ثمن نهائي بطولة العالم للكرة الطائرة ..المنتخب يفشل في امتحان التشيك    قيمتها 100 مليار..وثائق مزوّرة فضحت تهريب حبوب الهلوسة    الموت يغيّب الممثلة كلاوديا كاردينالي    منظمة الصحة العالمية ترد على ترامب: لا صلة مثبتة بين الباراسيتامول والتوحد    ماكرون: ترامب لن ينال جائزة نوبل للسلام إلا بإنهاء الحرب في غزة    انطلاق نشاط وحدة بنك الدم بالمستشفى الجامعي بسيدي بوزيد    البنك المركزي يطرح ورقة نقدية جديدة للتداول من فئة خمسين دينارا (صورة)    عاجل/ تفكيك شبكة خطيرة لترويج الكوكايين بهذه الجهة من العاصمة    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة الافتتاحية    مسرح الأوبرا يعلن عن فتح باب التسجيل في ورشات الفنون للموسم الثقافي الجديد    تظاهرة "الخروج إلى المسرح" في دورتها السادسة تحمل اسم الراحل الفاضل الجزيري    بطولة العالم لألعاب القوى - عدد قياسي للدول الفائزة بميداليات في النسخة العشرين    من نيويورك: تونس تُطالب بوقف فوري لإطلاق النار على غزة.. #خبر_عاجل    على متنها 3000 سائح...سفينة كوستا كروازيار ترسو بميناء حلق الوادي    عاجل : هذا هو موعد شهر رمضان 2026 فلكيا    ماتنساوش: مباراة إياب دوري أبطال إفريقيا بين الاتحاد المنستيري والأسود السيراليوني في هذا التاريخ    عاجل/ تعليق الدروس في هذه الولاية..    في بالك ... فما اختبار دم يقيس قداش كل عضو في بدنك تقدم في العمر؟    أوت 2025: شهر قريب من المعدلات العادية على مستوى درجات الحرارة    مدنين: 90 الف طن تقديرات صابة الزيتون الاولية لهذا الموسم    "DONGFENG" تمر للسرعة القصوى في تونس…! "DONGFENG" تُقدّم مجموعتها الجديدة من السيارات التي تشتغل بالطاقة المتجددة    عاجل/ "كوكا، زطلة وأقراص مخدرة": أرقام مفزعة عن حجم المخدرات المحجوزة في تونس..    عاجل: ظهور سريع للسحب الرعدية يفرض الحذر في كل مكان!    الحضانة المشتركة من اجل تعزيز المصلحة الفضلى للأبناء بعد الطلاق    قبلي: انطلاق دورات تكوينية في الابتكار في النسيج والصباغة الطبيعية لفائدة حرفيات الشركة الاهلية "رائدات"    الترجي الرياضي: اصابة عضلية لنجم الفريق    كرة السلة: تونس تستضيف النافذة الأولى من تصفيات المونديال    يا توانسة.. هلّ هلال ربيع الثاني 1447، شوفوا معانا دعاء الخير والبركة الى تدعيوا بيه    اللاعب التونسي مراد الهذلي يجدد التجربة مع أهلي طرابلس الليبي    بالفيديو.. ماكرون "علق" بشوارع نيويورك فاتصل بترامب.. لماذا؟    جندوبة: المطالبة بصيانة شبكة مياه الري لتامين حاجيات القطيع والاعداد للموسم الجديد    مواطن يقوم بقيادة حافلة..وشركة النقل بين المدن توضّح وتكشف.. #خبر_عاجل    عاجل/ لأوّل مرّة: مسؤول أميركي يعترف ب"هجوم إسرائيلي على تونس"..    كان عندك برنامج آخر الويكاند... شوف الطقس كيفاش؟    الحماية المدنية :594 تدخلا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    النفطي بمناسبة ذكرى مؤتمر بيجين حول المرأة : تونس تولي اهتماما خاصّا بريادة الأعمال النّسائية    إصدار طابع بريدي إحياء للذكرى 80 لتأسيس منظمة الأمم المتّحدة    الشيبس كل يوم.. تعرف شنوّة اللي يصير لبدنك    عاجل/ انفجار قرب سفينة قبالة اليمن..    