البنك الدولي: بإمكان تونس تحقيق نمو اقتصادي هام بداية من 2030    تونس تدعو إلى الوقوف صفا واحدا ضدّ حرب الإبادة في فلسطين والتهجير القسري    الأستاذ محمد العزيز بن عاشور يرصد تحولات الموروث الثقافي التونسي في كتاب جديد باللغة الفرنسية    فوشانة: الكشف عن شبكة مختصة في تدليس العملة النقدية    النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تنعى الصحفي علي الجريدي    محيط قرقنة يُقصي الترجي من سباق كأس تونس    الرابطة ترفض إثارة النادي الصفاقسي.. و لا ويكلو ضدّ النادي الإفريقي    أول تعليق من عميد المحامين على "أزمة المهاجرين"    عاجل - إغلاق محل لبيع منتجات لحوم الخيول في بن عروس    وجيهة الجندوبي :'' ايتها الوطنية رجعلنا المسلسلات المكسيكية والكويتية خاطر كرهتني في وجهي الحقيقة''    وكالة التحكم في الطاقة: نحتاج استثمارات ب 600 مليون دينار لتخفيض الاستهلاك الطاقي في البلديات    أبطال أوروبا: تشكيلة بايرن ميونيخ في مواجهة ريال مدريد    غياب الحفناوي عن أولمبياد باريس: الناطقة الرسمية باسم جامعة السباحة توضّح    كأس الكاف :الزمالك يحتج على تعيين حكمين تونسيين في النهائي ضد بركان    كيفاش تتحصل على منحة العائلات المعوزة ؟    بين المنستير وصفاقس: الاحتفاظ بشخصين والقبض على منظمي "حرقة" ووسطاء    باب بحر: القبض على متورّط في عمليات سرقة    نُصب له كمين: القبض على عون رقابة للصحة العمومية مُتلبّسا بالرشوة    تطاوين: الشرطة البلدية تُنقذ طفلين من الموت    وزارة الفلاحة تؤكّد أهميّة استعمال التقنيّات الرقميّة لإرساء تصرّف ذكي ومستدام في المياه    معهد باستور: تسجيل ما بين 4 آلاف و5 آلاف إصابة بمرض الليشمانيا سنوياّ في تونس    90 % من الالتهابات الفيروسية لدى الأطفال لاتحتاج إلى مضادات حيوية    التنوير العمومي للبلديات يستحوذ على 80 بالمائة من استهلاك الطاقة في ظل وجود اكثر من 730 الف عمود انارة    سليانة: تسجيل جملة من الاخلالات بكافة مراكز التجميع بالجهة    منزل تميم: تفكيك شبكة مختصة في سرقة المواشي    هام/ تسميات جديدة في وزارة التجهيز..    وزيرة الإقتصاد في مهمة ترويجية " لمنتدى تونس للإستثمار"    بطاحات جزيرة جربة تاستأنف نشاطها بعد توقف الليلة الماضية    انطلاق اختبارات 'البكالوريا البيضاء' بداية من اليوم الى غاية 15 ماي 2024    البطولة العربية لألعاب القوى: ريان الشارني يتوج بذهبية سباق 10 الاف متر مشي    التونسي أيمن الصفاقسي يحرز سادس أهدافه في البطولة الكويتية    عاجل : قضية ضد صحفية و نقيب الموسقيين ماهر الهمامي    أريانة :خرجة الفراشية القلعية يوم 10 ماي الجاري    قصر العبدلية ينظم الدورة الثانية لتظاهرة "معلم... وأطفال" يومي 11 و12 ماي بقصر السعادة بالمرسى    نجيب الدزيري لاسامة محمد " انتي قواد للقروي والزنايدي يحب العكري" وبسيس يقطع البث    إنقاذ فلاّح جرفه وادي الحطب بفوسانة..    عاجل/يصعب إيقافها: سلالة جديدة من كورونا تثير القلق..    بطولة مصر : الأهلي يفوز على الاتحاد السكندري 41    جرحى في حادث اصطدام بين سيارتين بهذه الجهة..    الاقتصاد في العالم    بأسعار تفاضلية: معرض للمواد الغذائية بالعاصمة    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 8 ماي 2024    تراجع عدد أضاحي العيد ب13 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية    احتياطي النقد الأجنبي يغطي سداد القروض الاجنبية بنسبة هامة    هزة أرضية بقوة 4.7 درجات تضرب هذه المنطقة..    "دور المسرح في مواجهة العنف" ضمن حوارات ثقافية يوم السبت 11 ماي    جيش الاحتلال يشن غارات على أهداف لحزب الله في 6 مناطق جنوب لبنان    لأجل غير مسمى.. إرجاء محاكمة ترامب بقضية "الوثائق السرية"    محرز الغنوشي: رجعت الشتوية..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    رئيس جمعية مالوف تونس بباريس أحمد رضا عباس ل«الشروق» أقصونا من المهرجانات التونسية ومحرومون من دار تونس بباريس    مصر: تعرض رجال أعمال كندي لإطلاق نار في الإسكندرية    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد اللطيف المكّي (النهضة) ل«التونسية»:«صقور النهضة» موجودون وينشطون
نشر في التونسية يوم 22 - 09 - 2015


ليس هناك إجماع داخل الحركة على العمل مع «النداء»
انتهى عهد الترويج لفقه السلطان
مع مصالحة لا تمسّ بالعدالة الانتقالية
تاريخ «النهضة» كلّه مصالحات
حوار: خولة الزتايقي وأحمد فضلي
ضيف حوار اليوم شخصية عرفت بنضالها خلال سنوات الدكتاتورية، واستطاعت مواصلة دراستها في مجال الطب، رغم التضييقات التي تعرضت لها.
