الحماية المدنية: تسجيل 6 وفيات خلال 24 ساعة الفارطة    تونس: كراء سيارة يصل الى 150 دينارا لليوم الواحد    عاجل : صدمة بعالم كرة القدم    الفيفا تصدر بيانا فيما يخص قضية يوسف البلايلي ..التفاصيل    بطولة رولان غاروس: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 77 عالميا في الدور الثاني    وزير الفلاحة في جلسة عمل مع الوفد الايطالي    بداية من 1 جوان: تنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي لفن السيرك وفنون الشارع بتونس    سليانة: بلدية سليانة تضبط برنامج نظافة بكافة الأحياء وبمناطق التوسع    في الدورة الأولى للوسيط العقاري.. محاربة غسيل الأموال والتصدي للتوطين من الأولويات    يهم التونسيين : الأسعار الحالية للأضحية تتراوح من 700 إلى 1500 دينار    مفزع/ حجز 188 كغ من الزطلة منذ بداية السنة إلى غاية الأسبوع الحالي..    تفكيك شبكة مختصة في التنقيب على الأثار مالقصة ؟    رضا الشكندالي: البنك المركزي يهدف إلى الحدّ من التضخم عبر الترفيع في الفائدة المديرية    يوم مفتوح بعدد من الولايات للتحسيس بمضار التدخين    بطولة رولان غاروس : برنامج النقل التلفزي لمواجهة أنس جابر و الكولومبية كاميليا أوزوريو    عاجل/ إخلاء مستشفى القدس الميداني في رفح بسبب تهديدات الاحتلال..    وزارة التربية تكشف حقيقة عقد اتفاقية شراكة مع مؤسسة "سمارتيرا"..#خبر_عاجل    طقس الاربعاء: الحرارة تصل الى 39 درجة بهذه المناطق    المكلف بتسيير ولاية المهدية يُودّع الحجيج    الجزائر تتقدم بمشروع قرار لمجلس الأمن الدولي "لوقف العدوان في رفح"..    تقرير: زيادة ب 26 يومًا إضافيا من الحر خلال عام    وزير الصحة يوقع على مبادرة حول المشاركة المجتمعية في القطاع الصحي    بوتين محذرا الغرب: "يجب على دول الناتو أن تفهم بماذا تلعب"    اليوم: مجلس النواب يعقد جلسة عامة    القانون الجديد... بين إلغاء العقوبة السجنية أو الابقاء عليها ...الشيك بلا رصيد... نهاية الجدل؟    للاستجابة للمعايير الدولية...الصناعة التونسية في مواجهة تحدي «الكربون»    نمت بأكثر من 3 %... الفلاحة تتحدى الصعاب    تحطم طائرة عسكرية من نوع "إف 35" في ولاية نيومكسيكو الأمريكية (فيديو)    الاحتلال يترقب قرارا من غوتيريش يصنفها "قاتلة أطفال"    رونالدو يشد عشاقه بموقفه الرائع من عمال الملعب عقب نهاية مباراة النصر والاتحاد (فيديو)    280 مؤسسة توفر 100 ألف موطن شغل تونس الثانية إفريقيا في تصدير مكونات السيارات    بورصة تونس ..مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على ارتفاع    جينيف: وزير الصحة يؤكد الحرص على التوصّل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    افتتاح الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعين من ذوي وذوات الإعاقة بعد أكثر من 4 سنوات من الغياب    ملعب غولف قرطاج بسكرة يحتضن نهاية هذا الاسبوع كاس تونس للغولف    تعظيم سلام يا ابن أرض الرباط ... وائل الدحدوح ضيفا على البلاد    قبل جولته الأدبية في تونس العاصمة وعدة جهات، الكاتب جلال برجس يصرح ل"وات" : "الفعل الثقافي ليس فقط في المركز"    وزير الصحة يشارك في مراسم الاعلان عن مجموعة أصدقاء اكاديمية منظمة الصحة العالمية    قابس: الاحتفاظ بشخص مفتش عنه وحجز كمية من الهواتف الجوالة المسروقة    'الستاغ' تطلق خدمة إلكترونية جديدة    الليلة أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 18 و28 درجة    جنيف : وزير الصحة يستعرض الخطط الصحية الوطنية في مجال علاج أمراض القلب    بداية من اليوم.. مدينة الثقافة تحتضن الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعيين من ذوي الإعاقة    فتح باب الترشح للدورة 36 لمهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية    27 ألف مشجّع للنادي الافريقي في دربي العاصمة    الشركة التونسية للبنك STB : تعيين نبيل الفريني مديرا عاما    المنتخب الوطني: موعد الإعلان عن القائمة وبرنامج التربص    عاجل/ اعتراف إيرلندا بدولة فلسطين يدخل حيّز التنفيذ    حادث مرور مروّع في القصرين    عاجل :عطلة بيومين في انتظار التونسيين    قفصة: القبض على 5 أشخاص من أجل ترويج المخدّرات    رئيس الجمهورية يستقبل الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح    في الملتقى الوطني للتوعية والتحسين البيئي... ياسين الرقيق يحرز الجائزة الأولى وطنيا    في إطار تظاهرة الايام الوطنية للمطالعة بعين دراهم ...