قضايا الفساد المالي: رفض الإفراج عن مسؤولين سابقين بوزارة التربية وتأجيل المحاكمة    محرز الغنوشي يُحذّر من تواصل الأمطار هذه الليلة    وزير الاقتصاد يتباحث مع المدير الإقليمي للمنطقة المغاربية بمؤسسة التمويل الدولية، سبل تعزيز التعاون.    وزارة الصحة تطلق أول عيادة رقمية في طب الأعصاب بالمستشفى المحلي بالشبيكة بولاية القيروان    أمطار قياسية في مناطق من تونس.. الأرقام كبيرة    رئاسة مؤتمر حل الدولتين: إنهاء الحرب في غزة أولوية قصوى    رئيس الجمهورية يدعو إلى تأمين محيط المعاهد ومقاومة تجّار المخدرات    قيس سعيد: كلّ المؤسّسات المُنتخبة منبعها الشّعب التونسي صاحب السيادة    إسبانيا تهدد بالرد على أي عمل إسرائيلي ضد أسطول الحرية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    نجاة من كارثة محققة في مطار نيس: طائرتان تفلتان من اصطدام مروع    زاده الشيب جمالاً... تيم حسن يلفت الأنظار بوسامته    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    المدرسة الابتدائية الشابية بتوزر .. «نقص فادح في العملة»    زياد غرسة يضيء سهرة افتتاح مهرجان المالوف الدولي بقسنطينة    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس مجلس المنافسة في حديث شامل ل«التونسية»:وضع المنافسة في السوق يحتاج تدخّلا من الأجهزة الرقابية
نشر في التونسية يوم 13 - 04 - 2015

قريبا إصدار مقتطفات من أحكام المجلس لتوسيع ثقافة المنافسة
المنافسة ليست محترمة.. والتجاوزات تختلف حسب القطاعات
الجدل حول قانون المنافسة والأسعار مفهوم.. لكن الردع ضروري
أجرى الحديث:
فؤاد العجرودي خولة زتايقي
لم يتحوّل صراحة إلى «محكمة للمنافسة» على غرار عديد البلدان لكنه يمارس ضمن المهام الموكولة إليه وظيفة قضائية رادعة لجهة أن عقوباته تصل إلى ٪5 من رقم المعاملات لتسبب «صداعا» مؤلما للغاية في رأس المؤسّسات التي تتخطّى «الخطوط الحمراء».
مليار و200 مليون من المليمات هي قيمة الخطية التي دفعتها إحدى المؤسّسات العاملة في مجال الاتصالات عام 2013 بسبب اعتمادها أسعارا مفرطة الانخفاض هدفها إزاحة المنافسين.. كما ضرب مجلس المنافسة مؤخرا بتخطئة 3 شركات بمبلغ 700 مليون بتهمة «التواطؤ» في صفقة عمومية.
مجلس المنافسة هو بمثابة جدار صدّ أمام «الجرائم الخطيرة» في مجال المنافسة وهي أساسا الاستغلال المفرط لوضعية الهيمنة على السوق L' abus d' une position dominante sur le marché والاتفاقات «المقنعة» les ententes التي تهدف إلى تقاسم أو احتكار السوق.
ورغم وضوح تلك المهام فإنّ المجلس حكم العام المنقضي بعدم الاختصاص في نحو ٪40 من القضايا التي تلقاها.. بما يعني أن شريحة واسعة من قطاع الأعمال وحتى المحامين تحتاج إلى تحسيس أكثر لفهم طبيعة اختصاص المجلس ومجال تدخله.
مجلس المنافسة هو من جهة أخرى مسار تشكل حلقة بعد حلقة كانت أولاها بعث لجنة للمنافسة بداية تسعينات القرن الماضي قبل أن تتحول إلى مجلس احتاج إلى تعديلات متواترة في قانون المنافسة والأسعار لتطوير صلاحياته التي عرفت منعرجا منذ حصوله في بداية العقد الحالي على حقّ التعهّد التلقائي بفتح التحقيقات في مجال المنافسة في حال تراكمت عناصر تؤكد وجود الشبهة.
