انتهت مرحلة ذهاب بطولة الرابطة المحترفة الأولى وآن بالتالي الأوان لتقييم مسيرة الترجي الرياضي خلال الشطر الأول من هذا الموسم وكذلك المجموعة التي تكوّن فريق أكابر كرة القدم ، الأحمر والأصفر أنهى هذه المرحلة في المركز الثالث برصيد 36 نقطة على بعد نقطتين من صاحب الطليعة النجم الساحلي ونقطة وحيدة من الوصيف النادي الصفاقسي أي أنه متراهن بارز وقوي على لقب البطولة لكن الأمر يتطلب مراجعة كبيرة لبعض النقاط والإختيارات لتفادي النقائص والسلبيات التي لاحت خلال النصف الأول من البطولة والتي تهم مردود بعض اللاعبين ومستوى خطي الوسط والدفاع بوصفهما نقطة الضعف البارزة التي تسببت في الهزائم الثلاث التي تكبدها الفريق إلى حد الآن. 27 لاعبا ... 31 هدفا ... و12 انتصارا صحيح أن المراطون الأخير الذي عرفته البطولة حتم على كل مدربي الأندية إدخال بعض التغييرات على التشكيلة وصحيح أيضا أن الزاد البشري الوفير لكل فريق يسمح للإطار الفني بتجربة العديد من الحلول وبالتالي القيام بالتحويرات من مباراة إلى أخرى لكن الثابت والأكيد كذلك أن العدد الكبير من اللاعبين الذين استعملهم عمار السويح طوال مرحلة الذهاب (27 لاعبا) يعود كذلك إلى تراجع آداء بعض العناصر وفشلهم في تقديم الإضافة الشيء الذي فرض بعض التعديلات، وفي هذا الصدد نذكر اليعقوبي والجويني اللذان كانا أساسيين في الجولة الأولى ثم سيسوكو والرقيعي اللذان فقدا اليوم مكانهما في التركيبة المثالية قبل أن يقبع كذلك المشاني على بنك الإحتياط لمقابلتين جرّب خلالهما السويح لاعب الخبرة خليل شمام في المحور مع التعويل على الربيع على الجهة اليسرى. كما لم يكن ديارا في المستوى المطلوب وتم إخراجه من الحسابات قبل أن يفقد بولبوا في الفترة الأخيرة مكانه كأساسي وكلها أمور فنية تتعلق بمردود بعض الأسماء الذي حتّم بعض التحويرات أملا في القضاء على النقائص وتدعيم نقاط القوة. وعلى ذكر نقاط القوة نؤكد أنها تتعلق أساسا بالجانب الهجومي الذي شكل عامل النجاح رقم واحد في مسيرة الترجيين خلال الشطر الأول من هذا الموسم ويعود له الفضل في المسيرة الموفقة التي سجلها فريق باب سويقة وأهلته إلى احتلال مكان يسمح له بالتنافس الجدي على اللقب، هجوم الأحمر والأصفر هو الأفضل في البطولة إلى حد الآن ب31 هدفا وكان منتظما في الوصول إلى شباك منافسيه حيث سجل في 14 مباراة من 15 وهذا دليل على قوة الخط الأمامي والإضافة التي قدمها طوال مرحلة الذهاب بفضل نجاعة الخنيسي وبن يوسف بدرجة أولى وهو الثنائي الذي ساهم أكثر من غيره في الإنتصارات التي جناها أبناء باب سويقة في مرحلة الذهاب وبلغ عددها 12. نقطة الضعف المنطق يقول أن الفريق الذي يسجل في 14 لقاء من بين 15 يمكن أن ينهي مرحلة الذهاب في صدارة الترتيب لكن الترجي الرياضي اكتفى بالمركز الثالث فقط والسبب يعود إلى ضعف خطّه الدفاعي ككل ونعني هنا الخط الخلفي وكذلك بل وخاصة خط الوسط الذي فشل في لعب دوره من هذه الناحية ولم يشكل الجدار الدفاعي الأول الذي يحمي الخط الخلفي من المواجهة المباشرة المستمرة مع هجومات الفرق المنافسة. لقد كان الوصول إلى المناطق الخلفية للترجي الرياضي في كل لقاءات مرحلة الذهاب سهلا وفي متناول كل الأندية التي نجحت في تهديد مرمى الأحمر والأصفر دون استثناء، ولا غرابة إذن في قبول الترجيين 13 هدفا بالتمام والكمال في نصف البطولة وهو رقم كان يقبله الفريق في موسم كامل... هذا الضعف الكبير والغريب عن شيخ الأندية التونسية يعود إلى سببين رئيسيين، يتمثل الأول في تدني مستوى وآداء بعض اللاعبين سواء في وسط الميدان أو في الدفاع وعدم قدرتهم على