سفارة أمريكا بتونس تتابع سير أعمالها الاعتيادي    مأساة بالمهدية: حادث مرور يقتل تلميذين!    العثور على جثة فتاة في قنال بنزرت    عاجل: هذا اللاعب يغادر وفد المنتخب    وزير النقل: الموانئ الذكية أصبحت ضرورة في ظل التنافسية الإقليمية والتطور التكنولوجي    "المؤسسة والنّظام الاقتصادي الجديد" محور أشغال الدّورة 39 لأيام المؤسسة من 11 إلى 13 ديسمبر 2025    الجمعة القادم: سفارة ليبيا بتونس تنظم احتفالية بمناسبة افتتاح المتحف الوطني بطرابلس    وزير الفلاحة: تونس تصدّر زيت الزيتون لأكثر من 60 دولة    الاعلان عن انضمام مدينة سوسة رسميا الى عضوية الشبكة العالمية لمدن التعلم التابعة لليونسكو    قابس: انطلاق توزيع المساعدات الاجتماعية لمجابهة موجة البرد    انقطاع الكهرباء بمناطق مختلفة من هذه الولاية غدا الأحد..#خبر_عاجل    الدورة الثالثة من ملتقى تونس للرواية العربية من 11 الى 13 ديسمبر 2025 بمدينة الثقافة    اليوم وغدا: توقّف كلّي لجولان الخط الحديدي تونس -حلق الوادي-المرسى    غدوة الدخول مجاناً لكل المتاحف والمواقع التاريخية في تونس!    فيلم "سماء بلا أرض" لأريج السحيري يفوز بجائزتين في بروكسال    الليلي ، الدريدي ، الكوكي : "مجموعة المنتخب الوطني في المونديال صعبة للغاية و لكن الأمل قائم"    عاجل/ غارات وقصف مدفعي مُكثّف على غزة..    عاجل/ اطلاق نار في فندق بهذه المنطقة..    العلا: آس أو آس تنظم يوما توعويا " عيش بأمان عيش فرحان"    مناظرة خارجية لانتداب 280 عريفاً بسلك الحماية المدنية..#خبر_عاجل    حادث مرور قاتل بهذه الجهة..#خبر_عاجل    مونديال 2026 – المنتخب التونسي يستهل مشاركته بملاقاة المتأهل من الملحق الاوروبي الثاني في هذا التاريخ..    آخر فرصة في كأس العرب 2025 : وقتاش ماتش النسور؟ و كيفاش ينجموا يتأهلوا للربع النهائي ؟    كأس التحدي العربي للكرة الطائرة: خالد بن سليمان يتوّج بجائزة أفضل لاعب وأحسن موزع    إسماعيل الغربي يغادر مقر تربص المنتخب الوطني    سوسة: ندوة علمية حول الكتابة للأطفال واليافعين    شركة تكافئ موظفيها بسيارات ورحلات : شكون باش يربح العام هذا؟    عاجل: مع اقتراب رأس العام، حجز أطنان من المواد الغذائية الفاسدة بعدة ولايات    مفزع/ ارتفاع حالات ومحاولات الانتحار في تونس..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    كأس العرب قطر 2025: شوف برنامج مقابلات اليوم السبت    أستراليا تفرض عقوبات على أفغانستان بسبب حقوق المرأة    اللجنة المنظمة لكأس العرب 2025 تصدر بيانا بشأن فيديو أغاني لصدام حسين    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. ودمشق ترحب    مشروع قانون المالية 2026 : مجلس الجهات والاقاليم يصادق على الفصول المعروضة على الجلسة العامة    الداخلية.. تفكيك شبكة دولية لترويج المخدرات وحجز كميات كبيرة من الكوكايين و"الزطلة" والحبوب المخدرة    زيارة سعيد الى ضريح الزعيم فرحات حشاد ووسط العاصمة (صور)    استراحة الويكاند    مع الشروق : حقّ المواطن في الدواء .. أولوية    عاجل/ حجز قرابة ألف قطعة مرطبات وأطنان من المنتجات الغذائية غير صالحة للاستهلاك    فتح باب الترشح لتظاهرة "رمضانيات القصر السعيد" لسنة 2026    ترافل اند تور وورلد" تصنف تونس ضمن أفضل الوجهات لقضاء" عطلة رأس السنة الميلادية الجديدة    بعد منعه لأكثر من عام: فيلم "المُلحد" في قاعات السينما..    