أتت به نسائم الثورة إلى قبة مجلس الشعب ومنحته مقعدا على طاولة الحكومة في القصبة. ضيفنا اليوم هو عبد اللطيف المكي وزير الصحة في حكومة «الترويكا»، وعضو مجلس النواب الذي استقبلنا في مكتبه بمقر حركة «النهضة»، أين جلنا معه في عديد الملفات التي تتعلق بموقف الحركة من المصالحة وعزل الأيّمة ومؤتمر الحركة، إلىجانب تقييمه للمنظومة الصحية والدوائية في تونس، فكان الحوار التالي. نظرتكم لمشروع قانون المصالحة المطروح اليوم، والذي أثار جدلا واسعا؟
تقييمي يتطابق مع جل التقييمات الصادرة عن جميع الجهات الحزبية والنقابية والمجتمع المدني، وأكثر من ذلك الجهة التي بادرت هي رئاسة الجمهورية، عبر مستشاريها، وهذا القانون يستحق الكثير من التعديلات، وإذا تبيّنت ضرورته، وتبيّن فعلا أنه سيحرك الاقتصاد، مثلما ورد في فقرة شرح أسباب مشروع القانون، فيجب أن يعدّل كثيرا، لكي تسد كل الثغرات التي يمكن أن يشتبه في أنها نوع من الالتفاف على العدالة الانتقالية. قانون المصالحة، أحدث ضجة سياسية كبيرة، واعتبرها مبررة، وهو في حاجة ماسة إلى إدخال تعديلات وتغييرات.
هل سيقع إجراء هذه التغييرات داخل مجلس نواب الشعب، أم سيتم تعديله ثم طرحه أمام مجلس النواب؟
طبعا السؤال الهام، هو كيف سيقع تعديله، فإن عرض على مجلس نواب الشعب داخل لجنة التشريع العام، فإن ذلك سيؤدي إلى الكثير من التجاذبات والضجة، أمّا إن تمّ إخراجه بطريقة قانونية، وبترتيبات قانونية لتتمّ مناقشته في ما بعد أمام مجلس النواب مثلما فعلت الحكومة في الكثير من المرات مع العديد من القوانين، فسيكون أفضل، وأعتقد أنه من الأفضل أن تقدّم التعديلات من مصدر مشروع القانون لا أن يقم بها نواب الشعب لأن التعديلات المطلوبة كثيرة.
