تحت شعار «التأمين في خدمة الاستثمار والتنمية» انطلقت أمس بضاحية قمرت أشغال ملتقى قرطاج الثالث عشر للتأمين وإعادة التأمين بحضور أكثر من 450 مشاركا من تونس ومن عدة دول عربية وأوروبية ينشطون في مجال التأمين وفي القطاع البنكي والخدمات المرتبطة بالتأمين للتباحث في قضايا آنية تتصل أساسا بسبل تطوير صناعة التأمين محليا وإقليميا. وأجمع الخبراء والمشاركون على أهمية مكانة قطاع التأمين في المنظومة المالية وعلى أنه رافعة محورية في تمويل الاقتصاد ودفع الادخار فضلا عن الإقرار بأن القطاع لا يزال يشكو من بعض الإشكاليات في تونس لعلّ أهمها نقص ثقافة التأمين لدى المواطنين وتواضع مؤشرات التأمين على الحياة الذي يظل رافدا أساسيا لتمويل الاقتصاد الوطني والتنمية. ولدى افتتاحه أشغال الملتقى أكد رضا بن مصباح الوزير المستشار لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون الاقتصادية أن الجهود تظافرت في اتجاه العمل على تعزيز هيكلة قطاع التأمين ودعم توازناته والارتقاء بمؤسساته إلى مستويات من التطور والكفاءة تؤهله إلى مجابهة المنافسة الخارجية المرتقبة في إطار تحرير الخدمات وذلك عبر إعداد قواعد التصرف الحذر طبقا للمعايير الدولية إلى جانب تدعيم جهاز الرقابة. واقر بن مصباح بأنّه على الرغم من جملة الإصلاحات التي تمّ إقرارها فإن مؤشرات قطاع التأمين في تونس تظل متواضعة بالنظر إلى الدول المجاورة لتونس والمعدلات العالمية. وذكر في هذا الصدد أن حصة تونس من رقم معاملات سوق التأمين العالمية في موفى سنة 2014 لا تمثل سوى 0.02 بالمائة بينما تبلغ هذه النسبة 0.07 بالمائة بالمغرب و1 بالمائة بجنوب إفريقيا. وأشار إلى أنّ هذه النسبة تبقى ضعيفة بالمقارنة مع بعض الدول التي لها تقاليد في مجال التأمين إذ تبلغ 26.8 بالمائة بالولايات المتحدةالأمريكية و 10 بالمائة باليابان و 7.4 بالمائة بالمملكة المتحدة. وذكر عضو الحكومة أن نسبة اندماج التأمين في النشاط الاقتصادي التونسي تبلغ 1.9 بالمائة وأنّها تظل منخفضة مقارنة ببعض الدول الأخرى. وأفاد أنه على الرغم من المؤشرات المتواضعة فإنها تمثل قاعدة عمل ايجابية لمزيد تطوير الارتقاء بهذا القطاع إلى أفضل المستويات بفضل العمل المتواصل على تعصيره وتحسين خدماته وتطوير أدائه التمويلي والاستثماري. وكشف رضا بن مصباح من جانب آخر عن الشروع في رسم برنامج إصلاحي للقطاع على مدى السنوات الخمس القادمة (2016 / 2020) وذلك بناء على نتائج دراسة إستراتيجية تتعلّق بتطوير قطاع التأمين تضبط أهم التوجهات الإستراتيجية الكبرى للقطاع في شكل شراكة فعلية بين القطاعين العام والخاص في إطار عقد برنامج بين الهيئة العامة للتأمين ومختلف الوزارات والهياكل العمومية ذات العلاقة من جهة والفاعلين في القطاع من مؤسسات تأمين وإعادة تأمين وخبراء ووسطاء وجامعة مهنية من جهة أخرى. وقال بن مصباح إنّه من المنتظر أن تفضي هذه الشراكة إلى تعزيز هيكلة قطاع التأمين ودعم توازناته والارتقاء بمؤسساته إلى مستوى المعايير العالمية وكذلك تدعيم مساهمة القطاع في تعبئة الادخار الوطني وتمويل الاقتصاد وتعزيز نسبة اندماج القطاع في الاقتصاد التونسي من 2 بالمائة حاليا إلى 3 بالمائة في أفق 2020. التقليص في آجال التعويض ومن جانبه أعلن رئيس الجامعة التونسية لشركات التأمين الأسعد زروق أنه سيتم التقليص في آجال التعويض عن تأمين السيارات من قبل شركات التأمين إلى النصف تقريبا قبل موفى 2016 وأنّ مدة التعويض عن تأمين السيارات حاليا بين شهرين إلى سنة حسب نوعية الحادث. وأكد زروق أن التأمين على السيارات يعتبر مصدرا رئيسيا في انعدام الثقة بين شركات التأمين والمواطن. وأفاد المسؤول أن إستراتيجية قطاع التأمين للفترة 2016 / 2020 التي ستقترحها الجامعة على الحكومة تتضمن إدخال تغييرات جذرية على القطاع وتحسين نوعية خدمات التأمين ليضطلع بدوره الطبيعي في دعم التنمية والاستثمار. وأضاف أنّ هذه الاستراتيجية ترتكز على إعادة هيكلة تصرف شركات التأمين والحوكمة الرشيدة من خلال إرساء مزيد من الشفافية في المعاملات والقائمات المالية وتحسين التواصل مع المواطنين، حسب زروق. وأوضح أنه سيتم دعم قطاع التأمين على الحياة خاصة أنه لا يمثل سوى 15 بالمائة من رقم المعاملات الجملي للقطاع مقابل 85 بالمائة في جنوب إفريقيا مفسرا العزوف عن هذه الخدمة بسخاء الأنظمة الاجتماعية القانونية إضافة إلى الجانب العقائدي السائد في المجتمع التونسي. للنهوض بصناعة التأمين العربية أمّا الأمين العام للاتحاد العربي للتأمين عبد الخالق رؤوف خليل فقد أكد على أهمية توفير مناخ ملائم للاستثمار لتحريك الموارد الاقتصادية العربية في ميدان الاستثمار العربي المشترك وتسهيل الإجراءات المتعلقة بالاستثمار وانتقال رؤوس الأموال العربية وهي السبل المثلى للنهوض بصناعة التأمين العربية ومواجهة تحديات الاستثمار وكسب رهانات المستقبل لتحقيق التنمية المستدامة. وأوصى المتحدث بضرورة تعزيز دور شركات التأمين في فض النزاع مما يؤدي إلى سرعة الانجاز واختصار آجال الفصل في الدعوى القضائية إلى جانب العمل على مزيد سن التشريعات والقوانين التي تجعل التأمين إلزاميا في قطاعات كثيرة. واقترح أيضا صياغة إستراتيجية واضحة المعالم لتحسين صورة قطاع التأمين لدى المواطن العربي من خلال ترسيخ الوعي التأميني والاهتمام بالثقافة التأمينية. وشدد على وجوب ابتكار منتوجات تأمين جديدة واستنباط الخدمات التأمينية غير التقليدية. ويشار إلى ان أشغال ملتقى قرطاج للتأمين وإعادة التأمين تتواصل اليوم الثلاثاء بعقد ورشات عمل وتفكير تتعلق بالاقتصادات العربية وتحديات الاستثمار والتنمية ودور التأمين في تدعيم القطاعات الاقتصادية على الصعيدين الداخلي والخارجي.