مئات الحرائق بغابات كندا.. وإجلاء آلاف السكان    مدني ورجل اقتصاد.. تعرف على وزير الدفاع الروسي الجديد    وفاة أول مريض يخضع لزراعة كلية خنزير معدلة وراثيا    رئيس أركان جيش الاحتلال يعلن تحمله المسؤولية عن هزيمة الكيان الصهيوني في 7 اكتوبر    عاجل/حادثة "حجب العلم"..الاحتفاظ بهذا المسؤول..    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أمام دعوات لمقاطعتها ...هل «يضحّي» التونسي بأضحية العيد؟    سوسة حجز 3000 صفيحة من القنب الهندي وحوالي 15 ألف قرص من مخدّر إكستازي    لأول مرة منذ 37 عاما.. الرجال أكثر سعادة بوظائفهم من النساء    القيروان: غرق ثلاثة شبان في صنطاج ماء بالعين البيضاء    كرة اليد: الترجي يتفوق على المكارم في المهدية    بلاغ هام لرئاسة الحكومة بخصوص ساعات العمل في الوظيفة العمومية..    وزير الخارجية يُشيد بتوفر فرص حقيقية لإرساء شراكات جديدة مع العراق    العثور على شابين مقتولين بتوزر    باجة: اطلاق مشروع "طريق الرّمان" بتستور لتثمين هذا المنتوج و ترويجه على مدار السنة [صور + فيديو]    حفوز: العثور على جثث 3 أطفال داخل خزّان مياه    الجامعة العامة للإعلام تدين تواصل الايقافات ضد الإعلاميين وضرب حرية الإعلام والتعبير    وزارة التجارة: تواصل المنحى التنازلي لأسعار الخضر والغلال    البطولة العربية لالعاب القوى (اقل من 20 سنة): تونس تنهي مشاركتها ب7 ميداليات منها 3 ذهبيات    رسمي.. فوزي البنزرتي مدربا للنادي الإفريقي    سليانة: عطب في مضخة بالبئر العميقة "القرية 2 " بكسرى يتسبب في تسجيل إضطراب في توزيع الماء الصالح للشرب    التهم الموجّهة لبرهان بسيّس ومراد الزغيدي    رجة أرضية بقوة 3.1 درجة على سلم ريشتر بمنطقة جنوب شرق سيدي علي بن عون    جربة.. 4 وفيات بسبب شرب "القوارص"    وفاة 3 أشخاص وإصابة 2 اخرين في حادث مرور خطير بالقصرين    المحكمة الابتدائية بسوسة 1 تصدر بطاقات إيداع بالسجن في حق اكثر من 60 مهاجر غير شرعي من جنسيات افريقيا جنوب الصحراء    شركة "ستاغ" تشرع في تركيز العدّادات الذكية "سمارت قريد" في غضون شهر جوان القادم    مدنين: نشيد الارض احميني ولا تؤذيني تظاهرة بيئية تحسيسية جمعت بين متعة الفرجة وبلاغة الرسالة    سيدي بوزيد: تظاهرات متنوعة في إطار الدورة 32 من الأيام الوطنية للمطالعة والمعلومات    مؤشر جديد على تحسن العلاقات.. رئيس الوزراء اليوناني يتوجه إلى أنقرة في زيارة ودّية    افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك وسط العاصمة لعرض منتوجات فلاحية بأسعار الجملة وسط إقبال كبير من المواطنين    زهير الذوادي يقرر الاعتزال    النساء أكثر عرضة له.. اخصائي نفساني يحذر من التفكير المفرط    في الصّميم ... جمهور الإفريقي من عالم آخر والعلمي رفض دخول التاريخ    صفاقس تتحول من 15 الى 19 ماي الى مدار دولي اقتصادي وغذائي بمناسبة الدورة 14 لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية    سيدي بوزيد.. اختتام الدورة الثالثة لمهرجان الابداعات التلمذية والتراث بالوسط المدرسي    المالوف التونسي في قلب باريس    الناصر الشكيلي (أو«غيرو» إتحاد قليبية) كوّنتُ أجيالا من اللاّعبين والفريق ضحية سوء التسيير    ر م ع الصوناد: بعض محطات