هيئة الحقيقة والكرامة اعتبرت أن مشروع المصالحة مخالف لما أقره الدستور في باب العدالة الانتقالية، ما هو موقفكم من هذه المسألة وأنتم من المدافعين على العدالة الانتقالية؟
بالنسبة لموقف حركة «النهضة»، من ناحية مضمون القانون، موقفها عميق وقوي جدا، أما من الناحية السياسية، فقد توخّت السبيل الذي يتماشى وكونها حزب في الحكم ولا بد من مراعاة هذه المسألة، ولا يمكن لحزب حاكم أن يتعامل مع المسائل والمواضيع من الناحية الشكلية وكأنه حزب معارضة، أما من حيث المضمون، فموقف حركة «النهضة» كان واضحا وصريحا وقوي، إذ تم تأطيره سياسيا، سواء عبر تصريحات رئيس الحركة أو قياديين أخريين، ونحن نؤكد على ضرورة ألاّ يَمسّ هذا القانون بالعدالة الانتقالية، كما يجب ألاّ يبيّض الفساد، ويجب أن يضمن جدواه الاقتصادية، وضمن هذا التأطير السياسي أوكلت المهمة إلى لجنة تقنية متكونة من خبراء في القانون وفي المالية وفي العدالة الانتقالية لتقديم التغيرات المطلوبة، واللجنة ما زالت تشتغل، وقد عقدنا الأسبوع الماضي اجتماعا مطوّلا، وضمن ما تم تناوله هو التقرير الأولي حول أشغال هذه اللجنة. حركة «النهضة» ما زالت متمسكة بتنفيذ العدالة الانتقالية وإنجاح المسار الديمقراطي وهو ما تعهدنا به في الانتخابات.
الصلح داخل في إستراتيجيتنا السياسية، ولكن الصلح له شروطه لكي يحمي المستقبل من الفساد أو إعادة انتاج منظومة الاستبداد، وحركة «النهضة» حريصة على تحقيق ذلك ولذلك نحن حريصون على أن يكون قانون المصالحة، إن وقع تمريره، إضافة للعدالة الانتقالية وسندا لها، وألاّ يكون مضرّة لها، ونحن لن نسمح بالمساس بالعدالة الانتقالية.
ماذا عن القول بأن في تمرير مشروع قانون المصالحة تعدّ على صلاحيات هيئة الحقيقة والكرامة؟
إذا وقع تمرير المشروع في صيغته الحالية، فإن في ذلك مسّا من صلاحيات واختصاصات هيئة الحقيقة والكرامة، وفيه أيضا شبهة دستورية. لم نسمع فقهاء القانون الدستوري يقيّمون ما مدى دستورية هذا المشروع، ولكن مشروع القانون فيه شبهة دستورية، يجب علينا أن نتجنّبها، فإذا مرّ القانون كما هو، فإن فيه ثغرات ونقائص كبيرة جدا تمس من العدالة الانتقالية.
في الآونة الأخيرة تعرّضت هيئة الحقيقة والكرامة، إلى «هجمة شرسة»، إضافة إلى ما وصفه مراقبون بضعف مواقف حركة «النهضة» من ملف العدالة الانتقالية، مقارنة بمواقفها إبان الثورة، بماذا تردّون؟
طبعا تصفية تركة النظام السابق تتعرض إلى هجوم، وفق نظرية سياسة المراحل، أول أيام الثورة، تظاهر النظام القديم بكل أذرعه السياسية والأمنية والإدارية والإعلامية والاقتصادية، باقتناعه التام بما حدث في البلاد، وبضرورة أن تعود الحقوق إلى أهلها، بعد ذلك، رحب بالعدالة الانتقالية، والآن يظن الناس أن قانون المصالحة هو تصفية ملف أول من العدالة الانتقالية، وهو الجانب الاقتصادي، وقد يأتي تصفية الاختصاص الثاني المتعلق بالجرائم السياسية وتبقى هيئة العدالة الانتقالية، وكأنها هيئة تعويض مادي، وربما يشن هجوم على التعويض المادي، على أنه مس بأموال الدولة وللمجموعة الوطنية، وما يهم حركة «النهضة» هو المضمون، وليس شكل التعبير، ولكن لا ننكر على الناس أي شكل من أشكال التعبير، فيمكن للناس أن يتظاهروا في الشارع، يمكن لهم التعبير بأي شكل يرونه مناسبا، لكن نحن كحزب في الحكم، ندفع إلى التغيير وفق الطرق والقنوات التي خوّلها الحكم، دون أن تكون على حساب المضمون وهذا التزام مبدئي وأخلاقي لحركة «النهضة».