«الروبوتيك» بين حسن التوظيف والمخاطر !    أولا وأخيرا «عظمة بلا فص»    أليست الاختراعات التكنولوجية كشفٌ من الله لآياته في أنفس العلماء؟    معهد الفلك المصري يكشف عن موعد أول أيام عيد الأضحى    مواقف مضيئة للصحابة ..في حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبيد البريكي ل «التونسية»:«النهضة» رفضتني وهي أكبر مستفيد من الحكومة الجديدة
نشر في التونسية يوم 21 - 02 - 2015


أدعو الرفيقات والرفاق إلى تطويق الخلافات
أقول للطيب البكوش: Demain,il fera jour
لا قيمة للمسار الثوري دون ديمقراطية اجتماعية
مطلوب قمّة تونسية مصرية جزائرية للتصدّي للإرهاب
لا فائدة من إصلاح التعليم إذا لم يفض إلى تعليم شعبي، ديمقراطي ومجاني
المستقبل ل «الجبهة الشعبية» إذا حصّنت ذاتها داخليا
حاوره: سرحان بن خليفة

عبيد البريكي هو شخصية سياسية ونقابية عرفها الرأي العام أثناء الأيام الأولى من ثورة تونس وخاصة مع مصطلح «الماكينة» وخاض في تلك الفترة عديد الصراعات كناطق رسمي للدفاع عن الاتحاد في ظل الهجمة التي تعرض لها.
وفي إطار متابعة تطورات الأحداث بتونس وبعد تشكيل الحكومة ونظرا لما دار من نقاش حول تشكيلها وحول برنامج عملها ونظرا إلى أنه من الأسماء التي تردّدت خلال تلك المرحلة للإشراف على وزارة التربية وأنه كانت له تجربة سياسية ونقابية امتدت من الجامعة التونسية إلى الحركة الشعبية والإتحاد العام التونسي للشغل، اتصلنا به في بيروت حيث يقيم ويدير مشروعا لتعزيز قدرات النقابات في المنطقة العربية بالمكتب الإقليمي لمنظمة العمل الدولية، فكان معه هذا الحوار المطوّل.
وعبيد البريكي هو من مؤسسي الخط الوطني الديمقراطي بالجامعة التونسية وكان رئيسا لأول مؤتمر توحيدي لحزب الوطد الموحّد أما على المستوى النقابي فقد انتخب كاتبا عاما للنقابة العامة للتعليم الثانوي في بداية التسعينات وواكب مرحلة الإصلاح التربوي الذي أشرف عليه آنذاك المرحوم محمد الشرفي وزير التربية آنذاك، ليصبح منذ مؤتمر الكرم أمينا عاما مساعدا مسؤولا عن التشريع والقطاع الخاص ثم عن التكوين النقابي والتثقيف العمالي ثم عن الدراسات والتوثيق ثم عن التكوين النقابي من جديد بعد مؤتمر جربة وكان أثناء ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل حتى مؤتمر طبرقة الذي لم يتقدم فيه بترشحه وعدد من زملائه تطبيقا للفصل عشرة الذي يسقف المسؤولية في المكتب التنفيذي بدورتين.
لنبدأ بسؤال شخصي: لقد راج في الفترات الأخيرة خلال تشكيل الحكومة خبر ترشيحك لوزارة التربية. فماذا حدث وإلى أي مدى كان ما رُوّج له جديا؟
ليست المرة الأولى التي تطرح عليّ وزارة التربية بعد الثورة حيث طرحت عليّ في أول حكومة مع السيد محمد الغنوشي ثم للمرة الثانية قبيل اغتيال الشهيد شكري بلعيد بأسبوع حين اتصل بي قيادي من حركة «النهضة» لمّا كان السيد حمادي الجبالي يعتزم تشكيل حكومة تكنوقراط، ولكني رفضت المقترحين لأسباب يعرفها الجميع ويعلمها عدد من المتابعين للشأن السياسي.أما الاقتراح الثالث موضوع السؤال فكان من عدد من المعنيين بالشأنين السياسي والاجتماعي ومن قيادات عليا ب «نداء تونس» فعبّرت، بعد التشاور مع عدد من الرفاق، عن موافقتي المبدئية مشروطة بعدم مشاركة حركة «النهضة» في الحكومة.
ولكن لماذا هذا الإصرار على عدم المشاركة في حكومة توافقية قد تكون امتدادا للحوار الوطني وحلاّ لتشكيل حكومة مسنودة تعمل في وضع مريح؟
لا علاقة للحوار الوطني من حيث الظروف التي حفّت به وبأهدافه، بقضية تشكيل الحكومة.
