(تونس) «قضيتي أجلت لأشهر... أتعاب المحامي أثقلت كاهلي ... محاميّ تحيّل عليّ ... بطء في النظر في الملفات ... لم يبلغني الاستدعاء ... صعوبة في تنفيذ الأحكام ... أحكامي الصادرة عن المحكمة الإدارية، لم تنفذ منذ سنين ... الإدارة تتقاعس عن واجبها ... لم أجد من يرشدني ... القضاء غير مستقل ...». «أطنان من الملفات على طاولة مكتبي ... غياب التجهيزات ... ثغرات في ترسانة القوانين ... تناقض في المجلات القانونية ... أعمل تحت الضغوطات ... محاولات لتطويعي ... أحقق بمفردي ... وسط غياب وضعف تكوين كتبة المحاكم، أرقن الأحكام بمفردي، غياب تأمين المحاكم، انتهاك لحرمة الأحكام الصادرة باسم الشعب وانتقادها ... تسريب المعلومات وعدم احترام سرية التحقيق ... الإدارة لا تستجيب لأحكام المحكمة الإدارية ...». «أضطر للعب دور كاتب المحكمة، لربح الوقت ... نطالب بحضور المحامي منذ الساعات الأولى للإيقاف أمام باحث البداية ... ضعف منحة التسخير ... غياب التكوين ... يجب تدعيم الوسائل البديلة لفض النزاعات ... ترسانة القوانين في تونس، تعطل عملي ...». هذه بعض التشكيات التي طالما تردّدت على مسامعنا من طرف المواطن أو المحامي أو عدل التنفيذ أو القاضي في عالم مرفق العدالة.. عالم قال عنه ابن خلدون«العدل أساس العمران ... والظلم مؤذن بخراب العمران» عالم فرضت فيه تعقيدات الحياة العصرية ونسقها مشاكل طالت المواطن والمحامي وعدل التنفيذ والنيابة العمومية والقاضي وزجّ بهم في دوامة من المشاكل فرضت على الجميع، احيانا التمسك بخيط رهيف للخروج بحلول كما يخرج الخباز الشعرة من العجين.مشاكل تحوصلها رزمة من الأسئلة لعلّ أهمّها: يشكو المواطن التونسي من القضاء، فأين أهل المهنة من هذا؟ بطء في الإجراءات، والنظر في الملفات، فهل ذلك «من الحناء، أو من رطابة اليدين»؟ لماذا لا يتم مزيد تفعيل الوسائل البديلة لفض النزاعات؟ ما مصير المحامي المختلس لأموال الحرفاء، وما الهدف من صندوق إيداع أموال الحرفاء، أو صندوق الدفوعات؟ ما هي ضمانات المحاكمة العادلة، وما هي المعايير الدولية لضمان استقلالية القضاء؟ ما تأثير التمديد والحركات القضائية على استقلالية القضاء؟ قطب قضائي، دشّن ولم ير النور، فما أسباب ذلك؟ تشكيات من عدم بلوغ الإستدعاءات، وعدم تنفيذ الأحكام القضائية، من يقف وراء ذلك؟ ثقة المواطن التونسي في عدالة المحكمة الإدارية، تضاعفت في السنوات الأخيرة، فهل يمكن أن نشهد هجرة من العدلي إلى الإداري؟ كيف يتم النظر في الشكايات المتعلقة بقضايا التعذيب؟ وإلى من يتوجه المواطن؟ أسئلة طرحتها «التونسية» في إطار منتداها الأسبوعي على ممثلي القطاعات المتدخلة في المنظومة القضائية في محاولة لإنارة المواطن وحصر المشاكل وتقديم الحلول. ضيوف «التونسية» في المنتدى هم: - محمد الفاضل محفوظ: عميد المحامين -عبد الستار بن موسى: عميد المحامين الأسبق، ورئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان - سفيان السليطي: مساعد أول لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس، والناطق الرسمي بإسم النيابة العمومية - عز الدين حمدان: قاض إداري ورئيس إتحاد القضاة الإداريين. - صادق يحيى: رئيس الغرفة الوطنية لعدول التنفيذ بتونس الكبرى. اعداد :خولة الزتايقي وأحمد فضلي تصوير: نبيل شرف الدين السيد محمد الفاضل محفوظ (عميد المحامين): وجود المحامي ضمانة للمتّهم، وليس امتيازا للمحامي صندوق إيداع أموال الحرفاء، آلية لمنع الاستيلاء على أموالهم التحكيم والوساطة والصلح، للنهوض بالمرفق القضائي نسعى إلى جعل المحامي متواجدا مع المتهم أمام باحث البداية وصف السيّد محمد الفاضل محفوظ عميد المحامين، المحاماة، بأنها ضمير الشعب، ولاعب أساسي في المرفق القضائي، وأضاف العميد، أن الهيئة الوطنية للمحامين، توجهت مرارا وتكرارا إلى وزراء العدل، لدعوتهم إلى الترفيع في ميزانية الوزارة والمرفق القضائي، مبرزا انه لا يمكن الحديث عن محاكمة عادلة وقضاء كفء ومستقل يوصل الحقوق إلى أصحابها، وينعكس إيجابا على المتدخلين في المرفق القضائي والعدلي، في ظل غياب الإمكانيات اللازمة (انتدابات، التجهيزات، بما في ذلك توفير أجور محترمة للسادة القضاة، وإلى غير ذلك من المستلزمات القضائية). وشدد عميد المحامين، على أن القضاة والمحامين، يعملون في ظروف صعبة، داعيا العائلة القضائية إلى التضحية للنهوض بالمرفق العدلي، مشيرا إلى ضرورة إدخال تعديلات جذرية على ترسانة القوانين، المتعلقة بالمجلات القانونية، من مجلة المرافعات المدنية والتجارية، المجلة الجزائية، مجلة الإجراءات الجزائية، وغيرها من القوانين، خاصة منها المتعلقة بالإيقاف، وبالإيقاف التحفظي، معتبرا أن الإيقاف والإيقاف التحفظي، لا بد ألّا يطبقا إلا في القضايا الخطيرة، والخطيرة جدا، على حد تعبيره. وأرجح عميد المحامين، أسباب البطء في الفصل في القضايا، إلى تأجيل القضايا، والى تحديد موعد جلسات بعيدة الآجال، وذلك نظرا لتراكم الملفات على القاضي، ونقص عدد القضاة المباشرين، مبينا أن هذا الأمر ينعكس سلبا، على المحامين