حركة «النهضة» خسرت بعض قواعدها بسبب تحالفكم مع حركة «نداء تونس»، حتى أن بعض القياديين كانوا ضدّ هذا التحالف؟
العمل مع «نداء تونس» لم يكن محل إجماع داخل الحركة، ولكن ما دام هناك قرار كل المؤسسات، كان هناك التزام في هذا السياق، وكان هناك سعي لتحصينه من وجهة نظر مصالح الجهات. أما على مستوى قواعد «النهضة»، سواء كانت القواعد المنتمية أو القواعد الناشئة فهناك قلق وهذا القلق مرده سببان، نقص العملية الاتصالية داخل «النهضة»، رغم أن التنظيم يبذل الكثير من الجهد ويشتغل أكثر من طاقته في العملية التواصلية، ولكن ربما عليه القيام بدور اكبر وإتاحة الفرص لمناقشة هذه الخيارات بهدوء، من خلال القيام بندوات حتى يتم الاتصال بين القواعد وقيادات «النهضة» و«النداء» وأحزاب أخرى ومجتمع مدني لمناقشة هذا الخيار، ومن خلاله تبيّن حركة «النهضة» أسس هذا الخيار في مقارنة بخيارات أخرى. أما السبب الثاني، فمردّه وجود عدم اقتناع من قبل بعض الأشخاص بهذا التحالف. وحتى نتمكن فعلا من معرفة، ما إذا كانت هذه المسألة قد أثرت على شعبية« النهضة» أم لا، وجب علينا القيام بدراسة عن طريق سبر آراء مهني ونزيه لمعرفة هذا، وفي «النهضة»حصلنا على حقائق بطرق علمية ونتعامل وفقها وداخل حركة «النهضة» هناك نقاش قوي وعميق، بمناسبة المؤتمر الذي لم يبق له إلا أشهر قليلة، ومن ضمن المواضيع التي ستناقش هو هذا الخيار، وما أريد تأكيده في النهاية هو أن حركة «النهضة» تمثل المصالحة الوطنية كما تمثل العمل المشترك أو الجبهة أو التحالف، وهذا ليس دخيلا عليها، ففي سنة 2011، شكلت حركة «النهضة» «الترويكا»، وتجاوبت مع بن علي عندما طرح المصالحة الوطنية في 7 نوفمبر، رغم وجود شكوك كبيرة في حقيقة نواياه، ولكن ذهبت وقتها مع بقية القوى، وقالت لم لا نتصالح، وندوّن الاتفاق الوطني في وثيقة تصالح، وسبق لها أن مدت يدها للتصالح مع بورقيبة، في عهد محمد مزالي، وخرجنا سنة 1984 واستأنفنا العمل، إلا أن النظام انقلب وقتها على هذه المصالحة سنة 1986، وبدأ يتحرّش بالحركة من جديد، وأنهى التوجه الانفتاحي لمحمد مزالي قبل أن يبدأ في التحرش بالحركة، فتاريخ الحركة كله مصالحات ومشاركات، ففي سنة 1981، تكوّن نوع من التحالف الرباعي بين الحركة، التي كانت تسمّى ب«الاتجاه الإسلامي» وقتها وحركة «الديمقراطيين الاشتراكيين» بقيادة أحمد المستيري، وحركة «الوحدة الشعبية» بقيادة محمد بلحاج عمر، و«الحزب الشيوعي التونسي» بقيادة محمد حرمل وقد بدؤوا يناضلون من أجل ما سموه ميثاق وطني ديمقراطي لتعديل الفكرة التي سرقها بن علي وسماها «ميثاق وطني»، فتاريخ الحركة كله مصالحات، ولا يمكن أن نبني عداوات في البلاد، بل يجب أن نبني مشاركات وصداقات ومصالحات ضمن بادرة أخلاقية تضمن الحكم الرشيد ورقابة الدولة، وسيادة القانون، ونزاهة المعاملات الاقتصادية والاجتماعية، إلى غير ذلك.
ولكن الكثيرمن السياسيين، يرون أن أحزاب الائتلاف الحاكم صورية، وأن الحكم الفعلي بيد «النداء» و«النهضة»؟
على من يتبنى أو ينشر هذه الأفكار تقديم الاثباتات، وحسب ما اعتقد فإنّ حجم حركة «النهضة» ضعيف في الحكومة، ومتساو في التنسيقية مع بقية الأحزاب، فكل حزب له صوت في تنسيقية الأحزاب، وليس هناك حزب صوري وحزب غير صوري، وإن وجدت أخطاء في هذا المجال، فإنها أخطاء غير إرادية، وربما لو دققنا أكثر سنجد أن محاولة التفرد تأتي من حزب «نداء تونس»، باعتبار ما حدث من مبادرات مثل مشروع قانون المصالحة الذي قدّم دون تشاور مسبق، بما معناه أن أحزابا تشترك في الحكم تتلقى مبادرات قانونية من خلال (تقريبا) الإعلام، حيث أنها لم تشترك في تشخيص الإشكال ولا في اقتراح الحلول، ونحن نسعى إلى معالجته، لأنه في حالة وجود عدم تساو بين الأحزاب التي تشترك في الحكم، فإن ذلك ينتج عنه مشاكل وقلق.
