أفاد وزير العدل محمد صالح بن عيسى خلال إشرافه أمس على ندوة وطنية تحت شعار «إعادة النظر في سياسة معالجة ظاهرة استهلاك المخدرات في تونس : من مقاربة عقابية سجنية إلى مقاربة للحد من المخاطر» بأنه ستتم مراجعة سياسات التعاطي القانوني مع ظاهرة استهلاك المخدرات في بلادنا وذلك من خلال المرور من المقاربة السجنية العقابية إلى مقاربة الحدّ من المخاطر موضحا أنّ القانون الحالي الخاص بهذه الظاهرة يُحجر بصفة صريحة تمتيع المتهمين في قضايا المخدرات بظروف التخفيف من الأحكام المتعلقة بتعاطي المادة المذكورة. و أضاف الوزير أن المحكمة مُلزمة بالحكم سنة سجنا مع خطية قدرها ألف دينار ضدّ مستهلكي المخدرات مُؤكدا ان هذه العقوبة هي العقوبة الدنيا التي ينص عليها البند الرابع من قانون 92. وتابع بأنه وتفاديا لهذه الصرامة القانونية المبالغ فيها، حسب رأي شرائح اجتماعية كثيرة، فإن مشروع مراجعة عقوبة استهلاك المخدرات سيمكن المستهلك أو الماسك لمادة مخدرة لغاية الاستهلاك التمتع بظروف التخفيف مع الحرمان من ظروف التخفيف في المقابل بالنسبة للجرائم الخطيرة كترويج المخدرات وتهريبها أو تصديرها وكذلك الشأن بالنسبة لجريمة تضليل السلط من قبل المتورطين في ترويج المخدرات. و أشار محمد صالح بن عيسى إلى أن تخفيف الأحكام القضائية المتعلقة بتعاطي المخدرات من العقوبة السجنية إلى العقوبة البديلة سيمكن كذلك مستهلكي المادة المذكورة من الاندماج الاجتماعي. وأكد أن مشروع مراجعة قانون تعاطي المخدرات سيترك للمحكمة مطلق الحرية في تطبيق ظروف التخفيف وامكانية استبدال العقاب البدني للمتعاطين بعقوبة الاشتغال لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة. وأوضح في سياق متصل أن تمتيع مستهلكي المخدرات بالعقوبة البديلة سيمكن كذلك من تقليص عدد المساجين والحد من الاكتظاظ ملاحظا أن عدد الموقوفين غير المحكومين في السجون التونسية يتجاوز بكثير عدد المحكومين وفق كلامه. كما اعتبر وزير العدل أن مراجعة قانون المخدرات يتنزل في إطار الفلسفة الوقائية العلاجية عوضا عن المقاربة العقابية مؤكدا في ذات الصدد أنه ستتم مراجعة العقوبات الخاصة بمستهلكي المادة المخدرة بالقطع مع نظام المنظومة القانونية السابقة. وأشار وزير العدل إلى أن المشروع الجديد سوف يمنح القاضي سلطة تقديرية في تحديد العقاب وخاصة تمكين المحكمة من تطبيق ظروف التخفيف التي تمكن القاضي من النزول إلى أقل درجات العقاب، كما تمكنه من الحكم على مستهلكي المخدرات بعقوبات بديلة عوض السجن. و بخصوص ملف الصحفيين سفيان الشورابي ونذير القطاري قال وزير العدل ل «التونسية» إنه لا جديد يذكر حتى الساعة في هذه القضية مضيفا أن قاضي التحقيق الذي تحول السبت الفارط إلى ليبيا للتقصي في حقيقة مقتل الصحفيين من عدمها بصدد عقد لقاءات مع السلطات القضائية الليبية للتحقيق مع العناصر الإرهابية التي اعترفت بقتلها الزميلين والتثبت من مدى صحة هذه الاعترافات. وأضاف الوزير أنه سيتم كشف آخر المستجدات بخصوص الملف للرأي العام حال ورودها، حسب تعبيره. من جانبها أكدت نائبة حركة «نداء تونس» بالبرلمان بشرى بلحاج حميدة أن المنظومة القضائية والسجنية والجزائية برمتها في حاجة إلى مراجعات وإصلاحات هيكلية معتبرة أن هذه المنظومة فاشلة. وشددت على ضرورة إيجاد معالجات جذرية لهذا الملف عوض اللجوء إلى الانتقام من الناس، على حد قولها. يشار إلى أن الندوة الوطنية المتمحورة حول إعادة النظر في سياسة معالجة ظاهرة استهلاك المخدرات في تونس تندرج في إطار الشراكة بين البرنامج الإقليمي لمؤسسة و«ستمنستر» للديمقراطية (WFD) وبرنامج الأممالمتحدة المشترك ضد السيدا (ONUSIDA). ومن أهداف هذه الندوة توصيف المنظومة الوطنية النافذة على المستويين القانوني والواقعي وبيان الثغرات التي تعاني منها المقاربة الحالية وتقديم أمثلة لتجارب مقارنة ناجحة وفق المعايير الدولية، إضافة إلى مناقشة جملة من المقترحات والبدائل والتوصيات المبنية على الحجج التي تتضمنها المداخلات وورقة توصية السياسات.