المجلس الذي يباشر أيضا وظيفة استشارية وقائية من خلال لزوم أخذ رأيه مسبقا في النصوص الترتيبية ذات الصلة بالمنافسة ومشاريع التركيز الاقتصادي ينتظر أيضا مكاسب جديدة من مشروع التنقيح قيد الجدل لقانون المنافسة والأسعار.
كل تلك المسائل وغيرها كانت على أجندا أسئلة «التونسية» في هذا الحديث الشامل مع السيد «الحبيب جاء بالله» رئيس مجلسة المنافسة الذي استغرق زهاء 70 دقيقة وبدأ من هذه الزاوية:
مجلس المنافسة يمثل أعلى سلطة قضائية في الاقتصاديات المفتوحة المعتمدة على آليات السوق وعديد الدول تطلق عليه صراحة «محكمة المنافسة».. أين يتموقع مجلس المنافسة في تونس وهل تعتبر صلاحياته كافية لإرساء بيئة تنافسية نظيفة؟
- من خلال استقراء قانون المنافسة والأسعار الذي يمكن أن يتدخل فيه كل من القضاء والإدارة وعلى خلفية أن التعديل وظيفة إدارية يمكن القول أن السلطة التنفيذية وبدل أن تمارس هذه الوظيفة بشكل مباشر عهدت بها إلى مجلس المنافسة.
ورغم أن المشروع لم يكن واضحا تماما فإنّ إعطاء المجلس الاستقلالية المالية والشخصية المعنوية جعل منه هيئة «هجينة» لها وظيفة قضائية. وهو يضطلع بثلاث مهام أساسية هي الوقاية من جهة والرقابة والتعديل من جهة ثانية والزجر والعقاب من جهة أخرى.
المهمة الوقائية تقوم أساسا على وجوب أخذ رأي المجلس مسبقا في كل النصوص الترتيبية ذات العلاقة بمجال المنافسة كما يمكن في هذا الباب أن تلجأ إليه الهيئة التعديلية القضائية والهيئات المهنية لأخذ رأيه أيضا في مسائل مماثلة. فيما يبدي رأيه وجوبا في مطالب الترخيص المتعلقة بمشاريع التركيز الاقتصادي وعقود الامتياز أو ما يعرف بالعمل تحت العلامة الأصلية.
أما الجانب الثاني فيتعلق بمهمة الرقابة والتعديل التي يباشرها المجلس بتشكيل دوائر قضائية في مفتتح كلّ سنة وتستند إلى رافدين أساسيين هما العرائض التي تحال إليه من الوزير المكلف بالتجارة أساسا لفتح تحقيقات في ممارسات مخلة بالمنافسة استنادا إلى الفصل 5 من قانون المنافسة والأسعار أي خاصة الجرائم المتعلقة بالاستغلال المفرط لوضعية هيمنة علي السوق أو الاتفاقات أما الرافد الثاني فهو مباشرة المجلس للتحقيقات من تلقاء نفسه بموجب صلاحية التعهّد التلقائي بفتح التحقيقات التي منحها له المشرّع.. وهي مسألة غير متاحة في المحاكم العادية لأنه حينها ستصبح الحكم والخصم في نفس الوقت.
أما المهمة الثالثة فهي الزجر أي الأحكام التي يصدرها المجلس في إطار وظيفته القضائية.
من خلال هذه الوظيفة كيف يقيّم المجلس واقع المنافسة في السوق وإلى أيّ مدى يمكن اعتبار الآليات المتاحة للمجلس رادعة لجرائم المنافسة؟
- من الناحية القطاعية يمكن القول أنّ قطاع تكنولوجيات الاتصال مازال يمثل نحو ثلث القضايا المعروضة على المجلس.. كما أنّ ٪40 من القضايا يقضي فيها المجلس بعدم الاختصاص وهنا يجدر التذكير أنّ مهمة المجلس هي الحفاظ على النظام العام الاقتصادي والتوازن العام في السوق وبالتالي فإنّ التجاوزات التي لا تمس بهذين الجانبين هي من اختصاص القضاء العادي.