ما مدى تأثير عزل الأيّمة على الوضع العام بالبلاد؟ وهل صحيح أن قضية العزل قد تتسبّب في بلبلة بالبلاد؟
صحيح، هناك جزء من الطبقة السياسية له تصور متخلف للمؤسسة الدينية بصورة عامة، ودورها الاجتماعي والثقافي والفكري، حيث يعتقدون انه على المؤسسة الدينية الترويج لفقه السلطان، والحال أن الثقافة الإسلامية تفرض على عالم الدين أن يمارس واجبه وفق ضوابط دينية وثقافية وما يمليه عليه ضميره، الأيّمة المعزولون هم من أفضل الأيّمة الذين نمتلكهم لديهم مستوى جامعي عال ومؤلفات ولم يخرقوا القانون. كما أنهم روجوا إبان الثورة إلى ما جاء به الدستور من ديمقراطية وحرية.
عزل الأيّمة اليوم جاء من قبل من وزير الشؤون الدينية الذي يلتفت إلى الماضي ولا ينظر إلى المستقبل، فلا يوجد بين الوزارة والأيّمة إلاّ القانون، كما علمنا أن عددا من اليساريين يترددون على وزارة الشؤون الدينية ويتدخلون في عدد من القرارات، ونحن ندعوهم إلى الكف عن ذلك.
هل تدخلت «النهضة» لدى تنسيقية الأحزاب وطالبت باستقالة وزير الشؤون الدينية أو مراجعة سياساته مع الأيّمة؟
نحن لا نتدخل في صلاحيات رئيس الحكومة، أو في تولية الوزراء أو عزلهم، ولكنّنا نبلّغ آراءنا وتقييمنا إلى الجهات المعنية، واعتقد أن هذا الوزير راكم من الأخطاء ما خدم الإرهابيين وأوحى بأن الدولة تستعدي ظاهرة التديّن، فالوزير لا يحمل أي تصوّر عصري أو متقدم لأداء وزارة الشؤون الدينية المدعوة إلى محاربة الإرهاب ورفع منسوب الالتزام القيمي في المجتمع لنقاوم عديد المظاهر السلبية في المجتمع كالجريمة، والمخدرات والانحلال الأخلاقي.
لكن هناك من استعمل المنبر للترويج للفكر المتطرف والجهاد؟
إن وجد أيّ إمام روّج للإرهاب أو دعا للجهاد في سوريا أو غيرها، فلنسجل عليه كلامه ونتقدم به إلى القضاء.
هل ضغطت« النهضة» لإعادة الإمام رضا الجوادي؟
حركة «النهضة» عبّرت عن استيائها والحكومة تفاعلت مع موقفها، وفي النهاية عثمان بطيخ سيذهب في يوم ما إلى بيته، وستبقى الطبقة السياسية تعاني من المشاكل، للرفع من السلم الاجتماعي في البلاد، وختاما الوزير مطالب بعدم ترك أكداس من المشاكل خلفه.
«صقور النهضة» الذين عرفوا بشدة الخطاب على غرار الحبيب اللوز، الصادق شورو، ووليد البناني، أين هم الآن، وما هي أسباب اختفائهم؟
هو ليس إختفاء قسريّا، الإخوة موجودون، والحركة متنوعة وقواعدها ارتأت عدم ترشيحهم مجددا، بناء على معايير تم ضبطها. كما أنهم لم يكونوا متحمسين للترشح للانتخابات التشريعية، وهم موجودون صلب الحركة، وينشطون في مكاتبها القيادية، على غرار الدكتور الصادق شورو الذي يتحمل خطة عضو مكتب تنفيذي.
هل دعمتم أسماء في حركة الولاّة الأخيرة؟
قدمنا مقترحاتنا كغيرنا إلى رئيس الحكومة، وتركنا له حرية الاختيار.
أطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة «وينو زياد»، وذلك بعد غياب وزير «النهضة» في الحكومة عن الساحة، فحقيقة أين زياد؟
الأخ زياد العذاري شخص كفء، لم يتعاقد مع شركة تقوم له بالإشهار، أو تزيّن له صورته، فزياد معروف بحبه للعمل في صمت بعيدا عن الأضواء والضوضاء، واختاره رئيس الحكومة الحبيب الصيد لحسن سيرته الذاتية وكفاءته.