الحوار الوطني كان حلا ضروريا لإنقاذ البلاد من مخاطر عديدة، وكان نتيجة ضغط شعبي وسياسي ومدني خاصة على إثر الاغتيال الثاني الذي هزّ تونس وأعني اغتيال الشهيد الحاج البراهمي بعد اغتيال الشهيد شكري بلعيد. فهو حلّ ظرفي لوضع محدد. أما تشكيل الحكومة فالمسألة مرتبطة بالتسيير السياسي لمدة 5 سنوات تتطلب وضوح رؤية وتوافقا حول البرنامجين الاقتصادي والاجتماعي ضمن تصوّر سياسي متكامل.
ولكن تواجد حركة «النهضة» في الحكومة رمزي لا يتعدّى وزيرا والبعض من كتاب الدولة؟
لا بدّ من الإشارة أولا إلى أن القضية ليست كمية بقدر ما هي مبدئية. فلو عدنا إلى الحوارات التي شهدتها وسائل الإعلام، نلاحظ المواقف الحاسمة التي عبّر عنها قياديون في «نداء تونس» حيث ما انفكوا يؤكدون على استحالة العمل مع حركة «النهضة» في حكومة واحدة، ورددوا بصريح العبارة أن« نداء تونس» لن يشرّكها في حالة انتصاره في الانتخابات ولن يشارك معها إذا انتصرت بل أدركت التصريحات ذروتها مع «التصويت المفيد» الذي نظّر له السيد الباجي قائد السبسي: من لا يصوت ل «النداء» فقد صوّت ل«النهضة»، واستمر التمشي ذاته أثناء تشكيل الحكومة حيث عبر رموز «النداء» عن عدم قبولهم بحركة «النهضة» شريكا في الحكم. تنضاف إلى كل ذلك دوافع تشكيل جبهة الإنقاذ التي تأسست لمعالجة مظاهر فشل حكومة «الترويكا» بل ذهب عدد من قيادات عليا في «نداء تونس» إلىالدعوة لحل البرلمان مع حلّ الحكومة، وتم التركيز عندما تأسس «نداء تونس» على أنه من دوافع بعث حركة «النداء» حاجة البلاد إلى توازن مبنيّ على قوتين: قوة تحكم وأخرى تعارض. أين كل هذا التمشي وهذه المواقف من المشهد السياسي الحالي؟ هل من الطبيعي أن تنقلب المواقف بتلك السرعة؟ هل يقبل الناخبون بسهولة تحوّل الرافضين بقوة تشريك «النهضة» إلى منظّرين لضرورة تشريكها بتعلة التوافق؟
أليس في هذا التحالف تراجع عن كل المقومات التي بنيت عليها الحركة وضرب لكل التوافقات مع كل من التقوا في جبهة الإنقاذ؟
التنظير كان باعتماد حجج لا تقنع المجموعات السياسية التي التقت مع «النداء» في جبهة الانقاذ ولا حتى الناخبين.
ومن الحجج المعتمدة أن تونس تعيش طور الديمقراطية الناشئة !!! إن الديمقراطية لا تقاس بالسن ولا بالعمر، للديمقراطية مفهوم كوني لا يتجزأ سواء كانت في طور النشأة والتشكل أو في مرحلة الاكتمال، وحتى إذا سلمنا بأنها ناشئة، فالنشأة حين يؤسس لها بمفاهيمها المتجذرة تنمو وتتطور من خلال المراكمة اليومية وحين تنبني على مفاهيم وهميّة هشّة فإن مصيرها الوأد في المهد.
الحجة الثانية كانت في التعلل برسالة الشعب حين انتخب «النهضة» كتلة ثانية بمجلس نواب الشعب !!! هل أن ذلك مبرّر لتشريكها؟ أين مقولة التوازن في هذا المجال؟ ألم ينظّر قياديو «النداء» بضرورة وجود معارضة قوية على الأقل من حيث الكم؟؟؟
أما الثالثة فكانت في الترويج إلى أن تمثيل «النهضة» في الحكومة ضعيف وأن الهدف من ذلك هو التوافق !!!
هذه قراءة تبريرية مسطحة تخفي نقيضها تماما، إذ يتضح أن تمثيل «النهضة» في الحكومة قوي إلى أبعد الحدود فهي الماسكة بأهم المفاصل التي كانت سببا في الثورة: التشغيل (وزير)، التنمية والتوازنات الجهوية (كتابة الدولة) والصحة العمومية (كتابة الدولة): فإذا نجحت الحكومة سينال الرّضى المسؤولون الثلاثة من حركة «النهضة» في حكومة «التوافق» وفي قطاعات تمس الفئات المهمشة وعموم الشعب بشكل مباشر وإذا كان الفشل، لا قدّر الله فستكون حجة «النهضة» أن الحكومة ليست حكومتها، وها هو الحديث قد بدأ فعلا مع أحداث الذهيبة وبن قردان، وأصبح النقد العنيف موجها من رموز «النهضة» إلى الحكومة حول آليات تفاعلها مع الأحداث ( تصريحات عبد الكريم الهاروني في ملف تلفزي بثته قناة «نسمة»).