والمتقاضين والقضاة، مما قد يفقد مصداقية المتدخلين لدى المواطن، حسب تعبيره. وشدد عميد المحامين، على أن قطاع المحاماة يعمل ما في وسعه للرفع من مستوى المرفق القضائي، من خلال تنفيذ عدة دورات تدريبية لفائدة المحاماة، متمنيا أن تقام دورات تدريبية تجمع المحامين، والقضاة، وكتبة المحاكم في دورة واحدة، حتى يستفيد الجميع من ذلك. وبين عميد المحامين، أنه بات من الضروري، اليوم التوجه نحو التطبيق الفعلي لآليات تقاضي أخرى، منها التحكيم، والمصالحة والوساطة، وغيرها، وذلك قصد تخفيف العبء عن القضاء، وإيصال الحقوق إلى أصحابها كاملة، وتفادي المشاكل الكثيرة والمتواترة عند تنفيذ الأحكام، خاصة منها الأحكام الإستعجالية، مفيدا أن هذه الآليات أثبتت نجاحها ونجاعتها في عديد الدول الأخرى. وحول مساهمة العمادة في تنقيح القوانين والمجلات، أبرز العميد أن الهيئة شاركت في عدد من اللّجان، لتنقيح بعض الفصول القانونية، وتقديم تصوراتها في هذا الخصوص. وقد دعا محمد الفاضل محفوظ الحكومة الحالية، والحكومات القادمة، إلى ضرورة الاعتناء بالمرفق القضائي، قائلا: «سجلت جميع القطاعات غليانا، إلا العائلة القضائية، التي مازالت على حالها ... ولم يتغير أي شيء، وإذا لم يقع مزيد الاعتناء بالمرفق القضائي، فإننا سائرون نحو الأسوإ». وقال الأستاذ محمد الفاضل محفوظ، إن تحقيق استقلالية القضاء في تجربة ديمقراطية جديدة، يبدو صعبا في البداية، لكن هناك آليات لتحقيق هذه الاستقلالية، أبرزها ضمان مراقبة السلط لبعضها، وأرجع صعوبة الأمر إلى الارتباط بالعقليات، وارتباط البعض بالولاءات الحزبية. ولتوضيح مسألة ظهور المحامين في المنابر الإعلامية، وقيامهم «بمرافعات حول قرارات النيابة العمومية»، قال الأستاذ محمد الفاضل محفوظ، إن ظهور المحامين في الشاشات والمنابر الإعلامية، يكون بناء على صفاتهم السياسية، وأنه وقع التنبيه عليهم، بعدم الخوض في قرارات، قد تمس من سير التحقيق، وتابع قائلا: «أنا مع ظهور المحامين في المنابر الإعلامية، لأن لديهم الكفاءة لفعل ذلك، نحن نترافع في المنابر الإعلامية، لأننا لم نجد مكانا للترافع، أو من ينصت إلينا عندما نتحدث في مثل هذه المسائل، ورغم هذا الحق الذي يتمتّع به المحامون، فإننا نوصيهم بعدم الترافع في المنابر الإعلامية في أية قضية منشورة أمام القضاء». وحول معاقبة المحامين المدانين في جرائم اختلاس أموال الحرفاء أو التحيل عليهم، قال الأستاذ محمد الفاضل محفوظ، إن مجلس التأديب التابع للعمادة، لا يتوانى عن اتخاذ الإجراء المطلوب ضد أي محام تثبت مخالفته لمقتضيات شرف المهنة، على خلاف بعض القطاعات الأخرى التي لا تفعّل آليات المعاقبة عند قيام منظوريها بتجاوزات، منبها إلى أن عدد المحامين في تونس تجاوز 8000 محام، وأن المحاماة شأنها شأن بقية مكونات المنظومة القضائية، من قضاة، وعدول تنفيذ، وعدول إشهاد، وخبراء محاسبين فيها من يمكن أن تسّول له نفسه، القيام ببعض التجاوزات. وقد قال محفوظ «نحن في سلك المحاماة، وفي العمادة، لدينا آلية في التأديب قائمة الذات، وإذا ارتكب محام تجاوزات، فإن مجلس التأديب ينتصب، ويتخذ العقوبة التي يراها مناسبة، والتي يمكن أن تكون مجرد إنذار، أو توبيخ أو إنذار مؤقت لمدة سنتين، أو شطبا من جدول المحاماة لمدة أكثر من 3 سنوات، كما يمكن أن تصل إلى حد المحو النهائي من الجدول، هذه الآليات موجودة، ونحن لا نسمح بوجود مثل هذه التجاوزات، وسوف نتصدى لها بكل ما أوتينا من جهد، ثم إنه من حيث النسبة، ومقارنة بوجود قرابة 8000 محام، نجد أن عدد القضايا التأديبية الموجودة، ضئيلة وضئيلة جدا». وأوضح عميد المحامين، أن الغاية من إنشاء صندوق إيداع أموال الحرفاء، أو صندوق الدفوعات المالية لحرفاء المحامين، هو تفادي المشاكل التي يمكن أن تقع بين المحامي والحريف، من خلال إيداع الأموال التي لا يمكن الإيفاء بها في ظرف شهر، تطبيقا لما ورد في مرسوم المحاماة، والمتنازع عليها، في هذا الصندوق، ويبقى على المحامي في مرحلة لاحقة ، إما الاستظهار بتسعيرة من رئيس الفرع، أو باتفاق كتابي قانوني، يفيد بقيمة أجرته، حتى يمكن له أن يستخلص أمواله، منبها إلى أن تلك الأموال تعود بالفائدة على المحامين، من خلال ما تحققه من فوائض نتيجة إيداعها بهذا الصندوق، والتي يمكن أن تستغل في تكوين ورسكلة القضاة الشبان، ومشاريع اجتماعية للمحامين، مثل القروض، التي يمكن أن تستعمل من أجل فتح مكاتب خاصة، بعد ختم التمارين، ولتجنب تبادل التهم بين الحريف والمحامي، حول ما إذا كان هناك استيلاء على أموال الحريف أم لا. وذكر عميد المحامين، أن مشروع إحداث صندوق إيداع أموال الحرفاء، في انتظار التباحث فيه تحت قبة باردو. وأكد عميد المحامين، على انه يمكن لأي شخص، أن يتقدم بشكاية لرئيس الفرع، في حال كان ضحية عملية تحيل من قبل احد المحامين، والذي سيفتح بدوره، بحثا في الموضوع، من دراسة المؤيدات، واستماع للأطراف، حتى يصل إلى قرار في هذا الشأن وقال محفوظ: «قرار رئيس الفرع يمكن الطعن فيه، من الوكيل العام، ومن المتضرر نفسه، وإذا