Titre    عاجل/ السفارة الأمريكية بتونس تعلن عن هذا القرار..    وزارة الشؤون الدينية الجزائرية: الأضرحة والزوايا جزء من هويتنا    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    تحسّن العجز الجاري إلى 1،6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2024    شويا ثوم وطماطم وبرشا بصل...وصفة من دكتورة تونسية    تظاهرة علمية لتسليط الضوء حول التحديات الحالية وآفاق مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية في تونس    حلا شيحة: "القرآن هو السبيل الوحيد للنجاة"    المنسنتير: المؤتمر الدولي الثاني للتغذية الدقيقة في هذا الموعد    بشرى سارة للحوامل المصابات بالسكري.. تقنية جديدة تعيد الأمل..    رحيل ساحر "مورتال كومبات"    عاجل: اليوم.. 18 ولاية تحت اليقظة الصفراء... أمطار، رعد ورياح قوية    فانس يتهم الاتحاد الأوروبي ب"مهاجمة حرية التعبير" بسبب غرامة على "إكس"    خليفة "أبو شباب": سترى حماس الوجوه الحقيقية التي كان يجب أن تراها منذ وقت طويل    خطبة الجمعة .. التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب «بورقيبة خارج زمن الحكم» لمحمد الحبيب براهم:قصّة الأعوام الأخيرة من حياة الزّعيم بدار الوالي بالمنستير
نشر في التونسية يوم 06 - 04 - 2015


بقلم: عبد السلام لصيلع
من أهمّ كتب المرحوم الأستاذ محمد الحبيب براهم، الأديب والدّيبلوماسي والوالي، كتاب أصدره قبيل وفاته بمدّة قصيرة والذي مرّت سنة على رحيله مؤخّرا، كتاب عنوانه «بورقيبة خارج زمن الحكم» (مذكّرات والي المنستير)... وهو شهادة للتّاريخ عن أواخر سنوات حياة الزعيم إلى وفاته وموكب جنازته وبصمات من ملحمته.
وكان محمّد الحبيب براهم والي المنستير في السّنوان الأخيرة من حياة الزّعيم الحبيب بورقيبة في مدينة المنستير وكان مشرفا على كلّ تفاصيل حياة الزّعيم وقريبا منه..
وفي هذا الكتاب الذي صدر عن دار برق للنشر والتوزيع سنة 2011 حقائق ووقائع وأسرار مثيرة عن حياة بورقيبة في سنواته وأيّامه الأخيرة، مرفوقة بوثائق وصور نادرة للزّعيم في إقامته بالمنستير.
وفي مقدّمة النّاشر أثنى الأستاذ محمد البرقاوي على ما حُظي به بورقيبة من تقدير كبير ومعاملة حضاريّة من قبل والي المنستير الأسبق محمد الحبيب براهم، وكتب: «أريد أن أشدّ على يد السيد محمد الحبيب براهم لتعامله الحضاري والإنساني مع الزّعيم الحبيب بورقيبة رغم الظّروف الصّعبة التي هيمن عليها الهاجس الأمني وكأنّنا نعيش حالة استنفار دائمة كلّما تعلق الأمر بالزعيم الحبيب بورقيبة الذي كان بالإمكان تركه يمضي بقيّة حياته ببلدته ومسقط رأسه المنستير حرّا طليقا في تنقلاته يزوره من يشاء ويذهب أين يشاء.
والتعامل الحضاري والإنساني للسيد محمد الحبيب براهم لم يَخْفَ على أهل بورقيبة والمقرّبين منه. فإثر وفاة الزعيم سارع نجله الحبيب بورقيبة الابن ببعث رسالة شكر تتضمّن شكر «آل بورقيبة وأصهارهم» لما «وجدوه فيكم من جميل الشعور نحو فقيدنا العظيم».
