براعم على وجوههم براءة وفي عيونهم أحلام تسابقوا بفرح راقص الألوان والأشكال أمس نحو مدارسهم بعد فترة عطلة رآها البعض منهم ثقيلة وطويلة الزمن في سلم «ريختر» لمسافات الشوق التي تفصلهم عن أقسامهم وقاعات دروسهم ومعلميهم ورفاقهم، في حين اعتبرها البعض الآخر استراحة المحارب الصغير قبل استئناف رحلة الجد والكد في سبيل المعرفة... هم تلامذة في عمر الندى بميدعات زرقاء ووردية اللون وبمحافظ جديدة توشحها ألوان زاهية أجمعوا على الانتشاء باللحظة: لحظة العود إلى حضن المدرسة، ولسان حالهم يردّد: «عدنا والعود أحمد»، في ساحة مدرسة نهج مرسيليا بالعاصمة، فتحدثوا بكل تلقائية وعفوية عن تشابكات وتحضيرات يومهم الأول من العودة المدرسية وما رافقه من مشاعر وانطباعات وأمنيات لغد أفضل. كما رصدت «التونسية» انطباعات الأولياء والإطار التربوي وخرجت بالريبورتاج التالي: «نهضت باكرا اليوم وارتديت ملابسي الجديدة لأن هذا اليوم يمثل حدثا هاما بالنسبة لي لأنني أعود مجددا إلى أحضان مدرستي» بهذه العبارات الحماسية تحدث إلينا التلميذ أحمد فورطي (السنة السادسة من التعليم الأساسي)، مضيفا أنه اشتاق كثيرا إلى مدرسته ورفاقه وأنه سعيد جدا لأن العطلة المدرسية انتهت وحل موعد العودة إلى مقاعد الدراسة والأصدقاء. اشتقت إلى مدرستي وأصدقائي و عن التحضيرات التي قام بها لاستقبال اليوم الأول من السنة الدراسية، قال أحمد فورطي إنه اشترى ملابس جديدة وعلى رأسها الميدعة، كما اشترى الأدوات المدرسية المطلوبة ولاحظ أنه نهض باكرا صباح أمس لأنه لم ير أصدقاءه طيلة الصائفة واشتاق إليهم كثيرا. و عن أحلامه الدراسية، أشار أحمد إلى أنه حقق معدلا ممتازا السنة الفارطة (16 من 20)، مؤكدا أنه يطمح إلى تطوير أعداده هذه السنة وأنه خطط للحصول على معدل 19 من 20 أو 20 من 20. «نحبّ نقرى ومانحبش الإضراب» أحمد ختم كلامه معنا بقوله «أنا نحب نقرى ولست مع الإضرابات» على حد تعبيره. لينا: تعرفت إلى أصدقاء جدد لينا معتوق (تلميذة في السادسة أساسي) أجابتنا بعفوية لافتة وبسعادة غامرة بأنها تعيش أول يوم لها من الدراسة في العاصمة بعد أن انتقلت إلى الإقامة والدراسة بها قادمة من مدينة سوسة. وأضافت لينا أنها تعرفت في يومها الأول من الدراسة بالعاصمة على أصدقاء جدد مشدّدة على أنها تحب دراستها ولا تحب الإضرابات. حمزة: ارتديت ملابس العيد حمزة زريدة (تلميذ) عبّر لنا عن نشوته وفرحه الغامرين بعودته إلى مدرسته ومعلميه ورفاقه في الفصل، مبينا أنه سعيد جدا بلقاء زملائه بعد فراق دام أشهر. وأضاف حمزة أنه اشترى ميدعة ومحفظة جديدتين، وأنه ارتدى الملابس التي اشتراها خصيصا للعيد احتفالا بالعودة المدرسية، مؤكدا أنه التقى بجميع رفاقه القدامى والجدد وصافحهم واحدا واحدا، مؤكدا أنه مقر العزم على التفوق في دراسته خلال هذه السنة. صيحة فزع من جهتها أطلقت بسمة (ولية) صيحة فزع حول ما وصفته ب«الأوضاع المأسوية» التي تعاني منها بعض المدارس خاصة من حيث انعدام خدمات النظافة وانتشار الأوساخ. وأكدت في السياق ذاته أن مدرسة نهح مرسيليا بالعاصمة أين يدرس