستوى دخله.. معاناة ستكون بلا شك أوّل الملفّات الساخنة على طاولة الحكومة الجديدة وهو ما يدفع إلى التساؤل: هل ينجح الصيد في كبح جماح غول الأسعار؟ تقرير سمية