استبد الغضب بأنصار النادي الرياضي الصفاقسي ومن حقهم ان يغضبوا وان يحتجوا وان يمتعضوا ففريقهم المحبوب الذي يتوفر نظريا على كل مقومات القوة يهدر بشكل غريب الكثير من النقاط التي ميزانها من ذهب في هذه المرحلة الحاسمة من السباق ... واستوى الامر في اهدار النقاط في مواجهة الاندية المنافسة على الللقب ومواجهة الاندية التي تلعب في وسط الترتيب او من اجل تفادي النزول ... الغضب كبير وهو مشروع باعتبار ان الفريق تتوسل اليه البطولة من اجل كسب ودها وهو يعرض عنها ويشيح البصر ... نعم امر البطولة كان نظريا ومنطقيا اقرب الى الفريق من حبل الوريد فاذا به يتملص ويمانع ويضيع النقاط الثمينة تاركا الفرصة لمن كانوا بعيدين ان يقتربوا ويتقدموا في الترتيب وينافسوا على اللقب .... يخطئ من يقول ان امر البطولة صعب على النادي الرياضي الصفاقسي ... ويخطئ من يعتبر ان العناصر الحالية غير قادرة على رفع اللقب ويغالط نفسه من يعتبر ان خروج بعض الركائز من الفريق في الماركاتو اثر على توازنات النادي مع قيمة العناصر المغادرة ... الفريق الحالي للفريق هو نظريا قادر على الكثير الكثير ... وقادر على ان يذهب في هذه البطولة الى ابعد مدى ممكن وان يكون اول واقوى المراهنين بامتياز على اللقب الوطني الثمين ... بل نقولها ان النادي الصفاقسي الذي اضاع انتصارات في المتناول امام فرق منافسة على اللقب وايضا امام فرق اقل من هذه لو نجح في تسجيل وتحصيل نصف النقاط الممكنة معها لكان اليوم يتربع منفردا في صدارة الترتيب ولكان اقوى المراهنين على اللقب خصوصا وان الروزنامة مساعدة ومواتية فيما تبقى من السباق ... لسنا في وارد تعداد النقاط المهدورة فالكل يعرفها والكل يتعجب من ضياعها بشكل ' غبي ' او بدائي ... ولكن يجدر الانتباه الى ان النادي الصفاقسي لم يستفد من الهدايا الثمينة التي قدمتها بعض الاندية له ولبقية المنافسين مثل الملعب القابسي ومستقبل المرسى اللذين هزما النادي الافريقي مؤخرا ومع ذلك لم يقلص «السي اس اس» فارق النقاط مع باب الجديد الى الان كما فسح الفريق المجال للترجي الرياضي القادم من بعيد لكي يتقدم عليه في الترتيب العام مع ان فريق باب سويقة كان متأخرا بأشواط ونقاط عن ثلاثي الصدارة السابق. صحيح ان النادي الرياضي الصفاقسي دفع في مناسبات اثمانا باهظة لنزيف بعض النقاط بفعل صفارة ظالمة وقرارات خاطئة ولكن هذه الهفوات على ثقلها لن تكون الشجرة التي تحجب الغابة فالنادي الصفاقسي ينطبق عليه المثل العامي «النهار اللي حاجتي بيك يا وجهي» اي انه فريق لا يمكن ان يسعد انصاره زمن اللحظات المفصلية ونتذكر في هذا الموسم كيف ان الفريق فشل في تحقيق انجاز مع فريق قوافل قفصة الذي كان يتكبد الغصرات والهزائم بالداخل والخارج فاذا به يجد في نادي عاصمة الجنوب الملاذ والمنقذ لكسب انتصار مهم. ما الذي جرى وما الذي يجري في نادي عاصمة الجنوب المدجج بالنجوم والذي عاد من تنقل افريقي مريح من الطوغو مقارنة بالتنقلات السابقة وعاد مزهوا بانتصار ثمين بخماسية على سيماسي الطوغولي ؟ كان من المفروض ان يكون خير دافع له لكي ينقض على منافسيه في الدوري المحلي من اجل العبور الى السرعة الخامسة والانقضاض على صدارة الترتيب وهو الذي يدرك ان منافسيه على اللقب لهم روزنامة مقابلات متبقية اصعب من التي لديه ..., اخفاقات بالجملة واختيارات في مهب الرياح المثل الكروي يقول انه لا تغيير لتشكيلة رابحة اقنعت ولكن هذا المثل لم يجد صدى وهوى في النادي الرياضي الصفاقسي حيث تغيرت التشكيلة نسبيا وتم التعويل على اسماء لم تقنع مقابل حجب الفرصة عن عناصر توثبت للعطاء .... الامر يدعو الى تساؤلات حقيقية عن الاسباب