التونسية(تونس) يبدو أن الرئيس المدير العام المعين مؤخرا على رأس الديوان الوطني للتطهير سيكون مطالبا بفتح العديد من الملفات التي تحوم حولها شبهات في تسيير هذه المؤسسة العمومية . فقد سبق أن لفت التقرير الأخير لدائرة المحاسبات إلى وجود العديد من التجاوزات في إدارة الديوان حيث دققت دائرة المحاسبات في 60 صفقة من ضمن قرابة 150 صفقة عمومية أبرمها الديوان الوطني للتطهير ناهزت قيمتها الجملية 83 مليون دينار بعنوان سنة 2011، فوقفت الدائرة على عدة إخلالات حالت دون إنجازها وفق متطلبات الشفافية والمساواة بين العارضين، وتعلقت هذه النقائص بضبط شروط المشاركة والكلفة التقديرية وبالتمديد في صلوحية العروض وباختيار المزودين وكذلك بمحطات التطهير ومنظومات تحويل المياه المستعملة. وفي ما يتعلق بضبط شروط المشاركة والكلفة التقديرية نشرت دائرة المحاسبات في تقريرها السنوي العام الثامن والعشرين لسنة 2012 التجاوزات المتعلقة بإبرام الصفقات مشيرة إلى أنه لم يتم في أغلب الأحيان، وخلافا للفصل 19 من الأمر عدد 3158 لسنة 2002، توزيع الطلبات العمومية إلى أقساط بطريقة مدروسة مما نتج عنه محدودية المنافسة والتأخير في إنجاز الصفقات نتيجة تكرار إعلان طلبات العروض غير المثمرة علاوة على تحمل الديوان فوارق في الأسعار. هذه التجاوزات شملت، حسب التقرير، طلب العروض لسنة 2009 المتعلق بصفقة تهذيب محطة الضخ 5 أوت بصفاقس. فقد أدى عدم توزيع هذه الصفقة إلى أقساط إلى الحصول على عروض مالية تجاوز جلها الكلفة التقديرية ب٪60 أي ما يعادل 394 مليونا وتم اعتبار طلب العروض غير مثمر وإعادة توزيعه إلى أقساط وهو ما نتج عنه تأخير في إنجاز المشروع بحوالي سنتين. ذات الاشكالية شملت طلب العروض المتعلق بأشغال تمديد وتهذيب شبكات التطهير بسوسة وحمام سوسة والقلعة الكبرى الذي تم الاعلان عنه في سنة 2002 في قسط وحيد وقد قررت اللجنة الداخلية للصفقات اعتباره غير مثمر بسبب ورود عرض وحيد وعليه تمت إعادة الإعلان عن طلب العروض بعد توزيع مكوناته إلى ثلاثة أقساط فانجر عن ذلك التقليص في آجال الانجاز بتسعة أشهر بسبب قرب انتهاء صلوحية العرض وتحمل الديوان فارقا في السعر بحوالي 1.5 مليون دينار. ومن الاخلالات المذكورة أيضا بالتقرير إدراج شروط إقصائية مجحفة لبعض الصفقات تسبّبت في إقصاء العروض الأقل ثمنا أو إعلان طلبات غير مثمرة من ذلك مطالبة مصنعي القنوات وقطع «الزهري» بتقديم مؤيدات إنجاز مشاريع مماثلة وهو ما قلص في حظوظ بعض المشاركين في طلب العروض الذي تم الاعلان عنه سنة 2010 والمتعلق بتطهير أحياء بمدينتي مدنين وتطاوين الذي تمت إعادته بسبب إقصاء العرض الاقل ثمنا وامتناع العارض الثاني عن التقيد بعرضه بعدما طلب الديوان التمديد في صلوحية العرض وقد انجر عن هذه الوضعية تحمل الديوان لفارق في ثمن العرض بحوالي 149 مليونا. وجاء في تقرير دائرة المحاسبات أن ديوان التطهير لم يقم في بعض الحالات بتحديد الكلفة التقديرية بالدقة الكافية مما نتج عنه عرض كراس الشروط وتقرير الفرز على اللجنة الداخلية للصفقات عوضا عن اللجنة العليا للصفقات أو تحيين هذه الكلفة أثناء الفرز بما لا يضمن التأكد من مقبولية الأسعار، وشمل هذا التجاوز مشروع توسعة محطة التطهير بسوسة الشمالية حيث حددت الكلفة التقديرية في مرحلة أولى بقيمة 2.5 مليار ثم تحيينها لاحقا لتصبح 3.1 مليار في حين بلغ معدل العروض المالية 5.5 مليار، وكذلك الشأن بالنسبة لأشغال تدعيم طاقة المنشآت والمعدات بنفس المحطة موضوع طلب العروض الصادر في سنة 2009 حيث تم تحيين كلفتها التقديرية من 4.8 مليار إلى 5.8 مليار، كما وقع تحيين الكلفة التقديرية المتعلقة بإنجاز محطة التطهير النفيضة -الهرقلة موضوع طلب العروض المعلن في سنة 2008 من 12 مليار إلى 20 مليار. هذه التجاوزات التي كلفت ديوان التطهير خسارة تقدر بالمليارات شملت مجال ضبط شروط المشاركة والكلفة التقديرية وهي خسائر تكبدها الديوان بسبب التمديد في صلوحية العروض واختيار المزودين حيث شهدت بعض الصفقات في هذا المجال نقائص حالت دون ضمان الشفافية والمساواة بين العرضين، من ذلك ما تم بالنسبة للقسط عدد 3 من طلب العروض المعلن عنه في سنة 2010 والمتعلق بتهذيب شبكات التطهير بحي ابن خلدون بإقصاء العرض الأقل ثمنا واختيار العرض المصنف الثاني بفارق في السعر ناهز 400 مليون فعلل الديوان ذلك بانخفاض العرض المالي بنسبة ٪22,78 من الكلفة التقديرية في حين تم في عديد المرات اختيار عروض أخرى تجاوزت فيها هذه النسبة ٪34 حسب ما ورد في التقرير.