إن ما يؤكد، بالإضافة إلى ما سبق، أن المستفيد الأكبر من تركيبة الحكومة هي حركة «النهضة»، تأثيرها حتى في اختيار الوزراء حيث اعتمدوا حق الفيتو ضد تشريك المناضلة « خديجة الشريف» وفي التعامل معي ومن مصادر موثوقة، وكأنهم يتصورون أني على استعداد للمشاركة في حكومة هم من مكوّناتها بالإضافة إلى تأثيرهم في اختيار بعض الوزراء الآخرين بل وفي وزارات السيادة.
بعض القراءات تتواتر من هنا وهناك على ألسنة قياديين من «نداء تونس» حول تطوّر حركة «النهضة» وحول التحديث والتأقلم مع واقع تونس... لا شك في أن خطاب حركة «النهضة» تغير في شكله وصيغه ولكن هل أنّ هذا التغير ناجم عن مراجعة مواقف حركة «الإخوان»، أم هي تنازلات اقتضتها المرحلة من أجل ضمان استمرارية الإسلام السياسي في بلد من البلدان العربية (تونس) في ظل فشل التجارب الأخرى؟ إنّ إدّعاء التغيير لا يقاس بالتصريحات والخطابات بل بالممارسة ومن شب على ممارسة العنف سواء من داخل السلطة أو من خارجها لن تتغير قناعاته بتلك السرعة.
هي تنازلات ظرفية وليدة قراءة معمقة وذكية للواقع والآفاق وليست بالمرة تراجعات عن جوهر طروحاتهم، بدليل أن المتتبع لكل تصريحات زعمائها لن يجد بالمرة الحديث عن «التراجع»، بل انحصر الخطاب في الترويج للتنازل، ولو كانت تراجعات فعلية لأقدموا على تقديم نقدهم الذاتي في مشروع الدستور وفي الاعتداءات المتكررة على المحتجين يوم 9 أفريل والاعتداءات على الاتحاد العام التونسي للشغل وعلى محتجي سليانة وفي المواقف الداعمة للجان حماية الثورة...؟.
ولكن بصرف النظر عن التركيبة، فللحكومة برنامج وهو المحدّد لعملها ولتقييم النتائج في مرحلة لاحقة؟
عن أي برنامج تتحدث؟ هذا الذي قدمه رئيس الحكومة، أم عن برنامج «نداء تونس» أم عن البرنامج الذي من المفروض أن يقدمه الوزراء المعينون خلال العشرة أيام الأولى من عملهم؟
أما عن برنامج «النداء» وخاصة في بُعده الاقتصادي فإنه لا يختلف من حيث الجوهر عن برامج حلفائه في حركة «النهضة» أو في حزب «آفاق» أو في «الاتحاد الوطني الحرّ» فهي برامج تدور حول محور واحد: كيف نسترجع النموّ والتنمية؟ كيف نسترجع الأمن؟ وكيف نسترجع الاستقرار؟ إن المرجعية من خلال هذا التوجه هي العودة إلى منوال التنمية الذي اعتمده بن علي، وهو المنوال ذاته الذي أدى إلى ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي، فرغم نسب النمو التي تحققت آنذاك لا يمكن أن نتحدث عن تنمية بل على العكس من ذلك تعمّقت الفوارق الاجتماعية وساد الفساد الإداري والمالي واهترأت الطبقة الوسطى وساد التفاوت بين المناطق والجهات، ومن أجل إحكام السيطرة كانت الوسيلة المعتمدة هي القمع والتضييق على الحريات العامة والفردية وعلى النشاط الجمعياتي ومحاولة تدجين المنظمات المدنية. لم يكن الاستقرار ناتجا عن العدل والمساواة. إن الاستمرار في نفس منوال التنمية لن يقطع مع الماضي، وفي هذه الحالة أيضا لن يكون لمفهوم هيبة الدولة المروّج له سوى اللجوء من جديد إلى سياسات القمع والسيطرة. إن المرحلة القادمة حين تبنى على مقولة « الاسترجاع» لن تؤدي إلا إلى ما أدت إليه من انتفاضات عارمة فالمفروض التأسيس لمنوال تنمية جديد يبنى على ثغرات الماضي.
ولكن أين تكمن مظاهر العودة إلى منوال التنمية السابق في برنامج الحكومة؟
العيّنات كثيرة، أولها عدم التركيز على الدور التعديلي للدولة، بل على العكس من ذلك، وهذا ما ورد بوضوح في برنامج «آفاق» الذي بُني على ضرورة التخلص من أعباء القطاع العام على الدولة، الأمر الذي يعني بالضرورة التمادي في سياسة تخصيص المؤسسات وما سينجر عن ذلك من تنامي البطالة خاصة وأن القطاع الخاص لم يلعب دوره في خلق الثورة وإحداث التنمية ولم يقدم على الاستثمار في القطاعات التنافسية بل اختارالانكماش الناجم عن تخوف من خوض غمار المنافسة فضلا عن النزعة الربحية التي تغلب على القطاع- ألم يكن من باب أولى وأحرى على الأقل في برنامج الحكومة إقرار ندوة وطنية لتقييم مسار سياسة التخصيص ونتائجها بحثا عن حلول أخرى؟
من التناقضات الصارخة في البرنامج الحديث عن الضغط على أسعار المواد الغذائية دون حديث عن مصير الأراضي المفوّت فيها، فتعديل الأسعار من مشمولات الدولة، ولكنها لن تنجح في دورها ما لم تسترجع الأراضي الفلاحية المستأجرة أو المفوّت فيها بطرق مشبوهة لتصبح قادرة بما تنتجه من مواد على التدخل لتعديل الأسعار وقت اللزوم.