والمجلس في حال ثبوت ارتكاب ممارسات تدخل في إطار صلاحياته فإنّه لا يتردّد في ردعها عبر تسليط العقاب الملائم الذي يتراوح عموما بين توجيه أوامر للأطراف المعنية للكف عن تلك الممارسات والحكم بخطايا مالية يمكن أن تصل إلى ٪5 من رقم المعاملات في حال ارتكاب تجاوزات مخلّة بتوازن السوق.
ومثلما أشارت إليه جريدة «التونسية» مؤخرا فإن آخر حكم أصدره المجلس يوم 12 مارس الفارط كان ضدّ ثلاث مؤسّسات تنشط في مجال المستلزمات الطبيّة دخلت فرادى إلى صفقة عمومية فيما تنتمي كلها إلى مجمع واحد وذلك بقصد إعطاء الانطباع بوجود منافسة غير متوفّرة أصلا.
القطاع التجاري برمته يعيش اليوم على إيقاع الجدل حول مشروع تنقيح قانون المنافسة والأسعار.. والمجلس هو أحد الأطراف المعنية بهذا المشروع، فكيف تفاعل معه؟
- تجدر الإشارة أوّلا إلى أنّ هذا التنقيح يعدّ السادس من نوعه منذ سن القانون عام 1991 وكل التنقيحات بما فيها الحالي تهدف إلى ملاءمة التشريع الوطني مع المستجدات الداخلية والخارجية علما وأنّ تونس كانت منذ الثمانينات قد تخلّت عن الاقتصاد المؤطّر وأطلقت مسارا متدرجا لتعميق آليات السوق.
كما يجدر التذكير بأنّ المشروع الحالي هو نسخة معدّلة لمشروع التنقيح الذي عرضته حكومة الترويكا على المجلس التأسيسي وتمّ بشأنه الاستماع إلى عديد الأطراف بما في ذلك المجلس وهو مشروع اعتبارناه وقتها «سيّئا» لأنه كان سينتزع من المجلس حق التعهّد التلقائي الذي يمثل أحد أركان وظيفة الردع كما اتجه نحو إحداث دائرة استئنافية داخل المجلس فيما وظيفة الاستئناف والتعقيب على أحكام المجلس هي من اختصاص القضاء الإداري.
المجلس عبّر وقتها عن رفضه لهذين المقترحين الذين ننوّه بإلغائهما من المشروع الجديد.. أما بقية بنود التنقيح فقد رحبنا بها، ولا سيما المتعلقة بدعم صلاحيات المجلس من الناحيتين الهيكلية والوظيفية وخاصة بالترفيع في عدد القضاة من أربعة إلى ستة ودعم سلك المقرّرين بتمكينهم من الحماية ووسائل العمل المُتاحة لأعوان المراقبة الاقتصادية وكذلك تحسين الإجراءات ومن ذلك تقليص آجال إبداء الرأي في مشاريع التركيز الاقتصادي وعقود الامتياز من 6 إلى 3 أشهر.
المشروع اتجه أيضا إلى الترفيع في الخطايا القصوى من ٪5 إلى ٪10 من رقم معاملات المخالف وهذا مهم أيضا خصوصا ونحن نعاني من حجب المؤسّسات المخالفة للمعلومة وهو ما يفسر الآجال الطويلة التي يتطلبها صدور الأحكام.
لكن هذا الإجراء يلقى انتقادات شديدة من قطاع الأعمال جعلت بعضهم ينادي بسحبه؟
- بالطبع مثل هذه المسائل لا يستسيغها أصحاب المهن بدرجات متفاوتة جعلت بعضهم ينادي حتى بسحب المشروع.. كما أنّ حيّزا من التفاعلات التي ولدها هذا المشروع يبدو متأثرا بمعطى الإفلات من العقاب الذي برز في السنوات الأخيرة.. علما وأنّ النقاط التي تضمنها المشروع في هذا الباب تنسجم مع الآليات المعتمدة في المنظمات الدولية ذات الصلة وعديد التجارب المقارنة كما تم إدراجها بهدف تعزيز آليات حماية المستهلك والتوازن العام في السوق.