ابنها تفتقد إلى كل مقومات النظافة لاسيما داخل دورات المياه الخاصة بالتلاميذ التي قالت إنّها تشهد وضعا كارثيا من حيث النظافة والتهيئة مما من شأنه التسبب في انتشار أمراض خطيرة بين التلاميذ، حسب قولها. جودة التعليم تدهورت وتساءلت بسمة بقولها: «إن كان هذا هو الوضع داخل مدرسة تقع في قلب العاصمة، فماذا عن أوضاع المدارس بالجهات الداخلية»؟!. ولاحظت بسمة في الأثناء أن جودة التعليم داخل المؤسسات التربوية العمومية تدهورت وأن الفوضى تعم الفضاءات التعليمية العمومية متسائلة: «أين الأولياء»؟. وعن إضراب المعلمين المزمع تنفيذه بداية من الغد وعلى مدى يومين، أوضحت بسمة أن هذه المسألة تمثل إشكالا كبيرا يخص المعلمين وأنّ ما يعنيها كولية هي ألاّ تتعطل دراسة أبنائها. احتلال الفضاءات المخصصة للراحة داخل المدرسة ولية أخرى، نددت باستغلال الفضاءات المخصصة لراحة التلامذة داخل المدرسة لغايات أخرى لا تهم راحة الأطفال الصغار، موضحة أن أحد الفضاءات المخصصة لراحة ولعب التلامذة داخل ساحة المدرسة تحول إلى مأوى لسيارات الطاقم الإداري والتربوي. وأضافت أنه تم حرمان التلاميذ من الفضاءات المخصصة لهم داخل ساحة مدرسة نهج مرسيليا والتي قد تحميهم من القرّ والحر خلال فصلي الشتاء والصيف حسب تعبيرها. الأولياء جزء من الفوضى بدورها أشارت سعاد (معلمة) إلى أن الأولياء جزء رئيسي من الفوضى التي تشهدها بعض المدارس خلال اليوم الأول من العودة المدرسية، موضحة أن بعض الأولياء يقومون بترسيم أبنائهم في اليوم الأول للعودة المدرسية في حين أنه كان عليهم القيام بهذا الأمر طيلة ال15 يوما التي تسبق هذا التاريخ. تسيّب أما رياض بن حسن (معلم)، فقد أفاد بأنه لا يمكن تقييم مدى نجاح العودة المدرسية من عدمه منذ يومها الأول، مضيفا أن التقييم الوافي والضافي لمدى نجاح هذه العودة أم لا يتم إلاّ بعد مرور أسبوع على الأقل. وأكد رياض أن بعض المؤسسات التربوية تشهد تسيبا كبيرا وأنه لا بد من اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الفضاء المدرسي، مضيفا أنه بإمكان كل من هب ودبّ الدخول إلى المؤسسات التعليمية، مما يتسبّب في وقوع اعتداءات على الإطار التربوي. تفعيل القانون الأساسي و بخصوص الإضراب المزمع تنفيذه غدا الخميس وبعد غد الجمعة، قال محدثنا إن المعلمين متمسكون بحقهم في الإضراب طالما لم تلتزم وزارة التربية بتنفيذ الاتفاقيات المبرمة مع الطرف النقابي. ولاحظ أن سياسات الوزارة أحدثت بعض الإشكاليات بين مديري المدارس الإبتدائية والمعلمين بخصوص الساعات الإضافية. و أكد رياض أن المعلم ضد الإضراب ولكنه يجد نفسه مجبرا على تنفيذه، مشددا على أن تفعيل ما جاء في القانون الأساسي الخاص بالتعليم الأساسي هو الحل لإنهاء كلّ الإشكاليات المطروحة في هذا الملف. مرعوبة من الإضرابات راضية (وليّة) قالت إن فزعها من الإضرابات في قطاع التعليم الأساسي يفوق فزع ابنتها، موضحة أن تواتر الإضرابات يسبب إخلالات في نسق التلميذ المعرفي وفي مؤهلاته النفسية والذهنية، راجية أن تنتهي جميع الإشكاليات العالقة بين الوزارة