ثبت ارتكاب المحامي للمخالفة، تقع إحالته على مجلس التأديب، هذا بالنسبة للتتبع التأديبي، في هذه الأثناء، إذا تبين للمواطن أو المتضرر، أن المخالفة التي قام بها المحامي، فيها طبيعة جزائية، يمكن للمتضرّر أن يتقدم بشكاية للوكيل العام، وهنا الإحالة ليست وجوبية، لأن الوكيل العام له سلطة تقديرية في ما تعلق بإحالة المحامي على التحقيق من عدمها». وطلب عميد المحامين، تطبيقا لأحكام الفصول 27 و29 و105 و108 من الدستور، من المحامين التدخل والتواجد مع المتهم، أثناء فترة محاكمته، وفترة التحقيق، وحتى أثناء وجوده أمام باحث البداية، منبها إلى أن القانون المتعلق بوجود المحامي أمام باحث البداية، لم يصدر بعد، معبّرا عن أمله في صدوره في القريب العاجل، حتى يتمكن المحامي من التواجد مع موكلّه منذ الساعة الأولى للإيقاف أمام باحث البداية، مثلما هو معمول به في فرنسا منذ 6 سنوات، منبها إلى أن وجود المحامي مع المشتبه به هو ضمانة للمتهم، وليس امتيازا للمحامي، وضمانة للباحث، وضمان لسلامة الإجراءات وتحقيق المحاكمة العادلة. وأعلن عميد المحامين عن وجود تقرير شامل، تم إعداده بالتعاون مع المفوضية السامية، وسيتم نشره قريبا، حول التعذيب، واهم التوصيات من اجل تفادي هذه المسألة وتجاوزها، مؤكدا على وجود 1000 حالة تعذيب في السنة الفارطة. وأكد السيد محمد الفاضل محفوظ أن من حق كل متهم أن يكون له محام، مشيرا إلى ضرورة تسخير محام لأي متهم غير قادر على توكيل محام عنه. وفرّق محفوظ بين نوعين من التسخير: الأول، هو التسخير الجنائي، في القضايا الجنائية، والتي يكون فيها المحامي وجوبي، وبالتالي تكون عملية التسخير، بالتنسيق بين المحكمة ورئيس الفرع، والتي أصبحت بمقتضى المرسوم الجديد من اختصاص رئيس الفرع، وبالتنسيق مع رئيس الدائرة الجنائية، وعادة ما يكون المحامي المسخر، محام متمرن، لما يكتسبه من تجربة من وراء قيامه بمرافعات، ويكون تحت إشراف المحامي المسؤول عن التمرين، كما يمكن لرئيس الفرع أن يقوم بتسخير محام لدى الإستئناف أو لدى التعقيب، في ملفات كبيرة وخطيرة، لما يتطلبه الموضوع من خبرة وكفاءة كبيرة. أما النوع الثاني فهو الإعانة العدلية، والتي تقدم للمتقاضي المعوز، والذي ليس له إمكانات، يتقدم للنيابة العمومية بطلب الإعانة، ويقدم ما يفيد احتياجه لهذه الإعانة، وما يثبت عدم قدرته على تحمل تكاليف التقاضي. وهنا تتكفّل النيابة العمومية بتسخير محام، أو عدل تنفيذ، وذلك في إطار مجانية التقاضي، مشددا على أهمية وضرورة تطوير هذه الآليات. السيد سفيان السليطي (الناطق الرسمي باسم النيابة العمومية بتونس): «القضاة يخدموا بسُتر ربي...» القطب القضائي المخصص لقضايا الإرهاب، منعدم التجهيزات السجن مدرسة للإجرام التونسية (تونس) أكد السيد سفيان السليطي الناطق الرسمي، أن النيابة العمومية هي أقرب جهاز للمواطن التونسي، منبها إلى أن النيابة العمومية تلعب دورا هاما في تطبيق القانون والسهر على حماية الأمن العام، خاصة ان الجرائم تعددت وازدادت في الآونة الأخيرة، وبصفة كبيرة، مؤكدا على أن علاقة النيابة العمومية بالمواطن، هي علاقة مباشرة، خاصة مع وجود مكتب الإرشاد القضائي الذي يعمل على تقديم الإرشاد القانوني والقضائي للمتقاضين، أي أن كل مواطن، له مشكل، أو كان له إشكال، يمكن له أن يتصل بالمرشد القضائي، مشيرا في ذات السياق إلى أن النيابة العمومية تتقبل الشكايات المباشرة على اختلاف أنواعها من قبل الموطنين بمعدل يترواح بين 70 و 80 شكاية يوميا (في المحكمة الابتدائية بتونس). وبيّن الناطق الرسمي باسم النيابة العمومية أن هذه الأخيرة تلعب في اغلب الدعاوى المطروحة عليها دور المرشد والموجه للمواطنين والإجابة عن استفساراتهم سواء المتعلقة بالتقاضي المدني أو الجزائي أو العقاري، مضيفا أن النيابة باتت تعمل على التأشير على الشكايات مباشرة من خلال النظر فورا دون الرجوع إلى مكتب الضبط لتجاوز الروتين الإداري وتفادي ضياع الشكايات بين مراكز الأمن وتابع قائلا: «إضافة إلى ذلك تتلقّى النيابة العمومية الشكايات مباشرة من قبل الأساتذة المحامين». وبخصوص الإرشاد القضائي، شدد الناطق الرسمي باسم النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس على أن الإرشاد يقدم لكل مواطن له نزاع حتى لو لم يكن ذلك النزاع منشورا بتلك المحكمة، ملاحظا أن غياب الثقافة القانونية لدى المتقاضي عسرت من الإجراءات خاصة ان كل شخص له مشكل أو نزاع يلتجئ مباشرة إلى النيابة العمومية حتى لو كانت تلك المسائل خارج مشمولاتها واختصاصها دون المرور بالتمشي القانوني المعمول به، مفيدا أن النيابة العمومية تكون مجبرة على تقديم العون والإرشاد حتى لا يضيع حق المتقاضي وتابع قائلا: «كل ذلك يزيد الضغط على النيابة العمومية خاصة في ابتدائية تونس التي تسجّل يوميا كمّا هائلا من القضايا». كما نبه إلى أن النيابة العمومية تنظر يوميا في محاضر التلبس والموقفين، مشيرا إلى أن عدد المحاضر التي تنظر فيها النيابة العمومية يوميا يبلغ 80 محضرا، وأضاف أنه تم خلال شهر مارس تسجيل 