كما لم يتخلّف الدكتور عمر الشاذلي، الطّبيب الخاص للزّعيم الحبيب بورقيبة عن الإشادة بهذه المعاملة وذكرها في كتابه «بورقيبة كما عرفته» الذي صدر باللغة الفرنسيّة إذ نقرأ في صفحة 544 ما يلي: «وتمّ تعويض الوالي محمد بن نصر بعد سنة تقريبا بالحبيب براهم الرّجل المثقّف الذي كان يعتني كثيرا ببورقيبة. فقد تحسّنت نوعيّة الأكلات وأصبحت أيّام الأعياد احتفالات عائليّة حقيقيّة. ويوم 3 أوت أصبح لدينا الحقّ في «طرطة» كبيرة لعيد ميلاد الزّعيم. كانت أسرة الزعيم كلّها في الموعد: ابنه وزوجة ابنه وأطفالهما وأحفادهما... إلخ». (...) فارتاح إليه الزّعيم كما لم يرتح لغيره، فكان الحديث وتبادل الآراء والنّقاش الذي دأب السيد محمد الحبيب براهم على تدوينه في مرحلة أولى وعلى تحريره بأسلوب أدبي يجمع بين المتعة والإفادة إضافة إلى إشارات حسّاسة أخرى لتكون في نهاية المطاف رسما صادقا للزّعيم في مرحلة النّهاية وشهادة حقيقيّة وواقعيّة للتاريخ».
وفي فصل «مع الزعيم خارج زمن الحكم»، وتحت عنوان «شهادة للتاريخ» نقرأ للمرحوم محمد الحبيب براهم: «بورقيبة خارج زمن الحكم، وفي نهاية حياته ودقائق وأضواء على هذه المرحلة التي تكمل قدرا، وتنهي سطورا، وتحدّد نهاية، وتضيف شهادة مباشرة لوضع تندر فيه عادة الشهادة، لأنّ الوضعية ذات خصوصيّة، والأمناء عليها نفر محدود، وقد قيّض الله لي أن أكون أحدهم بل وفي الموقع المحوري في النهوض بالأمانة وحجم الثقة الموضوعة. فرافقت الزعيم في إقامته بمدينة المنستير كامل السنوات الأربع الأخيرة من حياته. كان رئيسا متقاعدا وزعيما انتهى عهده. وكنت بجواره بصفتي والي المنستير طيلة تلك الفترة أزوره وأرعاه، وأهتمّ بكلّ دقيقة وكبيرة من شؤون معيشته اليوميّة وحاجياته المختلفة وأطوار ظروفه الصحيّة والنفسيّة».
وتحت عنوان «أضواء أولى على حياة الزعيم في الإقامة» تحدّث محمد الحبيب براهم عن دار الوالي التي أمضى فيها سنواته الأخيرة، وعن الحراسة الدّائمة ليلا نهارا التي كانت تحيط بإقامته، «تقف في أكثر من مدخل وبوّابة صغيرة ملتصقة بالسّور الخارجي المحيط بكامل البناية وحديقتها».
وتحدّث عن زيارات عائلة الزعيم إليه خلال الأعياد والمناسبات، وهذه الزيارات كانت مرّتين أسبوعيّا لابنه الحبيب بورقيبة الابن رفقة أفراد عائلته كزوجته أو أبنائه أو أصهاره وعدد محدود من الأقارب.. ويقول المؤلّف: «وكانت هناك زيارات أخرى تتمّ بطلب من أصحابها ويتمّ الإذن من رئاسة الجمهورية في شأنها، فيتحدّد الموعد ويصدر الأمر للجانب الأمني المكلّف بالحراسة في الإقامة... وأكون بجواره خلالها للتقدير والرّعاية.
ومن بين الوجوه النّضاليّة التي شملتها هذه المواعيد الدّوريّة المنتظمة السّادة محمد الصيّاح والهادي المبروك وأحمد قلاّلة والدكتور عمر الشاذلي. وكان الزّعيم يرتاح إليهم ويقبلون عليه بحنين كبير».
وعن حياة الزّعيم في سنواته الأخيرة، وإلى تاريخ وفاته، يقول محمد الحبيب براهم: «فهو يستيقظ صباحا ويتّجه إلى قاعة الجلوس ويتناول الإفطار المعتاد الخفيف ويتحرّك قليلا، ثمّ يطالع عناوين الجرائد اليوميّة ويتابع في شبه إغماء البرامج التلفزيّة وخصوصا منها الإخباريّة ويتبادل بعض الكلمات العادية العابرة مع الأعوان المكلّفين بالعناية به.