جديد الاستعدادات لمؤتمر الحركة، ومتى سينعقد؟
على الارجح سينعقد المؤتمر في عز البرد في اجواء شتوية وربما يساعد ذلك على النقاش الهادئ والتفكير والاستعدادات تجري على قدم وساق وفي أوجها حيث نقوم بنقاشات عميقة صلب لجان وفي كل الدوائر المستحدثة ومن بينها لجنة «حديث الاربعاء» (تنعقد كل يوم اربعاء) بحضور المكتب التنفيذي ومكتب الشورى ولجنة الاعداد للمؤتمر للحديث عن قضايا المؤتمرون، ان شاء الله نصل في الوقت.
ما سرّ تسمية لجنة «حديث الاربعاء»؟
فيها احالة على حديث الاربعاء ل« طه حسين ».
«الشيخ» معني برئاسة الحركة مجددا؟
رئيس الحركة معني بالرئاسة لاعتبارات قانونية او سياسية
هل ستذهبون بلوائح مختلفة الى المؤتمر؟
هناك الرأي والرأي الآخر ، فهناك من يرى الذهاب للمؤتمر بلوائح مختلفة وهناك من يرى ضرورة الذهاب بلائحة وفاقية، والأغلب أننا سنذهب بلائحة وفاقية وهناك نقاشات اساسية تقام قبل المؤتمر وداخل المؤتمر ستعمّق الحوار .
هناك من يعتبر ان الانتخابات البلدية تأخرت كثيرا وانّ تأجيلها الى موفّى 2016 سيعطل عديد الملفات التنموية ؟
تنسيقية الاحزاب اقترحت ان يكون موعد الانتخابات البلدية بين افريل وماي 2016. أما الحكومة وهيئة الانتخابات قفد ارتأتا ان الموعد الاقرب هو نهاية سنة 2016 وعموما اذ عملنا بسرعة يمكن ان نجري الانتخابات في سبتمبر القادم. فجميعنا يسعى الى تكريس الحكم المحلي لإنهاء هيمنة السلطة المركزية على التخطيط للجهات.
هل شرعت الحركة في الحشد للانتخابات البلدية؟
انطلقت الحركة في بحث المقاربات السياسية للانتخابات البلدية وسنبدأ بتكوين افكارنا حول قانون الانتخابات والسلطات الجهوية، اما الآن فنحن منكبون على الاعداد لمؤتمر الحركة الذي يجب ألاّ يتجاوز موعده شهر جانفي .
يفصلنا عن نهاية السنة بضعة أشهر، فما هي أهم القوانين التي سيناقشها مجلس النواب في هذه المدة ؟
من ابرز القوانين المطروحة على مجلس نواب الشعب قانوني المحكمة الدستورية والمجلس الاعلى للقضاء وهناك اتفاق بين الحكومة ولجنة التشريع العام وفي القريب سيعرض للنقاش وتحديدا خلال أسبوعين، وهناك كذلك قانوني السلطة المحلية والجهوية والمخطط التوجيهي.
بعد مرور عامين على مغادرتك وزارة الصحة ...تقييمك للقطاع؟
في الحقيقة، قطاع الصحة يعاني من مشاكل عميقة وموروثة خلفتها الخيارات المنتهجة في عهد بن علي والتي اعتمدت على الخوصصة ،فالمخلوع اتبع سياسات اضعفت القطاع العام من خلال شح الميزانية المخصصة للصحة وضعف هيكلة «الكنام» بنظامها الثلاثي حيث لم يمنح القطاع العام الا ثلث الميزانية اضافة الى ان القوانين في القطاع الصحي ظلت ترواح مكانها ولم تتطور. ولا يخفى على الجميع ضعف طاقة الاستيعاب في المستشفيات،حيث ان بن علي لم يبن مستشفى جامعيا او مستشفى جهويا ضخما باستثناء مركز الحروق والاصابات البليغة الذي بني بإعانة دولية بمناسبة كأس العالم لكرة اليد 2005 واقتصر على معالجة اختصاص واحد.
كما لم تقم المنظومة في عهد المخلوع بتزويد المؤسسات الصحية باطارات ادارية كفأة، مع تعمد إضعاف الرقابة المالية والادارية والطبية والصيدلية في وزارة الصحة واذكر هنا انه يوم دخولي الى وزارة الصحة وجدت في ادارة المراقبة 5 متفقدين لمراقبة كلّ القطاع بشقيه الخاص والعمومي فرفعت العدد الى 10 وأرجو أن يكونوا قد قدموا الاضافة.