2292 محضر احتفاظ، نظرت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس في 1670 منها، صدرت في خمسهم بطاقات إيداع بالسجن. وانتقد سفيان السليطي، مُروّجي الأقاويل، المجانبة للصواب، بخصوص عمل النيابة العمومية، خصوصا في ما تعلق بالقضايا الإرهابية،وقال إنّ هذه الأخيرة، تعمل على تطبيق ما جاء في قانون الإرهاب، وبعض الفصول المتضمنة صلب المجلة الجزائية، المتعلقة بجرائم القتل المتعمد، المسبوق بالإضمار، في تلك القضايا الإرهابية، مشيرا إلى أن التشريع التونسي، غني بترسانة من القوانين، تسمح للنيابة العمومية بالتصدي للإرهاب، والتي تصل فيها العقوبات إلى حد الإعدام. ونفى السليطي وجود بطء في قضايا الإرهاب، أو القضايا الكبرى، على غرار قضيتي اغتيال الشهيدين شكري بلعيد، والحاج محمد البراهمي، مشددا على أننا في دولة القانون، وأننا احتراما لهيبة الدولة، على الجميع احترام مجلة الإجراءات الجزائية، وأضاف: «نعلم جميعا، أن القضايا الإرهابية، تعتبر قضايا استثنائية، ورغم ذلك فلا بد من العمل عليها في نطاق القانون، كما نعلم حجم عمل قضاة التحقيق، ففي بعض الأحيان، يكلف قاضي التحقيق بالتحقيق مع 22 مُتهما، في جرائم إرهابية، ويتم إثقال كاهله، في نفس الوقت، بقضايا الحق العام، إذن كيف سيجد الوقت للبت في الجرائم الإرهابية، بسرعة قصوى... وللإشارة فإنه أمام الدوائر الجنائية للمحكمة الابتدائية بتونس 124 قضية جنائية منذ 2012 مستكملة الأطوار، وتم البت في 83 منها، بإصدار أحكام نهائية،وهذا يعني أنه ليس هناك أي بطء». وفي نفس السياق، أشار سفيان السليطي إلى أن البطء في الفصل، يعود إلى ضعف التنسيق على مستوى الأبحاث مع الضابطة العدلية و باحث البداية، خصوصا عند طلب القيام باختبارات إضافية، دون أن يلقي السليطي اللوم على مأمور الضابطة العدلية وباحث البداية، مرجعا ذلك إلى غياب التجهيزات اللازمة، وضعف الرصيد البشري، وغياب الثقافة القانونية والتكوينية، لدى بعض الكتبة، مما يزيد من تعطيل الإجراءات، وإطالة فترة الأبحاث ومدة التقاضي. وحول القطب القضائي، الذي سيعنى بقضايا الإرهاب، قال السليطي انه رغم تدشينه من طرف الحكومة السابقة، فإنه لم يشرع إلى حد هذه اللحظة في العمل الفعلي، في ظل عدم تجهيزه بالمستلزمات المكتبية والأمنية المطلوبة، خاصة أن المحكمة الابتدائية، لم تعد قادرة على النظر في القضايا الإرهابية، بحكم الزخم الكبير من القضايا الواردة عليها، مشيرا إلى اكتظاظ الوحدات السجنية بالموقفين في القضايا الإرهابية. ونبّه السليطي إلى أنّ استقلالية القاضي، ليست مرهونة بنصوص قانونية مدرجة في الدستور، أو في غيره ملاحظا أن استقلالية القاضي، هي رهن عقلية، مشددا على ضرورة تقديم حوافز وامتيازات للقضاة، لتشجيعهم على القيام بالمهام القضائية الصعبة، على غرار التحقيق، والاستمرار، وغيرها، إضافة إلى نقص عدد القضاة في النيابة العمومية، وقضاة التحقيق، نظرا لجسامة المهام، وغياب التحفيز، منبها إلى انعدام الأمن في المحاكم، خاصة منها ابتدائية تونس، المكلفة بالنظر والتحقيق في القضايا الإرهابية، وأضاف قائلا: «نحن القضاة نخدموا بستر ربي، وينجم أي شخص يدخل ويعمل اللي يحب، من غير ما يلقى شكون يَمْنعُو». وأوضح السليطي أن الحديث عن هيبة الدولة ودولة القانون والمؤسسات، يتطلب عقلية وثقافة وممارسة من قبل مكونات المجتمع المدني والنخب السياسية، في إشارة إلى ضرورة عدم التدخل في مجريات البحث والتحقيق، وخاصة القضايا الكبرى، على غرار قضيّتي شكري بلعيد، والحاج البراهمي، من أي طرف مهما كانت صفته السياسية، مع احترام القانون، مشيرا إلى أن التدخل في أية قضية، مهما كان حجمها، يعد أمرا خطيرا، يجرمه القانون، منتقدا في ذات السياق ظهور عدد من نواب الشعب والمحامين والإعلاميين في المنابر الإعلامية لمناقشة والطعن في قرارات النيابة العمومية، ونشر مداولات وتفاصيل التحقيق، داعيا إلى ضبط النفس في التعاطي مع المعلومات. كما أكد السليطي على الدور الذي تلعبه النيابة العمومية، في صورة ما تبين وجود عملية تحيل في تبليغ الاستدعاء، وخرق لمقتضيات مجلة المرافعات المدنية والتجارية، منبها إلى ضرورة قيام المتضرر بشكاية في الغرض للنيابة العمومية، والتي تحيلها، بدورها للجهة الأمنية المعنية بالنظر، والمختصة ترابيا، ثم يقع سماع الشاكي، والمشتكى به، وبعد أن يتم تقديم المؤيدات، تتخذ النيابة العمومية قرارها بالإحالة من عدمها. وفي تعليقه على مسألة تحيل بعض المحامين على الحرفاء وارتكابهم جرائم التحيّل أو الاختلاس، نبه السليطي إلى وجود دفتر خاص بالنسبة للنيابة العمومية المكلفة بهذا النوع من الشكايات، مؤكدا على انه يمكن لكل من تضرر من مخالفة ارتكبها المحامي، أن يتقدم بشكاية في الغرض للنيابة العمومية، التي تحيلها بدورها إلى الوكيل العام، الذي يقوم بسماع المحامي المتهم، وإذا تبين أن الشكاية لها صبغة مدنية، يحيلها إلى النيابة العمومية، ويعلن عن عدم وجود موجب لتتبع المتهم، وإذا كان هناك موجب للتتبع، فإن النيابة العمومية تتقيد بطلبات الوكيل