تحلية مياه دخلت حيز الاستغلال    سبيطلة.. الاطاحة بِمُرَوّجَيْ مخدرات    حضور جماهيري غفير لعروض الفروسية و الرّماية و المشاركين يطالبون بحلحلة عديد الاشكاليات [فيديو]    اليوم: إرتفاع في درجات الحرارة    انشيلوتي.. مبابي خارج حساباتي ولن أرد على رئيس فرنسا    عاجل : برهان بسيس ومراد الزغيدي بصدد البحث حاليا    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    قيادات فلسطينية وشخصيات تونسية في اجتماع عام تضامني مع الشعب الفلسطيني عشية المنتدى الاجتماعي مغرب-مشرق حول مستقبل فلسطين    مع الشروق .. زيت يضيء وجه تونس    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    حل المكتب الجامعي للسباحة واقالة المدير العام للوكالة الوطنية لمقاومة المنشطات والمندوب الجهوي للشباب والرياضة ببن عروس    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواعي تجارية وليس لأسباب صحّية    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    عاجل : إيلون ماسك يعلق عن العاصفة الكبرى التي تهدد الإنترنت    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سفيان السليطي (الناطق الرسمي باسم النيابة العمومية) ل«التونسية» التشكيك في القضاء... تشكيك في مؤسّسات الدولة
نشر في التونسية يوم 06 - 03 - 2015


لا سلطان على القاضي إلاّ القانون
اتهام النيابة العمومية بالتباطئ... مغالطة للرأي العام
النّيابة العمومية تحقّق في قضيّة «سويس ليكس»
هناك اختلاف جوهري بين الحقيقة الأمنية والحقيقة القضائية
قاضي التحقيق يبحث عن الإدانة مثلما يبحث عن البراءة
حاورته: خولة الزتايقي
أوضح سفيان السليطي مساعد أول لوكيل الجمهورية والناطق الرسمي باسم النيابة العمومية في حوار جمعه ب«التونسية» مهام النيابة العمومية من تقبل الشكايات وتأمين حصص الاستمرار ومعاينة الجرائم، وإثارة وممارسة الدعوى في الجرائم الإرهابية والتي هي من اختصاص المحكمة الابتدائية بتونس إلى جانب حضور الجلسات والنظر في جميع الاستشارات وغيرها من المهام، ومدى تفاعلها مع مستجدات الوضع الأمني والقضايا الإرهابية ...
وقدّم سفيان السليطي الكثير من التوضيحات حول خصوصية عمل النيابة العمومية رغم كثرة مهامه وأشغاله، التي لا تنقطع إلا بمكالمة أو التأشير على بعض الوثائق أو إستقبال المواطنين وإرشادهم، حتى تبدأ من جديد في حلقة مغلقة خاصة أنه يؤمّن حصة استمرار ل24/24 بالنسبة للجرائم الإرهابية.
وفي ما يلي نص الحوار
تعيش النيابة العمومية ظروف عمل مضغوطة بين كثرة المهام والشواغل والقضايا المتراكمة وحصص الاستمرار ومعاينة الجرائم، كيف يمكن تحسين هذه الظروف حسب رأيك؟
لتطوير عمل النيابة العمومية، يجب تدعيم النيابة بالموارد المالية والبشرية، حتى يمكن للقاضي العمل بأريحية. النيابة العمومية تعمل في ظروف صعبة، من حيث نقص عدد القضاة، وارتفاع عدد القضايا، حيث ان نسق عدد القضاة المباشرين غير متناسق مع عدد القضايا، ليس هناك أريحية في العمل مع وجود عشرات الآلاف من القضايا والشكايات والملفات، وهو ما يشكل خطرا على حقوق المتقاضين، وأريد أن أؤكد على أن الإحصائيات تشير إلى قبول النيابة نحو 10 آلاف شكاية في الشهر، منها 70 شكاية مباشرة يوميا، وهي شكايات وجب العمل عليها يوميا.