والمعلمين بتغليب مصلحة التلميذ الذي يجب أن يدرس في مناخ ملائم لتحقيق نتائج نجاح جيّدة. فوضى من جهة أخرى لاحظت راضية أن النظام مفقود في بعض المؤسسات التربوية ومن بينها مدرسة نهج مرسيليا. وتابعت بأنه كان على مسؤولي المدرسة القيام بإصلاحاتهم الخاصة بالتهيئة والترميم والصيانة قبل العودة المدرسية. عودة مدرسية عادية ولكن الإضراب غير عادي من جانبها، أشارت لطيفة العاتي (ولية) إلى أن العودة المدرسية عادية في يومها الأول لكن ما لا يمكن إعتباره غير عادي هو تنفيذ الإضراب يومي 17 و18 من الشهر الجاري، مبينة في الأثناء أن حلمها كولية يتمثل في مرور السنة الدراسية على أحسن ما يرام وألّا تتجدّد الإخلالات التي حدثت خلال السنة الدراسية الفارطة. العودة المدرسية مكلفة و استطردت لطيفة أن من حق المعلمين تنفيذ الإضرابات على ألاّ يمسّ ذلك بمصلحة التلميذ، مشددة على ضرورة تعاون جميع الأطراف المتدخلة في الشأن التربوي لإنجاح السنة الدراسية المقبلة. و عن تقييمها لأسعار الأدوات المدرسية، قالت لطيفة إنها مرتفعة جدا وليست في متناول المواطن البسيط، مضيفة أن غلاء الأسعار ليس حكرا على الأدوات المدرسية فقط بل مس كلّ جوانب عيش المواطن خلال السنوات الأخيرة. الدروس الخصوصية تعجّ بالمعاملات راضية( ولية) أفادت بأنها تعارض الدروس الخصوصية، مؤكدة أنها تشرف على مراجعة دروس ابنها بمفردها في البيت وأن معدل ابنها في حدود ال17 من 20. واعتبرت راضية أن معاليم الدروس الخصوصية مرتفعة جدا وليست في متناول كل مواطن، وأنّ عالمها يعجّ ب«المعاملات» باعتبار أن بعض المعلمين يساومون نجاح التلميذ بخضوعه لدروس خصوصية. دورات المياه من جانبها اعتبرت آمال( ولية) أنه لا جديد يذكر بالنسبة للعودة المدرسية لهذه السنة وأن المدرسة التي يدرس بها ابنها لم تشف بعد من أمراضها وهناتها على حدّ تعبيرها. وأوضحت أن مدرسة نهج مرسيليا تفتقد إلى كل المناخات المشجعة على الدراسة، مؤكدة أن الوضع داخل هذه المؤسسة كارثي خاصة بالنسبة لدورات المياه المخصصة للتلامذة. «ربّي يكون في العون» و بخصوص مصاريف العودة المدرسية، علقت آمال بقولها: إن محفظة مستعملة تباع ب70 دينارا، فما بالك إن كانت جديدة»؟ مختتمة حديثها ل«التونسية» بهذه العبارة: « ربي يكون في عون التلميذ والمعلم والولي ويزّينا من الإضرابات». مقاعد التدريس من عهد فرنسا أما جميلة حشانة (مسؤولة إدارية بمدرسة نهج مرسيليا) فقد ندّدت بتخلّي المقاول المتبني للمدرسة من حيث الترميم والصيانة عن واجباته في الغرض. وشددت حشانة على أن أحد المقاولين تعهّد بترميم المدرسة لكنه لم يقم بعمله ولم يف بالتزاماته. و أضافت أن وضع المدرسة كارثي من ذلك أن مقاعد قاعات التدريس تعود إلى مرحلة الاستعمار الفرنسي، دون نسيان المعدات المهترئة الموجودة داخل قاعة المعلمين، إضافة إلى جدران المدرسة وقاعات التدريس التي لم يتم تزويقها منذ تاريخ الإنتخابات عام 2014 وفق تعبيرها. و أعقبت بأن أحد الأولياء تبرّع لطلاء إحدى قاعات التدريس ، وأنه لا بد من التدخل لإصلاح وصيانة المدرسة. سنيا البرينصي