الكساد وتسعيرة الدولة نزعا فتيل المضارية خيّم الهدوء يوم أمس على بورصة الأضاحي رغم عطلة نهاية الأسبوع وتسارع العدّ التّنازلي باتجاه عيد الأضحى. على امتداد الأسواق التي عاينتها «التونسية» صباح أمس وهي «رحبة تونس» وسوق المروج ونقاط البيع التابعة لشركة اللحوم تواترت ذات الصّورة النّمطية. وفيما بدا الإقبال مكثفا خاصة وأن أغلب المتجوّلين في الأسواق كانوا مصحوبين بأفراد عائلاتهم فإن الحيّز الأكبر من هذا الاقبال بدأ بهدف الاستكشاف أو ربما كسر الفراغ والإحساس بالملل الذي يسكن الكثير أيام الآحاد وفي العطل. استنزاف في المقابل كانت الشراءات الفعلية ورغم تطورها مقارنة بالأيام الأخيرة عادية ولا تتلاءم مع النسق المعتاد لسوق الأضاحي في أيام الذروة أي الأيام القليلة التي تسبق العيد. ذاك المشهد قد يكون أكّد قراءات سابقة بأن تعاقب المواسم الاستهلاكية ثم تزامن العيد مع العودة المدرسية قد استنزفا «جيب» التونسي بشكل سيؤول إلى فائض في عرض الأضاحي لا يعود إلى تحسن الإنتاج وإنما إلى الهبوط الحاد للإستهلاك الذي جعل الإقبال على اللحوم داخل المغازة التابعة لشركة اللحوم يفوق بكثير مستوى الإقبال على نقاط بيع الأضاحي التي فتحتها الشركة منذ يوم السبت. محاربة القشّارة الإقبال العادي وكذلك استنفار أعوان وإطارات شركة اللّحوم جعلا المستهلك يتجول ويقضي حاجته بكل أريحية داخل نقاط البيع التي قد يكون غاب عنها لأوّل مرّة عامل التدافع والاكتظاظ.. كما كان لحضور أعوان الأمن على مدار الساعة تأثيره على أجواء اشتغال نقاط البيع. إلياس بن عامر رئيس ديوان وزير التجارة الذي التقته «التونسية» بصدد متابعة نشاط نقاط البيع أكد حرص وزارة التجارة على أن يكون عيد الإضحى محطّة جديدة في مسار كبح جماح الأسعار مشيرا إلى أنه بالتوازي مع المجهود التعديلي الذي تقوم به شركة اللحوم فإن جهاز المراقبة الاقتصادية كثف مؤخرا نشاطه في أسواق الدواب بهدف التصدي لكل الممارسات الاحتكارية والشطط في الأسعار. ثلاث نقاط بيع من جانبه أكد فتحي الفضلي ر م ع شركة اللحوم أن الشركة حرصت على فتح ثلاث نقاط بيع لتفادي الاكتظاظ وتمكين المستهلك من اختيار أضحيته بكل أريحية والقيام بإجراءات الخلاص في وقت وجيز مشيرا في ذات السياق الى أنه بالتوازي مع الحرص على توفير العرض الملائم من الأضاحي فقد بادرت الشركة بتوريد كميات من لحوم الخرفان المبردة لمجابهة ارتفاع الطلب على لحم الضأن بمناسبة العيد. على بعد أمتار قليلة من نقاط البيع كانت الأجواء داخل رحبة تونس تشير بدورها إلى أن أوضاع بورصة الأضاحي هذا العام هي أفضل بكثير مما كانت عليه العام الفارط حيث كان نسق الشراءات دون مستوى العرض بكثير في هذه السوق التي استقبلت يوم أمس نحو 5 آلاف أضحية وهو رقم غير معتاد في أيام الذروة التي يفترض أن ينزل فيها العرض القادم من مختلف جهات البلاد الى أدنى مستوياته.. وهو ما أثر بوضوح على مستوى الأسعار التي تراوح أغلبها بين 350 و530 دينارا. سعر موحّد أمّا في سوق المروج فقد كان الوضع أفضل من جهة الأسعار وهو استنتاج قد يكون اختزله ذاك التاجر الذي كان ينادي بأعلى صوته «صولد صولد» في إشارة إلى الأكباش التي عرضها بسعر موحّد لم يتجاوز 500 دينار. أكبر «بركوس» في هذه السوق لم يتجاوز سعر 620 دينارا فيما تراوحت أسعار أغلب الأضاحي بين 350 و490 دينارا.. وهو ما يشير الى أن معطى الكساد قد أثر كثيرا على بورصة الأسعار خصوصا بسبب تزايد القلق في أوساط التجار مع تسارع العد التنازلي باتجاه العيد. معاينات «التونسية» أكدت أيضا أن أسعار الأضاحي في الأسواق العادية تأثرت كثيرا بنقاط البيع المنظمة حيث لم يتجاوز معدّلها 10 دنانير للكلغ الحي بما يرجّح أن تسعيرة الدولة أصبحت بمثابة «سقف» للأسعار وأن الأيام القادمة ستتأثر بذات المعادلة.