العام، مؤكدا على وجود نسبة كبيرة جدا من قرارات الحفظ في حق عدد كبير من المحامين. وأكد السليطي على ضرورة وجود المحامي أثناء التحقيق، خاصة في الجنايات، منبها إلى إمكانية التخلي عن وجوده، إذا رغب المتهم في ذلك، مشددا على أهمية احترام مقومات المحاكمة العادلة، مع الحفاظ على حقوق الإنسان، مؤكدا على أن ما يصدر اليوم من إشاعات حول تقديم العديد من الأطراف ملفات متعلقة بقضايا تعذيب، وأن النيابة العمومية، تتعامل مع الموضوع بعدم اهتمام غير صحيح، منبها إلى وجود دفتر خاص بقضايا التعذيب، يتم تسجيل القضايا فيه، والتعامل معها بكل حزم، من ذلك بلوغ شكاية للنيابة العمومية، حول تعذيب أحد المتورطين في العملية الإرهابية الأخيرة في باردو، وهو ما أنتج فتح تحقيق في الموضوع، والقيام بالمعاينة الطبية على المتهم، والقيام بالإجراءات الضرورية، مؤكدا على وجود مساعد لوكيل الجمهورية مكلف بقضايا التعذيب. ورأى السليطي، أن انتهاج تنفيد العقوبات البديلة والعمل لفائدة المصلحة العامة، يصطدمان بعدّة مشاكل، أولها، غياب الإمكانيات اللازمة والتشريعات لهذه العقوبات وثانيها، مشاكل متأتية من المؤسسات العمومية، التي ستتم فيها تمضية هذه العقوبات،إلى جانب غياب التجربة، والالتزامات الكبيرة، بعهدة قاضي تنفيذ العقوبات، وتابع «لا بد من العلم أن السجن، يمثل مدرسة للإجرام، وقد تكون العقوبات البديلة، حلا لاكتظاظ السجون، ولكن الإمكانيات اللازمة غير متوفرة، إضافة إلى غياب الثقافة القانونية، لدى المواطن» مضيفا «موش كيما تونس، كيما فرنسا، كيما سويسرا». القاضي عز الدين حمدان (رئيس اتحاد القضاة الإداريين): حق المواطن مضمون ولو على حساب السلطة هناك سعي من بعض الجهات، لتوظيف مؤسسات الدولة، في خدمة مصالح سياسية التونسية (تونس) أكد السيد عز الدين حمدان رئيس اتحاد القضاة الاداريين أن تاريخ القضاء الإداري، ونزاهته واستقلاليته، كان السبب الأساسي وراء لجوء المواطن التونسي إليه، وأن عدد القضايا المحالة إلى أنظار المحكمة الإدارية تطور بعد 2011، ليبلغ 10 آلاف قضية في الطور الابتدائي، موزعة على 60 مقرر، وأن ذلك إن دل على شيء، فهو يدل على وعي المواطن التونسي بقيمة المحكمة الإدارية، وتغير عقليته، التي كانت ترى أن المحكمة الإدارية، هي قضاء الإدارة، وليست قضاء يفصل بين المتقاضين، وأن ذلك يعتبر من المفارقات الكبرى، وذلك بعد إطلاعه عقب الثورة، على أحكام قضائية صدرت ضد الدولة، والتي كانت طي الكتمان، ولا تناقش إلا بين النخبة، والتي كانت لا تطبق، نتيجة لوجود إشكال تنفيذي كبير، وهو أن الأحكام الصادرة ضد الإدارة، لا تطبق، وهو ما جعل المواطن التونسي لا يلتجئ سابقا إلى القضاء الإداري، لاعتقاده وإيمانه، بعدم القدرة على تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية. وأرجع السيّد عز الدين حمدان، بطء الفصل، إلى وجود كمّ هائل من القضايا، سبَبُه مركزية المحكمة الإدارية في تونس، والتي من شأنها أن تلعب دورا مهما في ضمان استقلالية القضاة، مشيرا إلى أن مركزية المحكمة الإدارية، تمنع من نقلة القضاة إلى مناطق داخلية، وبالتالي، تنتفي معها محاولة إرضاء جهات معينة من أجل الحصول على بعض الامتيازات، على غرار عدم النُقلة. كما أكد السيد عز الدين حمدان أنه من بين أسباب تضخم عدد القضايا، الاعتقاد السائد لدى المواطن على قدرة القضاء الإداري، على فض النزاعات، حتى ولو كان ذلك خارجا عن اختصاص المحكمة الإدارية. وأكد حمدان على سلاسة الولوج إلى القضاء الإداري، ملاحظا أنه يكفي المواطن أن يوجه رسالة بريدية، إلى المحكمة ليتولى القاضي الإداري النظر فيها، ولعب دور المرشد القضائي، من خلال إرشاد المتقاضي ومده بما يتوجب القيام به، عبر إعادة مراسلته، وأضاف حمدان: «تعمل المحكمة الإدارية، على احترام الشرعية والمشروعية، وإعادة التوازن بين كفة المتقاضي والسلطة، ونُسمّى في بعض الأحيان بقضاء نصير الضعفاء، ومتى كان المواطن على حق، فإننا نعيد له الحق، حتى لو كان ذلك على حساب السلطة، وبعد الثورة، أضحينا نتمتع بسمعة حسنة». واشتكى حمدان من غياب العدد الكافي من المحامين، المتضلعين والمتمكنين من القانون العام، والقانون الإداري، إضافة إلى ضعف عدد الكتبة مما يجبر القضاة الإداريين، على القيام برقن التحقيقات، أو بتسيير الجلسات القضائية، بلا كتبة. كما ندد القاضي عز الدين حمدان، بضعف البنية التحتية للمحكمة الإدارية، وضيق حجم المكاتب، التي قال أنها تُعسّر على المتقاضين الولوج إلى المكاتب، مذكرا بوجود قطعة أرض في جهة حي الخضراء، مرصودة لمقر جديد للمحكمة الإدارية منذ سنة 2010، وإلى أنه لم يتم المضي قدما في ذلك المشروع. ودعا حمدان إلى ضرورة رسكلة وإعادة تكوين القضاة، حتى يكونوا مواكبين لكل جديد في المرفق القضائي، مؤكدا على غياب الاعتناء بالمرفق القضائي، وسعي بعض الجهات، إلى توظيف مؤسسات الدولة، بما يخدم مصالح سياسيين. واعتبر السيد عز الدين حمدان، أن مَرَدّ الإشكال المتمثل في عدم تنفيذ الإدارة لأحكام المحكمة الإدارية، إلى غياب الإرادة الحقيقية