بالنسبة للقضايا الإرهابية، هناك 3 مساعدين أُوَل وهم الذين يؤمّنون ويدرسون قضايا الإرهاب في كامل تراب الجمهورية، حسب مقتضيات الفصل 34 من القانون عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 المتعلق بالارهاب، كما ان الفصل 43 ينص على ان المحكمة الابتدائية هي المختصة في النظر في الجرائم الارهابية، اما بالنسبة لعمل النيابة العمومية، فهو متواصل 24 ساعة على 24 ساعة، وذلك بالتداول بين المساعدين الأول في المحكمة في القضايا الارهابية، حيث يقع يوميا تلقي العلامات عن طريق الهاتف من مأموري الضابطة العدلية وباحث البداية، من كامل تراب الجمهورية، وتقدم الارشادات القضائية اللازمة في الغرض.
النيابة العمومية تقوم بعمل كبير وضخم، تتقبل المواطنين وترشدهم، تنظر في المحاضر المقدمة، القيام بمعاينة الجرائم، حتى في وقت متأخر والحضور في الجلسات في الدوائر الجناحية والجنائية، والتي يجب ان يكون ممثل النيابة العمومية موجودا فيها. كذلك القضايا المدنية والتي تهتمّ بالنظام العام، والإعانة العدلية، أو مسألة الاذن بالايواء الوجوبي والاشراف على الاجتماعات الدورية للضابطة العدلية، النظر في مطالب تحجير السفر والنظر في قضايا التعذيب، وفي خصوص هذا الموضوع، يجب التأكيد والإشارة الى وجود دفتر خاص بالتعذيب والبلاغات المقدمة، عكس ما يتم تداوله في العديد من وسائل الاعلام، وقد تم إصدار العديد من بطاقات الايداع في حق العديد من المتهمين في قضايا التعذيب، تطبيقا لمقتضيات الفصول 101 وما بعده من المجلة الجزائية، حيث تتم معاينة الواقع تعذيبه وعرضه على الطبيب، كما تنظر النيابة العمومية في مطالب العفو والتسليم، ومطالب الصلح والشكايات ضد العدول والخبراء، والاذن بالقوة العامة، وقضايا العنف الزوجي واهمال العيال، كما ان النيابة تكون طرفا أصليا في الملفات التحقيقية، حيث تكون حاضرة في استنطاق المتهمين، كما تسهر على تنفيذ الاحكام الجزائية.
هذا الدور الذي تقوم به النيابة العمومية، ليس بالهين او السهل، ويجب اليوم تعزيز عدد القضاة، وتعزيز الموارد المالية، حتى يستطيع القضاة العمل بأريحية، والذي سيعود بالمنفعة على المنظومة القضائية وعلى المواطن.
المحكمة الابتدائية بتونس هي المحكمة الوحيدة المختصة في النظر في القضايا الارهابية، كيف تتعاملون مع هذا الكم الهائل من الجرائم والقضايا ؟
طبعا لا يمكن لنا التخلص من عملنا، نحن نحاول ان نعمل بالطاقات الموجودة وبالموارد المتوفرة، هناك عمل رهيب ملقى على عاتق النيابة العمومية، دون أن تكون هناك اي حوافز، نحن نعمل يوميا 24 ساعة على 24 ساعة، على عكس غيرنا ممن يعملون يومين أو ثلاثة، ونحن نتعامل مع كل ما يقدم الينا من قضايا وشكايات في اطار احترام القانون واحترام مقتضيات المجلة الجزائية وحقوق الانسان، دون تعسف، وبحياد تام، والقانون دائما هو الفيصل، ولا سيادة على القاضي الا القانون، طبعا هناك وحدات مختصة من حرس وامن في القضايا الارهابية، ولا تباشر هذه الوحدات البحث الا بمقتضى تعليمات من النيابة العمومية، ويمكن لهذه الوحدات القيام بالاحتفاظ بالمشبوه بهم دون الرجوع الى النيابة العمومية، لكن وجب إعلام النيابة بعملية الاحتفاظ، اما إذا كان المشتبه به قاصرا، كان من الضروري استشارة النيابة قبل القيام بعملية الاحتفاظ .
