وصف عبد الحميد القراوي، التشريعات المتبعة اليوم في سبيل تنفيذ الأحكام القاضية باستخلاص الديون من المحكوم ضدهم بالبالية والتي تجاوزتها الأحداث، مشددا على عدم مواكبة المشرّع التونسي، خلافا لبقية التشريعات الدولية المعمول بها، للقوانين الضامنة لسرعة تنفيذ الأحكام ونجاعتها في آن واحد. ووصف القراوي نسبة تنفيذ الأحكام ضد المدانين واسترجاع الاموال بالضئيلة والضئيلة جدا، مبينا انه ثمة عزوف اليوم على ممارسة العقلة العقارية لانها، برأيه، تتطلب وقتا طويلا وجهد جهيدا والحال ان الاجراءات الفاعلة هي التي تتطلب أقل وقت واقل مصاريف. وبرر القراوي اتهامه للتشريعات التونسية الحالية بالتشجيع على التحيّل، بعدم اهتمام المشرع بإجراءات زجر المتهربين ومعطلي الاستخلاص او معاقبتهم ،مضيفا في هذا السياق، انه على الرغم من لجوء اغلب المدانين إلى حيل تهريب الأموال من الذمة المالية، وذلك إما بالتفويت فيها عن طريق وثائق وهمية لصالح أحد أفراد العائلة أو من خلال تهريبها إلى الخارج او حتى بدمج الشركات وتقسيمها، فانه لا يمكن معاقبة المدان على حيله التعطيلية ،و في هذه الأثناء ما بيد المدين من حيلة غير هدر المزيد من المال والوقت،على حد تعبيره. مشاكل بالجملة... كما عدّد عميد المحامين على مسامعنا، المشاكل التي يعاني منها عدول التنفيذ في تنفيذ الأحكام ،بدء بالتشريعات المقيدة لعملهم ،الى منعهم من النفاذ الى المعلومة لتقصّي مكاسب وأموال المدان، إلى عدم تعاون السلطات معهم بل وحتى تعطيلهم ، إلى توجه المشرع نحو إحداث مؤسسات تعطل عمل عدول التنفيذ على أرض الواقع... ضاربا المثل في ذلك بمؤسسة الاختبار التي تم إحداثها بموجب إصلاح القانون عدد 82 لسنة 2002، مضيفا ان هذه المؤسسة تعتبر أكبر معضلة يواجهها عدول التنفيذ في تنفيذ الإحكام،حيث يقوم الخبير في بعض الحالات بافتكاك المهام الموكلة الى عدل التنفيذ من تقييم سعر المعقول وتحديد السعر الافتتاحي للمعقول أثناء البتة، خاصة وأن الخبير قد يعنى اكثر بتقييم سعر المعقول المعروض للبيع أكثر من سعينا لاسترجاع الديون فيقوم في أحيان كثيرة بتحديد سعر قد يحُول دون البيع لاسترجاع الدين. الإجراءات الوجوبية لا وجوبية ! كما أشار القراوي إلى أن الإجراءات الوجوبية التي يمر بها عدل التنفيذ في رحلته لاسترجاع الحق لأصحابه، تساهم بدورها في هدر الوقت وتعطيل لإعادة الأموال، فمثلا لا يستطيع عدل التنفيذ أن يبيع عقارا غير مسجل إلا الذي تتجاوز قيمته 7 آلاف دينار،كما أن حصوله على تراخيص العقلة أو البيع تتطلب وقتا طويلا... إلخ... وفي السياق ذاته، أشار ذات المصدر إلى ضعف المساعدة التي يلقاها عدل التنفيذ في أداء مهامه من قبل السلط المعنية حيث أنّ النيابة العمومية لا تضطلع في بعض الاحيان بصلاحياتها وترفض تمكين عدل التنفيذ من ترخيص بالعقلة، مبينا ان عدل التنفيذ لا يخضع الى حماية امنية إلّا نادرا بل ويعاني أيضا من إمكانية تسريب المعلومة للمدين وهو ما يفسح له المجال لتهريب امواله او التسليم فيها بوثائق وهمية ولا يجد عدل التنفيذ في هذه الحالة ما يعقله لصالح المدين. لا ينفع التكلّم بحقّ لا نفاذ له و من الحلول التي يرتئيها للحد من التعطيلات والتهرب من استخلاص الديون وحتى لا يهدر المواطن ماله ووقته ولا يحصل في الاخير على حقه، طالب العميد عبد الحميد القراوي الحكومة الجديدة واعضاء مجلس نواب الشعب بضرورة إبطال العمل بالقوانين المعطلة لاجراءات التنفيذ ومساعدة عدول التنفيذ على تنفيذ مهامهم دون أي تعطيلات، مشددا على ضرورة ان تكون كل امكانيات الدولة مكرسة لتنفيذ الأحكام، بالإضافة إلى تجنب الصراعات بين القطاعات المتداخلة في المجال والتصدي المشترك لكل محاولات التحيل بهدف تعطيل التنفيذ .