المظهر الثاني من التناقضات في البرنامج، هو التنظير لتخلي الدولة عن أعباء القطاع العام ولكن مع إدّعاء الحرص على استمرار دورها في تقديم الخدمات الاجتماعية.؟؟؟
إن الخدمات الاجتماعية، ضمن هذا التمشي التنموي مهددة بالتفويت فيها أو بتهميش دورها عبر بعث مؤسسات خاصة اقتناعا بعجز القطاع العام عن المنافسة الأمر الذي يهيء للتخلص التدريجي من أعبائها ( التعليم، الصحة...) وهو الخيار التنموي الذي لن يؤدي إلا إلى الاستمرار في سلعنة الخدمات الاجتماعية وإخضاعها لمنطق الكلفة والربح والخسارة.
إن الإصلاحات الجوهرية التي أكّد عليها برنامج الحكومة لن يُؤدي إلا للتمادي في رفع الدعم عن المواد الأساسية وفي تكريس سياسة التقشف والضغط على الكلفة من خلال الضغط على الأجور والاستمرار في انتهاج سياسة المديونية وإصلاح الضمان الاجتماعي عبر الترفيع في مساهمات الأجراء والترفيع في سن التقاعد وهي الحلول التي لن تزيد الطين إلا بلّة.
أنت بهذا الشكل تنظّر للتخلي النهائي عن المنظومة الليبرالية المفروضة اليوم على العالم بأسره؟
لا، ولكن المسار الثوري يتطلب بناء الديمقراطية في بعديها الاجتماعي والسياسي: لا يمكن الحديث عن العدل الاجتماعي دون ديمقراطية اجتماعية تعيد الاعتبار لقيمة العمل وللموارد البشرية ولا يمكن الحديث عن الحريات دون الديمقراطية في بعدها السياسي، فالمطلوب خيارات تراعي النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية ولن يحصل النمو دون استقرار ولن يحصل الاستقرار دون مراجعة عميقة لمنوال التنمية السابق، وإلا فلا قيمة للثورة وللمسار الثوري، والاستقرار لا يبنى ب «هيبة الدولة» في منحاها القمعي بل برسائل واضحة توجه إلى المتضررين من السياسات المعتمدة في سنوات الجمر السابقة.
ما هي هذه الرسائل وماذا قصدت بالفئات الاجتماعية المتضررة؟
أما عن الفئات الاجتماعية المتضررة فهي:
- شهداء الثورة وجرحاها
- الأجراء بأنواعهم
- المعطلون عن العمل
- الجهات المهمشة
ولقد كنت تحدثت في مجال آخر عن إجراءات آنية وأخرى آجلة.
لم نر وضوحا في الإجراءات الآجلة سوى الإشارة إلى إصلاحات عميقة، لكن في أي اتجاه؟ ما هي المرجعية؟ أهي الإصلاحات « الموجعة»؟ من هي الفئات التي ستكون الأكثر تضررا؟ أليست بالتأكيد الفئات المفقرة ذاتها التي كانت ضحية الخيارات التنموية السابقة؟ أما الآنية فلن تستقر الأمور ولن يزول التوتر ليحل الاستقرار ما لم:
- يتم الإسراع بمفاوضات حول الأجور تطمئن العمال والأجراء
- يتم إقرار منحة مساعدة للمعطلين عن العمل في انتظار إصلاحات هادفة تخلق فرص عمل وخاصة لحاملي الشهائد منهم
- الشروع السريع في بعث مشاريع جهوية يلمسها أهل المناطق الداخلية ينجزها في مرحلة أولى أولئك الممنوعون من السفر من أصحاب رؤوس الأموال، الذين لم يحاكموا حتى الآن ولم يتم تمكينهم من العودة إلى سالف نشاطهم ولكن مشاريعهم ظلت مجمّدة. ألم يئن الأوان للتحدث معهم وإلزامهم ببعث مشاريع سريعة يلمسها أهل المناطق الداخلية؟
- تشكيل لجنة مستقلة لفتح ملف الشهيدين بلعيد والبراهمي
- الإسراع بمعالجة ملفات شهداء الثورة وجرحاها
إن هذا التردّد في اتخاذ إجراءات عاجلة وأكيدة سيزيد الأمر تعقيدا، وإن البطء في التعامل مع الأحداث بتعلة الإجراءات القانونية سيعمّق مناخ التوتر من ذلك مثلا قضية الأتاوة التي خلقت مشاكل بمناطق حدودية- ألم يكن من المفيد جدا عرض مشروع سريع على مجلس النواب يتم بمقتضاه تعليق العمل بها في انتظار قانون المالية التكميلي؟
هذه مناطق حدودية والقاصي والداني على دراية بما يحدث على الحدود والتهديدات الأمنية والعسكرية الخطيرة، هذه التهديدات التي تستدعي إلى جانب المعالجة السريعة لقضية الأتاوة، الدعوة إلى قمة ثلاثية طارئة تضم كلا من تونس ومصر والجزائر من أجل معالجة مشتركة للمخاطر التي تتهدّدهم.