إفادة المجموعة، فيما يكمن الثاني في الإختيارات التكتيكية خصوصا على مستوى خط الوسط الذي اكتفى في كل اللقاءات بثلاثة عناصر فقط على عكس منافسيه وخاصة النجم الساحلي الذي استمد قوته ونجاحه من تعبئة هذا الخط بأربعة لاعبين بل وحتى خمسة في بعض الأحيان بتواجد كوم وبن عمر والبريقي ويحيى والمساكني جنبا إلى جنب وهذا ما جعل الوصول إلى مناطقه الخلفية صعبا ولم يمنعه في المقابل من التهديف وتحقيق النتائج الإيجابية. هذا المثال يؤكد أن اللعب بأكبر عدد من المهاجمين لا يعني دائما تحقيق النتائج الإيجابية بل إن الميزة الأساسية للنجاح هو التوازن الذي افتقده الأحمر والأصفر في مرحلة الذهاب وأثر على مردوده الدفاعي بشكل كبير حيث يحتل الفريق المركز الخامس في الدفاع بعد منافسيه المباشرين على اللقب النجم الساحلي والنادي الصفاقسي وبعد النادي البنزرتي ونجم المتلوي كذلك. تواصل نقطة الضعف هذه في مرحلة الإياب ستعيق الفريق كثيرا في تنافسه على اللقب وهو ما يفرض القيام بتعزيزات موجهة في هذا الجانب بالذات من خلال انتداب «بيفو» جديد على الأقل (حتى لا نقول اثنين) يملك الإمكانيات التي تسمح له بالتوفيق بين الجانبين الدفاعي والهجومي على حد السواء هذا فضلا عن التحوير التكتيكي اللازم من خلال التعويل مستقبلا على رباعي متكامل في هذا الخط يمنح للفريق التوازن الذي افتقده في الشطر الأول من البطولة. امتحان الغربلة في انتظار الانتدابات والتعزيزات الشتوية التي تفرض نفسها بشدة لتدعيم المجموعة الحالية والقضاء على نقائصها فإن الملف الأبرز الذي يتعيّن على الإطار الفني حسمه والنجاح فيه الآن هو ملف الأجانب نظرا للفشل الكبير الذي رافقه إلى حد الآن، فالترجي الرياضي يملك اليوم ستّة لاعبين أفارقة بالتمام والكمال ( ديارا وبولبوا وكوليبالي وسيسوكو وغيندو وإيدوك ) نجح فقط واحد منهم في افتكاك مكانه في التركيبة الأساسية وفي تقديم الإضافة للمجموعة وهو فوسيني كوليبالي، أما البقية فهم لا يفوقون اللاعبين المحليين في شيء بل بالعكس فقد ظهروا بمستوى متدن بعيد كل البعد على مستوى زملائهم بدليل أن لا أحد منهم نجح في إقناع الإطار الفني. صحيح أن الشاب غيندو الذي ظهر لأول مرة في التشكيلة بمناسبة اللقاء الأخير في البطولة يستحق فرصة أكبر لإثبات ذاته وفرض نفسه بعد بعض المؤشرات الأولى الإيجابية وصحيح أن بولبوا يمكن أن يكون حلا تعويضيا في بعض المقابلات ناهيك وأن هامش التطوّر لديه كبير لكن البقية يفتقدون إلى أبسط المواصفات التي تسمح لهم بالإنتماء إلى فريق كبير مثل الترجي الرياضي. وعلى هذا الأساس، وسعيا إلى فسح الأماكن أمام انتدابات قد تأتي وكذلك إلى التخلص من مصاريف كبيرة لا جدوى من ورائها فإن عملية الغربلة والإستغناء النهائي عن الثلاثي سيسوكو وديارا وإيدوك تفرض نفسها بسرعة ودون تردد بعيدا عن الحملات التي لا تفقه شيئا من مصلحة الفريق وكذلك عن سراب الآمال التي لن تأتي أبدا وهذا ما يجب أن يحسمه الإطار الفني اليوم دون إضاعة أي وقت وهو الإمتحان الذي ينتظر أن يوفق فيه المدرب عمار السويح وباقي أعضاء الإطار الفني. راحة بخمسة أيام في انتظار كل هذه القرارات الفنية والتعديلات التكتيكية والتعزيزات الشتوية دخل الترجيون منذ يوم أمس في راحة قصيرة بخمسة أيام خلال توقّف نشاط البطولة حيث يعود اللاعبون إلى التمارين يوم الثلاثاء القادم للقيام بالتحضيرات استعدادا للشطر الثاني والتي تتضمن تربصا مغلقا قد يدور خارج تونس وهو ما يسعى الإداريون اليوم إلى حسمه بالتنسيق طبعا مع المدرب عمار السويح حتى يتجنب الفريق مشكل الملاعب الغير متوفرة من سوء حظ كرتنا وأنديتنا.