ولا ننسى كذلك المصحات الخاصة التي باتت تخضع لكراس شروط فقط دون الحصول على ترخيص وهو ما أضرّ بتوزيع المصحات، وغيرها من المشاكل التي تستوجب ارادة سياسية كبيرة لمواجهة التغير حتى لو كان بتضحيات على حساب شخصك، وان شاء الله توفق تونس في اصلاح هذا القطاع الحيوي الذي لا يقل اهمية عن قطاع التربية وكل القطاعات الاجتماعية خصوصا اننا نمتلك الموارد البشرية ومستلزمات البحث .
في الآونة الاخيرة طفى على السطح مشكل نقص اطباء الاختصاص في الجهات، وكنتم قد تقدمتم بقانون لتجاوز الاشكال وتمت معارضته، فهل بات من الضروري العودة اليه؟
انا ابن مناطق داخلية وابن القطاع الصحي، وبعد تشخيصي للوضع تبيّن ان قضية طب الاختصاص في الجهات الداخلية قضية تنظيمية وليست مسألة شح موارد مالية أو بشرية فلنا ما يلزم من أطباء الاختصاص، ولا تعاني الجهات الداخلية فقط من مشكل نقص اطباء الاختصاص وهناك بعض المستشفيات الجامعية التي تشكو من نقص في اختصاصات عدة على غرار التصوير بالاشعة والتخدير والانعاش وطب الاطفال والنساء والتوليد، والقانون الذي طرح سابقا لن تستفيد منه الجهات الداخلية فقط وانما المستشفيات الجامعية كذلك.
والحل؟
لابد من ايجاد فرق طب اختصاص قارة ومنتدبة في تلك المستشفيات سواء كان بالقانون الذي طرحناه او بقانون آخر، فبإمكان الطبيب ان يقوم بخمسة ادوار وهي :العلاج العادي والعلاج الاستعجالي والمشاركة في التسيير عبر اللجنة الطبية للمستشفى والمشاركة في البحث بالتعاون مع اقسام جامعية في مختلف جهات الجمهورية، واخيرا الاشعاع على محيطه، ولضمان نجاح الطبيب في هذه الادوار لا بد من فريق طبي مختص قار ، ويجب ان يقابل ذلك التزام الوزارة بتوفير الامتيازات والظروف المناسبة للعمل، واشدد على ان الدولة قادرة على ذلك.
تعاني المستشفيات الجامعية من ضغط كبير، وصل الى ايواء مريضين في سرير واحد، فهل أصبحنا في حاجة لإحداث مستشفيات جديدة ؟
في الواقع لدينا 7000 سرير في المستشفيات الجهوية غير مفعلة تماما ولا يستغل منها الا قرابة 20 ٪ بينما تفوق نسبة الاستغلال في المستشفيات الجامعية ٪100 ، حيث يتوفر بها قرابة 14 الف سرير وبالتالي نجد الاكتظاظ ، ولتجاوز تلك الازمة لا بد من تفعيل 7000 سرير للحد من الاكتظاظ ولا يتم ذلك الى بتوفر اطباء الاختصاص. وللاشارة فإن هذا الاكتظاظ ولد نزوح عديد المواطنين من النظام العمومي الى المنظومتين الاخريين(استرجاع المصاريف وطبيب العائلة) نتيجة الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع العام ، وبالتالي حل مشكل «الكنام» الذي لا يتم الا باطباء الاختصاص، حيث يمكن توفير 300 مليار في العام يمكن ضخها للصناديق الاجتماعية التي تعيش كذلك وضعا صعبا.
وماذا عن المنظومة الدوائية في تونس؟
منظومة الادوية في تونس متطورة ولنا فيها خبرة جيدة، ويمكن ان نطورها حتى تصبح من أعمدة الاقتصاد وذلك عبر الرفع من نسبة تغطية الاحتياجات الوطنية من 46 ٪ الى 95 ٪ مستقبلا، وقد شرعنا في ذلك من خلال تصنيع الادوية المضادة للسرطان والانسولين وبالتالي سنخفض من نسب التوريد وقد بحثنا الامر مع دول متطورة في هذا المجال على غرار الهند التي اعربت عن استعدادها للتعاون معنا، إلى جانب تصدير الادوية بطريقتين اما أن يتم التصنيع في تونس ونصدر أو نفتح مصانع في الدول المراد التصدير اليها وخاصة في افريقيا لارتفاع الطلب فيها.