ويبقى دور النيابة العمومية دائما هو السهر على حماية المجتمع من الجريمة، وحماية حقوق الانسان والافراد والسهر على حماية الامن العام، مع احترام المبدإ دائما وهو إبقاء الشخص في حالة سراح، ليكون الايقاف هو الاستثناء.
تم مؤخرا إحداث قطب قضائي مختص في النظر في القضايا الارهابية، لماذا لم يباشر القضاة مهامهم بهذا القطب؟
عند توجهنا الى هذا القطب، لم نجد أي قطب قضائي، وجدنا إطارا يشبه القطب القضائي، لا وجود لأيّة إمكانيات مادية، لا كتابة، لا حجابة، لا مكيف، لا اجهزة كمبيوتر، لتضمين المحاضر، لكن منذ شهرين، بدأت العديد من الاصلاحات وبدأت إعادة التهيئة حتى يكون القطب جاهزا وحاضرا للعمل فيه، هذا على الاقل ما بلغني، وسيتم انتقال 3 مساعدين أول و4 قضاة تحقيق للعمل بهذا القطب في اجل اسبوعين من الآن.
هل هناك حماية أمنية للقضاة المباشرين لملفات الجرائم الإرهابية؟
أكبر اجابة عن سؤالك تكمن في هذه الزيارة التي قمتم بها لاجراء الحوار حيث أنكم توجهتم الى مكتبي فلم تجدوا أمامه أيّة حراسة وهو حال كل القضاة ورؤساء الدوائر فبإمكان عائلة أي متهم أو أي كان من الارهابيين انفسهم الدخول للمحكمة وتهديد او حتى تصفية رئيس دائرة او قاضي، على عكس الكثيرين الذين يتمتعون بفرق حراسة أمنية..
هناك اتهامات موجهة للجهات القضائية المسؤولة عن متابعة ملف الاغتيالات السياسية، ب«التباطؤ المتعمد» ما رأيكم في ذلك؟
هذه مغالطات للرأي العام، وهناك أطراف تريد أن توظف القضاء في أغراض معينة ومحددة، وإذا كانت هناك أغراض سياسية وراء ما يروج، فيجب عدم إدخال القضاء في هذه المتاهات، وعلى عكس ما يروجه العديد من الاشخاص، ليس هناك بطء على مستوى الاجراءات، بل هناك احترام لإجراءات ومقتضيات المجلة الجزائية، التي تنص على ان قاضي التحقيق ما ان يتم أبحاثه، حتى يقدم الملف للنيابة العمومية، لدراسته، وتقديم طلباتها في هذا الشأن، وفي حال قضية إغتيال شكري بلعيد (ملف القضية متكون من 500 ورقة)، تم الاستجابة لطلبات النيابة العمومية، وتم الاذن بختم التحقيق، وهو ما كان متلائما ومتناغما مع طلبات النيابة العمومية، فكيف يمكن ان تقوم النيابة العمومية بإستئناف طلباتها، مع العلم أنّه تمّت الاستجابة لطلبات القائمين بالحق الشخصي، وهم ورثة شكري بلعيد، بنسبة ٪70 من قبل قاضي التحقيق، ولم تقع الاستجابة الى 30 بالمائة من الطلبات، وقد علل قاضي التحقيق اسباب عدم الاستجابة.
