ان الجملة الاخيرة من الفصل 23 من المجلة ينص : « وعلى الزوجة ان تساهم في الانفاق ان كان لها مال « وهذا يعني ان واجب الانفاق محمول اساسا وفي كل الاحوال على الزوج لكن اذا كان للزوجة مال فعليها ان تساهم في النفقة العائلية . ان هذه المقتضيات لها ثلاث سلبيات : • الاولى دينية شرعية حقوقية وتتعلق بظلم تلك المراة التي لها مال والتي كثيرا ما تكون قد اكتسبته بالارث او بالعمل قبل الزواج وبالتالي فهو مال لا علاقة له بالزوج والابناء وقد جاء الاسلام بمبدإ الفصل بين ممتلكات الزوجين وحمل واجب الانفاق على الزوج لان ذلك جزء من حق وواجب القوامة وفرع منه فتبقى الزوجة حرة في اموالها وممتلكاتها حرية مطلقة ولا حق للزوج في شيء من ذلك الا ما اعطته هي تلقائيا وعن طيب خاطرودون أي ضغط او الزام . • الثانية اجتماعية وهي ظاهرة بدات تبرز فطالما ان الزوجة لها مال سواء تأتى ذلك من العمل او الارث او غيره فلا حاجة للزوج في ان يجهد نفسه او يهدر صحته وكثيرا ما اصبح ينام الى منتصف النهار وتكد المسكينة خارج البيت ثم ترجع لتواصل كدها داخل البيت لان ذلك الزوج الخامل لا يريد العمل لا داخل ولا خارج البيت ولن نتصوره سيعد الطعام او ينظف المنزل او يغسل الملابس وعندئذ تنقلب تلك المراة لتقوم بدور الرجل في النهار خارج البيت وتقوم بدور المراة في البيت ولتجد نفسها في النهاية مجبرة على الانفاق بنص القانون والا صدر عليها حكم بالنفقة لو تقدم الزوج المنوام بدعوى ضدها . • اليست تلك المراة المسكينة التي اعفتها المجلة من واجب الطاعة واوقعتها في واجب الانفاق هي الخاسرة خصوصا اذا كان الزوج عديم الهمة والاخلاق والرجولة . • الثالثة قانونية اجرائية تتعلق بكيفية ذلك الانفاق ومداه وطريقة ضبط مقداره او نسبته من الاحتياجات العائلية وهل سيقوم الزوجان (وخصوصا اذا كانا غير متوظفين حكوميين) بضبط حسابية حقيقية لكل واحد من الزوجين واذا غالط احدهما الاخر في الحسابات فهل يطلب من المحكمة او ادارة الاداءات (الخبيرة في فنون المراجعة) اجراء مراقبة حسابية لقمع ذلك الغش المحتمل وتغريم صاحبه . وهل الامر يخضع لنفس القاعدة فيما اذا كان الزوج جادا في العمل او متقاعسا منواما او انه عاطل او معوق ؟ ثم لنا ان نسأل ايضا في سياق ذلك اذا امتنعت الزوجة من الانفاق مع انها ذات دخل محترم او مال تليد فهل سيقوم الزوج برفع دعوى ضدها من اجل اجبارها ؟ ومتى حكمت المحكمة له بذلك ماذا بقي من الحياة الزوجية والوئام والسعادة غير تلك الدريهمات التي الزمت بها المحكمة الزوجة هذا اذا رضيت هي بذلك تفاديا للطلاق القانوني اما الطلاق الفعلي فقد حصل منذ تحويل العلاقة الزوجية الى مادة ومال . ثم لنا ان نسأل أيضا ماذا لو هربت الزوجة كل اموالها وامتنعت من الرضوخ لحكم النفقة فهل ستتم محاكمتها من اجل اهمال العيال؟ ان لكل منطق أسسه ونتائجه وعلينا جميعا ان ننظر في أسس واجب مشاركة الزوجة في الانفاق ان كان لها مال ومتى كانت كل تلك الاسس سليمة ومقبولة من جميع جوانبها عندها علينا ان ننتقل الى دراسة النتائج ثم نستخلص العبر من كل ذلك لنحكم هل نحن موفقون في الزام الزوجة بالانفاق وفي كل الاحوال متى كان لها مال ام ان ذلك يكون فقط متى كان الزوج متوفى او عاجزا عن التكسب ؟ 