في تطبيق الأحكام، ملاحظا أن الإشكال الأكبر، هو في ترسانة القوانين والتشاريع التي تحكم القضاء، والمتدخلين فيه، خاصة عندما نجد أن بعض القوانين تنص على منع وتحجير تنفيذ حكم على أملاك الدولة، أو على الإدارات العمومية، أو غيرها، وأكد على ضرورة تنسيب هذه المسألة، باعتبارها قاعدة عامة، وذلك للحفاظ من جهة على حقوق الأشخاص، ومن جهة أخرى على استمرارية المرفق العام، منبها إلى وجود نص تشريعي يمكّن من القيام بعقلة على بعض أملاك الدولة، لتنفيذ حكم قضائي صادر ضدها، ما لم يخلّ ذلك باستمرارية المرفق العام، ويحافظ بالتوازي على الحد الأدنى الضامن لاستمرارية المرفق العمومي. وأكد رئيس اتحاد القضاة الإداريين، على أنه يمكن للمتقاضي الحصول على الإعانة القضائية، من المكتب أو القسم الموجود داخل المحكمة الإدارية، والمكلف بتقديم الإعانة القضائية، يشرف عليه قاض وممثل عن وزارة الشؤون الاجتماعية، وعن رئاسة الحكومة، منبها إلى أن الإعانة العدلية تقدم عادة للمتقاضي، الذي يعاني من تدهور ظروفه الاجتماعية، وأنه يتمّ إرشاد المتقاضي في مرحلة أولى إلى إمكانية حصوله على إعانة قضائية، وتمكينه من مكونات ملف الإعانة القضائية، ثم يتم النظر في الملف المقدم من المتقاضي وتوفّر الشروط المطلوبة، ويتمّ تخييره بين أمرين: الأول، هو تعيين محام والثاني، ترك المجال مفتوحا أمام المتقاضي لاختيار محام، مؤكدا أن الإجراءات واضحة وفق ما نص عليه الدستور، وأن المحامي وجوبي في قضايا التعويض بخلاف قضايا تجاوز السلطة. عبد الستار بن موسى (رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان): على النيابة العمومية تفعيل الرقابة على دفاتر الاحتفاظ التمديد للقضاة يساهم في انعدام استقلالية القضاء التونسية (تونس) قال السيّد عبد الستار بن موسى العميد الأسبق للمحامين، ورئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، إن السلطة التنفيذية لا ترغب في وجود قضاء مستقل، ليس في تونس فقط، وإنما حتى في الغرب، وفي العالم بأسره، وذلك رغبة منها في استعماله في خدمتها، وأنه لذلك لا نجد إرادة قوية لإصلاح القضاء، على حدّ تعبيره. واعتبر عبد الستار بن موسى، أن استقلال القضاء سراب ونظري، وأن من يرى الدستور، يقول «إن القضاء سيكون أمرا خارقا للعادة»، وتابع : «إذا كان القاضي سيعمل في ظروف قاسية، وتحت تهديدات بنقله لمناطق عمل بعيدة، لا يمكن الحديث عن قضاء مستقل». وتحدث العميد عبد الستار بن موسى عن نقص فادح في الإطار القضائي، مشيرا إلى أن القانون يسمح للمحامين بالالتحاق بسلك القضاء وأن العكس صحيح، غير أنه لا يتم تطبيق ذلك، مبرزا أن كل شيء لدى المحامين نسبي، ويمكن لهم إثراء سلك القضاء. وأبرز السيد عبد الستار بن موسى، أن المعايير الدولية المتعلقة باستقلالية القضاء، تهم التتبع والمحاكمة وتنفيذ الأحكام، وبالنسبة للتتبع أكد السيد بن موسى، أن قرينة البراءة أهم معيار دولي، وأنه تم التنصيص عليها صلب الدستور في العديد من النقاط وأن الدستور ألزم حضور المحامي، منذ الساعة الأولى لإيقاف المتهم، لما في ذلك من تجنب لوقوع عمليات تعذيب، واحترام حرمة المتهم الجسدية، والمعنوية. كما ذكر بن موسى، أن مدة الاحتفاظ أصبحت 48 ساعة، وأنه على قوات الأمن الإعلام فورا بإيقاف المتهم، مبينا أن الإيقاف والإيقاف التحفظي هما استثناء، باعتبار أن المبدأ هو الحرية، والمتهم برئ.. حتى تثبت إدانته، كما أكد على ضرورة تفعيل النيابة العمومية الرقابة على دفاتر الاحتفاظ، ونبه إلى أن المشرّع التونسي نص على مقومات المحاكمة العادلة، صلب الدستور، مرتكزا في ذلك على مقتضيات الفصل 10 من الإعلام العالمي والفصل 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، مضيفا «هناك شروط متعلقة بالمحاكمة العادلة، منها علانية الجلسات، ثم إن المحاكمة يجب ألّا تكون في محاكم استثنائية، مثلما هو الحال مع المحاكم العسكرية، وأنه يجب ألّا يحال المدنيون على محاكم عسكرية، كما يجب احترام الآجال القانونية للمحاكمة، واختصار المدة القانونية، لتحقيق محاكمة عادلة حقيقية وللتسريع في الإجراءات، دون أن يكون هناك، طبعا أي نوع من التسرع». كما شدد العميد بن موسى على ضرورة احترام حقوق الدفاع، واحترام مبدإ التقاضي على درجتين، والتي تم خرقها في الفصل الأخير المتعلق بقضايا العدالة الانتقالية، والمتعلقة بمبدإ اتصال القضاء، والذي قال إنه فقد قيمته أمام منطوق هذا الفصل، مشيرا إلى أن الدستور خرق المعايير الدولية، في الفصل الأخير المتعلق بالعدالة الانتقالية». وشدّد رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، على ضرورة أن يعمل القاضي في مأمن، مشددا على أن للسلطة التنفيذية الحق في التمديد لأي قاض، معتبرا أن كل تمديد هو شكل من أشكال تطويع القضاء، مضيفا «إما الترفيع في سن التقاعد للجميع، أو إحترام القانون»، مشيرا إلى أن من بين المعايير اللازمة لضمان محاكمة عادلة واستقلالية السلطة القضائية، تمتّع القاضي بالكفاءة المطلوبة، إلى جانب تحلي المواطن بالثقافة القانونية، وعدم