وكخطوة عملية في هذا الاطار اتجهنا نحو إحداث كلية ثانية للصيدلة في جندوبة، لعدة اسباب اولها الرفع من قدرة الصيادلة عددا ونوعا وثانيا لاقامة منطقة صناعية دوائية حول كلية الصيدلة في جندوية التي تحتوى على غابات طبيعية تعجّ بالحشائش الدوائية على خلاف كلية الصيدلة بالمنستير التي لا تمتلك حديقة مخبرية أين يمكن للطلبة التعلم . ولابد من الاشارة في هذه النقطة الى النقص في عدد الصيادلة بالمؤسسة العمومية حيث لم يكن يوجد سوى 300 صيدلي في العمومي قبل ان نرفع العدد بزيادة 150 صيدليا .
ازمة جديدة في مستشفى صفاقس بعد تعيين وزير الصحة الحالي طبيبا عسكريا على رأس الادارة، فما تعليقكم على هذا الموضوع؟
عندما باشرت سابقا مهامي على رأس الوزارة وجدت أن مستشفيات صفاقس كانت الاسوأ وضعا من حيث التسيير والادارة التي لم تكن قادرة على القيام بواجبها نحو المستشفى والمواطنين، لذلك توجهت في خط واحد هو ان العمل النقابي له دوره والعمل الاداري له دوره وذهبنا في خط الاصلاح بالتعاون مع كل الاطراف من ولاية ووزارتي العدل والدفاع واتحاد الشغل ، غير انه حصلت فيما بعد انتكاسة نرى الآن نتائجها. وبعيدا عن التفاصيل بن علي ضرب في السابق الادارة على يديها عبر الشعب المهنية واشخاص نافذين، واليوم نحن مطالبون بإعادة ترميم الادارة ومنحها الثقة الكاملة حتى تقوم بدورها ، ولا اخفيكم انني منحت الادارة الصحية ابان تحملي المسؤولية ذلك النفس ودعمت المديرين حتى يقوموا بمهامهم على اكمل وجه واحترمت النقابيين الذين يمارسون دورهم في الدفاع عن منظوريهم.
تقييمك لأداء سعيد العايدي وزير الصحة؟
متمسك برأيي بألاّ أقيّم أي أداء في العلن لأنه يوحي بأنني اريد البقاء وصيّا على القطاع، لذلك اترك التقييم لجهات أخرى..
فقدت الحركة في 2015 اثنين من ابرز مناضليها الدكتور منصف بن سالم والزميل عم عبد الله الزواري، ألم يحن الوقت لتخليد ذكراهما في فيلم او كتاب حفاظا على الذاكرة الوطنية؟
(بتأثر شديد) في حركة «النهضة»، الانسان لا يسعى الى اشهار ذاته ، الامر الذي تسبب في طمس حقوق الكثير من المناضلين، فمن من حق المناضل ان يعرفه مجتمع ويكون قدوة لشباب البلاد، عبد الله الزواري والمنصف بن سالم من كبار المناضلين حتى لو وجد اختلاف معهما في بعض الافكار، ان شاء الله توفق الحركة في تخليد ذكراهما..وانا ارى الشباب قائما بواجبه للتعريف بالمناضلين عبر مواقع التواصل الاجتماعي .
ان شاء الله الحركة تتدارك بمشروع توثيقي يخلّد ذكرى عبد الله الزواري ومنصف بن سالم وليس الحركة فقط وانما المجتمع المدني فهذان المناضلان ليسا حكرا على حركة «النهضة» فقط، ويمكن لمؤرخ ان يتناول حياة إحدى الشخصيتين واقدر ان يكون بن سالم موضوع فيلم أو كتاب في مسيرته العلمية وعبد الله الزواري موضوع فيلم في مسيرته السياسية والتنظيمية و«ان شاء الله ربي يرحمهم».
كلمة الختام لكم..
اشكركم على الفرصة التي منحتموها لي لأعبر عن رأيي للشعب التونسي، واشدد على انه مهما كانت الصعوبات التي تعرفها البلاد لابد ان نبقى متفائلين بالمستقبل.. صحيح ان الثورة لم تحقق الا جزءا معقولا وهي الحريات لكن آمالنا تبقى كبيرة وأدعو الجميع الى العمل المشترك كما ادعو كل من كان مرتبطا بالنظام السابق الى نفض يديه والالتحاق بالثورة فلا يمكن اليوم ان ننتكس الى منظومات قديمة تكرس الاستبداد والفساد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.