أكد الدكتور ناجي جلول عضو المكتب السياسي للحزب الجمهوري ورئيس المنتدى الجامعي الديمقراطي ان تحالف الحزب الجمهوري مع نداء تونس ليس مجرد زواج متعة ظرفيا كما قد يعتقد البعض وانما سيكون جبهة قوية لها وزنها وكلمتها في الانتخابات المقبلة. ولئن اشار الى ان تونس اصبحت خزانا للجماعات التكفيرية نتيجة لنشاط دعاة السلفية وتخاذل الدولة فانه تطرق الى عديد المواضيع والمسائل الهامة من خلال هذا الحوار: إلى أيّ حدّ يبدو لك موقف رفض الحزب الجمهوري لوزارتي الخارجية والعدل وحقيبة ثالثة وجيها في هذا التوقيت بالذات الذي يتطلب توسيع الائتلاف الحاكم؟ رفضنا لأننا لا نريد أن نكون شهود زور في مسرحية قلابس هدفها تعويض ضلعي «الترويكا» الذين استنزفهما حزب راشد الغنوشي. ودليلي على ذلك الوثيقة التي وردت في شكل مذكرة سياسيّة والتي قدّمتها الحكومة لتكون أرضية للتفاوض مع باقي مكونات المشهد السياسي. هذه الورقة لا ترتقي إلى مستوى برنامج سياسي يكون قاعدة للتحالف. وما تكليف المجلس التأسيسي بمهمة الحسم في التحوير الوزاري إلا دليل على تمادي الحكومة في سياسة الهروب إلى الأمام ورفضها مواجهة مشاكل البلاد الحقيقية. كما أن عرض الحقائب الوزارية على هذا وذاك حول التحوير إلى عملية بيع في المزاد العلني وجعلت من الوزارات «لزما» يتصارع عليها «لزامو» الثلاثي الحاكم وغيرهم من الأحزاب الكرتونية الجديدة وممن أرادوا تحويل نضالاتهم السابقة إلى أصول تجارية. عدم توسيع الائتلاف الحكومي على الشكل المطلوب والتعامل مع التحوير الوزاري من منطق المحاصصة الحزبية من جديد ما هي تأثيراته على الأداء الحكومي في الفترة المقبلة؟ الحكومة التي انبثقت عن انتخابات 23 أكتوبر كانت حكومة محاصصة حزبية قائمة على توازن بين أطراف تجمعها ضرورات التوافق الدّاخلي أكثر ممّا تحكمها مقتضيات الاستجابة لأهداف الثورة. وبعد التحوير سيتواصل هذا «التجاور» الذي لا يرقى إلى المركب السياسي وكذلك ضعف التنسيق في المواقف والسياسات والصراع على مناطق النفوذ وانغلاق النهضة على نفسها وهو انغلاق سيزيد من توتر علاقاتها مع الأعراف والنقابات والمجتمع المدني. كما أبدى حزب الغنّوشي خلال هذا التحوير كثيرا من التعثر والتردد اللذين انعكسا سلبا على علاقته مع حلفائه وأفقدا «الترويكا» تماسكها. كل هذا سينتج حكومة ثانية معطوبة وفاشلة تعمق جراح البلد وتقذف به نحو المجهول والفوضى. إن هذا الصراع الدامي بين فرقاء همّهم الوحيد التشبث بالسلطة يجعل من تواصل الترويكا أمرا مستبعدا. إلى أين وصل مشروع تحالفكم مع نداء تونس؟ يخطئ من يعتقد أن تحالفنا مجرّد زواج متعة ظرفي. إنّه تحالف قويّ واستراتيجي وقد حملت قرارات اللجنة المركزية للحزب الجمهوري الأخيرة رسالة واضحة للإخوة في النداء بالتأكيد على مواصلة تمشّي التحالف السياسي لبناء جبهة انتخابية موحدة تهدف إلى استكمال المشروع التحديثي البورقيبي وتحصين الثورة بإنجاز مهامها بالقضاء على البؤس والتهميش وويلات الفقر ومقت البطالة وكلّ أشكال الإقصاء السياسي والاجتماعي. لأن الثورات لا تحصّن بالإقصاء الجماعي بل بالانجازات وبتحويل شعارات الكرامة والحرية والعدالة إلى واقع ملموس. الباجي قائد السبسي قال إنّه يمدّ يده إلى الجبهة الشعبية، هل تعتقد أنّه يمكن الوصول إلى جبهة موحّدة رغم تعدّد الاختلافات بين الطرفين؟ يمكن للجمهوري بحكم تاريخه وتركيبته الخاصّة أن يمدّ الجسور بين الطرفين. وقد نصّت لجنتنا المركزية على فتح الباب أمام التحالف مع مختلف الأطراف السياسية التي تلتقي حول المشروع الديمقراطي وتناضل من أجل مدنية الدّولة والحفاظ على مكاسب الحركة الإصلاحية التونسية وخصّت الجبهة الشعبيّة بدعوة صريحة للالتقاء في العمل الميداني خاصّة وأن العديد من مكوّنات الجبهة كانت قريبة في الماضي من الحزب الجمهوري. كيف تقرأ التدخّل الفرنسي في مالي وما هي تأثيراته على الوضع الأمني في تونس؟ بعد سقوط نظام الرئيس أماني توري سنة 2012 سيطرت على شمال مالي أربع مجموعات جهادية: القاعدة في بلاد المغرب أنصار الدين الموجاو وأنصار الشريعة. وهي جماعات يبلغ عدد مقاتليها 5000 رجل مجهّزين بالأسلحة الثقيلة مثل الدبابات تعيش على تهريب السجائر والكحول والمخدّرات وتبييض الأموال وتسيطر على منطقة صحراويّة صعبة وشاسعة غنية بالبترول والأورانيوم ويهدّد وجودها أمن واستقرار عدّة دول مثل التشاد والنيجر وبوركينا فاسو والجزائر وموريطانيا. وستؤدي هزيمتها أمام الجيوش الفرنسية إلى تراجعها داخل هذه البلدان وتفعيل الخلايا النائمة العديدة وما يعقب ذلك من عمليات إرهابية. ونظرا لوجود عدة عناصر تونسيّة ضمن هذه المجموعات فإن بلادنا ليست بمعزل عن هذه المخاطر إذ كشفت أحداث القصرين العلاقة الوثيقة بين مقاتلي مالي والجهاديين التونسيين الذين يزودونهم بالأسلحة كما أنهم سيحاولون تأمين ملاذ آمن لهم في تونس بعد فرارهم من منطقة الساحل الافريقي. كيف تتوقع ردود أفعال العناصر الجهادية داخل تونس؟ للأسف أصبحت تونس خزّانا للجماعات التكفيرية نتيجة لنشاط دعاة السلفية وتخاذل الدولة وقد شارك الجهاديون التونسيون بكثافة في الاعتداء على حقل الغاز الطبيعي بعين أميناس بالجنوب الجزائري وهي عناصر مدرّبة على استعمال الأسلحة الثقيلة والصّواريخ وهذا العتاد لم يتعوّد الجيش التونسيّ التعامل معه بما فيه الكفاية. كما أن اكتشاف عدّة مخابئ للأسلحة بالكاف وسليانة وجندوبة والقصرين وصفاقس وقابس يؤكد تعدّد الشبكات ومتانة علاقاتها بالحركات الجهادية في ليبيا، وفي مدنين عثر على أسلحة متطورة مثل الصّواريخ ومنصّات إطلاقها ومدافع الهاون. كل هذا العتاد الذي لم يكتشف كله سيستعمل بعضه من قبل هذه الجماعات التي يمكن أن تستهدف المصالح الغربية والمنتجعات السياحيّة. وهو ما يؤكده اجتماع الرئاسات الثلاثة بقيادة الجيش يوم 17 جانفي 2013. ولتفادي هذه المخاطر يجب مراقبة حدودنا الشرقية والأوساط الجهاديّة المحلية وتكثيف التعاون مع السلطات الجزائرية. كما يجب أيضا التفكير منذ الآن في إعادة دمج وتأهيل العناصر المسلحة العائدة من أرض المعركة في مالي وسوريا والعراق لأن تجربة بن علي أثبتت أن الحلول الأمنية وحدها غير كافية لإيقاف هذا النزيف. لكن قبل كل هذا يجب أن تنسى العناصر المتشددة الفاعلة داخل حركة النهضة أن الحركات التكفيرية تمثل خطرا على أمن البلاد وعلى استقرارها السياسي لأن موقف حكومتنا بعد أحداث عين أميناس كان باهتا ولا يدل على رغبة صادقة في التعاون مع الأشقاء في الجزائر وعلى وعي حقيقي بخطورة هذه الجماعات.