الملف توجه إلى دائرة الاتهام التي أصدرت قرارها، والذي وقع تعقيبه من طرف القائمين بالحق الشخصي، والمتهمين والوكالة العامة، وهو حق قانوني يتمتع به الجميع، عند توجيه الملف للتعقيب، في 4 ديسمبر 2014، وقعت إحالته الى السيد وكيل الدولة العام في 25 ديسمبر، ثم تقديمه للسيد المدعي العام في 2 جانفي 2015 لتقديم طلباته، ثم وقعت إحالته على الرئيس الاول لمحكمة التعقيب في 3 فيفري، هذه إجراءات وقع إتباعها واحترامها وفق ما نص عليه القانون، ملف متكون من 500 صفحة، يستوجب الدراسة والتأمل والقراءة، وإجراءات كثيرة، من تحقيق واستنطاق وأبحاث، ودائرة اتهام، ولا يمكن تمرير أيّة قضية أو ملف دون الالتزام بالقواعد والإجراءات القانونية المنصوص عليها صلب مجلة الإجراءات الجزائية، وفي حال وجود تقصير من قاضي التحقيق، فإن دائرة الاتهام هي التي تقرر ذلك، وفي حال وجود مؤيدات جديدة، يمكن لدائرة الاتهام ان تأذن بإعادة فتح التحقيق من جديد في ظل المعطيات الجديدة. فدائرة الاتهام، سلطة تحقيق من درجة ثانية، ويمكن لها اتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة، كما يوجد محكمة التعقيب، وهي محكمة قانون، ويمكن لها في حال رأت نقصا في الأبحاث، أن تأذن بإجراء أبحاث تكميلية وبالتالي لا يمكن لنا الحديث عن تباطؤ في إحالة القضايا أو النظر فيها، وهي أمور مغلوطة ولا تمت للواقع بصلة، وكلمة تباطؤ أو تواطؤ، فيها تشكيك في قاضي التحقيق، وهذا التشكيك سواء كان في قاضي التحقيق أو النيابة العمومية أو القضاء عامة، هو تشكيك في مؤسسات الدولة وضرب لهيبتها، لأن هيبة الدولة هي عقلية وثقافة وممارسة، وليست مجرد كلمات أو شعارات. يجب الحزم في تطبيق مقتضيات المجلة الجزائية، مع الحرص على حماية حقوق الإنسان في ظل مجلة الإجراءات الجزائية. وأريد أن أؤكد أن كل شخص، ثبت تورطه في قضية شكري بلعيد أو المرحوم البراهمي أو غيرهما، من قريب أو بعيد، وبصفة مباشرة أو غير مباشرة، سيتمّ تطبيق القانون عليه، مهما كان شخصه أو انتماؤه أو مركزه.
عمليات إرهابية متكررة، الأمن يعلن القبض على المئات من الإرهابيين، مدعما ذلك بصور الأسلحة التي عثر عليها، والنيابة العمومية تأذن في وقت لاحق بإطلاق سراح البعض منهم؟
نحن نعمل في إطار القانون، ولا نعمل في إطار محاكمات شعبوية، ولا يمكن لنا أن نأذن بإيقاف أشخاص، بناء على ما ورد في البرامج التلفزية. الباحث الابتدائي، عندما يقوم بإيقاف مجموعة من الأشخاص، تكون النيابة العمومية على علم بذلك، لأن الباحث الابتدائي او السلطات المختصة، تعمل تحت إشراف النيابة العمومية وبإذنها، ومن حقه ومن صلاحياته القيام بالإيقاف، لكن ليس من صلاحيته الإذن بالصراح، ومن مهمته أن يجمع عناصر الجريمة والأدلة، ويقوم بعملية الاحتفاظ، بعد البحث، وإحالته إلى النيابة العمومية، تقوم النيابة بدراسة الملف المحال عليها والتأني فيه. فالقضاء مؤسسة مؤتمنة على حقوق الناس ومؤمنة على الحفاظ على هذه الحقوق وحماية الامن العام، وبالتالي يجب التأني في دراسة الملفات، ومن ثبت أنّ ملفه بلا مؤيدات أو أدلة قطعية، يطلق سراحه، وبالتالي الخطورة تتمثل أساسا في إبقاء الناس في حالة إيقاف دون وجود أيّة مؤيدات أو أدلة، ولا يمكن الاحتفاظ بالمتهمين، إلا إذا ثبتت الإدانة وتوفرت عناصر الجريمة في