وفي مجال التربية والتعليم، ما هي في رأيك الحلول الملائمة لإصلاح المنظومة التربوية؟
أولا: لن ينجح أي إصلاح بمعزل عن الخيارات الاقتصادية للحكومة، فالاستمرار في نهج التخصيص لن يؤدي إلا إلى سلعنة الخدمات الاجتماعية، دون ميزانية واضحة وكافية تضمن إصلاح المدارس والمعاهد وتحسين حال المربين ليتطور مردودهم.
لا يمكن إنجاز أي إصلاح تربوي بميزانية تراجعت من ٪30 إلى حدود النصف.
ثانيا: إن كل محاولات إصلاح التربية والتعليم تعتمد الإجراءات التجزيئية (منطق القطعة قطعة) لن تؤدي إلا إلى ردود فعل عنيفة، فالإصلاح يجب أن يكون كليّا يهدف فعلا إلى إرساء تعليم شعبي، ديمقراطي ومجاني لا التعليم الشعبوي شأن ما كان سائدا في السنوات الأخيرة وإن كل إصلاح يتم في مكاتب الوزراء لن ينجح، الإصلاح يجب أن يكون من خلال تشريك كل المعنيين وخاصة النقابات القطاعية والاتحاد العام التونسي للشغل، وآن الأوان للتخلي عن المشاورات الصورية، فالاتحاد شريك فعلي ويجب أن يعامل على هذا الأساس وأثبت قدرته على التأطير وعلى السير بالبلاد نحو الأفضل.
ثالثا: البرامج تحتاج إلى مراجعة جذرية لأنه من المستحيل القضاء على التطرف الديني وعلى التيارات الجهادية بالحلول الأمنية فقط، بل بمنظومة تربوية تؤسس لأجيال متأصّلة في تراثها دون تزمت منفتحة على الحضارات الأخرى دون ميوعة وانحلال، بالإضافة طبعا إلى القضاء على بؤر الفقر والحرمان باعتبارها الوكر الذي تعشّش فيه هذه التيارات الخطيرة.
ألا ترى أن هذه القراءة لآفاق عمل الحكومة هي قراءة مسقطة ومتسرّعة خاصة وأن عملها سيقيّم بعد مائة يوم من الممارسة؟
عن أي تقييم تتحدث؟ مهما كانت النتائج فمجلس النواب سوف يثبّت الحكومة لأن التحالف الذي أفرزها سيظل المحدّد في التعامل معها ومع إنجازاتها.
أغلب الأحزاب السياسية الممثلة بمجلس النواب لم تنتخب على قاعدة البرامج، فانتخاب «نداء تونس» كان على أساس مشروعه الذي وعد به وهو القطع مع «الترويكا» وانقاذ البلاد من حركات الردة و«النهضة» انتخبت من قبل منتسبيها والمتعاطفين معها ولكن الحزبين تحالفا باعتبار التقائهما في المشاريع الليبرالية رغم بعض الاختلافات في المجال السياسي، وحتى «الجبهة الشعبية»، التي اعتز بانتمائي لها، انتخبت لأنها «جبهة الشهداء» التي كانت في صدارة المواجهة مع برامج «الترويكا» بالإضافة طبعا إلى نضالية حمة الهمامي الناطق الرسمي باسمها والتي لا يمكن الطعن فيها. أمّا «الاتحاد الوطني الحر» فقد انتخب لأسباب معروفة...وإذا استثنينا النخب التي كانت تتابع البرامج، فإن الانتخابات تمت لاعتبارات ذاتية تتعلق بالطرح وطريقة التصويت تؤكد ذلك، ولعل، «نداء تونس»، دون تهجم وإنما من باب التعامل النقدي، هو الذي بتحالفه مع «النهضة» تخلى عن مشروعه الذي التزم به.