وعن الجدوى وما ان كانت بعض الاسماء تملك بعض الحصانة للعب حتى لا تغضب ... نعم نقولها بوضوح ان الاختيارات التكتيكية لم تكن موفقة لا على مستوى الرسم ولا على مستوى انتقاء العناصر الاقدر على الافادة ... حيث ان البعض كان بحاجة الى الراحة النسبية للمراجعة ولاستعادة لذة اللعب والعطاء فيما ان البعض الآخر مكان يحتاج الى تمكينه من فرص اضافية لمزيد الاقلاع والتحليق بعد ان اقنع وقد شمل ' التفلسيف ' التكتيكي مختلف الخطوط في الفريق ولعل هذا ما يفسر الاداء الباهت للنادي في مباريات كان من المفروض ان تكون للابيض والاسود مصيرية وحاسمة باعتبارها الضامنة للتقدم في الترتيب العام ... هذه الاخفاقات التكتيكية جعلت الفريق يلعب بلا روح وبلا فاعلية وجعلته غير قادر على احداث الخطر ولو امتدت فترات اللعب الى اكثر من ال 90 دقيقة وكان حريا هنا بالاطار الفني المبادرة بإحداث الرجة على مستوى التشكيلة لوقف الانهيار ولكن «دار لقمان بقيت على حالها» فالعقول شاردة والابدان متهاوية والمعنويات في حضيض والاداء انخفض الى اسفل درجات البرودة ... لذلك لم يميز ابناء النادي الصفاقسي فريقهم ولم يعرفوه .... كان هناك وهن شديد وخلل كبير على مستوى آليات العمل وربان السفينة لم يتمكن من القيام بالتدارك المطلوب غضب الانصار والبحث عن البديل انصار النادي الرياضي الصفاقسي هالهم مشهد الفريق المتهاوي كاعجاز نخل خاوية ومن هنا كان غضبهم الشديد على الفريق بكل مكوناته من هيئة مديرة ولاعبين واطار فني وشددوا في احاديثهم على ان النادي الصفاقسي خذل الانصار وخذل العشاق وخذل عاصمة الجنوب وان الواجب يقتضي الآن الاسراع بالتدارك باجراء بعض الجراحات المطلوبة التي توقف الانهيار مؤكدين على ان من المهم ومن الضروري دعوة الاطار الفني للفريق لفرض الانضباط وان يعطي له ما يفتقده من رغبة في اللعب... تفنن الكثيرون في الحديث عن بعض المدربين الأجانب لتعويض غازي الغرايري معتبرين ان الفريق لا يجد حظه الا مع فنيين من خارج الحدود بدليل ان كل ألقاب البطولة التي تحصل عليها الفريق منذ تأسيسه الى الآن كانت بمدربين اجانب كسنوات 1969 و1971 مع بوباديتش و1978 و1983 مع بوبوف و1981 مع بفايفر و1995 مع باولو و2005 مع دوكاستال و2013 مع كرول. هذا الاخير كان اسمه مطروحا بقوة في صفوف عدد من الانصار يرون ان التجربة معه كانت مفيدة وانه رغم ما فعله كرول بالفريق لما غادره من ثقب الباب بعد التتويج بلقب كأس الاتحاد الافريقي لكرة القدم ليلتحق بالترجي الرياضي بعد سيناريو سيء الاخراج فإن الامور الآن لا تحتاج الى العواطف بقدر ما تحتاج الى الاختيار الدقيق في اطار تغليب مصلحة النادي الصفاقسي وضربوا امثلة كثيرة في فرق كبيرة كالافريقي والترجي والرياضي والنجم الساحلي غادرها المدربون في ظروف مماثلة وبشكل راى فيه الانصار «الغدرة» ولم يمنع ذلك مسؤولي هذه الفرق من اعادة التعاقد مع هؤلاء المدربين الهاربين ومن بينهم فوزي البنزرتي ذلك ان مصلحة الفريق تبقى فوق كل المصالح الاخرى. الهيئة تحت الضغط في مثل هذه الوضعية الصعبة تشتغل الهيئة المديرة وهي تبدو بين المطرقة والسندان وهي تعرف ان التفاف الاحباء حولها هو رهين نجاح الفريق في تحقيق آمال واحلام الانصار كما تدرك ايضا ان الوقت لا يرحم وان عقارب الساعة تدور بسرعة كبيرة وهي مطالبة في وقت وجيز بأن تقوم بتعديل الاوتار مع الإطار الفني حتى يكون في مستوى الآمال وموقف الهيئة المديرة لا تحسد عليه في هذا الوقت بالذات ونعتقد جازمين ان الاشغال في النادي الصفاقسي ينبغي ان تنطلق على اكثر من مستوى وصعيد ولا سيما في اتجاه اعادة الهيكلة ايضا وهي عملية شاقة ولكنها ضرورية.