تونس تحصل على حوض عائم من ألمانيا نحو إقامة مناطق حرّة في الجنوب لامتصاص البطالة ومحاربة التّهريب لم تكن الندوة الصحفية المشتركة لوزير الدفاع ونظيرته الألمانية ظهر اليوم بمقر وزارة الدفاع الوطني لقاء إعلاميا عاديا بقدر ما شكلت رسالة ألمانية قوية مفادها أنّ «تونس لن تسقط». وزيرة الدفاع الألمانية «أورسولا فان درلاين URSULA VON DER LEYEN» قالت خلال هذا اللقاء الذي تأخر نحو ساعة على غير عادة المؤسّسة العسكرية إنّ ألمانيا تحترم تونس بوصفها تعلي قيم الديمقراطية والتسامح والتعليم التي اعتبرتها قيما مشتركة تقتضي تعاونا وثيقا بين البلدين من أجل تحصينها إزاء مختلف المخاطر وأولها آفة الإرهاب. وتابعت في هذا الشأن أن لقاءاتها صباح أمس بكل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشّعب ووزير الدفاع الوطني تناولت محاور ملموسة لدعم التعاون الثنائي أولها ملف تأمين الحدود وسبل زيادة التنسيق بين وزارتي الداخلية في البلدين. كما أكّدت المسؤولة الألمانية حرص بلادها على تعزيز التعاون العسكري قائلة إنها عرضت خلال هذه الزيارة تزويد تونس بحوض عائم DOCK FLOTTANT بعد أن كانت منحتها في الفترة الأخيرة ستة زوارق سريعة إلى جانب دعم التعاون في مجال تدريب الإطارات العسكرية التونسية سواء في تونس أو ألمانيا خاصة لتأمين مستلزمات صيانة نحو 600 شاحنة عسكرية كانت حصلت عليها تونس من ألمانيا على امتداد السنوات الأخيرة. زيادة فرص التشغيل ولاحظت الوزيرة الألمانية من جهة أخرى أهمية انتهاج مقاربة شاملة في محاربة الإرهاب تقوم على الترابط الوثيق بين المسائل الأمنية والبعد الاقتصادي الذي يقتضي فتح آفاق أوسع أمام الشباب عبر زيادة فرص التشغيل والتدريب. وأكّدت في هذا الصدد حرص ألمانيا على مزيد إدماج تونس في الفضاء الأوروبي بما يؤمن استفادتها بالمزيد من آليات وبرامج الدعم الأوروبية. ودعت المسؤولة الألمانية الشعب التونسي إلى مؤازرة جهود المؤسّستين العسكرية والأمنية عبر «الإصرار» على الدفاع عن نمط حياته ملاحظة أنّ مكافحة الإرهاب لا تنحصر في التدابير الأمنية فحسب وإنّما تتعداها إلى إنعاش الاقتصاد وتوسيع الآفاق أمام شريحة الشباب. كما أشارت إلى أنّ الوفد البرلماني الذي رافقها وجه دعوة صباح أمس إلى أعضاء مجلس نوّاب الشعب لزيارة برلين من أجل مزيد تشخيص فرص دعم التعاون في المجال البرلماني. زيارة تاريخية من جهته وصف فرحات الحرشاني وزير الدفاع الوطني زيارة نظيرته الألمانية بالتاريخية في إشارة بالخصوص إلى توقيتها والوفد الضخم المرافق للمسؤولة الألمانية والذي ضمّ لفيفا من إعلاميين وبرلمانيين إلى جانب عدد من كبار إطارات وزارة الدفاع الألمانية. وأشاد في ذات الصدد بالعلاقات العريقة المتميّزة التي تجمع تونسوألمانيا قبل وبعد جانفي 2011 مؤكدا العزم المشترك الذي يحدو البلدين من أجل الارتقاء بمستوى التعاون الثنائي إلى أعلى المستويات وبما يتلاءم مع طبيعة المرحلة الحساسة التي تمرّ بها تونس التي كانت البلد الوحيد في المنطقة الذي تجاوز مرحلة الانتقال الديمقراطي بسلام لكنها تواجه اليوم آفة الإرهاب التي تكتسي أبعادا إقليمية ودولية. ولاحظ وزير الدفاع أنّ أمن تونس والمنطقة المتوسطية برمتها كيان واحد لا يتجزّأ مؤكدا أنّ التحديات المماثلة تستدعي تفعيل التعاون بين الشمال والجنوب متابعا قوله في هذا الشأن «إنّ مستقبل الديمقراطية في تونس هو أيضا من مستقبل ألمانيا». حواجز طبيعية ونفى وزير الدفاع من جهة أخرى أن تكون تونس قد أقامت جدارا عازلا على حدودها الجنوبية مع ليبيا قائلا في هذا الشأن بالخصوص «ليس هناك جدار عازل وليس لنا نيّة إقامة جدار عازل» ملاحظا أنّ الأمر يقتصر على تثبيت حواجز طبيعية رمْلية وحفر خنادق لحماية التّراب التونسي من تدفق السلاح وهي مسألة سيادية تونسية في خضم الأوضاع الراهنة لليبيا التي تفتقر إلى دولة بالمعنى القانوني. ولاحظ وزير الدفاع الوطني أنّ إقامة هذه الحواجز ليس كافيا لتأمين الحدود ومن هذا المنطلق تسعى تونس في نطاق التعاون الدولي إلى إرساء المراقبة الالكترونية للحدود مشيرا إلى استعداد ألمانيا لمساعدة تونس في هذا المجال. مناطق حرّة في الجنوب وأعرب في ذات الصدد عن تفهم الحكومة لهواجس مربّي الماشية عقب التدابير الأمنية الأخيرة في الجنوب مؤكدا أنّ وفدا عن مجلس نوّاب الشعب سيجري اتصالات مباشرة مع المعنيين لتشخيص الحلول التي توفق بين مصالح المواطنين والأبعاد الأمنية. ولاحظ الحرشاني أنّ الحكومة تنتهج مقاربة شاملة في مكافحة الإرهاب تقوم على تعزيز التدابير العسكرية والأمنية من جهة وتفعيل البعد التنموي بما في ذلك السعي إلى إقامة مناطق حرّة في الجنوب لدعم فرص التشغيل ومكافحة التجارة الموازية من جهة أخرى.