أنت تتحدث عن الواقع في تونس وكأنك تعيش الأحداث وتواكبها رغم أنك في منظمة العمل الدولية منذ أكثر من سنتين؟
أنا في منظمة العمل الدولية أعنى بالشأن النقابي فأنا أدير مشروعا هدفه تدعيم الحركة النقابية المستقلة الديمقراطية والحرة في المنطقة العربية وهو المشروع الذي انطلق مع الربيع العربي وتحديدا مع التطورات في تونس ثم مصر ورغم ذلك فأنا أواكب كل ما يحدث في تونس من خلال الحوارات والأخبار والأصدقاء والرفاق، فضلا عن أني أشرفت في الاتحاد العام التونسي للشغل على قسمي التكوين النقابي والدراسات وأعددنا دراستين هامتين حول:
- اتفاق الشراكة وتأثيراته الاقتصادية والاجتماعية
- تقرير اقتصادي واجتماعي عرض على مؤتمر جربة
وهو التقرير الذي رغم بعض الانتقادات الموجهة إليه شكل مرجعا لصياغة بعض البرامج الإصلاحية التقدمية، والذي من المفيد جدا العودة إليه والغوص في دراسة محتواه.
كل ذلك بالإضافة إلى اضطلاعي بمهمة الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل في مرحلة الثورة وهي المهمة التي تطلبت مني الاستعداد لكل ما يدور من حوارات حول منوال التنمية، وأعتقد أني وفقت إلى حدّ ما في الدفاع عن منظمة حشاد وعن أحفاد الحامي وأبناء التليلي وعاشور من النقابيين.
أين الوطد الموحد و«الجبهة الشعبية» من كل هذا؟
رغم بعض الإشكالات، التي تعترض كل من يمارس، والتي أنا على يقين من قدرة مناضلي «الجبهة» على تجاوزها، فإنها الأوضح والأوفى لمسار الإنقاذ وهي الأخطر على القوى الرجعية، أليست القوة الوحيدة التي استُهدف زعيمان من زعمائها؟
المستقبل ل«الجبهة» إذا حصّنت ذاتها داخليا وما قدمته من تنقيحات لبرامج رئيس الحكومة يعكس وعيا بطبيعة التحديات المطروحة، وهي، ولئن كانت قد رفضت منذ البداية المشاركة في الحكومة فإنها عبّرت عن استعدادها لتزكيتها في صورة عدم تشريك رموز الفشل في حكومة «الترويكا» والأخذ بمقترحاتها الثلاثة في برنامج الحكومة: المديونية- صغار الفلاحين- تجميد الأسعار.
وهي مناسبة أتوجّه فيها بدعوة إلى كل الرفيقات والرفاق في «الجبهة» إلى المعالجة المبدئية، الرّصينة والمحنّكة لكل ما قد يحدث من خلافات، من أجل تطويقها وعيا بمخاطر المرحلة، وأذكّر فقط قيادات «الجبهة» ومناضليها بأن من مظاهر الوفاء للشهيدين، الإحاطة بالعائلتين ودعمهما.
فبسمة وندى ونيروز أمانة في أعناقنا جميعا وأعتقد أن التمشي المنطقي يستدعي دعم المؤسسة التي أنشأتها بسمة بلعيد باعتبارها مؤسسة تكرّس عمليا ما دعا إليه الشهيد ليلة قبل اغتياله على قناة «نسمة»: مقاومة العنف والدعوة إلى حوار وطني حول العنف وآليات التصدي له.
إن مظاهر الانفلات الخطيرة التي برزت أحيانا بأشكال مختلفة في صيغ سبّ أخلاقي وتهجم لن تزيد الأمور إلا تعقيدا، وأعتقد أن تدخلا عاجلا من أمانة «الجبهة» وخاصة من الناطق الرسمي باسمها، مسألة ملحّة لتجاوز ما يحدث، ولنترك حملات التشويه للمتخصصين فيها: قناة «الجزيرة» وقوى الردّة والتخلف...
ما نعرفه هو أن عقدك مع المنظمة ينتهي بعد 3 سنوات فإلى أين ستتجه؟
فعلا آخر أفريل 2015 نهاية العقد، والنية تتجه نحو إمكانية التمديد في المشروع ولدي أيضا بعض المقترحات الأخرى في المجال النقابي بإحدى المناطق العربية، ولكن احتمال العودة إلى تونس وارد جدا علما وأني أستاذ أول فوق الرتبة لأني انتخبت في المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل أستاذا وغادرته أستاذا وأنا فخور بذلك، رغم أني قد أكون سقطت في بعض الأخطاء التي تعتبر طبيعية في خضم الصعوبات التي عانى منها عدد كبير من المناضلين في سنوات الجمر.
سؤال أخير: كيف يتراءى لك عمل الاتحاد العام التونسي للشغل في السنوات القادمة، باعتبارك من قياداته خلال دورات سابقة؟
لا بدّ من التأكيد في مرحلة أولى على أن الأقدر على تحديد ملامح المرحلة المقبلة هم اطارات الاتحاد ومناضليه من خلال ما ستبلوره لوائح المجلس الوطني والمؤتمر من توصيات سوف تكون بالضرورة نتاجا موضوعيا لقراءة تقييمية خلال الدورة الحالية، ولكني على يقين من أن المرحلة المقبلة لن تكون سهلة لأنني لا أعتقد أن مؤشرات البرنامج الحكومي الحالي سائرة في اتجاه التأسيس لمنوال تنمية جديد يستجيب لطموحات الاتحاد في بناء مجتمع العدل والديمقراطية والحرية والمساواة.