الملف المعروض امام النيابة العمومية، ولا يمكن الاكتفاء بما نراه على مواقع التواصل الاجتماعي، أو ما يعرض على البلاتوهات التلفزية أو ما يروج له في الندوات الصحفية. دور باحث البداية أن يقوم بالأبحاث الضرورية، وجمع الأدلة، والنيابة تتكفل بما إذا كانت الادلة كافية للإيقاف أو غير موجبة له. القضاء لا يتعامل إلا بما هو موجود بملف القضية، عندما تكون هناك مجموعة متكونة من 20 شخص، 4 وقع تسريحهم في الحال، لعدم وجود أدلة كافية، وبقي 16 شخصا، بعد أن تم استنطاقهم، أطلق سراح 8 أشخاص، وترك البقية في حالة إيقاف، هنا نلاحظ أن باحث البداية، قام بجميع الإجراءات اللازمة وجمع المتهمين، وبالتدقيق في الملف المطروح تبين أن الملف فارغ من أيّة أدلة إدانة، وبالتالي يكون من الضروري إطلاق سراحهم، لأنه ليس من السهل إيقاف الأشخاص، أو إبقاؤهم في حالة إيقاف دون توفر المؤيدات القانونية، مثلما هو الحال مع إطلاق سراح متهمين مورطين، لما يشكلونه من خطورة على المجتمع. إنّ قرار إصدار بطاقة الإيداع أو بطاقة الإفراج، لا يكون إلا بعد المرافعات التي يقوم بها قضاة التحقيق، والتي يقوم بها المحامون وإذا كان الملف «فارغ» لا يمكن لنا ان نسجن الناس، ما دام لم يكن الملف معللا بأدلة دامغة وقانونية تبرر اتخاذ هذا القرار حسب مقتضيات مجلة الاجراءات الجزائية، والمبدأ دائما هو ان يبقى الإنسان في حالة سراح، والاستثناء هو الإيقاف، ولكن الإيقاف يجب أن يكون معللا بأسانيد واقعية وقانونية، تبرر اتخاذ هذا القرار. فعندما يصدر قاضي التحقيق بطاقة إيداع، يجب ان يعلل ذلك، وان يقدم قرائن قوية، حسب ما يقتضيه الفصل 85 من مجلة الاجراءات الجزائية، ويجب ان نجد الخطورة من وراء إطلاق سراح المتهم او المشتبه فيه، موجودة داخل الملف، لأن القاضي يتعامل مع ملف ومع أوراق ومستندات، وليس من منطلق توفر معطيات خارج ملف القضية، لأن ذلك يخرجه عن الحياد. فمثلما يبحث قاضي التحقيق عن عناصر الادانة، فإنه يبحث كذلك عن عناصر البراءة، وما تحرره الضابطة العدلية من مؤيدات يمكن دحضها، حسب ما يقتضيه الفصلان 154 و155 من مجلة الاجراءات الجزائية، فالمحاضر والتقارير التي حررها مأمور الضابطة العدلية، يمكن ان يقدم ما يدحضها بالكتابة او بشهادة شهود، وبالتالي عندما يقدم مؤيدات تدحض ما قدمه باحث البداية، فإن قاضي التحقيق يأذن بالإفراج، لعدم توفر القرائن القانونية اللازمة، وهناك ملفات تصلنا فارغة، وبالتالي يجب ان يتم التعامل مع الملفات بدقة والتثبت في ما ورد بها، وعندما يثبت ان الملف فارغ، يبقى المتهم في حالة سراح.
وغالبا ما تعمل النيابة العمومية بصمت ضمانا لسرية التحقيقات خاصة في بعض الجرائم والملفات الارهابية الخطيرة التي تستوجب تكتما لاستكمال القضية والوصول الى النتيجة المطلوبة بإيقاف المتورطين أو ما الى ذلك، غير ان بعض الاطراف لا تحترم هذا التمشي لتتجادل حول بعض الملفات حتى لدى وسائل الاعلام والادلاء بتصريحات متشنجة تجانب في غالب الأحيان الحقائق.
كما تتدخل النيابة العمومية في بعض الاحيان للتنبيه ليس بصفتها سلطة تعديلية على وسائل الاعلام، ولكن لعدم الخوض في مثل هذه المسائل او الحيلولة دون الوقوع في جرائم وتجاوزات يعاقب عليها القانون على غرار تحييد الارهاب او التعذيب وهي أفعال مجرّمة بالقانون.