وكنت تراه هادئا، ينظر دوما إلى الأفق البعيد، يفكّر ويتأمّل في صمت ووداعة، فلا يُبدي رغبة ولا يرفض اقتراحا بل هو يتبع فقرات مبرمجة التزم بها وأصبح مطبّقا لها بصورة شبه آلية وكأنّه مازال واقعا تحت تأثير الانضباط البروتوكولي لمرحلة طقوس حياة الرئاسة بالتزاماتها الرسمية وضوابطها المحدّدة».
وفي الكتاب تفاصيل عن الطّاقم الذي كان يعتني بالزّعيم.. وعن عاداته الغذائيّة.. وعادة المشي والتحرّك وهي رياضة ملائمة لراحته النفسية وحركيّة جسمه في سنّه.. وأورد المؤلّف ما كان يوليه الزّعيم لصحته بسبب خوفه من المرض.. ولم يهمل مداعباته اللطيفة.. وحبّه للشعر والأدب والتاريخ.
ولم يخف الإشارة إلى بعض حالات الغضب والهيجان، عندما تسيطر عليه «حالة نفسية طارئة» يبقى «يزمجر بصوت عال» ويطرد من حوله.
ويتحدّث محمد الحبيب براهم عن بعض جولات الزعيم المحدودة خارج إقامته والتي تعيد شيئا من ذكريات الماضي.
وقبل الوصول إلى فصل «الرحيل التاريخي» يخصّص المؤلّف مساحة كبيرة من كتابه لمآثر بورقيبة وإنجازاته الماديّة والمعنويّة وملحمته النّضالية.
ويتحدّث المؤلّف عن «بداية النهاية» حين لاحظ بوادر انهيار صحّة بورقيبة في أوائل شهر مارس 2000، ثم نقله إلى المستشفى العسكري بالعاصمة في 6 مارس 2000.. ليصل بنا إلى «لحظات الوداع».. ويقول: «ليلة الوفاة، سهرت كالعادة بجواره إلى وقت متأخر من الليل، وعندما هجع أغلب الحاضرين إلى بعض الراحة على مقاعدهم حوله، ما عدا الإطار الطبّي اليقظ باستمرار، خرجت بهدوء تامّ موصيا الموظّف المكلّف بملازمته كامل الوقت منذ سنوات عديدة والمعيّن من الرئاسة لهذه المهمّة، أن يبقى على اتصال بي لإعلامي على الفور بكلّ ما قد يجدّ على امتداد الساعات المتبقّية لفجر اليوم الموالي إذ كان واضحا أنّ العدّ التنازلي قد بدأ ويمكن أن يمتدّ إلى أيّام أخرى قليلة.
وبلا وعي، وفي تلقائيّة عفويّة، وككلّ ليلة طيلة هذه الأيّام عندما أغادره بعد منتصف الليل، وقفت بجواره وتأمّلت طويلا في وجهه الوقور ولمست يده برفق كبير وقبّلت جبينه بكامل التّقدير ثمّ غادرت الإقامة، وفي القلب ككلّ لحظة مغادرة يوميّة مشاعر وخواطر تزدحم في النّفس.وتوفّي الزعيم صبيحة السادس من أفريل سنة 2000م، وفورا أشعرت رئاسة الجمهورية. وانطلقت الاستعدادات المطلوبة بالمتابعة الدقيقة المستمرّة في مرحلة أولى لتليها إثر ذلك وفي الوقت المناسب مختلف الفقرات التي يستوجبها الحدث ومقام الرّاحل العظيم.
«وانتشر الخبر بسرعة البرق، فعائلة المجاهد الأكبر تهاتف باستمرار عديد الأطراف للإعلام بالوفاة، كما أن التأهّب النّفسي لدى جهات متنوّعة ومواقع مختلفة، كانت طيلة الفترة الأخيرة تتابع باهتمام تطوّر حالة الزّعيم الصحيّة، قد أسبغ على المعلومة طابعا في منتهى الأولوية للتناقل والتركيز».
ونجد في الكتاب وصفا للموكب التاريخ يوم السبت 8 أفريل 2000 لتوديع الزّعيم ودفنه، بالكلمة والصّورة.. وما صاحبه من «شجون إعلاميّة و«فيتو» التلفزة».
وفي خاتمة الكتاب نجد قصيدة الشاعر أحمد اللغماني في رثاء الزّعيم وعنوانها «سيّدا كنت، سيّدا سوف تبقى».. وقصيدة الشاعر عبد اللطيف مامغلي «نداءات».. وصفحات عن أربعينيّة الوفاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.