إن العمال والأجراء سوف يكونون، ما لم تتم مراجعة أشياء كثيرة من خلال حوار وطني يكون فيه الاتحاد طرفا أساسيا، عرضة إلى مزيد من التهميش الأمر الذي ينبّئ بمحاولات التضييق على الحق النقابي بآليات مختلفة، ولكني أعتقد في الآن نفسه أن الاتحاد قادر بحكم ما راكمه من قدرة على مواجهة الأزمات، على مواجهة كل التحديات مهما تعقّدت.
والهيكلة والفصل 10 الذي بدأ الحديث عنه في الساحة النقابية؟
من خلال متابعتي فالهيكلة جاهزة وأعتقد أنها ستعرض على المجلس الوطني القادم، أما عن الفصل 10 فقد كانت المصادقة عليه في مؤتمر جربة ردّا على دعوة بن علي إلى مراجعة الدستور ليفسح لنفسه إمكانية الترشح لدورة رئاسية أخرى وكان مؤتمر طبرقة الذي كرّسنا فيه تطبيق الفصل العاشر وغادر المكتب التنفيذي للاتحاد تسعة أعضاء من أعضائه.
أما عن رأيي في الفصل العاشر اليوم فالقضية تعود بالنظر إلى هياكل الإتحاد العام التونسي للشغل وإطاراته فهم وحدهم المؤهلون لإتخاذ ما يرونه صالحا من قرارات داخل سلطات القرار.
رسائل تبعث بها إلى السادة: الطيب البكوش، الباجي قائد السبسي والشهيد شكري بلعيد؟
الطيب البكوش:
أستاذي بالجامعة التونسية رغم أني لم أكن أتردد كثيرا على الدروس بحكم نشاطاتي في الحركة الطلابية وفي الهياكل النقابية المؤقتة.
مناضل له تاريخه في المجالين السياسي والنقابي، دعوته رغم معارضة البعض إلى دورات تدريبية بالاتحاد العام التونسي للشغل بعد مؤتمر جربة بمعية السيد محمد الناصر في الإطار الذي نجحت فيه إلى إعادة السيد أحمد بن صالح إلى النشاطات الدراسية للاتحاد رغم بعض المعارضات أيضا.
التقيت بالسيد الطيب البكوش قبيل تشكيل الحكومة وكانت رؤانا آنذاك متطابقة ولكن جرت الرياح بما لم تشته السفن: قبل ب «النهضة» في الحكومة وهي التي أفنت الجهد في رفضه رئيسا لها...قبل بها رغم تصريحاته الواضحة: أقول فقط لتلطيف هذا التضارب: أرجو أن تكون لك حساباتك الخاصة وDemain il fera jour.
الباجي قائد السبسي:
عرفته في الطور الانتقالي حين عيّن رئيسا للحكومة وعبّرت عن رفض الاتحاد العام التونسي للشغل لتعيينه لأننا لم نستشر أولا وأكدت على أن القبول به مشروط بخمسة شروط ولكن حنكته السياسية تغلّبت حيث قبل بها كاملة.
اختلفت معه مرات ولكني احترمت فيه القدرة على التسيير في ظل توافد اللاجئين وتعدّد مظاهر الاحتجاج الاجتماعي والمخرج الذي توصل إليه في التأسيس لمجلس حماية الثورة...التقيته بعد الانتخابات الأولى وكان الحديث طريفا وظل التواصل مستمرا بيننا أحيانا حتى وأنا في بيروت.
ولكني أقول: لو عدت يا سي الباجي إلى خطاباتك وتصريحاتك ووعودك قبل الانتخابات وحدّدت في ضوئها خيارات لتمسكت دون تردد بالتأثير لتشكيل حكومة بالتفاعل مع «الجبهة الشعبية» دون حركة «النهضة» ولأكّدت بعودتك للمشهد السياسي بقوة من خلال «نداء تونس» أنك دخلت إلى التاريخ من الباب الكبير، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
شكري بلعيد:
أعتز بأني أسست معه حركة «الوطد» ثم حزب «الوطد الموحد»، كنا على تواصل دائم حتى وأنا ببيروت.
لن تُنجب إمرأة مثلك في جرأتك وقدرتك على التحليل والاستشراف وعدم تردّدك في مواجهة أعدائك، شعارك « الأيادي المرتعشة لا تصنع التاريخ».
سنظل لك أوفياء في الموضوعي (الفكر) وفي الذاتي ( حماية أسرتك من كل التشويهات).
لقد تركت فينا ما إذا اتبعناه لن نتيه في الطريق بعدك: مبادئ وقيم وثبات وصمود حتى الاستشهاد ومن أجل الوطن.
سنجعل من دمك نورا يهدينا إلى الانحياز للفقراء وإلى النضال الدائم حتى تحقيق أهداف الثورة... وسنعمل منه نارا بها يكتوي أعداؤك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.