ماذا عن الافراج عن الخطيب الادريسي؟
في هذا الملف، فتح تحقيق ضد الخطيب الإدريسي، وضد بعض الاطراف، وبقي في حالة فرار، وتعذر إستنطاقه لتحصنه بالفرار، السيد قاضي التحقيق أصدر بطاقة جلب في نوفمبر 2014، ووقع إيقافه أولا هذا الأسبوع في سيدي بوزيد، وتم إستنطاقه وبدراسة ملفه، لم نجد مؤيدات أو مستندات تتهمه، فبالرجوع إلى ملف القضية، لم نجد غير أن مجموعة من الأشخاص الذين استشاروه في بعض المسائل الفقهية، وهي مسألة لا يجرمها القانون، أو يمنعها.
قضية «سويس ليكس»، لو توضح لنا القضية، وأهم المستجدات فيها؟
النيابة العمومية تتفاعل كلما كان هناك ما يمس بالامن العام من تصريحات او اعتداءات او احداث، وتتعهد بإثارة دعوى دون ورود شكايات في الغرض على غرار ما صدر في صحيفة «لوموند» الفرنسية حول ما سمي بمعطيات «سويس ليكس» وورود أنباء عن شبهة تهريب أموال الى بنوك أجنبية، حيث أذنت النيابة العمومية بفتح بحث تحقيقي للتثبت من كل الادعاءات والمعطيات الواردة في المقال..
قضية «سويس ليكس»، هي الآن من مشمولات قاضي التحقيق الأول بالقطب القضائي المالي، وهو المتعهد بالتحقيق في الوثائق المسربة من فرع بنك «آيتش آس بي سي» بسويسرا، بعد طلب إصدار البطاقات القضائية اللازمة.
طبعا النيابة العمومية أذنت بفتح بحث تحقيقي ضدّ كلّ من سيكشف عنه البحث من أجل غسل الأموال ممن استغل التسهيلات التي خولتها له خصائص وظيفته أو نشاطه المهني والاجتماعي، طبقا لأحكام الفصول من 62 إلى 67، من القانون عدد 75 لسنة 2003، المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال وكذلك عملا بالفصل 47 وما بعده، من مجلة الإجراءات الجزائية.
والى اليوم ليس هناك أيّة مستجدات والأمر ما زال في يد قاضي التحقيق المختص في القطب المالي.
فتحتم تحقيقا في قضية الصحفيين المخطوفين سفيان الشرابي ونذير القطاري، إلى أين وصل التحقيق في هذه المسألة؟
أنا أريد أن أصارحكم، وما سأقوله الآن، سأعلن عنه للمرة الأولى، هناك العديد ممّن لاموا على النيابة العمومية، وقالوا أن النيابة العمومية لم تتحرك الى الآن. أولا، قانونيا، وحسب الفصل 307 مكرر من مجلة الاجراءات الجزائية، لا يمكن للنيابة العمومية ان تفتح بحثا في هذا الغرض، أو أن تثير الدعوى الا بناء على شكاية تقدم في الغرض من المتضرر أو ورثته، وهذا ما لم يحدث، مما دفعني شخصيا، باجتهاد خاص، إلى التنسيق مع أحد الصحافيين، في شخصي المتواضع، وأرشدته الى ان تقوم عائلة المختطفين بشكاية في الغرض، حتى تستطيع النيابة العمومة التحرك، وإثارة الدعوى، والإذن بفتح تحقيق في الغرض. والى الان ليس هناك أيّة مستجدات في هذا الغرض.
كلمة الختام؟
ادعو جميع المتدخلين في الإعلام إلى التريّث والتثبت قبل نقل المعلومة، وإعتماد صوت العقل، وتحكيمه، كما أريد أن أؤكد أن السياسة الجزائية يحددها المشرّع والسلطة التنفيذية في إطار إختيارات الدولة، والاهم يجب التأكيد على انه لا سلطان على القاضي الا القانون، الذي يجب ان نحترمه جميعا، حتى نستطيع ان نبني تونس، دولة الديمقراطية، دولة المؤسسات والقانون، وان شاء الله ربي يحفظ تونس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.