تدخل الأحزاب في قرارات القضاء. وانتقد رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، غياب الرعاية الصحية، بعدد من الوحدات السجنية، مبرزا أن عددا من الوفيات، نتجت عن غياب الطبيب داخل السجن، إلى جانب غياب طبيب نفساني، له القدرة على الإحاطة بالمساجين. السيد صادق يحيى (رئيس الغرفة الوطنيّة لعدول التنفيذ بتونس الكبرى): المنظومة القانونية تكبّل عمل عدل التنفيذ مشاكل كبيرة في التنفيذ ولا بدّ من المساواة بين المواطن والدولة لا وجود لإرادة سياسية لتطوير المنظومة القضائية أكد السيد صادق يحيى، رئيس الغرفة الوطنية لعدول التنفيذ بتونس الكبرى، أن كل الإستدعاءات المعلمة بالجلسات، أو المتعلقة بالإعلام بالأحكام، أو تنفيذها، تكون بواسطة عدل التنفيذ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وأنه يتم تسليم الاستدعاء إلى الشخص نفسه، أينما وجد، أو في مقره الأصلي، أو في مقره المختار، وفي حال عدم وجوده أو امتناع الموجود في المقر عن تسلم النظير من الاستدعاء، يقع إيداع ذلك النظير لدى كتابة محكمة الناحية، أو مركز الأمن الوطني، أو الحرس الوطني، مشيرا الى ان عدل التنفيذ يجب أن يوجه إلى الجهة المطلوب إعلامها، في ظرف 24 ساعة، مكتوبا مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ إلى مقره الأصلي أو مقره المختار، يعلمه فيه بتسليم النظير، كيفما ذكر، وطبعا لا لزوم للإدلاء ببطاقة الإعلام في القضايا الإستعجالية، وذلك وفقا لمقتضيات مجلة المرافعات المدنية والتجارية. وأكد السيد صادق يحيى، أنه على عدل التنفيذ، أن يعلم المحكوم عليه بالحكم، الذي طلب منه تنفيذه، ويضرب له أجل 20 يوما، بداية من الإعلام، للإذعان إلى الحكم، ومباشرة عمليات التنفيذ، عند انتهاء هذا الأجل، منبها إلى انه على عدل التنفيذ أن يعلم بالحكم في ظرف 5 أيام من تاريخ تسلمه له من المحكوم له، ومباشرة أعمال التنفيذ إثر انتهاء أجل الإذعان، كما أكد على أحقية القائم بالتتبع بمجرد الإعلام وأن يطلب إجراء عقلة تحفظية على مكاسب المحكوم عليه، بعد أخذ إذن حاكم الناحية، أو رئيس المحكمة الابتدائية. أما في ما تعلق بتنفيذ القرارات الإستعجالية، أو الأحكام الصادرة في القرارات الإستعجالية المستأنفة، فقد نبه السيد صادق يحيى، إلى أن أجال تنفيذ هذه الأحكام تكون في 24 ساعة من تاريخ صدور الحكم، كما نبه إلى أن القانون التونسي يمنع إجراء أي عمل تنفيذي ليلا، أو في أيام الأعياد الرسمية، إلا بمقتضى إذن من قاضي الأذون على العرائض. وأكد السيد صادق يحيى على انه يمكن للمواطن أن يقوم بإجراء عقلة تحفظية، بإذن من القاضي لضمان كل دين له، لدى المعقول عليه، خاصة وإذا كان استخلاص هذا الدين مهددا بالخطر، وأنه يمكن لكل دائن أن يجري بعد إذن حاكم الناحية، أو رئيس المحكمة الابتدائية، الراجع لدائرتها مقر المدين، عقلة توقيفية، تحت يد الغير، بقدر ما يفي بخلاص الدين المطلوب، منبها إلى أن أموال المدين المعقولة، (منقولات أو عقارات)، تبقى في الحوز، إلى أن تؤول العقلة التوقيفية، أو التحفظية، إلى عقلة تنفيذية، إلا إذا صدر إذن أو حكم بخلاف ذلك. عدم تبليغ الإستدعاءات أو تنفيذ الأحكام القضائية عدم تبليغ الاستدعاء للمتهم، طرح إشكالا كبيرا لدى المواطن التونسي، خاصة، إذا صدر حكم على شخص، ولم يكن له علم بمقتضياته. وفي هذا الإطار أكد الأستاذ صادق يحيى أنه لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ له، واعتبر أن الطامة الكبرى متجسمة أساسا في تنفيذ الأحكام التي أصدرتها المحاكم، وأنه في بعض الأحيان، يحدث أن يصدر حكم نهائي وبات، ولكن يستحيل على العدل تنفيذه وأن ذلك حال 90 بالمائة من الأحكام القضائية الصادرة، وارجع سبب استحالة تنفيذ الأحكام القضائية، إلى المنظومة القانونية، التي اعتبرها مكبلة لعدول التنفيذ، مثال ذلك عند التوجه للقيام بعقلة على سيارة، تجد نفسك أمام مرسوم وزاري، يقر إمكانية الاعتراض على الحكم، وإيقاف تنفيذ، وغيرها، وبالتالي، يصبح عدل التنفيذ، بين معضلتين، وهما تنفيذ الحكم وإيصال الحق لأصحابه، والإجراءات التي تكبل عمله، مؤكدا أن الإشكال الحقيقي، وراء عدم تنفيذ الأحكام القضائية، هو الترسانة القانونية، التي قال إنه أصبح من المؤكد اليوم، العمل على إصلاحها، وتطويرها، حتى يتم إرجاع وإيصال الحقوق لأصحابها، منبها إلى أن العديد من المواطنين يعانون اليوم من مشكل كبير وخطير، وهو عدم تنفيذ الأحكام القضائية، التي استصدروها، وذلك لعدة أسباب منها قيام الخصم، وإثارته لمشكل تنفيذي أو تدخل أحد المسؤولين ومنعه من تنفيذ الحكم، على اعتبار الحالات الاجتماعية للمنفذ عليه، أو أن التنفيذ يمس من الأمن العام، مشيرا الى ان ذلك يخلق قيودا ويكبل عمل عدل التنفيذ، ويكون المتضرر بالأساس هو المتقاضي، والمواطن التونسي. واعتبر يحيى أن عدم تبيلغ الإستدعاءات، مشكل يعاني منه جل المتقاضين، وإن مرد ذلك أن بعض المواطنين، يسعون إلى التحيل في تبليغ الاستدعاء للطرف الآخر، وذلك من خلال تغيير عنوان المشتكى به، حتى لا يتم استدعاؤه للجلسة