كما تجدر الإشارة إلى أنّ اعتبار وجود هيمنة للسلطة التنفيذية من منطلق عدم تمثيل المهنة صلب الوظيفة القضائية للمجلس غير سليم لجهة أنّ هذه الوظيفة موكولة للقضاة وبالتالي فإن الادعاء بهيمنة السلطة التنفيذية يوحي بأن القضاة غير مستقلين؟
في المقابل نحن نرحّب بأصحاب المهن وممثلي المنظمات الوطنية في الوظيفة الاستشارية بل نعتقد أنهم يمتلكون معطيات قد تخفى عن المجلس عند النظر في المسائل التي تُعرض عليه.
أما الوظيفة القضائية فهي تتطلّب الحياد التام وبالتالي فإنه من الطبيعي أن تسند للقضاة.
ويجدر التذكير في ذات الإطار أن المشروع الجديد ينصّ على تدعيم حق الدفاع خاصة من خلال التمديد في الفترة المتاحة للمؤسّسات للرد على تقرير ختم الأبحاث من شهر إلى شهرين.
المشروع تضمنّ أيضا مكاسب أخرى نعتبرها هامة منها سحب إلزامية أخذ رأي المجلس مسبقا على مشاريع النصوص القانونية إلى جانب إحداث «الاستشاري الاستعجالي».
ابتعد المجلس نسبيا عن الأضواء في السنوات الأخيرة هل يعود ذلك إلى تراجع نشاطه أي عدد القضايا التي تم الحسم فيها أم نقص في الإعلام بنشاط المجلس؟
- بإمكانك القول أنه ومنذ إحداث لجنة المنافسة عام 1992 فإن حصيلة السنة المنقضية تأتي في المرتبة الثانية بعد 2012 حيث إلى جانب إصدار 39 قرارا استشاريا حسم المجلس في 44 قضية بأحكام تراوحت بين الدعوة إلى إيقاف ممارسات والخطايا المالية وأغلب القضايا كانت في قطاعي المستلزمات الطبية وتكنولوجيات الاتصال علما وأنّ عدد الأحكام قد تدعم بفضل إرساء القضاء الاستعجالي ضمن قضاء المنافسة حيث أصدر المجلس العام الفارط عدة أحكام استعجالية منها الحكم ضد أحد البرامج التلفزية الذي وقع استئنافه مؤخرا لدى المحكمة الإدارية التي قضت برفض الاستئناف.
هل يعني ذلك أنّ هذه القضيّة طُويت؟
- قطعا لا.. فالتحقيقات في القضية الأصلية مازالت متواصلة وسنصدر بشأنها الحكم الملائم في أقرب الآجال علما وأنه ليس بالإمكان الغوص في تفاصيل هذه القضية نظرا لسرية الأبحاث.
لماذا لم يتحوّل المجلس صراحة إلى محكمة للمنافسة على غرار عديد البلدان؟
- هذا يبقى مرتبطا طبعا باختيار المشرع.. لو تأملت في التجارب على الصعيد العالمي لما خلصت إلى وجود نموذج معيّن.. هناك ثلاثة خيارات فإما أن تُعهد هذه المهام إلى محكمة مختصّة أو إلى القضاء العدلي وإما الخيار الذي انتهجته تونس وهو إنشاء مجلس للمنافسة ضمن هرم القضاء الإداري.. المشروع اختار أن يسير في هذا الاتجاه ونحن مهمتنا السهر على حسن تطبيق القانون والتصدّي لكل الممارسات المخلّة بالنظام العام الاقتصادي والتوازن العام في السوق.. علما وأن أغلب الدول اتجهت إلى هيئة إدارية مستقلّة.
٪40 من القضايا يحكم فيها المجلس بعدم الاختصاص.. هذا يعني أننا مازلنا نعاني من معرفة محدودة بصلاحيات ودور المجلس من قبل المتعاملين الاقتصاديين ومساعدي القضاء.. كيف يتعامل المجلس مع هذه المسألة؟
- بالفعل هناك معرفة محدودة بمجالات تدخل المجلس.. على سبيل المثال وضعية الهيمنة على السوق لا تطرح إشكالا إلا عندما تتحول إلى استغلال مفرط لهذه الوضعية يؤول إلى عدم توازن..