4) قانون الملكية المشتركة بين الزوجين بموجب القانون ع91دد لسنة 1998 المؤرخ في 09 - 11 - 1998 : لقد جاءت مجلة الاحوال الشخصية بصيغة صلب الفصل 11 تضمن لكل من الزوجين اشتراط ما يريد على الزوج الاخر وكان هذا الفصل فرصة يمكن لكل منهما اغتنامها للتنصيص بعقد الزواج على ما شاء من الشروط وفقا للحديث الشريف : « احق الشروط ان يوفى ما استحلت به المرأة » وفي حديث آخر « ما استنكحت به المرأة» . صحيح ان ذلك الفصل لم يقع استغلاله بكثرة ربما لقلة الوعي لكن المهم ان الباب كان مفتوحا لاستغلاله في شتى المواضيع ومنها التاكيد على استقلال الذمة المالية او التعاون المالي في شؤون العائلة او حتى الاشتراك في الملكية خصوصا اذا كانا يعملان ولهما دخل متساوى. أما اصدار قانون باكمله بشان الاشتراك في الملكية بين الزوجين فلم يكن هناك مبرر له سيما وان ثمة مطالب في عديد الميادين تتطلب اصدار قوانين لكنها لازالت تنتظر نفض غبار رفوف الوزارات عنها في حين ان القوانين المتعلقة بالاحوال الشخصية وخصوصا تلك التي تطلبها المرأة يبدو انها تسيل اللعاب اكثر عند البعض والقلم بسببها اسرع . ان اقل ما يقال في ذلك القانون انه يوفر فرصة للاعتداء على حقوق الورثة وخصوصا اذا كان هناك اطفال من زوج سابق وذلك بالرغم عما نص عليه الفصل الثالث من القانون من ان ذلك النظام لا تأثير له على قواعد الارث . وعلى من يرى عكس ذلك ان يراجع مقتضيات الفقرة الاخيرة من الفصل العاشر من ذلك القانون حيث جاء بها ما يلي : « كما يمكنهما الاتفاق على جعل الاشتراك شاملا لجميع عقاراتهما بما فيها تلك المكتسبة ملكيتها قبل الزواج وتلك المتاتية ملكيتها من هبة او ارث او وصية » اذن فان ما منعه الفصل الثالث اباحته الفقرة الاخيرة من الفصل العاشر وبذلك يتاثر مناب احد الابناء في تركة ابيه الى النصف في حالة وجود نظام الملكية المشتركة بين والده وشريكة حياته سواء كانت والدة الابن او زوجة اخرى . اما الطريقة التي وقع بها تطبيق ذلك القانون فهي طريقة سيئة وغير لائقة تماما وهي تنبع من الفصل السابع من ذلك القانون الذي اوجب على ضابط الحالة المدنية او العدلين ان يذكرا طرفي عقد الزواج بنظام الاشتراك في الملكية وان ينص على جوابهما في العقد . اذن فكل زوجين ارادا الزواج لا بد لهما ان يمرا بلحظة حرج في يوم فرحتهما امام عامة المدعوين وخصوصا عندما يرفضان او يرفض احدهما اعتماد ذلك النظام فيظهر وكانه منذ اليوم الاول زرع فتيل الشقاق وعدم الثقة او سوء النية ، فما الجانا الى مثل هذا الاحراج ؟ كان بالامكان الاكتفاء بالفصل 11 من المجلة ومن له رغبة في اعتماده فليعتمده ومن لم تكن له رغبة سكت عنه دون ضجيج ودون التصريح بذلك صراحة امام العموم ثم يزيد الحرج عند قراءة العقد بعد اضمائه . 5) الجراية العمرية : لقد نص التنقيح الواردعلى الفصل 31 من مجلة الاحوال الشخصية بالقانون ع7دد لسنة 1981 المؤرخ في 18 - 02 - 1981 على ان للزوجة الحق في طلب الغرم المادي الناشئ عن الطلاق للضرر او عند طلب الطلاق انشاء من الزوج (أي بدون سبب) في شكل جراية شهرية عمرية بداية من نهاية امد العدة وهذا امر غريب على المجتمع وعلى تعاليم الدين وعلى المنطق ، ذلك ان ذلك النص القانوني لم يقف عند ذلك الحد من واجب دفع النفقة من الزوج المطلق بل اضاف « وهذه الجراية تصبح دينا على التركة في حالة وفاة المفارق وتصفي عندئذ بالتراضي مع الورثة او عن طريق القضاء بتسديد مبلغها دفعة واحدة يراعى فيها سنها في ذلك التاريخ ...» وهكذا تصبح تلك الجراية العمرية حقا لمن انقطع حقها عن مفارقها ولم تعد تربطها به صلة ، لكن الادهى ما ذنب الورثة الذين يدخل معهم على الخط وفي محاصصة مناباتهم من التركة شخص اجنبي عن العائلة لا حق له في الاصل على أي كان لانقطاع الرابطة فاذا به يفاوض من اجل جزء من التركة والا عطل القسمة الى حين تحديد قيمة ذلك الجزء من طرف المحكمة . فهل هذا هو الحل الامثل ؟ اين علماء القانون ؟ لماذا لم يناقشوا هذا الامر ؟ اين علماء الدين ان بقي علماء ؟ ان العلم ليس في الرأس فقط بل بالاصداع به وبعدم الكتمان . «والساكت على الحق شيطان أخرس» كما جاء في الحديث الشريف . 6) قانون الوصية الواجبة : الذي نقح الفصل 191 من المجلة وهو القانون ع77دد المؤرخ في 19 - 06 - 1959 الذي منح للاحفاد مناب ابيهم كما لو كان حيا مما لا يتجاوز ثلث التركة وذلك اذا لم يترك لهم الجد وصية . ثم زاد ذلك الفصل في فقرته الثالثة لينص على ان الوصية الواجبة مقدمة على الوصية الاختيارية وبالتالي كانت الوصية الواجبة حقا اعطاه القانون في تركة الجد لاحفاد لا حق لهم شرعا فيها وبالرغم عن ارادة الورثة والمورث . وهي مقتبسة اقتباسا سيئا من المذهب الحنفي الذي ساد حقبة من الزمن في تونس وكان ذلك المذهب يمنح الجد حق تحرير حجة في تنزيل احفاده من ابنه المتوفى محل والدهم بحيث ياخذون من التركة ما كان سياخذه والدهم لو كان حيا . الا ان الفرق بين مقتضيات المذهب الحنفي ونص الفصل 191 من مجلة الاحوال الشخصية هو ان سلطان الارادة بيد الجد في الاول ومنعدم في الثاني من الجميع . 7)الطلاق : هو ابغض الحلال عند الله . ولكنه شر لا بد منه أحيانا . ان الطلاق اصبح عسيرا جدا ولعل ذلك هو الوسيلة للحد من التعسف والاحتيال ، ولكن المشرع (الاسلامي والوضعي ) كلاهما اعتبراه حلا لمشكلة باعتباره اخف ضررا من ترك الحبل على الغارب . ولكن ما يحصل عندنا الان جعل من الطلاق فرصة لسلخ الرجل اذا لم يكن بالاتفاق . فالنفقة والحضانة المسلوبة منه (وتعطى احيانا للمراة الزانية او السارقة) ومحل السكنى او منحة السكن والجراية وطول النشر وخصوصا اذا كان هناك مشكل في الادباش او كان هناك اطفال قصر ( ثلاث جلسات صلحية يفصل بين الواحدة والاخرى شهر على الاقل ) . وقضية الطلاق تصبح فرصة لتنكيل احد الطرفين بالاخر ولكن الضحية غالبا ما يكون الزوج بحجة ان الزوجة لم يعد لها ما تخسر اكثر من الطلاق لذلك تراها تعمد الى التطويل بسبب وبدونه لان هدفها في النهاية هو التنكيل بذلك الزوج ولم يحرك علماء الاجتماع والقانون ساكنا تجاه ذلك لتصحيح الوضع . وما دامت غايتنا هي التحسين والتطوير نحو الافضل فاني اقترح في اجراءات الطلاق ما يلي : • لابد للزوجين من فض مشكل الادباش منذ الجلسة الاولى والا فيترك ذلك الى قضية مدنية مستقلة . • تعيين حكمين عائليين بصورة آلية منذ الجلسة الصلحية الاولى باقتراح منهما وحسب القرار الفوري ليحضرا نتيجة اعمالهما ومساعيهما في الجلسة الصلحية الموالية او يحرر ذلك صلب حجة عادلة عوضا عن مقتضيات الفصل 26 او حتى الجملة الاخيرة من الفقرة الرابعة من الفصل 32 جديد . • منع الحق في استئناف احكام الطلاق انشاء لما في ذلك من تعسف وانعدام الفائدة . • مكاتبة ادارة العمل الاجتماعي بواسطة كتابة المحكمة منذ ترسيم قضية الطلاق وبصورة الية عندما يكون للطرفين ابناء قصر بحيث يكون تقريرها جاهزا قبل الجلسة الصلحية الاولى حتى لا تكون القرارات الصلحية ارتجالية وحتى لا تتعطل القضية في انتظار بحث اجتماعي يتقرر في اخر لحظة . • تقديم طالب الطلاق شهادة حوصلة في ممتلكاته الكافية لتغطية النفقة والغرامة وضمان سدادهما ان كانت له املاك مسجلة او شهادة من العمدة في ممتلكاته غير المسجلة . • تقديم كفيل يضمن سداد من يحكم به عليه من غرامات ونفقات ان لم تكن له ممتلكات حتى لا تبقى الاحكام بدون نفاذ ونمنع التحايل . • اعفاء احكام الطلاق من معاليم التسجيل اذ لا بد للمجموعة الوطنية ان تتحمل نتائج المصائب الاجتماعية لا ان تنعم من خلالها بمعاليم التسجيل .