المقررة، من ذلك قضايا النفقة، والتي تتعمد فيها الزوجة في بعض الأحيان إعطاء عنوان مغاير لعنوان محل سكنى المشتكى به، ملاحظا أنه هنا ليس على عدل التنفيذ أي لوم، لأن مهمته تبليغ الاستدعاء وفق الإجراءات التي نص عليها القانون، إلى المحل أو مكان إقامة المطلوب، والمنصوص عليه صلب المحضر، والذي صرح به وقدمه المشتكي نفسه. وأكد صادق يحيى على ضرورة توفر الإرادة السياسية لدى السلطة، من أجل تطوير المنظومة القانونية في البلاد، وتنقيح القوانين، بما يضمن إيصال الحقوق إلى أصحابها، منبها إلى وجود العديد من اللجان اليوم، التي تعمل على تنقيح العديد من القوانين، ولكن للأسف، هذه اللجان تتشتت وتندثر، مع تغيير الوزير، على غرار لجنة تنقيح مجلة المرافعات المدنية والتجارية، والتي تشارك فيها عمادة عدول التنفيذ، في عهد وزير العدل الأسبق حافظ بن صالح، والتي قدمت فيها العمادة مشاريع لتنقيح العديد من الفصول، والتي تفككت بمجرد خروج الوزير من الوزارة وتسليمه المهام للوزير الحالي الأستاذ محمد صالح بن عيسى، مما يؤكد غياب مفهوم استمرارية الدولة وتواصلها، مشددا على غياب الإرادة السياسية، لتطوير المنظومة القانونية والقضائية. وأكد الأستاذ يحيى على أهمية احترام المواطن التونسي، وتطبيق الأحكام الصادرة لصالحه، حتى ولو كانت على الدولة، وتساءل عن أسباب عدم تنفيذ الأحكام الصادرة على الدولة، مؤكدا أن المشرع أنشأ جملة من القواعد القانونية بغاية حماية الدولة من تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها، عوضا أن تكون هي الحامية للحقوق والحريات، وأكد على ضرورة احترام الدولة للأحكام القضائية الصادرة ضدها، ما دامت تطالب الأفراد باحترام الأحكام القضائية، والقوانين، منبها إلى أن الهدف الأسمى الذي يجب أن نصل إليه هو جعل القانون فوق الجميع، وان نخلق دولة قانون حقيقية، وأن تكون الدولة على قدم المساواة مع المواطن. ونبه الأستاذ صادق يحيى إلى أن عمادة عدول التنفيذ، تتخذ الإجراءات الضرورية واللازمة، وفق ما نص عليه القانون، في حالة وجود عملية تحيل في تبليغ الاستدعاء، أو في حال تعمد عدم تنفيذ أحكام قضائية، شأنها شأن بقية القطاعات، وتقوم بتطبيق العقوبات التأديبية على عدل التنفيذ المخل بواجبه، والتي تتراوح بين التوبيخ، والشطب. الوسائل البديلة لفض النزاعات التونسية (تونس) أجمع ضيوف «التونسية»، على ضرورة التوجه نحو آليات أخرى وأساليب غير قضائية لفض النزاعات، من أجل تخفيف العبء عن القضاة، وتسهيل الإجراءات واختصار آجال التقاضي، واختصار الوقت. كما أكدوا على أهمية تدعيم هذه الآليات لتجنب الإجراءات المطولة والمكلفة لرفع القضايا، نظراً لتميز إجراءاتها بالسرعة وقلة التكلفة. ويستخدم مصطلح «الوسائل البديلة لفض المنازعات» لوصف مجموعة من آليات فض المنازعات مثل التحكيم والوساطة، وتعتبر الوساطة والتحكيم من أشهر صور الوسائل البديلة لفض المنازعات وأكثرها شيوعاً. الوساطة تتميز الوساطة باستخدام طرف ثالث «محايد» وهو الوسيط سواء للتوسط في منازعة معينة بين طرفين أو تحقيق الصلح وإعادة العلاقة بينهما، على ان يكون الوسيط مستقلا ومحايدا. ولا يمكن اعتبار الوساطة مرحلة من مراحل حسم النزاع، فالوساطة اتفاق رضائي ضمني، غير ملزم، ويمكن للمتخاصمين رفض الحل الذي يقترحه الوسيط، كما يمكن لهما أن يتخليا عن الوسيط متى شاؤوا، ولا تمنع الوساطة أطراف النزاع من اللجوء إلى القاضي، خاصة أن الوساطة لا توقف أجال التقاضي. التحكيم التحكيم هو آلية لفض النزاعات، يقوم فيها الطرفان المتخاصمان بإختيار الحكم، ويمكن للأطراف المتنازعة أن تطلب تطبيق قواعد الإنصاف في نزاعها، من قبل الحكم، دون اللجوء الى القواعد القانونية، وأثناء النظر في النزاع، يتم إتباع إجراءات قانونية مشابهة للإجراءات المتبعة أمام القاضي، ويكون الحُكم الصادر عن الحَكم، ملزما للطرفين. الصلح الصلح هو إبرام عقد بين طرفين متنازعين، يتنازل فيه، كل منهما عن حق له للطرف الآخر، بطريقة تنهي الخلاف القائم بينهما. وقد نص الفصل 1458 من مجلة الإلتزامات والعقود، على أن «الصلح عقد، وضع لرفع النزاع، وقطع الخصومة، ويكون ذلك بتنازل كل من المتصالحين عن البعض من مطالبه أو بتسليم شيء من المال أو الحق»، ويكون الصلح في المادة الجزائية بين مرتكب الجريمة والمتضرر». المصالحة المصالحة هي سعي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة من قبل طرف ثالث، إذا اقتضى الأمر، ويتوقف نجاح المصالحة، على قبول الأطراف، بحل يحسم الخلاف، ويمكن أن تتم المصالحة مباشرة بين الخصوم، دون تدخل طرف ثالث في النزاع، كما يمكن أن تكون المصالحة أحد مراحل التقاضي، حين يطلب القاضي من الطرفين إجراء مصالحة، إذا كانت جزءا من أجزاء التقاضي، ويقوم المصالح باقتراح جملة من الحلول، يمكن لأي منهما قبولها أو رفضها. التفاوض التفاوض هو أسلوب غير قضائي لحل النزاعات، حيث يسعى المفاوض دائما إلى حماية مصالح الطرف الذي يمثله، ويسعى دائما إلى إيجاد حلّ للمسألة المتنازع عليها، مع حماية مصالح من فوضه.