من هذا المنطلق فإنّ من أوكد أولوياتنا في المرحلة الراهنة توسيع ثقافة المنافسة بتنظيم أيام دراسية لفائدة القضاة حول الصفقات العمومية من منظور مجلس المنافسة ودورات تكوينية لفائدة المحامين ولا سيما الشبان حول الإجراءات التطبيقية بالتعاون مع عمادة المحامين.
كما نسعى إلى تدعيم التعاون الدولي في هذا المجال عبر عقد اتفاقيات تعاون مع الهيئات المماثلة في بعض البلدان مثل المغرب والجزائر علما وأن المجلس هو عضو في أكثر من منظمة دولية وإقليمية على غرار مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية والشبكة الإفريقية لهيئات المنافسة كما وقعنا العام الماضي اتفاقية تعاون مع هيئة المنافسة النمساوية.
سنحرص على تدعيم ثقافة المنافسة بكل الآليات المتاحة بما في ذلك نشر مقتطفات من القرارات القضائية للمجلس للعموم علما وأن مجلس المنافسة يتولى سنويا رفع تقرير عن نشاطه إلى رئيس الحكومة.
من خلال التحقيقات التي يباشرها المجلس كيف يحكم على واقع المنافسة في السوق؟
- بالنظر إلى العدد الهام للقضايا يمكن القول أن معايير المنافسة ليست محترمة كما ينبغي وهي مسألة تتفاوت من قطاع إلى آخر.. ونحن في المقابل حريصون على ردع كل التجاوزات انطلاقا من أهمية الردع في توفير مناخ تنافسي سليم استنادا إلى تلك المقولة المعروفة «La Présence du gendarme est le cammencement de la sagesse».
ومن هذا المنطلق لا بدّ من إعطاء دور حاسم للأجهزة الرقابية إلى جانب تدعيم الوظيفة الاستشارية للمجلس عبر التنصيص على إلزامية الأخذ بآراء المجلس المتصلة بالنصوص الترتيبية والقانونية وهو مقترح نشترك فيه مع عديد الأطراف الأخرى وذلك لجهة أن الوقاية قد لا تقل أهمية عن الردع..
المجلس يضرب بقوّة:
أعلى خطيّة تجاوزت المليار
قضى مجلس المنافسة عام 2013 بخطيّة مقدارها مليون و200 ألف دينار ضد مؤسسة تنشط في مجال تكنولوجيات الاتصال بتهمة اعتماد أسعار مفرطة الانخفاض مست من التوازن العام للسوق.
أما أعلى خطية حكم بها المجلس عام 2014 فكانت بقيمة 200 ألف دينار ضد وكيل لتوريد السيارات قطع علاقته التجارية مع نيابة جهوية بشكل تعسفي وهو ما اعتبر استغلالا مفرطا لوضعية هيمنة على السوق وقضى المجلس في ذات العام بمبلغ 10 آلاف دينار ضد مؤسّسة اعتمدت أسعارا مفرطة الانخفاض في إحدى الصفقات العمومية.
كما ضرب المجلس بقوة يوم 12 مارس المنقضي عندما حكم بخطية قدرها 700 ألف دينار ضد ثلاث مؤسّسات بتهمة «التواطؤ» في صفقات تهم تزويد مراكز تصفية الدم العمومية بمستلزمات طبية بعد أن كشفت التحقيقات أن تلك المؤسّسات لم تكن سوى واجهة لمجمع واحد وأن دخولها فرادى إلى الصفقة كان هدفه الإيهام بوجود منافسة.
المجلس يحتاج إلى المدد
قد يدفع الوضع الحالي إلى التساؤل كيف تمكن مجلس المنافسة العام الماضي من الحسم في 44 قضية إلى جانب إصدار 39 قرار استشاري في خضم النقص المسجل في عدد أعضائه لا سيما في القضاة حيث لا يتوفر لديه سوى قاضيان من أصل أربعة تقتضيهم تركيبة الجلسة العامة بما يولّد صعوبة في استكمال النصاب سواء بالنسبة إلى القرارات القضائية أو الاستشارية. كما يشكو المجلس من نقص في بقية الأعضاء ولا سيما الجامعيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.